الأزمة السورية... حلول ترقيعية وزيف مستدام

 

شبكة النبأ: تطورات جديدة ومتسارعه يشهدها الملف النزاع المسلح في سوريا والذي أصبح محط اهتمام وترقب لدى جميع دول العالم وخصوصا تلك الدول التي دخلت في مسار الأحداث منذ بداية الأزمة سواء بشكل مباشر او عن طريق دعم طرف على حساب طرف في سبيل الوصول الى الهدف الخاص الذي يخدم مصالحها بغض النظر عن النتائج المتحققة والتي أسهمت بدمار سوريا، وبحسب بعض المراقبين فأن استمرار الأزمة قد أسهم باستنفاذ كل الجهود ودخل في مرحلة خطرة قد تتخطى الحدود السورية الى دول الجوار بسبب مشاركة بعض الأطراف والتنظيمات الإرهابية والتي دخلت كطرف في هذه الحرب يضاف الى ذلك التشتت والضياع الذي تعيشه أطراف المعارضة، كل تلك الأمور استوجبت ايجاد بدائل جديدة في سبيل إنهاء هذا الصراع واعتماد حل دبلوماسي مشترك وإيجاد حلول سلمية من خلال وسطاء مؤثرين خصوصا بعد التصريحات الأخيرة التي أطلقها رئيس ما يسمى الائتلاف السوري المعارض احمد معاذ في التحاور مع النظام والتي رحبت به الكثير من الدول واعتبرته خطوه مهمة على الرغم من تأخرها، من جهة أخرى اعتبر البعض هذه التطورات هو نتاج طبيعي للسياسة الجديدة التي اتخذتها بعض الدول الحليفة لسوريا ومنها روسيا التي بدأت تستميل أطراف المعارضة من خلال تصريحاتها الأخيرة معتبرين ما يحدث هو طبخة سياسية جديدة قد تسهم بتغير مجرى الأحداث وتحفظ مصالح تلك الدول حتى في حالة غياب الحكومة الحالية، وفي هذا الشأن أعربت روسيا عن رغبتها في اجراء "اتصالات منتظمة" مع المعارضة السورية، مع ترحيبها باستعداد رئيس الائتلاف السوري المعارض للتحاور من دون شروط مع ممثلين لنظام بشار الاسد.

وعقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اجتماعا هو الاول له مع رئيس الائتلاف السوري المعارض احمد معاذ الخطيب على هامش المؤتمر الدولي للامن في ميونيخ. وخلال هذا الاجتماع، ابلغ لافروف الخطيب اهتمام روسيا ب"اجراء اتصالات منتظمة" مع المعارضة السورية، وفق ما نقلت وكالات الأنباء الروسية. وياتي هذا الانفتاح من جانب موسكو بعدما اعلن الخطيب استعداده للبدء بحوار مع ممثلين للنظام مع رفضه التحاور مع مسؤولين "ايديهم ملطخة بالدماء".

قال رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض معاذ الخطيب انه مستعد لإجراء محادثات مع ممثلي الرئيس بشار الاسد خارج سوريا إذا اطلقت السلطات سراح عشرات الالاف من المعتقلين. وقال مسؤولون سوريون ان رموز المعارضة السياسية يمكنها العودة الى دمشق لاجراء "حوار وطني" من شأنه ان يسقط اي تهم موجهة ضدهم. وجاء ذلك عقب كلمة للاسد دعا فيها إلى محادثات للمصالحة لكنه قال انه لن يكون هناك أي حوار مع المعارضين الذين وصفهم بانهم "ارهابيون".

وقال الخطيب في بيان نشر على صفحته على الفيسبوك "إنني أعلن بأنني مستعد للجلوس مباشرة مع ممثلين عن النظام السوري في القاهرة أو تونس أو إسطنبول." لكنه اشترط "إطلاق سراح مئة وستين ألف معتقل من السجون وأولها النساء ومعتقلو المخابرات الجوية وسجن صيدنايا والإيعاز إلى كل سفارات النظام بمنح جميع السوريين الذين انتهت جوازاتهم جوازات جديدة أو تمديدها سنتين على الأقل."

وفيما يبرز استمرار الخلافات في صفوف معارضي الأسد سارع المجلس الوطني السوري المعارض الذي يضم بعض الجماعات الممثلة في الائتلاف الوطني إلى النأي بنفسها عن تصريحاته. وقال المجلس الوطني ان "الشعب السوري دفع ثمنا باهظا للحصول على حقهم في حرية كاملة... والمجلس الوطني السوري يؤكد التزامه المطلق لإرادة الشعب السوري ويرفض أي تسوية مع النظام السوري أو التفاوض معه." بحسب رويترز.

