من واقعة الجمل الى التحرش الجنسي... أدوات قمع مصرية

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: لفت نظر المراقبين للاضطرابات الاجتماعية والسياسية التي تشهدها مصر منذ عدة شهور بروز ظاهرة التحرش الجنسي بالفتيات المشاركات في مسيرات الاحتجاج، ليثير هذا الامر اكثر من علامة استفهام وسبب للبحث في طبيعة تلك الظاهرة ومن يروج لها سيما هذه الفترة.

فالتحرش الجنسي الذي يطبل له في مصر هو ظاهرة سلبية مألوفة معظم الدول العربية، ان لم نقل واسعة الانتشار بشكل ملحوظ، وليست بالشيء الجديد كما يعرف القاصي والداني.

الا انها كما يبدو وظفت بمهارة من بعض الاطراف المصرية للطعن في جمهور المحتجين ومحاولة اثارة الرأي بشكل غير مباشر لضرب المتظاهرين، مما يعد حركة بالغة الذكاء خصوصا ان الشعب المصري يتسم بالعادات المحافظة ازاء النساء.

والغالب ان الجماعات الرافضة للتظاهرات تمارس ضغوطها غير المباشرة لإجهاض مطالب المحتجين عبر وسيلة قمع غير تقليدية، على غرار واقعة الجمل الشهيرة التي ارتكبها نظام حسني مبارك، ولكن عبر زج المئات في وسط التظاهرات والاعتصامات لممارسة اعمال التحرش بشكل بحق الفتيات والنسوة، وهو اسلوب ماكر قد يؤدي اهدافه بنجاح دون أثر ملموس.

فقد أثار مقطع فيديو يصور تعرض أحد الفتيات لتحرش شديد بميدان التحرير جدلا واسعا بين مؤيدين لوقوف المرأة بين صفوف المحتجين وبين معارضين ألقوا اللوم على المحتجات باعتبار أنهن يشجعن على التحرش بهن!.

ويظهر مقطع الفيديو الذي نشر على موقع يوتيوب وحمل اسم "تصوير بالموبايل فتاه تختنق من التحرش في ميدان التحرير،" (شاهد الفيديو) زوبعة من التعليقات منها المؤيدة لتعرض النساء اللواتي يختلطن بهذا الشكل مع الرجال في أماكن الإحتجاجات، في الوقت الذي عارض فيه آخرون بشدة ما يحدث من عمليات تحرش بالنساء اللواتي يمتلكن الحق بالوقوف والتعبير عن رأيهن.

ووردت تقارير عن حوادث مروعة تعرضت لها النساء في ميدان التحرير وسط القاهرة.

وقالت ميار عبد العزيز ان الهجمات "سلاح في المعركة السياسية الدائرة"، ملقية بالمسؤولية فيها على "اعداء الحرية".

وتعاني مصر منذ فترة طويلة مشكلة التحرش بالنساء، الا ان العنف الذي شاب الهجمات التي وقعت مؤخرا وزيادة عددها اثارا المخاوف.

واعرب المتظاهرون كذلك عن استيائهم من تصريحات لاعضاء في مجلس الشورى المصري لاموا فيها النساء على مشكلة التحرش. وقال النائب السلفي عادل عفيفي ان النساء احيانا يتسببن ب"اغتصابهن" لانهن يضعن انفسهن في مواقف تعرضهن للاغتصاب.

واصدرت منظمة العفو الدولية بيانا دعت فيه الرئيس المصري الى اتخاذ "اجراءات حاسمة" تكفل انهاء التحرش بالمرأة في مصر بعد موجة من الاعتداءات على النساء في محيط ميدان التحرير في القاهرة.

وقالت المنظمة انه "في ضوء ما جمعته من روايات الناجيات من ضحايا تلك الهجمات والناشطات، فقد اتضح أن الاعتداءات والانتهاكات الجنسية الجماعية تنطوي على نمط مشترك في ما بينها". واضاف البيان ان "مجموعة من الرجال تقوم عادة بالاعتداء على النساء اللواتي لا يتواجدن برفقة أحد ما أو أنهم يحرصون على إبعاد الضحية عن رفيقاتها وبشكل يتزامن مع تزايد سريع في أعداد أفراد المجموعة المعتدية، ومن ثم يجري سحل الضحية إلى داخل حلقة من التجمعات الغوغائية بينما تبادر مجموعة من الأيدي وحتى الأسلحة في بعض الأحيان إلى الوصول إلى جسد الضحية وانتهاكه مع محاولة أولئك الرجال نزع ملابس الضحية". بحسب فرانس برس.

وتعتقد الناشطات في مجال حقوق المرأة وبعض الناجيات من الضحايا، بحسب البيان، أن "تلك الاعتداءات تهدف إلى إبعاد النساء عن الاماكن العامة وإسكات صوتهن وخنق روح المعارضة لديهن".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 16/شباط/2013 - 6/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م