حرب الشرق الأوسط والتمهيد لساعة الصفر

 

شبكة النبأ: تعيش منطقة الشرق الأوسط حالة من عدم الاستقرار السياسي الذي يلقي بظلاله على المجالات كافة، وذلك نتيجة لتزايد الحركة والعداوات السياسية في منطقة الشرق الأوسط بشكل كبير جدا خلال الآونة الأخيرة، وسط خلافات كثيرة بين القوى السياسية الإقليمية والدولية، وهذا الامر يشير الى أن تكون هناك صفقات سياسية بين الدول الكبرى المتصارعة والمهتمة بالهيمنة على بلدان الشرق الأوسط، بهدف إعادة ترتيب الأوضاع بالمجال السياسي في بلدان تلك المنطقة، مما ينذر ببواعث خطر نشوب حرب وشيكة بين الاطراف المتخاصمة.

 فالصدامات والصراعات السياسية النشطة بين الخصوم السياسيين، اخذت تلقي بظلالها على التوازن السياسي والامن الاقليمي الهش في المنطقة، كما تبين ذلك من خلال المستجدات والأحداث والتطورات السياسية والامنية الاخيرة، والممتثلة بالدربكة السياسية لإسرائيل في سوريا، التي تصفح عن مدى المخاوف الإسرائيلية من نشوب -حرب شرق أوسطية - التي تهدد بفنها، في ظل التحالف الوثيق بين ايران وسوريا وحرب الله مع تراجع علاقتها بالولايات المتحدة في الاونة الاخيرة، لتوجه رسالة عسكرية الى ايران لتحسين صورتها المشوهة بابراز قوتها العسكرية من خلال ضربها للمواقع في سوريا.

 ويرى بعض المحللين بأن إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة، أي منذ الربيع العربي وصعود الإسلاميين الى الحكم في أغلب البلدان العربية، تعيش حالة من التوجس والاضطراب على اكثر من صعيد، دفع بها للشعور بالخطر والخوف من ضربة عسكرية عليها، كما اعربت الدولة نفسها عن مخاوفها من أن إيران تحاول فرض ميزان قوة إقليمية جديدة باعتبارها واجهة أمامية للصراع المتصاعد يوماً بعد آخر في المنطقة، حيث ازدادت المخاوف الإسرائيلية بشأن نشوب الحرب في المنطقة، فقد أصبحت الازمة السورية الحالية العامل الابرز الذي يلهب أتون الحرب الوشيكة بين الاطراف المتخاصمة، الى جانب الملف النووي الإيراني المثير للجدل، وصراع النفوذ المشترك بين الحلفاء والخصوم، فضلا عن التحشيد العسكري المتزايد بشكل مضطرد في مياه الخليج وكذلك شراء الأسلحة وصنعها وخاصة من لدن السعودية وايران.

ويرى هؤلاء المحللين ان ما تشهده الساحة الاقليمية والدولية من متغيرات واحداث متسارعة على المستويين الاقليمي والدولي، التي تمثلت بالانتفاضات التي اطاحت بزعماء حكموا لعقود في دول عربية والمنافسة الاقليمية مع ايران والصراع في سوريا، ستضع هذه الامور انفة الذكر جميع الاطراف المتخاصمة امام حرب حتمية ربما تكون اوسع من النطاق الاقليمي واقل من النطاق العالمي مما يساعد على تهيئة الظروف الملائمة للتعجيل بحدوثها في المستقبل القريب.

زعزعة الاستقرار

فقد ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال ان وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا اتهم ايران بشن حملة مكثفة لزعزعة استقرار الشرق الاوسط من خلال تهريب اسلحة مضادة للطائرات لحلفائها المتشددين، وقال بانيتا للصحيفة في مقابلة "ما من شك في انكم عندما تبدأون في توزيع (صواريخ) مانبادس التي تطلق من فوق الكتف فان هذا يصبح تهديدا ليس فقط للطائرات العسكرية وانما للطائرات المدنية"، وهذه الصواريخ مضادة للطائرات وتطلق من فوق الكتف، وحذر مسؤولون غربيون من انتشار مثل هذه الصواريخ والخطر الذي تشكله على ركاب الطائرات بالاضافة الى الطائرات الهليكوبتر العسكرية والطائرات الاخرى.

