صواريخ باتريوت... وتجديد سيناريوهات الحرب الباردة

 

شبكة النبأ: صواريخ باتريوت التي انتشرت مؤخرا في بعض الدول كتركيا وإسرائيل وغيرها من الدول الأخرى لإغراض دفاعية كما أعلن عنها لصد اي هجوم عدائي قد يقع من دول الجوار وخصوصا سوريا التي تعيش في حالة حرب داخلية أسهمت بزعزعة الأمن في هذا البلد وباقي بلدان المنطقة، تلك الخطوات العسكرية الجديدة يصفها بعض المحللين بأنها بداية لسيناريو قديم لسيطرة على هذه المنطقة وبشكل كامل من قبل أمريكا وحلفائها الآخرين عبر تعزيز سياسات الحروب الباردة المعتمدة على الاستنزاف والردع، الساعين الى إضعاف النفوذ القطب الروسي وضرب مصالحه الاقتصادية والسياسية كما أنها موجهة ضد إيران وحلفائها وبعبارة أخرى هي رسالة واضحة لحماية إسرائيل وتعزيز قوتها.

 وبحسب بعض الخبراء فان نظام صواريخ باتريوت وهى بطاريات لديها القدرة الدفاعية ضد الصواريخ ذات الأبعاد المتوسطة يعنى تعتبر سلاح ردع جوى، ويمكنه ضرب أهداف من علي بعد من10 الي 20 قدم (3 الي 6امتار) ويحلق عادة من ثلاث الي خمس ضعف سرعة الصوت ويمكن ترقية نظام باتريوت لتدمير الطائرات وصواريخ كروز وقد تم نشر صواريخ باتريوت في العديد من الحالات لقدرته علي إسقاط صواريخ العدو وهو يحمي الجنود والمدنيين من الهجمات الصاروخية، يمكن لنظام صواريخ باتريوت العمل بطريقة تلقائية تماما دون اي تدخل بشري علي الإطلاق، ونشر هذه البطاريات ليس بالعمل السهل فهو يحتاج الى الكثير من الجهد والأموال الخ من الأمور الأخرى, بطاريات صاروخ باتريوت استعملت علي نطاق واسع في حرب الخليج 1991م.

 وفيما يخص اخر التحركات بهذا الشأن فقد أفادت مصادر رسمية في إسرائيل بأن قوات الجيش نشرت بطاريات "باتريوت" ضمن منظومة "القبة الحديدية" في شمال الدولة العبرية، بالقرب من الحدود مع سوريا ولبنان، في الوقت الذي أكد فيه الجيش اللبناني أن المقاتلات الإسرائيلية حلقت بكثافة فوق مختلف المناطق اللبنانية. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية إن نشر بطاريات الصواريخ الدفاعية يأتي "لاعتراض الصواريخ المعادية في مناطق مختلفة من شمال البلاد، بما فيها حيفا"، مشيرةً إلى الناطق باسم "جيش الدفاع" أكد صحة تلك الأنباء، وقال إن "نشر منظومة القبة الحديدية في شمال البلاد، يأتي ضمن إجراءات تفعيلها."

إلا أن راديو "صوت إسرائيل" نقل عن مصدر عسكري نفيه ارتباط نشر تلك الصواريخ بتصريحات المسؤولين الإسرائيليين، التي تحذر من "تداعيات التصعيد الحاصل في سوريا." من جانب آخر، أوردت الوكالة الوطنية للإعلام، في العاصمة اللبنانية بيروت، بياناً صدر عن قيادة الجيش، ذكر فيه أنه "في انتهاك جديد للسيادة اللبنانية، والقرار 1701، خرقت 10 طائرات حربية إسرائيلية معادية الأجواء اللبنانية. بحسب CNN.

 ونفذت طيرانا دائريا فوق مختلف المناطق اللبنانية." وأشارت إلى أن الجيش أصدر بياناً في وقت سابق، أكد فيه قيام "طائرتين حربيتين تابعتين للعدو الإسرائيلي"بخرق الأجواء اللبنانية من فوق البحر مقابل "صور"، ونفذتا طيراناً دائرياً فوق مختلف المناطق اللبنانية، ثم غادرتا الأجواء.

صواريخ لحماية تركيا

في السياق ذاته بدأ تشغيل أول بطارية من ست بطاريات لصواريخ باتريوت المضادة للصواريخ من حلف شمال الاطلسي للدفاع عن تركيا من هجوم محتمل من سوريا. وترسل كل من الولايات المتحدة والمانيا وهولندا بطاريتين إلى تركيا ونحو 400 جندي لتشغيلهما بعد ان طلبت انقرة مساعدة من حلف الاطلسي. وهذه الصواريخ الدفاعية قادرة على اسقاط الصواريخ المعادية في الجو. وقال اللفتنانت كولونيل بالجيش البولندي داريوش كاسبرتشيك المتحدث باسم حلف الاطلسي عن نشر الباتريوت في تركيا "وراءنا هناك اول بطارية باتريوت تابعة لحلف شمال الاطسي في تركيا وهي قيد التشغيل في الوقت الحالي. هذا يعني انها جاهزة للعمل. وهي تحت سيطرة وقيادة حلف شمالي الاطلسي."

