مصر... بين هوة العنف وحلم الديمقراطية

 

شبكة النبأ: تعيش مصر اليوم أسوء موجة عنف دامية منذ تولي الرئيس محمد مرسي رئاسة البلاد، وذلك نتيجة لتصاعد أعمال العنف الدامي وتزيد حدة التوتر والصراع السياسي بين الاطراف المتخاصمة بشكل غير مسبوق، وبالتالي قد تقود براثن العنف والفوضى الحالية الدولة المصرية الى هشاشة سياسية وامنية واقتصادية خطيرة جدا خلال الفترة المقبلة.

فعلى الرغم من المبادرة التي تجسدت بوثيقة الأزهر الصادرة بعد اجتماع ضم مختلف القوى السياسية في مصر لنبذ العنف، الا ان موجة العنف الدامية لا تزال مستمرة  بلا هوادة، فلم تنجح هذه الوثيقة في شق طريق السلم والخروج من هذا المأزق الامني الخطير.

ففي ظل أجواء التوتر الكامن بين الحكومة والمعارضة، وبين وعود الإصلاح ونسمات الحرية المترددة، يبدو ان حالة الاحتقان السياسية والحقوقية والتظاهرات الكبيرة التي تشهدها بلاد الفراعنة، ستدخلها دائرة الأزمات المستدامة، بسبب ديمومة التنافر السياسي الحاد، والصدامات السياسية المتتالية، التي أدت الى شل النظام السياسي والتنمية الاقتصادية ايضا.

فلم يتوقّع المصريون أن الثورة السياسية التي حدثت عام 2011 ستولد من رحمها ثورة عنف وفوضى تهدد استقرار البلاد، ويرى بعض المحللين بأن الاضطرابات والأزمات المتتالية التي تعاني منها مصر اليوم، ستضعها على حافة الانهيار والدمار على المستويات كافة، خاصة مع استمرار المعارضة المصرية بتعهداتها بشأن استمرار الاحتجاجات.

بينما يرى محللون آخرون أن العلاقة بين السلطة والمعارضة في مصر وصلت مرحلة حساسة مع تمسك كل جهة بموقفها والسير في طريق المواجهة حتى النهاية، مما يمهد لمعركة سياسية طويلة الامد ومكلفة الخسائر، وعليه فإن غليان الازمات وتكاثرها، تثير قلقا شديدا في نفوس الشعب المصري، ليصبح عدم الاستقرار هاجسا مرعبا لهم، فهو يضع مستقبل مصر خلف قضبان العنف.

محاكمة مرسي على القتل والتعذيب

فقد طالبت جبهة الانقاذ الوطني بمحاكمة الرئيس محمد مرسي عما وصفته بـ"جرائم قتل وتعذيب"، وأكدت الرئاسة المصرية، في المقابل " الحرص على ضمان حظر إيذاء المواطنين"، وفي بيان أصدرته بعد اجتماع قادتها طالبت جبهة الانقاذ، وهي ائتلاف المعارضة الرئيسي في مصر، بـ "تحقيق قضائي محايد في جرائم القتل والتعذيب والاحتجاز بدون وجه حق وتقديم كافة المسؤولين عنها للمحاكمة العادلة بدءا من رئيس الجمهورية ووزير داخليته وكافة شركائه في الجريمة"، وأكد البيان "التأييد الكامل لدعوات الإطاحة بحكم الإسلاميين في مصر"، ودعت المصريين إلى "الاحتشاد السلمي في كل ميادين مصر دفاعا عن كرامة الإنسان المصري"، وجاءت دعوة جبهة الإنقاذ لمحاكمة مرسي غداة بث مشاهد يبدو فيها كما لو أن رجال شرطة يجرون رجلا يدعى حمادة صابر مجردا من ثيابه قرب قصر الرئاسة، تقول الداخلية المصرية إن مثيري الشغب، وليس الشرطة، جردوا حمادة صابر من ملابسه.

