ليبيا بعد التغيير... أزمات وتحديات بين الداخل والخارج

 

شبكة النبأ: تحديات جديدة ومشاكل إضافية تواجهها لبيبا التي تعيش اليوم كغيرها من بلدان الربيع العربي في أوضاع غير مستقرة بسبب الصراعات السياسية بين بعض القوى والأطراف التي تسعى الهيمنة والاستفادة من واقع التغير، ويخشى الكثير من أبناء ليبيا ان تعود أيام الحرب والقتال بسبب تردي الأوضاع الأمنية في البلاد، وبحسب بعض المراقبين فأن الساحة الليبية ربما ستشهد في الفترة المقبلة تزايد ملحوظ في أعمال العنف والتخريب تلك التكهنات أتت على خلفية الأعمال لإرهابية الأخيرة التي شهدتها البلاد هذا بالإضافة الى التهديدات المتواصلة والعمليات الانتقامية التي قامت بها المجاميع المسلحة ضد الرعايا الأجانب ومنها مقتل السفير الأمريكي في ليبيا، يضاف الى ذلك التخوف من عودة المجاميع المسلحة التي تركت البلاد باتجاه مالي وغيرها من الدول بعد الإطاحة بنظام القذافي ربما ستعود الى ليبيا باعتبارها ملاذ امن بسبب الضعف الحكومي فيها وهو ما سيتيح لتلك المجاميع مواصلة أعمالها في ليبيا وغيرها من البلدان القريبة، وفي هذا الشأن تزايدت المخاوف مؤخراً في ليبيا من احتمال تعرض منشآت نفطية لهجمات من قبل مسلحين، خاصةً في مدينة بنغازي، شرقي البلاد، وذلك في أعقاب الهجوم على منشأة "إن أميناس" الغازية في الجزائر المجاورة، والذي تم خلاله احتجاز مئات الرهائن، قبل أن تضع السلطات الجزائرية نهاية مأساوية له، خلفت عشرات القتلى من الأجانب.

وفيما قامت السلطات الليبية بتعزيز إجراءات الأمن في المدينة الساحلية، التي تشهد أوضاعاً أمنية "غير مستقرة"، وحول حقول النفط القريبة منها، فقد فندت الأنباء حول تردي الوضع الأمني، ووجود تهديدات للأجانب بمدينة بنغازي، وذلك في أول رد رسمي على دعوات بعض الدول لرعاياها بمغادرة المدينة، لوجود ما أسمتها "مخاطر تهدد حياتهم."

ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن مصدر مسؤول بوزارة الداخلية قوله إن "السلطات الليبية لم تخطر رسمياً من أي دولة، بنيتها إجلاء رعاياها من مدينة بنغازي"، مؤكداً أن المدينة "تشهد استقراراً أمنياً، بعد البدء في تنفيذ الخطة الأمنية، وقيام أجهزة الشرطة والجيش الوطني ببسط الأمن." وأكد المسئول الأمني أن "ما أعلن عن وجود مخاطر تهدد أمن واستقرار المواطنين والرعايا الأجانب القاطنين بمدينة بنغازي، لا أساس لها من الصحة."

وكانت عدة دول غربية، من بينها بريطانيا وهولندا وألمانيا، قد دعت رعاياها إلى مغادرة بنغازي، بعد تلقي معلومات عن "تهديدات غير محددة" تستهدف الغربيين، فيما دعت الخارجية الأمريكية رعاياها إلى تجنب السفر للمدينة ذاتها، التي شهدت، في سبتمبر/ أيلول الماضي، هجوماً على قنصلية الولايات المتحدة، أسفر عن مقتل أربعة أمريكيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز.

وأوردت وكالة الأنباء الليبية نقلاً عن الناطق باسم وزارة الداخلية، مجدي العرفي، أن وكيل الوزارة للشؤون الأمنية، عمر الخدراوي، اتصل بالسفارة البريطانية بطرابلس، وطلب منهم تفسيراً للبيان الذي صدر عن الخارجية البريطانية، إلا أن وزارة الداخلية لم تتلق حتى الآن أي رد من السفارة. بحسب CNN.