ونشرت بطارية صواريخ أرسلتها هولندا تتكون من خمس قاذفات صواريخ بالقرب من مطار على اطراف مدينة أضنة التي يسكنها 1.6 مليون نسمة على بعد 120 كيلومترا من الحدود السورية. وتوجد بطارية ثانية من سبع قاذفات قرب قاعدة جوية امريكية تركية شرقي المدينة. وفي مطار أضنة شوهدت قاذفات محمولة على شاحنات وقد وجهت فوهاتها إلى أعلى باتجاه سوريا. ويجري نشر البطاريات حول ثلاث مدن في جنوب شرق تركيا ويقول حلف الاطلسي انها ستحمي 3.5 مليون تركي من الهجمات الصاروخية. وتزايد التوتر بعد ان قال حلف الاطلسي انه رصد اطلاق صواريخ ذاتية الدفع قصيرة المدى من داخل سوريا سقطت كلها بالقرب من الحدود التركية. وأرسلت تركيا طائرات حربية بمحاذاة الحدود مما اشعل مخاوف من احتمال اتساع دائرة الحرب والفوضى في المنطقة.

ووصفت تركيا نشر بطاريات باتريوت بأنه اجراء "دفاعي" بينما انتقدت ايران وروسيا اللتان تدعمان الحكومة السورية قرار حلف الاطلسي نشر الصواريخ وقالتا ان ذلك سيؤدي إلى زيادة حدة الصراع. ونفت تركيا وحلف الاطلسي بشدة ان يكون نشر صواريخ باتريوت مقدمة لفرض منطقة لحظر جوي تطالب المعارضة المسلحة السورية بها كي تساعدها على الاحتفاظ بالأرض التي تسيطر عليها في مواجهة القوات الحكومية السورية التي تمتلك التفوق الجوي الكامل. بحسب رويترز.

ومن المقرر ان يتم ربط بطاريات باتريوت الست مباشرة بالقيادة الجوية للحلف في رامشتاين في ألمانيا. ويتلقى مراكز القيادة والسيطرة في رامشتاين معلومات المخابرات عن اطلاق الصواريخ في سوريا ويقوم بتنبيه بطاريات باتريوت لأي اطلاق للصواريخ. وتقوم بطاريات باتريوت حينها بمراقبة مسارات الصواريخ والتعامل معها إذا كانت تهدد مدينة تركية.

وارسال صواريخ باتريوت لتركيا ربما ينطوي على فائدة مستترة للقوات المسلحة الآخذة في التقلص في أوروبا كما يرى بعض الخبراء إذ أنه يساعدها على إيجاد المبرر لوجود أنظمة الأسلحة الباهظة التكاليف والقليلة الاستخدام في الوقت الذي تقلص فيه حكوماتها من الإنفاق العسكري.

ويقدم نشر هذه المنظومة للأوروبيين حجة مثالية بأن هناك حاجة إلى اسلحتها المتطورة وقواتها المدربة على مستوى عال مما يرسل باشارة للحكومات التي تعاني من التقشف وقد تسعى لمزيد من خفض الإنفاق الدفاعي. وقلصت حكومات في أنحاء غرب اوروبا والتي تعاني من ازمة اقتصادية وتضخما للعجز في الميزانية نفقاتها الدفاعية باعتبار ذلك هدفا اسهل سياسيا من الخدمات الاجتماعية خاصة أن اوروبا لا تواجه اي مخاطر عسكرية ملحة.

مهمة رمزية

الى جانب ذلك يفترض أن يخدم نشر حلف الناتو صواريخ باتريوت الدفاعية على الحدود التركية السورية حماية تركيا من هجمات صاروخية قد تشنها سوريا. بيد أن الخبير الأمني الألماني ماركوس كايم يرى أن مهمة هذه الصواريخ رمزية أكثر منها إستراتيجية. وأشار ماركوس كايم، رئيس مجموعة أبحاث السياسة الأمنية التابعة للمعهد الألماني للسياسة الدولية والأمن في برلين (SWP)، في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية إلى أنه يرى أن حلف الناتو يهدف من وراء نشر هذه الصواريخ للتعبير عن تضامنه مع العضو تركيا.

وأضاف كايم أن ما يصور على أنه تهديد لتركيا ليس كذلك في الحقيقة "فصواريخ باتريوت تستخدم في الدفاع ضد الصواريخ طويلة المدى والغارات الجوية، ولم يكن أي من ذلك يمثل مشكلة خلال الأشهر الماضية. كما أن القيادة السورية لم تهدد تركيا بأي من ذلك، بل إنني يمكن أن أذهب إلى حد الزعم بأنه إذا أقدمت سوريا على ذلك فإنها ستقابل بانتقام هائل من قبل الناتو وربما كانت هذه هي نهاية النظام السوري".

الخبير الأمني ماركوس كايم ورأى الخبير الأمني الألماني أن هناك سببين لنشر هذه الصواريخ على حدود تركيا مع سوريا: أولهما أن الناتو يريد أن يبعث برسالة سياسية لتركيا مفادها ألا تتحرك ضد سوريا بدون تنسيق مع الحلف لأن هناك أصواتا في تركيا تطالب بإقامة منطقة عازلة على الأراضي السورية وذلك بسبب مشكلة اللاجئين السوريين. والسبب الثاني، حسب كايم، أن ألمانيا تريد أن تثبت تضامنها مع أعضاء حلف الناتو وذلك بعد أن رفضت المشاركة في مهمة الناتو في ليبيا وهو ما أدى آنذاك لاتهام برلين بعدم التضامن مع الحلف.

وذهب كايم إلى أن هذه المهمة لن تضر ألمانيا في شيء رغم أنها تكلفها نحو 25 مليون يورو. وقال إن الغطاء الأعلى الذي تستخدمه ألمانيا في هذه المهمة ليس حماية تركيا بل إنهاء القتل في سوريا الذي خلف نحو 60 ألف قتيل حتى الآن، حسب إحصائيات الأمم المتحدة. وأضاف: "هذه الصواريخ لا تقدم أي مساهمة على الإطلاق في احتواء الحرب في سوريا وفي التوصل لحل سياسي للنزاع، لذلك فأنا أرى أن هذه الصواريخ رمزية أكثر منها إستراتيجية".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 9/شباط/2013 - 28/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م