وقالت الرئاسة المصرية إنها "تؤكد حرصها وكل أجهزة الدولة على تفعيل ما ورد فى الدستور المصري من ضمانات للمواطن تحظر تعذيبه أوترهيبه أو إكراهه أو إيذاءه بدنياً أو معنوياً"، وأضافت في بيان رسمي أنها تؤكد "متابعتها للتحقيق الفوري في واقعة تعذيب المواطن المصري". ودعت إلى التريث لحين إعلان نتائج التحقيق في الواقعة "بكل شفافية على الرأي العام"، وقال الرئاسة إنه "آلمنا ذلك المقطع الصادم" الذي يصور الرجل اثر تجريده من ثيابه أمام قصر الرئاسة، وعرضت قنوات تلفزيون مصرية خاصة مشاهد يبدو فيها رجال شرطة وهم يجرون رجلا مجردا من ثيابه قرب قصر الرئاسة ويضعونه بعد ذلك في سيارة شرطة، وقعت اشتباكات امام قصر الاتحادية الرئاسي في الاول من فبراير/ شباط، ويقول معارضو مرسي إن "استخدام رجال الأمن القوة لتفريق المتظاهرين" أمام قصر الاتحادية الرئاسي يثبت أن مرسي "اختار ان يتبع نفس السياسات القمعية التي اتبعها الرئيس المصري السابق حسني مبارك مع الانتفاضة التي اطاحت به عام 2011". بحسب البي بي سي.

من ناحية أخرى، اتهم وزير الداخلية المصري محمد إبراهيم من وصفهم بمثيري الشغب بتجريد المواطن من ملابسه أمام قصر الاتحادية، وقال في مؤتمر صحفي إن ما حدث هو" نتيجة التدافع فيما بينهم وحاول رجال الشرطة مساعدته وسحبوه وفهم البعض خطأ أنهم سحلوه"، "المجني عليه حمادة صابر قرر أن قوات الشرطة لم تعتد عليه أو تسحله"، وقال إنه سيعمل على معاقبة الجنود الذين سحبوه بهذه الطريقة ناحية المدرعة.

وقالت النيابة المصرية إن صابر، 48 عاما، لم يتهم رجال الأمن والشرطة بأية اتهامات. ونقلت عنه نفيه "أن يكونوا قد تعدوا عليه بأي صورة من صور الاعتداء"، وقال رئيس الوزراء المصري هشام قنديل إن مجموعة من "الشباب ومثيري الشغب" تعرضوا له اثناء تفقده لميدان التحرير وسط القاهرة على حد قوله، وأضاف أن ما حدث "يلقي الضوء على طبيعة الأشخاص الذين يحتلون الميدان في الوقت الحالي"، وذكر رئيس الوزراء في بيان أن الشباب حاولوا الاقتراب منه لكنه فضل ألا يحدث "احتكاك" بينهم وبين أفراد حراسته، وأفادت وسائل اعلام مصرية بأن مجموعة من الشباب رشقوا سيارة رئيس الوزراء بالحجارة.

عنف غير مسبوق

في سياق متصل قتل محتج واحد على الأقل بالرصاص وأصيب عشرات آخرون عندما اشتبكت الشرطة مع متظاهرين يطالبون بخلع الرئيس المصري محمد مرسي، وألقى شبان قنابل بنزين واطلقوا العابا نارية على الجدار الخارجي لقصر الرئاسة في شرق القاهرة مع حلول الليل. وردت الشرطة باستخدام خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع مما اثار اشتباكات في الشوارع المحيطة بالقصر، وقال شاهدان انهما رأيا محتجا قتل بالرصاص في القاهرة امامهما، وقالت المحامية راجية عمران وهي احد الشاهدين انه امر مؤكد وانها موجودة في المستشفى وان المحتج اصيب بطلقات في رقبته والجانب الايمن صدره، وأكدت مصادر طبية وامنية مقتل محمد حسين قرني (23 عاما) بالرصاص الحي، وقال رئيس هيئة الإسعاف المصرية ان 54 شخصا على الاقل اصيبوا في شتى انحاء مصر ومعظمهم في القاهرة، وانهى تجدد العنف هدوءا استمر بضعة ايام بعد ادمى خلال حكم مرسي الذي بدأ قبل سبعة اشهر، وأدت احتجاجات في ذكرى مرور عامين على الانتفاضة التي اسقطت حسني مبارك الى قتل نحو 60 شخصا منذ 25 يناير كانون الثاني مما دفع قائد الجيش الى التحذير من ان الدولة على وشك الانهيار.