واعترضت القوات اليمنية سفينة في 23 يناير كانون الثاني تحمل شحنة كبيرة من الاسلحة من بينها صواريخ ارض جو يشتبه المسؤولون الامريكيون انها كانت مهربة من ايران الى متمردين يمنيين، وقال بانيتا في اشارة الى ضبط صواريخ مانبادس "انها من المرات الاولى التي نشاهدها فيها"، ولم يتسن الاتصال على الفور بمتحدث باسم وزارة الدفاع الامريكية للتعليق على تصريحات بانيتا، وقالت الحكومة اليمنية ان الاسلحة التي تم اعتراضها على ظهر السفينة قبالة الساحل اليمني كانت تضم ايضا متفجرات من النوع العسكري وقذائف صاروخية ومعدات لصنع القنابل، وتنفي ايران اي تدخل في الشؤون اليمنية. بحسب رويترز.

وقال بانيتا ان الولايات المتحدة تصعد الجهود الرامية الى مواجهة التهديد الايراني وانها تقود مناورة متعددة الجنسيات في دولة الامارات العربية المتحدة لتحسين اعتراض الاسلحة الايرانية والاسلحة الاخرى، ووصف هذه المناورة بانها مهمة لبناء القدرات العربية للمساعدة في وقف نقل الاسلحة الايرانية ومن بينها الصواريخ التي تطلق من فوق الكتف، وقال المسؤولون الامريكيون ان من المرجح ان الصواريخ المضادة للطائرات والتي تم اعتراضها في 23 يناير كانت متجهة الى الانفصاليين الحوثيين بشمال اليمن والذين يقاتلون الحكومة التي تدعمها امريكا في صنعاء واشتبكوا ايضا مع القوات السعودية، ويستعد بانيتا للتقاعد كوزير للدفاع بعد 19 شهرا في هذا المنصب، وعقدت لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الامريكي جلسة بشأن ترشيح السناتور الجمهوري السابق تشاك هاجل لخلافة بانيتا.

حزب الله وسوريا

في سياق متصل اعلن وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا ان مخاوف الولايات المتحدة تتزايد من احتمال ان تؤدي "الفوضى" في سوريا الى تمكين حزب الله الشيعي اللبناني من الحصول على اسلحة متطورة من نظام الرئيس بشار الاسد، وقال بانيتا الذي يستعد للانسحاب من الحياة العامة بعدما تولى قيادة السي اي ايه (2009-2011) ثم البنتاغون (منذ تموز/يوليو 2011) ان "الفوضى في سوريا خلقت جوا اصبح فيه احتمال عبور هذه الاسلحة الحدود ووقوعها في ايدي حزب الله يشكل قلقا اكبر"، وذلك بعد يومين على الغارة التي شنتها طائرات اسرائيلية على منشأة عسكرية سورية قرب دمشق، وكان مسؤول اميركي ان الغارة الجوية التي شنتها اسرائيل على سوريا الاربعاء اصابت صواريخ ارض-جو روسية الصنع من طراز "اس ايه 17" كانت موضوعة "على اليات"، اضافة الى مجموعة من المباني العسكرية المجاورة والتي يشتبه بانها تحوي اسلحة كيميائية، وقال هذا المسؤول رافضا كشف هويته ان المقاتلات الاسرائيلية لم تستهدف سوى موقع واحد في ضاحية دمشق، في حين تحدثت بعض وسائل الاعلام عن استهداف موقعين: مجمع عسكري قرب العاصمة السورية وقافلة تقل اسلحة قرب الحدود اللبنانية، وجرت الغارة الاسرائيلية في ظل مخاوف الدولة العبرية من قيام دمشق بنقل اسلحة متطورة الى حزب الله. بحسب فرانس برس.

