انتفاضة البحرين... هل يجبَر الحوار ما كسره النظام؟

متابعة: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: لم يتورع النظام البحريني اسوة بمعظم الانظمة الاستبدادية عن ممارسة شتى انواع القمع والانتهاكات بحق من يطالب بالإصلاح والديمقراطية وحق المشاركة في ادارة السلطة، ولولا استماتة الشعب في مقاومة اساليب القمع الحكومي والتنكيل المستمر، لكان الرياح سارت بما يشتهيه سفانة الحكومة البحرينية، وتم القضاء على انتفاضة الشعب بصمت وسهولة.

وهذا ما دفع السلطات البحرينية الى محاولة تلميع صورته امام الرأي العام المحلي والدولي بعد تكشفت حقيقة الممارسات الوحشية التي مارستها اجهزته بحق المواطنين، سيما بعد افتضاح عمليات القتل والتعذيب التي لحقت بشرائح واسعة من ابناء البحرين. ووفقا للاتحاد الدولي لحقوق الانسان، فان 80 شخصا على الاقل قتلوا منذ بداية الاحتجاجات.

وعلى الرغم من قمع الحركة الاحتجاجية التي شهدتها المنامة من منتصف شباط/فبراير الى منتصف اذار/مارس 2011، ما زال المحتجون الشيعة يخرجون في تظاهرات بشكل شبه يومي في القرى حول العاصمة، ويرفعون شعارات تطالب ب"اسقاط النظام".

قال مسؤول كبير بمكتب النائب العام في البحرين إن أميرة بحرينية تعمل ضابطة بالشرطة تحاكم حاليا عن اتهامات بتعذيب طبيبتين قيد الاعتقال اثناء الاضطرابات السياسية التي شهدتها المملكة في 2011 . واضاف نواف حمزة رئيس وحدة التحقيق الخاصة بالنيابة العامة أن الشيخة نورة بنت ابراهيم آل خليفة تواجه ايضا محاكمة منفصلة عن اعتداء بدني على آيات القرمزي وهي ناشطة شيعية شابة معارضة اثناء احتجازها في الفترة نفسها.

وقال حمزة ان الاتهام الموجه الي الاميرة هو "انها استخدمت التعذيب والقوة والتهديدات ضد... زهرة السماك وخلود الدرازي لاجبارهما على الاعتراف بجريمة."

ووفقا لمحامي السماك فإن التعذيب المزعوم حدث في مارس اذار وابريل نيسان 2011 وهي فترة شهدت فيها البحرين اضطرابات في اعقاب مظاهرات قادتها الاغلبية الشيعية للمطالبة بتغييرات ديمقراطية في المملكة التي تحكمها اسرة سنية.

وقال تحقيق مستقل إن 35 شخصا قتلوا اثناء الاضطرابات وفي شهرين من الاحكام العرفية في اعقابها لكن المعارضة تقول ان الرقم يزيد عن 80 . وترفض الحكومة هذه الارقام واتهمت جماعات المعارضة بانها مرتبطة بايران الشيعية.

ووفقا لتقارير لوسائل الاعلام فان الشيخة نورة عمرها حوالي 29 عاما وهي واحدة بين كثيرين من اعضاء الاسرة الحاكمة يتولون وظائف في القطاع العام. ووفقا لمحاميها فانها وقت حدوث الاحتجاجات التي هزت البحرين في 2011 كانت تعمل في وحدة مكافحة المخدرات بالشرطة لكنها نقلت بعد ذلك الي ادارة اخرى. وأكدت وزيرة الاعلام البحرينية سميرة رجب ان الشيخة نورة تحاكم في القضيتين.

وقال غازي ان محاكمة الشيخة نورة في القضية المتعلقة بالطبيبتين بدأت في اكتوبر تشرين الاول 2012 وإن الجلسة القادمة من المقرر ان تعقد في الثالث من فبراير شباط.

وقالت ريم خلف محامية القرمزي ان محاكمة الشيخة نورة عن التهم المتعلقة بموكلتها بدأت في يونيو حزيران 2012 وان الجلسة القادمة ستعقد في السابع من فبراير.

وفي السياق ذاته محكمة بحرينية حكمت بالسجن سبعة أعوام على شرطي لقتله محتجا شيعيا بالرصاص خلال الاضطرابات السياسية التي اجتاحت المملكة عام 2011.

وكان علي عبد الهادي مشيمع اول قتيل يسقط في أعمال العنف التي اندلعت في البحرين في فبراير شباط العام قبل الماضي حين خرج آلاف البحرينيين أغلبهم من الشيعة في احتجاجات للمطالبة بالتغيير في المملكة التي تحكمها أسرة سنية.

وقال نواف الحمزة "تفاصيل الواقعة تشير أن المتهم كان ضمن احدى وحدات حفظ النظام بمنطقة الديه في شهر فبراير 2011 وابان التعامل مع احدى حالات الشغب بالمنطقة اطلق المتهم عيارا ناريا أصاب المجني عليه المذكور بإصابات أودت بحياته."

تشييع طفل بالمنامة

وكانت قوات مكافحة الشغب قامت قبل ايام ايضا بتفريق مجموعة من المتظاهرين، كانوا في طريقهم إلى ما كان يُعرف بـ"دوار اللؤلؤة"، في العاصمة المنامة، بعد تشييع جنازة طفل، قالت مصادر في المعارضة إنه لقي حتفه نتيجة استنشاق غازات سامة في المنطقة.