وفي وقت سابق اعلن الاسد عن مبادرة سلام لحل سياسي للازمة داعيا الى مؤتمر للمصالحة مع من لم "يخونوا" سوريا يعقبه تشكيل حكومة جديدة وإصدار عفو. كما دعا الى حراك وطني في "حرب الدفاع عن الوطن" واصفا المسلحين الذين يقاتلونه بالإرهابيين وعملاء لقوى اجنبية يستحيل التفاوض معهم. وقال أن المرحلة الأولى من الحل السياسي ستتطلب من القوى الإقليمية وقف تمويل وتسليح المعارضة ووقف العمليات "الإرهابية" والسيطرة على الحدود.

وعلق لافروف "نرحب بهذا الامر. انها خطوة بالغة الاهمية اذا اخذنا في الاعتبار ان الائتلاف تأسس على رفض إجراء حوار مع النظام". واضاف "اعتقد ان الواقعية تسود". واجتمع لافروف ايضا بنائب الرئيس الاميركي جو بايدن. وقبيل الاجتماع، اقر الرجلان ب"ان خلافات كبرى" لا تزال قائمة بين الولايات المتحدة وروسيا حول شروط وضع حد للنزاع المستمر في سوريا. ورغم هذه الخلافات، شدد البيت الابيض على "اهمية ان يعمل البلدان معا لصالح السلام الدولي والامن بما في ذلك في سوريا".

وتطالب الدول الغربية وفي مقدمها الولايات المتحدة وبعض الدول العربية الرئيس السوري بالتنحي. لكن لافروف جدد رفضه لهذا الشرط وقال ان "تشديد من يؤكدون ان تنحي الرئيس الاسد هو الاولوية الاولى، هو السبب الرئيسي لاستمرار المأساة السورية". في المقابل، اعتبر انه يمكن "احراز تقدم" في حال التأمت مجموعة العمل حول سوريا التي يتراسها الوسيط الدولي الاخضر الابراهيمي مجددا، في محاولة للتوصل الى اجراءات انتقالية. لكن الابراهيمي الموجود في ميونيخ اكد عدم وجود اي حل في الافق حاليا، معتبرا ان "مستويات الرعب غير المسبوقة" تؤدي الى "تدمير" سوريا.

من جانب اخر وبعد اجتماع استمر 45 دقيقة مع صالحي قال الخطيب "اتفقنا على ضرورة ايجاد حل لانهاء معاناة الشعب السوري." وقال صالحي ان ايران، ابرز دولة اقليمية داعمة للنظام السوري، "مستعدة لكي تكون طرفا في حل، لان ما يحصل في سوريا محبط". واضاف "يجب افساح المجال امام المعارضة والحكومة بالجلوس حول طاولة مفاوضات" مضيفا "لقد قلت للخطيب اجتمعوا ونظموا انتخابات رئاسية تحت اشراف دولي لكي يتمكن كل طرف من التأكد من ان العملية تجري بشكل مناسب". والتقى الخطيب ايضا بشكل منفصل بكل من نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن ومبعوث الأمم المتحدة الخاص الأخضر الإبراهيمي. وقال الخطيب ان الغرض من اجتماعاته هو "بحث إيجاد سبيل لإزاحة النظام بأقل قدر ممكن من إراقة الدماء وإزهاق الأرواح. وقال مصدر دبلوماسي طلب عدم نشر اسمه "المحادثات بشأن سوريا تتزايد والإيرانيون يشاركون. دعونا نر ما ستؤول إليه."

الرئيس السوري يلتقي

في السياق ذاته التقى الرئيس السوري بشار الاسد امين المجلس الاعلى للأمن القومي الايراني سعيد جليلي، بحسب ما نقل التلفزيون الرسمي السوري. وبث التلفزيون السوري صورا للقاء الذي جمع بين الاسد وجليلي وعدد من المسؤولين. وكان جليلي اكد لدى وصوله مطار دمشق دعم بلاده "لسوريا لتبقى صامدة وقادرة على التصدي لكل مؤامرات الاستكبار العالمي". وتأتي زيارة جليلي، وهي الاولى له الى العاصمة السورية منذ آب/اغسطس الماضي، بعد ايام من غارة جوية نفذتها طائرات حربية اسرائيلية قرب دمشق. وقال جليلي ان "العدوان الاسرائيلي وقوى الاستكبار حاولوا من خلال اعتدائهم الانتقام من الشعب السوري الصامد، وهذه محاولات يائسة".