 كما أبدى وكيل وزارة الداخلية لشؤون التدريب، عبد الله مسعود، استغرابه لبيان الخارجية البريطانية، قائلاً إنه "إذا كانت الخارجية البريطانية تتخوف على رعاياها من أية تهديدات، كان بإمكانها القيام بسحب رعاياها بكل هدوء، دون إحداث هذه الجلبة والإثارة"، مشيراً إلى أن البيان أدى إلى تزايد المخاوف لدي مختلف البعثات الدبلوماسية والشركات الأجنبية بمدينة بنغازي.

القاعدة في ليبيا

الى جانب ذلك قالت مجلة دير شبيجل الالمانية نقلا عن مصادر بالمخابرات الالمانية إن تنظيم القاعدة يخطط لخطف رعايا لألمانيا وبريطانيا في ليبيا. وكانت المانيا وبريطانيا من بين دول غربية عديدة تحث مواطنيها على مغادرة مدينة بنغازي في شرق ليبيا بعد ايام من هجوم شنه متشددون اسلاميون في الجزائر المجاورة راح ضحيته عشرات القتلى. وأشارت بريطانيا إلى تهديد "محدد ووشيك" للمواطنين الغربيين في ثاني اكبر المدن الليبية لكن مسؤولين رفضوا اعطاء مزيد من المعلومات.

وقالت المجلة الالمانية نقلا عن مصادر في وكالة المخابرات الاتحادية الالمانية ان القاعدة وجماعات اسلامية متشددة اخرى تجهز تحديدا لهجمات على المواطنين البريطانيين والالمان في المنطقة. ولم تقدم الصحيفة اي تفاصيل اضافية ورفضت وكالة المخابرات الاتحادية الالمانية التعليق. بحسب رويترز

ووصف وزير الخارجية الالماني جيدو فسترفيله الموقف في بنغازي مهد الانتفاضة الليبية التي اطاحت بحكم معمر القذافي عام 2011 - بأنه "خطير وحساس" لكنه ايضا رفض الادلاء بتفاصيل. وأثارت الدعوة إلى مغادرة بنغازي حفيظة الليبيين الذين يحاولون جذب الاستثمارات الاجنبية من اجل اعادة اعمار البنية الاساسية المتهالكة ودعم صناعة النفط بعد انتهاء الانتفاضة..

أزمة مالي

من جانب اخر قالت الأمم المتحدة إن التدخل العسكري الفرنسي في مالي لمحاربة متشددين إسلاميين من الممكن أن يزيد من الوضع الأمني "الخطير" في ليبيا تفاقما حيث استهدفت جماعات مسلحة مسؤولي أمن ودبلوماسيين. وقال طارق متري مبعوث الأمم المتحدة الخاص ورئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إن الحكومة الليبية تواجه تحديا أمنيا خطيرا في شرق البلاد. وقال متري لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة "ربما تزيد معارضة جماعات مسلحة متشددة للتدخل العسكري في مالي من تفاقم الوضع في ظل الانتماءات الايديولوجية أو العرقية أو كليهما وكذلك الحدود التي يسهل اختراقها في ليبيا."

ويقول خبراء أمن بالمنطقة إن ما أشعل أزمة مالي عودة مقاتلين من ليبيا لديهم أسلحة كثيرة كانوا يعملون يوما لدى الزعيم الراحل معمر القذافي ويتلقون أجورهم منه. وأطاح مقاتلون بحكومة القذافي عام 2011 واعتقل وقتل. وأدى وجود مسلحين سابقين كانوا يعملون لصالح القذافي ووفرة السلاح على نطاق واسع خلال الصراع في ليبيا إلى تضخم حجم الجماعات الإسلامية والانفصالية في مالي والتي شنت هجمات على جيش مالي في أوائل عام 2012 وسيطرت على شمال البلاد.