وأدان قائد الحرس الجمهوري الذي يتولى حماية القصر محاولة المحتجين تسلق أسواره واقتحام إحدى بواباته. وطالب في بيان نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط المحتجين بالتزام السلمية، وتعقب افراد شرطة مكافحة الشغب المحتجين عند القصر واضرموا النار في خيامهم . واشعلت قنابل بنزين حريقا لفترة وجيزة في مبنى داخل مجمع الرئاسة، وأظهرت مشاهد عرضتها قناة الحياة الخاصة ستة من افراد شرطة مكافحة الشغب يحيطون برجل عار ويضربونه بالهراوات وهو ملقى على الارض بجانب عربة مدرعة قرب قصر الرئاسة، وبث ناشطون بسرعة هذه الصور على الانترنت مع تعليقات من بينها "وكأن الثورة لم تحدث ابدا"، ويتهم المحتجون مرسي بخيانة روح الثورة من خلال تركيز السلطة أكثر مما ينبغي في يديه وفي جماعة الإخوان المسلمين. وتتهم الجماعة المعارضة بمحاولة الإطاحة بأول رئيس للبلاد منتخب بشكل ديمقراطي. بحسب رويترز.

وقال محمد أحمد (26 عاما) الذي شارك في الاحتجاجات عند الاتحادية "أنا هنا لأني أريد حقوقي الحقوق التي دعت إليها الثورة والتي لم تتحقق"، ووقعت مصادمات ايضا في وقت سابق قرب ميدان التحرير بوسط القاهرة حيث اطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على شبان من رماة الاحجار. وفي الاسكندرية قطع محتجون طرقا واعتصموا على قضبان السكك الحديدية وحاولوا اقتحام مبنى الاذاعة والتلفزيون، وفي وقت سابق نظم رجال يرتدون ملابس سوداء مسيرة عبر مدينة بورسعيد احدى مدن قناة السويس والتي شهدت اسوأ اراقة دماء خلال الايام الثمانية الماضية وهم يرددون هتافات، وهتف المحتجون "لا اله الا الله ومحمد مرسي عدو الله." ورفع المحتجون صور الاشخاص الذين قتلوا في الايام الاخيرة وهم يهتفون "يا نجيب حقهم يا نموت زيهم"، ووافق الجمعة ذكرى مرور عام على اعمال شغب وقعت في استاد بورسعيد لكرة القدم وأدت لمقتل 70 شخصا العام الماضي، واصدرت محكمة قرارا بإحالة اوراق 21 متهما من بورسعيد للمفتي تمهيدا للحكم باعدامهم بسبب اعمال الشغب تلك مما ساعد على اشعال اعمال العنف التي وقعت خلال الاسبوع الماضي هناك والتي قتل خلالها العشرات بالرصاص في اشتباكات مع الشرطة، ونظمت مسيرات على الرغم من تدخل شيخ الازهر احمد الطيب الذي جمع ساسة لمحادثات ازمة حيث وقعوا على وثيقة لنبذ العنف. وقال معارضو مرسي ان الوثيقة لم تلزمهم بإلغاء المظاهرات، وقال المنسق العام لجبهة الإنقاذ الوطني محمد البرادعي في صفحته على موقع تويتر يقول "أسقطنا نظام مبارك بثورة سلمية ومصرون علي تحقيق أهدافها بنفس الأسلوب مهما كانت التضحيات أو أساليب القمع الهمجي"، ونفت جبهة الإنقاذ التي تقود المعارضة مسؤوليتها عن تحول المظاهرات لاعمال عنف، وقالت في بيان إنها تطالب "بالكشف عن المسؤولين الحقيقيين عن اندلاع أعمال العنف... كما تطالبها (قوات الأمن) بالتزام أقصى درجات ضبط النفس... تجنبا لسقوط المزيد من الضحايا"، وقالت الرئاسة أنها "تحمل القوى السياسية التي يمكن أن تكون قد ساهمت بالتحريض المسؤولية السياسية الكاملة انتظارا لنتائج التحقيق."