وقال مسؤول اميركي ان الغارة استهدفت مباني عسكرية وصواريخ، في حين اوضحت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية ان الهجوم استهدف مركزا عسكريا للبحث العلمي في منطقة جمرايا القريبة من الحدود اللبنانية. وقال مسؤولون اميركيون ان اسرائيل كانت تخشى من نقل اسلحة الى حزب الله الشيعي اللبناني، حليف دمشق وطهران. بحسب فرنس برس.

وتعد ايران ابرز الحلفاء الاقليميين لنظام الرئيس السوري، وتتهم الولايات المتحدة ودولا عربية واقليمية بدعم المقاتلين المعارضين الذين يواجهون القوات النظامية في نزاع مستمر في البلاد لأكثر 22 شهرا ادى الى مقتل اكثر من 60 الف شخص بحسب الامم المتحدة.

الابراهيمي يطلب

الى جانب ذلك نقلت صحيفة الحياة عن مبعوث الامم المتحدة بشأن الأزمة السورية الاخضر الابراهيمي قوله انه يجب على مجلس الامن الدولي اتخاذ اجراء لإنهاء الحرب الاهلية في سوريا بعدما عجز السوريون عن وقف العنف بأنفسهم. وقتل اكثر من 60 الف شخص وفر 700 الف اخرين الى خارج سوريا خلال الصراع الممتد منذ 22 شهرا لكن المفاوضات بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي بشأن كيفية إنهاء الحرب وصلت الى طريق مسدود.

وقال الابراهيمي الذي عين وسيطا في أغسطس اب إنه اصبح من الواضح ان اطراف الصراع السوري لن يحلوا الصراع بأنفسهم. وقال الابراهيمي للصحيفة التي تصدر باللغة العربية في لندن "الآن نتحدث مع مجلس الأمن وقلت بصراحة ان الاخوة في سوريا عاجزون عن أنهم يتكلموا ويحلوا مشكلتهم بأنفسهم." واضاف قائلا "ليس هناك مجال الآن للتعامل مع هذه القضية وبحث انقاذ سوريا الا من خلال مجلس الأمن."

واستخدمت روسيا اكبر داعم اجنبي للرئيس السوري بشار الاسد حق النقض (الفيتو) ثلاث مرات ضد مشاريع قرارات من مجلس الامن كانت تهدف الى ممارسة الضغط على الأسد لإنهاء الصراع. وتدعم الولايات المتحدة واغلب الدول الغربية المعارضين الذين يسعون لانهاء حكم عائلة الاسد المستمر منذ اكثر من 40 عاما. وقبلت القوى الدولية رسميا خطة انتقالية لسوريا في يونيو حزيران لكن الابراهيمي قال ان الصياغة تركت غموضا متعمدا حول دور الأسد خلال فترة انتقالية.

وذكرت الصحيفة ان الابراهيمي قدم ست نقاط الى مجلس الأمن لإصدار قرار بشأنها ومن بينها اقرار "مبدأ الحوار" بين الاطراف السورية لكنها لم تتضمن وقف إطلاق النار كنقطة انطلاق. واضاف "المقاتل لن يقبل ان يتوقف عن القتال الا ان كان عالما الى أين يتجه. الناس تريد ان تعلم الى أين هي متجهة." ورفض الخوض في تفاصيل حول النقاط التي قدمها.

وقال دبلوماسيون ان الابراهيمي حذر مجلس الأمن من ان سوريا "تتفكك امام أعين الجميع". وذكر دبلوماسيون ان الابراهيمي اصبح محبطا بدرجة كبيرة بسبب عدم قدرة مجلس الأمن على التوحد وراءه. وعبر سلفه الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي عنان عن احباط مماثل عندما استقال في اغسطس اب.

من جهة أخرى حث بان جي مون الأمين العام للأمم المتحدة الذي شجب الاعمال "المروعة التي لا تنحسر" في الحرب السورية كل الأطراف المتحاربة على وقف أعمال العنف ودعا لتقديم مزيد من المساعدات للتعامل مع موقف وصفه بأنه كارثي ويزداد سوءا يوما بعد يوم. قال بان "كم عدد الناس الذين سيقتلون مجددا اذا استمر الموقف الراهن؟" وأضاف "أناشد كل الأطراف وخاصة الحكومة السورية وقف القتل باسم الانسانية أوقفوا القتل أوقفوا العنف." بحسب رويترز.

ويحتاج نحو اربعة ملايين سوري نازح داخل البلاد الى الغذاء والمأوى ومساعدات اخرى كما فر أكثر من 700 الف شخص الى دول مجاورة منذ بدء الصراع حسب تقديرات الامم المتحدة. وتقول المنظمة الدولية ان نصف المدنيين الذين تأثروا بالازمة من الاطفال. لكن الامين العام للامم المتحدة قال ان هناك الحاجة لمزيد من العمل. وقال "الموقف في سوريا مأسوي ويزداد سوءا كل يوم. كل يوم يواجه السوريون أشياء مروعة لا تنحسر" مضيفا ان ذلك يشمل العنف الجنسي والاحتجاز.

