الإمراض الخبيثة والأرقام المندثرة تحت الأعراف الاجتماعية

اعداد: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: نوعان من الأمراض لا يصرح بأسمائهما لدى الحديث، الأمراض النسائية والسرطانات، يعود التردد والأحجام في الأمراض الأولى الى الأعراف الاجتماعية التي تجعل كل شيء يتعلق بالمراة في خانة العيب، ويعود السبب في الأمراض الثانية الى الخوف والرعب منها.. فهي امراض فتاكة لا امل في النجاة منها، الا ما ندر، وربما يعود سبب ذلك الى اكتشافها المتأخر لدى المصابين بها.

ارتبط مرض السرطان في ذاكرتي منذ سنوات الطفولة الاولى، حيث اصيب به جدي، حين عاد ابي ومجموعة من اعمامي برفقة جدي من المستشفى، كان الحديث يدور همسا بين القادمين وبين من تبقى بانتظار وصولهم.. التقطت اذناي كلمة (خبيث) التي هي في تصوراتي في تلك السن ترتبط بالانانية والمكر والشيطنة تبعا لتصرفات اقراني من الاطفال.

الايام التي تلت كانت الحركة غير طبيعية في منزلنا، ناس تذهب واخرى تجيء، لم اكن مستغربا من تلك الزيارات تلك الايام، فالعلاقات الاجتماعية متوهجة بين الناس، وزيارة المريض واجب مقدس، والترابط الاسري لا يمكن الانفكاك منه بسهولة كما هو الحال الان.. اضافة الى أن منزلنا كان معتادا على وجود الضيوف في بقية الايام العادية، لم افهم وقتها ان تلك الزيارات كانت بانتظار القدر المحتم الذي توقعه الاطباء في كل لحظة، وان الزائرين يريدون ان يكونوا قريبا من جدي في ايامه وساعاته الاخيرة، بعد ايام قليلة توفي جدي، وحتى سنوات لاحقة، كان الخوف من التصريح باسم مرضه مسيطرا على افراد المنزل.. لا احد يريد التصريح به، فهو خبيث وكفى.. اي انه يحمل الاسم والصفة في وقت واحد.

مرض السرطان، هو الخبيث الذي يتحاشى الناس عن تسميته.

والسرطان مصطلح عام يشمل مجموعة من الأمراض يمكنها أن تصيب كل أجزاء الجسم. ويُشار إلى تلك الأمراض أيضاً بالأورام والأورام الخبيثة. ومن السمات التي تطبع السرطان التولّد السريع لخلايا شاذة يمكنها النمو خارج حدودها المعروفة واقتحام أجزاء الجسد المتلاصقة والانتشار إلى أعضاء أخرى، ويُطلق على تلك الظاهرة اسم النقيلة. وتمُثّل النقائل أهمّ أسباب الوفاة من جرّاء السرطان. وبشكل عام يطلق هذا المصطلح على عدد من الامراض تزيد عن 250 نوعا نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: سرطان الثدي، البروستات، القولون، المستقيم، المثانة، المبيض، الرحم، المعدة، الكبد، القناة الهضمية و الدم.

تقف سرطانات الرئة والمعدة والكبد والقولون والثدي وراء معظم الوفيات التي تحدث كل عام من جرّاء السرطان، تحدث 30% من وفيات السرطان بسبب خمسة عوامل خطر سلوكية وغذائية رئيسية هي ارتفاع منسب كتلة الجسم، وعدم تناول الفواكه والخضر بشكل كاف، وقلّة النشاط البدني، وتعاطي التبغ، وتعاطي الكحول، يمثّل تعاطي التبغ أهم عوامل الاختطار المرتبطة بالسرطان، إذ يقف وراء 22% من وفيات السرطان العالمية و71% من الوفيات الناجمة عن سرطان الرئة.

العداوى التي تسبّب السرطان، مثل العداوى الناجمة عن فيروس التهاب الكبد B أو C وفيروس الورم الحليمي البشري، مسؤولة عن نحو 20% من وفيات السرطان التي تحدث في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل.

من الملاحظ أنّ نحو 70% من مجمل وفيات السرطان التي سُجلت في عام 2008 حدثت في

البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل.

من المتوقع أن يتواصل ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن السرطان على الصعيد العالمي، وأن يناهز 13.1 مليون وفاة في عام 2030.

السرطان من أهمّ أسباب الوفاة في جميع أرجاء العالم، فقد تسبّب هذا المرض في وفاة 7.6 مليون نسمة (نحو 13% من مجموع الوفيات) في عام 2008. وفيما يلي أهمّ أشكال السرطان:

سرطان الرئة (1.37 مليون وفاة)

سرطان المعدة (000 736 وفاة)

سرطان الكبد (000 695 وفاة)

السرطان القولوني المستقيمي (000 608 وفاة)

سرطان الثدي (000 458 وفاة)

سرطان عنق الرحم (000 275 وفاة).

يمكن الوقاية من أكثر من 30% من حالات السرطان بتغيير أو تلافي عوامل الخطر الرئيسية ومنها:

تعاطي التبغ

فرط الوزن والسمنة

اتباع نظام غذائي غير صحي ينطوي على تناول كمية قليلة من الخضر والفواكه

قلّة النشاط البدني

تعاطي الكحول

العدوى بفيروس الورم الحليمي البشري أو بفيروس التهاب الكبد B

 تلوّث الهواء في المناطق الحضرية

التعرّض للدخان الناجم عن حرق الوقود الصلب داخل الأماكن المغلقة.