وردا على سؤال عن الغارة الاسرائيلية اجاب بانيتا الذي سيغادر منصبه بعد ايام انه ليس بوسعه كشف مضمون محادثاته مع الاسرائيليين ولكنه المح الى ان واشنطن تؤيد الغارة، وقال "من دون التطرق الى فحوى المحادثات التي نجريها بشكل منتظم مع اسرائيل او الى تفاصيل هذه العملية (...) لقد شددنا على انه يتعين علينا القيام بكل ما يجب القيام به من اجل ضمان ان لا تقع اسلحة متطورة مثل صواريخ اس ايه-17 او اسلحة كيميائية وبيولوجية في ايدي ارهابيين"، وردا على سؤال عما اذا كانت واشنطن تؤيد الغارة، قال بانيتا ان "الولايات المتحدة تؤيد كل القرارات التي تتخذ لضمان عدم وقوع هذه الاسلحة في ايدي ارهابيين"، وكان النظام السوري اعلن ان الطيران الاسرائيلي قصف مركزا عسكريا للبحوث في ريف دمشق، في حين تحدثت مصادر امنية عن غارة استهدفت ليل الثلاثاء الاربعاء قافلة كانت تنقل اسلحة قرب الحدود اللبنانية. ولم تدل الحكومة الاسرائيلية من جهتها باي تعليق حول هذه الغارة، واوضح بانيتا من جهة اخرى ان الولايات المتحدة تتعاون بشكل وثيق مع كل من الاردن وتركيا واسرائيل لضمان عدم وقوع الاسلحة الكيميائية السورية في ايدي اي كان، ولا سيما في حال سقوط نظام الرئيس بشار الاسد.

روسيا وايران

من جهتها حثت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون ايران وروسيا على إعادة النظر في دعمهما للرئيس السوري بشار الاسد محذرة من احتمال امتداد الحرب الي خارج حدود سوريا، وقالت كلينتون انه توجد دلائل مؤخرا على أن ايران ترسل المزيد من الافراد واسلحة متطورة بشكل متزايد لدعم الاسد في معركته ضد مقاتلي المعارضة الساعين لانهاء اربعة عقود من حكم اسرته المستبد، ومتحدثة عشية رحيلها عن وزارة الخارجية قالت كلينتون ايضا ان روسيا تواصل مساعدة الحكومة السوربة -بما في ذلك ماليا- وبدت متشككة في ان موسكو تخفف معارضتها لرحيل الاسد، وامتنعت كلينتون عن التعقيب على تقارير بأن اسرائيل قصفت هدفا في سوريا لكنها عبرت عن مخاوف من ان الصراع -الذي من المعتقد انه أودى بحياة اكثر من 60 ألف شخص- ربما يتفاقم داخليا ويتسع نطاقه، وقالت كلينتون لمجموعة صغيرة من الصحفيين قبل يوم من تولي السناتور جون كيري منصب وزير الخارجية خلفا لها "أنا شخصيا احذر منذ وقت من المخاطر المرتبطة بحرب اهلية فتاكة بشكل متزايد وحرب محتملة بالوكالة"، واضافت قائلة "لذلك أعتقد انه ينبغي لتلك الدول التي ترفض ان تكون لاعبا بناء أن تعيد النظر في مواقفها لأن أسوأ التكهنات لما قد يحدث داخليا ويمتد عبر حدود سوريا هي بالتاكيد في نطاق الممكن الان"، وقالت كلينتون ان الولايات المتحدة قلقة من ان ايران زادت مؤخرا دعمها للاسد، ومضت قائلة "يبدو انهم ربما يزيدون تدخلهم وذلك امر يسبب قلقا كبيرا لنا"، "أعتقد ان الاعداد (الافراد) زادت... هناك قلق كبير من انهم يزيدون نوعية الاسلحة لأن الاسد يستهلك أسلحته. لهذا فالامر يتعلق بالاعداد والعتاد"، وأدلت كلينتون بتعليقات مماثلة بشان روسيا، وقالت "لدينا اسباب للاعتقاد بأن الروس يواصلون تقديم مساعدة مالية وعسكرية في شكل معدات... وهم يفعلون ذلك في الماضي القريب". بحسب رويترز.

