الكمالية رايح جاي

هادي جلو مرعي

طريق الحمير معروف بإمتداداته وتعرجاته وإتساعه وإنبساطه وهيئته التي تيسر المرور به لكل حمار عائد من مزرعة محملا بالحشائش، وربما الخضار التي توضع في أكياس، وقد يكون الحمار عائدا من سوق المدينة، أو يركبه شخص كبير السن، أو طفل صغير، أو امرأة، وليصل الى مقصده دون عوائق، وفي هذا فالحمار مشهود له بحفظ المسار، وعدم الإنحراف عن الطريق والبقاء فيه حتى لو لم يكن مراقبا من صاحبه.

وحتى طريق الحمير له مزايا خاصة لاتتوفر في الطرق التي يسلكها البشر، لكن المقارنة صعبة لأن النظر في هذا الطريق بالمقارنة مع الطريق الذي يسلكه البشر قد لاتكون ملائمة. فلكل طريق مزاياه، وسبل إنشائه ومده بشكل موائم لحاجات الناس، لكن المصيبة التي تضرب الشارع العراقي مختلفة بالتأكيد فهو ليس بطريق الحمير، ولا بطريق البشر، ولا هو بين الإثنين بعنوان ما، هو كالتائه الحيران الذي لايهتدي الى سبيل يوصله الى مايبتغيه من مقصد.

الطريق الذي أسلكه مثال على ذلك، فلا أنا أستطيع تعريفه بالبشري، ولا بالحيواني، ولا الناس الآخرين الذين يسلكونه يوميا كذلك.. فهم يعانون في توصيفه، فلو سار فيه حمار تعثر، ولو سارت فيه سيارة تعطلت، ملئ بالمطبات والحفر والمهاوي السحيقة، وكأن سباقا مع الزمن تمارسه الشركات الفاسدة المسؤولة عن إصلاحه وتأهيله وإعادة رصفه بالإسفلت لكي تصل به الى مرحلة الضياع الكامل، ثم تغييبه عن الأنظار، ولكي لايعود ميسرا للبشر المحتقرين من قبل الحرامية والمقاولين الفاسدين والمسؤولين الخدميين الذين جفت ضمائرهم، وماعادت تنبض فيها روح الحياة، ولم يعد لهم من هم سوى تحصيل المكاسب وجمع الأموال والحفاظ على المناصب الوسخة التي إستحوذوا عليها في غفلة من الزمن، ثم ينساه الناس البسطاء، فليس من المعقول أن يستمر إصلاح شارع لأكثر من خمس سنوات، وهو لايتجاوز في مسافته الخمسة كيلو مترات.

أمضيت أكثر من عشرين عاما أمر بهذا الطريق المسمى بطريق الكمالية الذي لايصلح للحمير فكيف بالبشر، ولا أعلم ما الذي يجري فيه، ومن تحته، ومن فوقه، ولا الذي تقوم به ملاكات شركات، أو مقاولين حتى إننا نشعر حين نمر به في الصباح، أو عند المساء كأننا (حمر مستنفرة، فرت من قسورة) وكل واحد منا يمضي في طريق فتختلط الأتربة بأصوات الناس، وضجيج السيارات والمكائن الخاصة بمعامل الكاشي، وتعلو أصوات محركات السيارات، وهي تخوض في الأطيان، أو تهوي في حفرة، أو تنحرف عن بقايا طريق على بقايا رصيف، والكل يشتم ويسب، ويلعن القائمين على التخريب، وعلى الإصلاح على الإحتقار والإهانة، فلا مجلس محافظة بغداد فعل شيئا لطريق الكمالية، ولا أمانة بغداد، ولامجلس المحافظة، ولا من أحد سمع صوتا لنا أو إهتز له ضمير كما تهتز نفسه لسرقة الأموال، وتحصيل المنافع..لا أقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل، ولعنة الله على الظالمين,

[email protected]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 13/شباط/2013 - 3/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م