دعوة لإنهاء العنف

من جهتهم دعا القادة السياسيون المتنازعون في مصر بعد اجتماع عقد في الأزهر إلى إنهاء العنف بعد أسبوع من احتجاجات كانت الأكثر دموية منذ انتخاب الرئيس محمد مرسي في يونيو حزيران، ولم يتضح على الفور ما إذا كان التزامهم بالدعوة لإنهاء المواجهات في الاجتماع الذي دعا له شيخ الأزهر أحمد الطيب سينهي أسبوعا من إراقة الدماء في الشوارع شهد مقتل نحو 60 شخصا. ولم تلغ أحزاب المعارضة مظاهرات حاشدة كانت قد دعت لتنظيمها، لكن المشاركين في الاجتماع وبينهم عضوان قياديان في جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي ومعارضون له وصفوا وثيقة أصدروها بعد الاجتماع بأنها خطوة كبيرة على طريق إنهاء الصراع الذي جعل أكبر الدول العربية سكانا مهددة بالفوضى بعد عامين من إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك، والأزهر إحدى المؤسسات القليلة في مصر التي لا تزال تعتبر محايدة في مجتمع تتزايد فيه حدة الاستقطاب.

واتفق المجتمعون على الاعداد لحوار وطني تمثل فيه أطراف الاجتماع -من بينها الكنائس المصرية- لحل أزمة الدستور ذي النزعة الإسلامية الذي أسرع مرسي بدعوة الناخبين للاستفتاء عليه وما يقول معارضون إنها "أخونة" للدولة في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين، ورحبت الرئاسة المصرية باجتماع الأزهر وقالت في بيان إنها تابعته باهتمام ووصفت نتائجه بأنها "مبشرة" ومنها تشديد الوثيقة على نبذ العنف وما قال البيان الرئاسي إنه "تفعيل الحوار الوطني"، وكانت جبهة الإنقاذ الوطني التي تقود المعارضة قد رفضت يوم الاثنين دعوة مرسي مجددا لها للمشاركة في حوار وطني.

وأضاف البيان أن الرئاسة تعتبر الاجتماع "خطوة هامة على طريق تحقيق الاستقرار في الشارع المصري وإيذانا بإعطاء فرصة حقيقية لجهود التنمية والبناء... سعيا لتحقيق أهداف ثورتنا المجيدة" في إشارة إلى الثورة التي أسقطت مبارك، وقال الطيب خلال الاجتماع إن الحوار يجب أن تشارك فيه كل مكونات المجتمع المصري بدون إقصاء مشددا على أن الحوار هو الوسيلة الوحيدة لحل المشاكل والخلافات، وأضاف "ينبغي ألا نتردد لحظة في إدانة العنف أو الترويج له أو استغلاله بأي صورة من الصور... مصير وطننا معلق باحترام القانون وسيادته وتلك مسؤولية الجميع"، وحضر الاجتماع محمد البرادعي المنسق العام لجبهة الإنقاذ الوطني الذي قال للصحفيين "نخرج من هذا الاجتماع بنوع من التفاؤل ولكن التحديات كثيرة أمامنا"، وأضاف "مع ذلك كل واحد منا يعتقد أن مصير مصر على المحك وأن كلا منا سيبذل ما في طاقته بحسن نية من أجل بناء الثقة مرة أخرى بين فصائل الشعب المصري"، وقال رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين محمد سعد الكتاتني الذي حضر الاجتماع "اليوم كان لقاء تاريخيا في رحاب الأزهر"، وأضاف "الجميع أبدى الاستعداد... أن يعطي تنازلات من أجل نجاح الحوار"، وتابع أن هناك لجنة ستعد للحوار. وقال مستشار لشيخ الأزهر تلا الوثيقة إن اللجنة ستتكون من خمسة ممثلين للأحزاب المنضمة لجبهة الإنقاذ وخمسة ممثلين للأحزاب التي شاركت في الحوار الذي رعاه مرسي واثنين من نشطاء الثورة.