وروسيا هي اهم حليف للاسد طوال الصراع في سوريا الذي بدأ قبل 22 شهرا باحتجاجات سلمية في الشوارع ثم تطور الي انتفاضة مسلحة ضد حكمه، وبدات كلينتون متشككة في ان تعليقات ادلى بها رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف هذا الاسبوع بأن فرص الاسد للبقاء في السلطة تقل بشكل متزايد ربما تمثل تغيرا جوهريا في موقف روسيا، وقالت "سمعنا من الروس -بمن فيهم ميدفيديف- من قبل عبارات رنانة على حوالي عامين حتى الان... ومما يؤسف له فان كل تلك العبارات الرنانة لم تترجم الي تغييرات في السياسة الروسية"، واشادت كلينتون برئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض معاذ الخطيب لقوله هذا الاسبوع انه مستعد لاجراء محادثات مع ممثلين للاسد خارج سوريا إاذا أطلقت السلطات سراح عشرات الالاف من المعتقلين، وقالت "اعتقد انه لم يكن شجاعا فقط بل ذكيا ايضا عندما قال انه اذا تحققت شروط معينة فاننا سنبدأ مناقشة انتقال سياسي."

الصمت الاسرائيلي إزاء سوريا استراتيجي

في ذات السياق لا يماط اللثام عن الأسرار العسكرية بسهولة في أي مكان. لكن الصمت المطبق الذي يلتزم به المسؤولون في اسرائيل بعد حادث مثل الضربة الجوية الغامضة داخل الاراضي السورية تعكس استراتيجية عميقة للردع والوصول الى مدى بعيد، وبخلاف القلق المعتاد لحماية الجواسيس وأساليب حكومة تخوض حاليا مواجهة أخطر مع ايران يعتبر الاسرائيليون أن هذا التكتم يتيح لأعدائهم وفي هذه الحالة سوريا فرصة لحفظ ماء الوجه وبالتالي تقليص مخاطر الانتقام والتصعيد، كما أن التزام الصمت وبالتالي تجنب اتهامات بالتباهي المستفز يسهل تعاون اسرائيل الحذر مع جيرانها المسلمين -مثل تركيا أو الأردن- الذين ربما يشعرون انه يجب عليهم البقاء بعيدا عن هذه الخطوة.

ويرى الزعماء الاسرائيليون أن هناك جدوى في الداخل من عدم التباهي بنجاحات ربما تمنح مواطنيهم وحلفاءهم الغربيين ايمانا مبالغا به بقدرات القوات الاسرائيلية، ومع احتمال أن تثار شكاوى دولية من أن غارة غير مبررة على دولة ذات سيادة يعد انتهاكا للقانون الدولي فان الاعتراف بالحقيقة قد لا يسبب سوى متاعب دبلوماسية، وحدث نفس الشيء عام 2007 عندما منع رئيس الوزراء الاسرائيلي حينها ايهود أولمرت المسؤولين من الحديث بعد قصف ما يشتبه في أنه مفاعل ذري سوري بالرغم من أن الولايات المتحدة بحثت بصراحة الغارة الاسرائيلية وهدفها. ولا تزال سياسة عدم الادلاء بأي تعقيب سارية.

وقال الرئيس الأمريكي حينها جورج دبليو بوش في مذكراته إن أولمرت "أراد تجنب أي شيء قد يضيق الخناق على سوريا ويجبر الأسد على الرد"، وأكد مساعد سابق لأولمرت هذه الرواية وقال لرويترز إن رئيس الوزراء كان يخشي أيضا على العلاقات العسكرية الوثيقة مع تركيا التي عبرت الطائرات الاسرائيلية أراضيها في طريقها إلى سوريا، وكان الاسرائيليون حينها -كما هو الحال اليوم- في وضع يهددون فيه بحرب ضد ايران. ولم يرد أولمرت الذي كان يتشكك في قدرة اسرائيل على مواجهة ايران عدوتها النائية الكبيرة أن يضلل الرأي العام من خلال التفاخر بالغارة الناجحة على سوريا المجارة.

وقال المساعد السابق لأولمرت الذي طلب عدم نشر اسمه "كنا نعرف ان الرسالة المقصودة مما حدث ستصل إلى الزعماء السوريين والايرانيين وهذا كان يكفينا"، وبالتالي إذا ما أغارت اسرائيل على قافلة اسلحة سورية في طريقها إلى مقاتلي حزب الله اللبناني أو مجمع عسكري قرب دمشق عند فجر يوم الأربعاء تقريبا كما قالت عدة مصادر فقد تدفع مبررات مشابهة رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو وحكومته وكبار المسؤولين العسكريين إلى التزام الصمت، وتأتي مواجهة البرنامج النووي الايراني على رأس أولويات اسرائيل مما يجعلها تحجم عن الدخول في صراعات أخرى خاصة مع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد وهي عدو قديم انحسرت تهديداتها في أعين اسرائيل بعد عامين من الانتفاضة التي تحاول الاطاحة بالأسد. بحسب رويترز.