مبيعات الأسلحة

في السياق ذاته واجهت دعوة بريطانيا بتعديل حظر على مبيعات الأسلحة لسوريا يفرضه الاتحاد الأوروبي لمساعدة خصوم الرئيس بشار الأسد معارضة عندما حذرت حكومات الاتحاد الأوروبي من أن رفع الحظر قد يسمح بوصول الأسلحة إلى الأيدي الخطأ. ويحين في بداية مارس آذار القادم تجديد حزمة عقوبات يفرضها الاتحاد الأوروبي ضد سوريا وقالت بريطانيا تدعمها فرنسا ودول أخرى إنه لا بد من تخفيف القواعد التي يفرضها الاتحاد الأوروبي للسماح بإرسال بعض العتاد إلى المعارضة المسلحة.

لكن الكثير من عواصم الاتحاد الأوروبي ترفض إدخال أي تغييرات قائلة إنها قد تفتح الطريق أمام وصول مزيد من الأسلحة إلى الأسد أو لجماعات إسلامية بين المعارضة السورية. ويتحدث المسؤولون البريطانيون عن السماح بإرسال عتاد غير قاتل مثل السترات الواقية من الرصاص وأجهزة الرؤية الليلية للمعارضة السورية بدلا من إرسال أسلحة لكن دبلوماسيين آخرين قلقون من أن تخفيف الحظر قد يفتح الباب لإرسال أسلحة. واستبعدت فرنسا إرسال أسلحة للمعارضة. وقال دبلوماسيون إنه يجري بحث عدد من الخيارات فيما يتعلق بنوع المساعدة التي يمكن تقديمها للمعارضة. وأحد الاحتمالات هو السماح بوصول بعض الشحنات الى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة. كذلك قد يضع الاتحاد الأوروبي قائمة بالعتاد المسموح به للتمييز بينه وبين الأسلحة.

 من جانب اخر قال ضابط عسكري كبير بالاتحاد الاوروبي ان المسؤولين في الاتحاد يبحثون سبلا تساعد على اشاعة الاستقرار في سوريا عندما تنتهي الحرب الاهلية وان ارسال قوة عسكرية تابعة للاتحاد للمحافظة على السلام يمكن ان يكون خيارا. ويملك الاتحاد الاوروبي قوة انتشار سريع قوامها 2000 جندي تعرف باسم المجموعة القتالية وهي على أهبة الاستعداد في كل الاوقات ومستعدة للمحافظة على السلام أو القيام بأعمال انسانية في حالة الطوارئ لكن لم يتم نشرها حتى الان.

والدول الغربية عازفة عن المشاركة في الصراع في سوريا وقال الجنرال الفرنسي باتريك دو روزييه رئيس اللجنة العسكرية بالاتحاد الاوروبي انه لا يوجد من يعتقد ان تدخل عسكري خارجي في سوريا في الوقت الراهن سيحسن الموقف. وقال دو روزييه للصحفيين ان التدخل "سيزيد الامر سوءا في هذه المرحلة. لكن هذا قد يتغير.. ووفقا للطريقة التي يتغير بها يمكن للاتحاد الاوروبي ان يقوم بدور كبير لانه ستكون هناك حاجة لاشاعة الاستقرار (في البلاد)." وصرح بأنه بمجرد ان تخف حدة الصراع ستكون هناك حاجة لمشروعات تنمية واجراءات لمنع تجدد القتال. وأضاف "ولذلك ففي هذه الحالة .. نعم .. يمكن ان تصبح المجموعة القتالية مفيدة ويمكن ان تكون خيارا لكنها ليست الخيار الوحيد." بحسب رويترز.

وقال دو روزييه الذي يعمل مستشارا عسكريا لمسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون انه يجري مناقشة الافكار داخل مفوضية الشؤون الخارجية بالاتحاد الاوروبي ولم تقدم اقتراحات بعد الى دول الاتحاد السبعة والعشرين التي قد يعترض بعضها بالطبع على وضع قوات حفظ السلام الاوروبية في موقف معاد. وتتناوب مختلف الدول الاعضاء في المشاركة في المجموعة القتالية التابعة للاتحاد الاوروبي كل ستة اشهر. وفي الوقت الراهن تقودها بولندا بدعم من فرنسا والمانيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 5/شباط/2013 - 24/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م