في المقابل، قالت جمعية "الوفاق"، كبرى الجمعيات المعارضة في المملكة الخليجية، إن الطفل قاسم مرزوق، البالغ من العمر 8 سنوات، من منطقة "كرباباد"، شمالي العاصمة، قضي نتيجة استنشاقه "الغازات السامة والخانقة"، في إشارة إلى قنابل الغاز المسيل الدموع، التي قالت إن قوات الأمن تطلقها "بشكل هستيري، ضمن سياسة العقاب الجماعي على المناطق."

كما أفاد أهل الطفل بأنه "قضي إثر مضاعفات استنشاقه للغازات السامة، التي ألقيت بكثافة بالغة، إذ تقوم قوات النظام برميها على البيوت والأزقة المكتظة بتعمد، من أجل إحداث أكبر قدر من الضرر للمواطنين"، وكانت المعارضة قد نظمت فعالية في نفس القرية يوم الحادث.

من جانب آخر، طالبت المعارضة بالإفراج الفوري عن 45 مواطناً تم اعتقالهم على خلفية التظاهرة السلمية المطالبة بـ"الحرية والديمقراطية"، وأكدت على استمرار حراكها السلمي بلا توقف، حتى تحقيق مطالبها.

حبس 15 شخصاً

في حين قضت السلطات في البحرين، بحبس 15 شخصاً لأكثر من شهر وقال فهد البوعينين، رئيس نيابة العاصمة في المنامة، بأن النيابة العامة باشرت التحقيق في المسيرة غير المرخصة وما تبعها من أحداث الشغب بمنطقة السوق التجاري لمنطقة المنامة، وقامت باستجواب 15 "متهما" بحضور محاميهم ، وأمرت بحبسهم خمسة وأربعون يوما احتياطيا على ذمة التحقيق.

وأضاف المسؤول بأن التحقيقات كشفت عن أن أعمال الشغب قد "نشأت نتيجة دعوات أطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي" استجاب لها نحو 50 شخص "تمكنوا من تعطيل حركة السير بسوق المنامة التجاري وبث الرعب في نفوس مرتادي السوق، طبقاً لوكالة الأنباء الرسمية، بنا. وأشار إلى أنه يجري استكمال التحقيقات تمهيدا لإحالة القضية إلى المحاكمة الجنائية.

فيما قال مصدر قضائي ان محكمة الاستئناف البحرينية ايدت حكم السجن لمدة سنتين بحق شاب بحريني بتهمة سب السيدة عائشة عبر تدوينات نشرها على الانترنت.

واتى قرارا المحكمة مؤيدا لحكم محكمة الدرجة الاولى الصادر في 12 اب/اغسطس 2012 والقاضي بسجن المتهم سنتين بتهمة "اهانة رمز ديني".

الحوار المأمول وعقدة النظام

الى ذلك عقدت حكومة البحرين والمعارضة أول جلسة من جلسات الحوار الوطني منذ يوليو تموز 2011 املا في وضع نهاية للأزمة السياسية التي مضى عليها عامان. وعبر اعضاء المعارضة عن تفاؤل مشوب بالحذر بخصوص مدى أهمية المحادثات كخطوة للأمام لكنهم عبروا كذلك عن بواعث قلق بشأن عدم وضوح جدول الأعمال.

قال عبد النبي سلمان وهو عضو المنبر الديمقراطي التقدمي واحد ممثلي المعارضة في الحوار للصحفيين بعد الجلسة ان الامور تسير على ما يرام حتى الان وستواصل المعارضة المشاركة في الجلسة القادمة لكن لا ضمانة لاستمرارها الى ما لا نهاية.

وسئل إن كان يعتقد أن مفاوضي الحكومة ابدوا جدية فقال ان هذا لم يحدث بعد في رأيه لكنهم اظهروا ان بامكانهم الاستماع للمعارضة وهي خطوة ايجابية.

وكانت المعارضة انسحبت من محادثات التوافق الوطني في يوليو تموز 2011 قائلة إن المحادثات لا تتم بشكل نزيه.

وتقول المعارضة ان شروطها الأساسية لمواصلة الحوار هي حضور اعضاء من العائلة الحاكمة وأن تسفر المحادثات عن قرارات بدلا من توصيات وأن تطرح نتيجة المحادثات على الشعب في استفتاء عام. وجمعية الوفاق هي الأكبر في تحالف يضم ست جماعات معارضة تطالب بملكية دستورية.

وشارك في المحادثات وزير العدل ووزير التربية والتعليم ووزير الأشغال كممثلين عن الحكومة بالإضافة إلى 24 اخرين منهم ثمانية من المعارضة وثمانية من الأحزاب الموالية للحكومة وثمانية من الجمعية الوطنية البحرينية التي تتألف من مجلس الشورى المعين وبرلمان منتخب.

وقال جاسم حسين العضو بجمعية الوفاق والنائب السابق بالبرلمان إن القضية في هذا البلد بين الحكومة والمعارضة وهم أصحاب المصلحة الحقيقية لكن هناك كثيرين اخرين سيجلسون إلى الطاولة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 13/شباط/2013 - 3/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م