ولا تسعى اسرائيل إلى اشعال معركة مع حزب الله الذي لم يهاجمها منذ حربهما في جنوب لبنان عام 2006، وقالت روسيا التي تمد دمشق بالسلاح منذ سنوات إن أي ضربة جوية اسرائيلية ستصل إلى حد تدخل عسكري غير مقبول، واتفق جيورا إيلاند مستشار الأمن الوطني الاسرائيلي السابق مع رأي روسيا القائل بان هذا سيعد تدخلا عسكريا. وقال إنه إذا ما كانت اسرائيل قد هاجمت سوريا بالفعل فقد يكون التملص من المساءلة القانونية سببا ثانويا لصمتها. وأضاف لرويترز "لن تتحرك الأمم المتحدة أبدا لتساند عملية عسكرية.. بالتأكيد اذا نفذتها اسرائيل"، وربما تحمل مسؤولون اسرئيليون -يضعون في الاعتبار الصمت الذي يلتزمون به في أعقاب أي ضربة جوية- مشقة في تقديم تبريرات لأي تدخل مقدما، وطوال أشهر ظلوا يرددون أنه إذا ما وقعت اسلحة كيماوية سورية أو صواريخ روسية متقدمة في يد حزب الله أو المعارضين الاسلاميين السوريين مع تراخي قبضة الأسد فان هذا قد يمثل تهديدا جديدا لاسرائيل وهو ما وصفته حكومة نتنياهو بانه "خط أحمر" لا يجب تجاوزه، ويقول المساعد السابق انه سواء أرادت اسرائيل أن تتجنب استفزاز سوريا أو حزب الله أو ايران أو اغضاب تركيا والسنة العرب فان "الصمت هو أفضل سبيل."

رد مفاجئ

في المقابل حذرت سوريا من رد "مفاجئ" ربما تقوم به ردا على هجوم شنته اسرائيل على اراضيها بينما ادانت روسيا الضربة الجوية واعتبرتها انتهاكا لا مبرر له للقانون الدولي، وقال السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي بعد يوم من الهجوم ان دمشق من الممكن ان تتخذ قرارا مفاجئا بالرد على الهجوم الذي شنته الطائرات الحربية الاسرائيلية، وقال علي لموقع اخباري يديره حزب الله اللبناني ان سوريا تدافع عن سيادتها وأرضها وتملك قرارها وتملك المفاجأة في الرد على العدوان، ودارت عدة حروب بين سوريا واسرائيل ويعتقد ان اسرائيل قصفت عام 2007 موقعا سوريا يشتبه انه كان منشأة نووية دون ان ترد سوريا، وقال دبلوماسيون ومصادر بالمعارضة السورية المسلحة ومصادر امنية اقليمية ان طائرات حربية اسرائيلية قصفت قافلة بالقرب من الحدود اللبنانية مستهدفة على ما يبدو أسلحة كانت في طريقها إلى حزب الله. ونفت سوريا هذه الانباء وقالت ان الطائرات الاسرائيلية استهدفت مركزا للابحاث العسكرية في شمال غرب دمشق.