وسعى الأزهر إلى البقاء فوق الصراع السياسي. وجاء تدخله بعد أن حذر وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي من أن الصراع السياسي في البلاد يهدد بانهيار الدولة، وتتهم المعارضة مرسي بخيانة روح الثورة من خلال تركيز السلطة أكثر مما ينبغي في يديه وأيدي قادة جماعة الإخوان المسلمين. وتتهم الجماعة مخالفيها في الرأي بمحاولة الإطاحة بأول رئيس منتخب للبلاد.

واشتكى الإسلاميون أيضا من حملة انتقادات شديدة يتعرض لها مرسي وجماعة الإخوان في قنوات تلفزيون وصحف محلية تبدو مؤيدة لجبهة الإنقاذ الوطني، ويقول شبان يرشقون الشرطة بالحجارة إنهم يضغطون على حكومة مرسي لتحقق أهداف الانتفاضة التي لخصها الشعار "عيش (خبز).. حرية .. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية".

وأرغمت الأزمة مرسي على اختصار زيارة قام بها لأوروبا لجذب الاستثمارات. وأغفل مرسي وهو في برلين الدعوات لتشكيل حكومة وحدة وطنية قائلا إن الحكومة الجديدة ستشكل بعد انتخاب مجلس النواب في ابريل نيسان، وربما يكون انتخاب رئيس إسلامي لأكبر الدول العربية سكانا بعد عقود من حكم عسكري علماني أهم نتيجة لثورات الربيع العربي التي اندلعت واحدة بعد أخرى قبل عامين.

لكن حكم مرسي فقد بريقه بسبب الاضطرابات التي قوضت جهوده لإنهاء الأزمة الاقتصادية التي تسببت في تآكل معظم رصيد البلاد من العملات الأجنبية في محاولة لمنع انهيار الجنيه، ووقعت أعمال العنف بعد أسابيع من المظاهرات في أواخر العام الماضي احتجاجا على الدستور الجديد والتي نظمت في وقت فشل فيه مرسي في توحيد المصريين على الرغم من أن جماعة الإخوان كسبت مختلف الانتخابات التي أجريت بعد مبارك، وقال إليجاه زروان الذي يحلل الحياة السياسبة المصرية للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن تدخل الأزهر اليوم مهم لكن ليس واضحا ما إذا كان سيؤدي لتهدئة الشوارع"، وقال "إنها خطوة أولى طيبة. من المؤكد أنها ستساعد المعارضة الرسمية على أن تكون بوضوح شديد بمنأى عن اتهامها بالعنف"، لكن اتفاقا بين القادة السياسيين لن يكون كافيا لإسكات غضب المصريين على فشل الثورة في تحسين حياتهم اليومية"، وقال زروان "الناس الذين يشتبكون مع الشرطة ويشعلون النار في المباني ليسوا أعضاء في أي حزب. من الممكن أن يكونوا ممن لا يقترعون في الانتخابات"، وأضاف قائلا "هناك أزمة سياسية وهناك أزمة اقتصادية واجتماعية. من المؤكد أن اتفاقا لحل الأزمة السياسية سيساعد لكنه يبقى مجرد خطوة أولى ضرورية في اتجاه حل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية."

وثيقة الأزهر لنبذ العنف

فيما يلي نص وثيقة الأزهر الشريف لنبذ العنف التي أصدرها بعد اجتماع ضم مختلف القوى السياسية في مصر.. باسم جمهرة من شباب الثورة وفي رحاب مشيخة الأزهر وباسم الأزهر الشريف المؤسسة العلمية الوطنية العريقة وبمشاركة طائفة من هيئة كبار العلماء وممثلي الكنائس المصرية نعلن التزامنا بالمبادئ الوطنية والقيم العليا لثورة الخامس والعشرين من يناير والتي يحرص عليها كل المشتغلين بالسياسة والشأن الوطني من السياسيين وقادة الفكر ورؤَساء الأحزاب والائتلافات وسائر الأطياف الوطنية كافة دون تمييز.