يعتبر مرض السرطان ثالث سبب للوفاة في الدول النامية بعد الأمراض المتوسطة وأمراض القلب والشرايين، ولكنه ثاني سبب وفاة في الدول المتقدمة بعد أمراض القلب والشرايين، والأمراض السرطانية في الدول العربية تحتل نسبا مختلفة بين الفئات العمرية، فالأطفال حتى 20 عاما يحتلون نسبة 6% من إجمالي المصابين بالأمراض السرطانية، والفئة العمرية من 20 عاما إلي 60 عاما يحتلون نسبة 74% وهي النسبة الأكبر، أما الفئة العمرية من 60 عاما فما فوق فتحتل نسبة 20%  من نسبة إجمالي مرضي السرطان.

وقد كشف أحد تقارير منظمة الصحة العالمية أن التبغ قتل 100 مليون إنسان خلال القرن الماضي، وأنه سيقتل قرابة مليار شخص خلال القرن ال21 ما لم تتسارع خطوات مكافحته، مؤكدة أن التبغ يقتل حاليا 5.4 ملايين إنسان سنويا، وما لم تتم السيطرة عليه فمن الممكن أن تتزايد أعداد الوفيات الناجمة عنه لتصل إلى 8 ملايين شخص سنويا بحلول عام 2030.

* 80 % من حالات الإصابة بسرطان الرئة يسببه التدخين، كما أن سرطانات الحنجرة والمثانة وعنق الرحم لها علاقة مباشرة بالتدخين.

* أظهرت دراسة أجرتها وزارة الصحة الإسرائيلية ارتفاعا كبيرا في أعداد المصابين بمرض السرطان خلال العقود الثلاثة الماضية.

وبينت الدراسة ارتفاع عدد الإصابات بمرض السرطان في إسرائيل خلال الأعوام الثلاثين الماضية بنسبة 56% ليتحول السرطان السبب الأول للوفاة، وأكدت دراسة وزارة الصحة وجود ارتفاع منتظم وثابت في عدد المصابين بهذا المرض الخطير منذ عام 1980 وبالمقارنة ضاعفت إسرائيل خلال العقود الثلاثة من عدد سكانها، فيما زاد عدد المصابين بالسرطان بثلاثة إضعاف من 9477 مصابا عام 1980 إلى 26:599 مصابا عام 2009 وإذا عزلنا الزيادة التابعة من زيادة عدد السكان يتبين ان الزيادة الحقيقية في المرض بلغت نسبة تفوق الـ 50%.

وسجل المواطنون العرب أكبر نسبة زيادة فعلى سبيل المثال أصيب عام 1980 218 رجلا عربيا بالسرطان مقابل 1159 رجلا أصيبوا بهذا المرض عام 2010 فيما أصبن 149 سيدة عربية عام 1980، مقابل 1093 سيدة أصبن بالمرض عام 2010

* كشفت أحدث إحصائية أعدها برنامج مكافحة السرطان بوزارة الصحة السعودية أن عدد مصابي السرطان في المملكة بلغ 12329، وبلغت نسبة السعوديين منهم 74%، بمعدل 52.6 لكل 100 ألف مواطن، وكان متوسط عمر المصابين عند التشخيص كان 59 عاماً عند الرجال و50 عاماً عند الإناث.

* أظهرت الإحصائيات الرسمية أن 25% من حالات الوفاة في ألمانيا عام 2011 كان سببها الإصابة بمرض السرطان. وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي أن حالات الوفاة الناجمة عن الإصابة بالمرض ارتفعت خلال 30 عاما إلى حوالي 25%. وفي المقابل أظهرت الإحصائية تراجعا في حالات الوفاة الناجمة عن أمراض القلب إلى 23%. وبلغ عدد الوفيات في ألمانيا 852328 حالة وفاة عام 2011. وشكل سرطان الجهاز الهضمي نسبة حوالي 33% من حالات الوفاة بالسرطان في ألمانيا عام 2011 ، ثم سرطان الرئة والقصبة الهوائية لدى الرجال بنسبة 26% وسرطان الثدي لدى النساء بنسبة 18%.

* وصلت نسبة الأصابة بمرض السرطان في منطقة غرب المحيط الهادي بالمنظمة 32% من جميع أنواع السرطان عام 2008 وهذه المنطقة قد تغطي ما يقرب من 37 دولة في أسيا والمحيط الهادي

وقد ظهرت حوالي أربعة ملايين حالة إصابة جديدة بمرض السرطان في المنطقة عام 2008 كان من بينهم 2.31 مليون حالة من الرجال ، و 1.75 مليون حالة من النساء ، كما قد توفي ما يقرب من 2.6مليون شخص في المنطقة بسبب السرطان في نفس العام.

توقع الباحثون أن البلدان متوسطة الدخل مثل الصين والهند وإفريقيا قد تشهد زيادة في عدد حالات السرطان تبلغ 78٪ بحلول عام 2030.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 6/شباط/2013 - 25/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م