وقال حزب الله - الذي يدعم الرئيس السوري بشار الاسد ضد الانتفاضة المسلحة التي اسفرت عن مقتل 60 الف شخص- ان اسرائيل تحاول تقويض القدرات العسكرية العربية وتعهد بالوقوف الى جانب الاسد، وقال حزب الله الذي خاض حربا غير حاسمة مع اسرائيل لمدة 34 يوما عام 2006 انه يعلن عن تضامنه الكامل مع سوريا.. قيادة وجيشا وشعبا، ولم تعلق اسرائيل على الهجوم كما كانت ردود الفعل من انصارها في الغرب قليلة بينما سارع حلفاء دمشق في روسيا وايران إلى التنديد بالهجوم، وقالت روسيا - التي استخدمت حق النقض في مجلس الامن الدولي اكثر من مرة لعرقلة قرارات للمجلس تفرض عقوبات على دمشق- ان اي هجوم جوي اسرائيلي يمثل تدخلا عسكريا غير مقبول، وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان "إذا تأكدت صحة هذه المعلومات فإننا نتعامل بهذا مع هجمات غير مبررة على أهداف داخل أراضي دولة ذات سيادة وتمثل مخالفة صارخة لميثاق الأمم المتحدة وغير مقبولة بغض النظر عن مبررات دوافعها"، ونقلت وكالة فارس للأنباء عن نائب وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللاهيان قوله ان الهجوم "يظهر الاهداف المشتركة بين الارهابيين والنظام الصهيوني". ويقول الاسد ان المعارضة التي تقاتل ضده هشي جماعات اسلامية ارهابية مسلحة مدعومة من الخارج لها نفس اهداف اسرائيل، وقال عبد اللاهيان "من الضروري ان تبادر الاطراف التي تتبنى مواقف متشددة من سوريا باتخاذ خطوات جادة ومواقف حاسمة ضد عدوان تل ابيب"، وقال مساعد للقائد الاعلى الايراني علي خامنئي ان ايران ستعتبر اي هجوم على سوريا هجوما عليها لكن عبد اللاهيان لم يذكر شيئا عن اي رد فعل انتقامي.

وقال حزب الله ان الهجوم اظهر ان الصراع في سوريا جزء من نهج لتدمير سوريا وجيشها واحباط دورها الحيوي في المقاومة ضد اسرائيل، وما زالت تفاصيل الهجوم الذي وقع يوم الاربعاء غامضة وفي بعض اجزائها متناقضة. وقالت سوريا ان طائرات حربية اسرائيلية كانت تحلق على ارتفاع منخفض تفاديا لأجهزة الرادار عبرت مجالها الجوي من لبنان وقصفت مركز ابحاث عسكري في جمرايا، لكن دبلوماسيين ومصادر بالمعارضة المسلحة قالوا ان الطائرات الحربية استهدفت قافلة كانت تحمل اسلحة في طريقها من سوريا إلى لبنان ويبدو انها كانت في طريقها لحزب الله بينما قال معارضون سوريون انهم هم الذين هاجموا جمرايا بقذائف المورتر وليس اسرائيل، وقال مصدران بالمنطقة ان قوة الهجوم الذي وقع قرب الفجر هزت الارض وايقظت السكان في المناطقة القريبة بحوالي عشرة انفجارات، وقالت امرأة تقيم بالقرب من موقع جمرايا "كنا نائمين. ثم بدأنا نسمع اصوات الصواريخ تصيب المجمع وبدأت الارض تهتز وفررنا إلى القبو"، وقالت المرأة - التي طلبت عدم نشر اسمها- انها لا تستطيع معرفة إن كانت الأصوات التي سمعتها ناجمة عن غارة جوية ام لا.

وقال مصدر اخر يعمل في موقع جمرايا ان السطات السورية طوقت بناية داخل المجمع بعد الهجوم وان ألسنة اللهب شوهدت تتصاعد من هذه البناية، واضاف المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه لرويترز "يبدو انه كان هناك نحو عشرة صواريخ اصابت بناية واحدة داخل المجمع. المنشأة مغلقة اليوم"،ونقلت صحف اسرائيلية عن وسائل اعلام اجنبية انباء الهجوم. ويفرض على الصحفيين في اسرائيل تقديم مقالاتهم الصحفية بشأن الامن والجيش إلى الرقابة التي تملك منع نشر اي مواد تعتبرها تهديدا لأمن الدولة، وقال التلفزيون الحكومي السوري ان شخصين قتلا في غارة عند الفجر على موقع عسكري في جمرايا في شريط اتساعه 25 كيلومترا بين دمشق والحدود اللبنانية. ووصفه بأنه "احد مراكز البحث العلمي المسؤولة عن رفع مستوى المقاومة والدفاع عن النفس"، وقال دبلوماسي غربي "الهدف كان شاحنة محملة بالأسلحة متوجهة من سوريا إلى لبنان" مضيفا أن الشحنة تشتمل على ما يبدو على صواريخ مضادة للدبابات. وأيد آخرون هذه التصريحات وقالوا ان القافلة ربما كانت تنقل صواريخ مضادة للطائرات وصواريخ طويلة المدى. بحسب رويترز.