الموقعون على هذه الوثيقة يلتزمون بما يلي:

1- حق الإنسان في الحياة مقصد من أسمى المقاصد في جميع الشرائع والأديان والقوانينِ ولا خير في أمة أو مجتمع يهدر أو يراق فيه دم المواطن أو تبتذل فيه كرامة الإنسان أو يضيع فيه القصاص العادل وفق القانون.

2- التأكيد على حرمة الدماء والممتلكات الوطنية العامة والخاصة والتفرقة الحاسمة بين العمل السياسي والعمل التخريبي.

3- التأكيد على واجب الدولة ومؤسساتها الأمنية في حماية أمن المواطنين وسلامتهم وصيانة حقوقهم وحرياتهم الدستورية والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة وضرورة أن يتم ذلك في إطار احترام القانون وحقوق الإنسان دون تجاوز.

4- نبذ العنف بكل صوره وأشكاله وإدانته الصريحة القاطعة وتجريمه وطنيا وتحريمه دينيا.

5- إدانة التحريض على العنف أو تسويغه أو تبريره أو الترويج له أو الدفاع عنه أو استغلاله بأية صورة.

6- إن اللجوء إلى العنف والتحريض عليه والسكوت عنه وتشويه كل طرف للآخر وترويج الشائعات وكافة صور الاغتيال المعنوي للأفراد والكيانات الفاعلة في العمل العام كلها جرائم أخلاقية يجب أن ينأى الجميع بأنفسهم عن الوقوع فيها.

7- الالتزام بالوسائل السياسية السلمية في العمل الوطني العام وتربية الكوادر الناشطة على هذه المبادئ وترسيخ هذه الثقافة ونشرها.

8- الالتزام بأسلوب الحوار الجاد بين أطراف الجماعة الوطنية وبخاصة في ظروف التأزم والخلاف والعمل على ترسيخ ثقافة وأدب الاختلاف واحترام التعددية والبحث عن التوافق من أجل مصلحة الوطن فالأوطان تتسع بالتسامح وتضيق بالتعصب والانقسام.

9- حماية النسيج الوطني الواحد من الفتن الطائفية المصنوعة والحقيقية ومن الدعوات العنصرية ومن المجموعات المسلحة الخارجة على القانون ومن الاختراق الأجنبي غير القانوني ومن كل ما يهدد سلامة الوطن وتضامن أبنائه ووحدة ترابه.

10- حماية كيان الدولة المصرية مسؤولية جميع الأطراف حكومة وشعبا ومعارضة وشبابا وكهولا أحزابا وجماعات وحركات ومؤسسات ولا عذر لأحد إن تسببت حالات الخلاف والشقاق السياسي في تفكيك مؤسسات الدولة أو إضعافها.

ونحن إذ نعلن إيماننا بهذه المبادئ وما تعبر عنه من أصول فرعية وثقافة وديمقراطية ووحدة وطنية وتجربة ثورية - ندعو كل السياسيين قادة أو ناشطين إلى الالتزام بها وتطهير حياتنا السياسية من مخاطر وأشكال العنف أيا كانت مبرراتها أو شعاراتها وندعو كل أبناء الوطن حكاما ومحكومين في أقصى الصعيد والواحات وفي أعماق الدلتا والبادية وفي مدن القناة وسيناء إلى المصالحة ونبذ العنف وتفعيل الحوار - الحوار الجاد وحده - في أمور الخلاف وترك الحقوق للقضاء العادل واحترام إرادة الشعب وإعلاء سيادة القانون سعيا الى استكمال أهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير كاملة - بإذن الله.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 5/شباط/2013 - 24/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م