وجاءت الغارة الليلية بعد تحذيرات من أن إسرائيل مستعدة للتحرك للحيلولة دون أن تؤدي الانتفاضة ضد الرئيس السوري إلى وصول أسلحة كيماوية أو صواريخ حديثة إلى حزب الله حليفه أو إلى أعدائه الإسلاميين، وقال مصدر أمني إقليمي أيضا إن الهجوم استهدف أسلحة قدمها الجيش السوري لحزب الله حليف إيران، وقال المصدر "هذا الهجوم تحذير من إسرائيل لسوريا وحزب الله من الاقدام على نقل أسلحة حساسة"، وتتفق هذه الضربة المزعومة مع سياسة إسرائيل الحالية القائمة على التحرك الاستباقي السري والعلني لكبح جماعة حزب الله المدعومة من إيران ولا تشير بالضرورة إلى تصعيد كبير للحرب في سوريا، لكن الهجوم يشير مع هذا إلى ان اسرائيل ترى تهديدا في التآكل الذي حدث لحكم عائلة الأسد بعد 42 عاما في السلطة، وكررت اسرائيل هذا الأسبوع مخاوف في الولايات المتحدة بشأن الأسلحة الكيماوية السورية إلا أن المسؤولين يقولون إن القلق الحالي يتمثل في ان تؤدي الحرب الأهلية إلى وصول أسلحة قادرة على الحد من تفوق إسرائيل الهائل في القوة الجوية والدبابات إلى حزب الله.

اسلحة فائقة التطور

على صعيد آخر كشف الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد عن طائرة مقاتلة جديدة قال انها "احدى اكثر الطائرات تطورا في العالم"، وذلك في الذكرى الرابعة والثلاثين للثورة الاسلامية في 1979، ونقلت وسائل الاعلام الايرانية عن احمدي نجاد قوله لدى تدشين الطائرة ان "المهندسين الايرانيين صمموا وانجزوا" هذه الطائرة المسماة "قاهر 313"، مشيرا الى انها "من بين الطائرات القتالية الاكثر تطورا في العالم".

واضاف ان الطائرة قد حلقت حتى الان "الاف الساعات" وان طياريها "راضون جدا عن ادائها"، ونقلت وسائل الاعلام عن وزير الدفاع احمد وحيدي قوله ان الطائرة الجديدة التي عرضها التلفزيون على منصة في مرأب، تتمتع خصوصا ب"صعوبة رصدها على الرادارات، وقد صنعت من مواد حديثة وهي مزودة بالكترونيات الطيران المتطورة"، واكد وحيدي ان الطائرة قادرة ايضا على الهبوط على مدرجات قصيرة و"يمكن تصليحها بسهولة وسرعة"، مشيرا الى انها صممت "لتلبية كل حاجات الطيران الايراني في حرب جوية"، واكد احمدي نجاد ان "قاهر 313" "مشروع دفاعي"، مشيرا الى ان "القوة العسكرية الايرانية لا تهدف الى الاعتداء والسيطرة على بلدان اخرى، لكنها رادعة فقط"، ودائما ما تغتنم الجمهورية الاسلامية ذكرى الثورة للاعلان عن انجازات علمية وعسكرية كبيرة، خصوصا منذ فرض حصار اقتصادي وتكنولوجي دولي قاس عليها ردا على برنامجها النووي المثير للجدل.

وقد صنعت ايران محليا منذ 2007 طائرة قتالية هي الصاعقة التي تمتلك عشرين نسخة عنها في الخدمة. لكن خبراء غربيين يقولون ان هذه الطائرة المزودة بمحركات روسية واجهزة الكترونية غير دقيقة هي في القسم الاكبر منها نسخة عن اف-5 الاميركية التي تعود الى مطلع السبعينات والتي كان سلاح الجو ابان حكم الشاه مزودا بها، وسلاح الجو الايراني الذي يمتلك مئات الطائرات القتالية الاميركية والروسية او الصينية القديمة التصميم، غالبا ما يعتبره خبراء عسكريون غربيون غير فعال وذات قدرة عملانية ضعيفة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 4/شباط/2013 - 23/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م