ويساور ليبيا القلق من انه في حالة عدم تأمين حدودها الصحراوية الشاسعة سيحدث تدفق للأسلحة وسيعود مقاتلون من مالي ومقاتلون إسلاميون أجانب ويعبرون حدودها قادمين من الجزائر في الوقت الذي يستمر فيه هجوم عسكري بقيادة فرنسا في شمال مالي لاستعادة أراض من تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. وقال متري "الأمن بامتداد الحدود الليبية ما زال مبعث قلق رئيسيا في ظل القدرات الحالية المحدودة والأثر المحتمل لأحدث التطورات في مالي. الوضع في الشرق يمثل تحديا حقيقيا للحكومة ويهدد بإعاقة محاولات تأمين الاستقرار."

الى جانب ذلك قال وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز انه ينبغي للأمم المتحدة ان تنشر قوة لحفظ السلام في مالي بعد انتهاء الحملة العسكرية التي تقودها فرنسا على المتشددين المرتبطين بالقاعدة لمنع المقاتلين الذين سيخرجون من هناك من زعزعة استقرار الدول المجاورة. وقال عبد العزيز ان أمن ليبيا الداخلي عرضة للخظر محذرا من مخاطر امتداد الازمة في مالي الى دول اخرى.

واضاف متحدثا الى الصحفيين على هامش قمة الاتحاد الافريقي في اثيوبيا "رؤينا هي انه ينبغي لمجلس الامن عندما تنتهي العمليات ان ينظر في نشر قوة محدودة لحفظ السلام في المنطقة." وتابع الوزير ان قوة حفظ السلام ينبغي ان تكون ضمن استراتيجية أوسع للخروج العسكري فيما وصفه بالدبلوماسية الوقائية يجب على القوة الاقليمية والحكومات الغربية ان تبدأ التفكير فيها الان. وتابع "ما لم تتبع دبلوماسية وقائية... فسيكون من الصعب للغاية استمرار حفظ الامن في المنطقة." بحسب رويترز.

وقال عبد العزيز "نحن نعلم انه اذا تدهور الوضع في مالي فسيكون لذلك عواقب وخيمة في ليبيا." وقال الوزير "ما يريده هؤلاء المتطرفون استراتيجيا هو توسيع العملية في مناطق اخرى وفي دول اخرى لصرف الانتباه عن شمال مالي." وقال عبد العزيز ان اي قوة لحفظ السلام تابعة للامم المتحدة يجب ان تشكل من الدول المجاورة. واضاف "لا يمكن تأمين منطقة دون أهلها ولذلك فمشاركة الدول المجاورة في عملية حفظ السلام ضروري."

صفقات النفط

من جهة اخرى قال مسؤولون من المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا إن بلادهم لن تكشف عن تفاصيل مبيعاتها النفطية هذا العام ما يمثل تراجعا عن تعهدات بتعزيز الشفافية بعد فساد النظام السابق. وعادة ما يبقي منتجو النفط تفاصيل صفقات الخام طي الكتمان لكن مسؤولين ليبيين تعهدوا بنشر تفاصيل الصفقات النفطية بعد ما يزيد على 40 عاما من السرية في عهد معمر القذافي. وكشفت المؤسسة المملوكة للدولة عن الشركات التي فازت بصفقات للنفط الليبي لعام 2012 وبدأت نشر معلومات حول أسعار وحجم الشحنات النفطية على موقعها الإلكتروني غير أن ذلك لم يستمر سوى شهرين وانتهى في عام 2011.

وقال رئيس المؤسسة الوطنية للنفط نوري بالروين إن أي بنود تتعلق بالسرية جاءت بناء على طلب من العملاء وليس المؤسسة مضيفا أن معظم زبائن العام الماضي سيواصلون شراء النفط الليبي. وذكر أن المؤسسة ستستأنف نشر تفاصيل أنشطتها السنوية. وقال بالروين إنه طلب من إدارة التسويق نشر جميع الأنشطة التي أجريت العام الماضي على الموقع الإلكتروني كتقرير سنوي وفوجئ بأن الأمر يستغرق مثل هذه الفترة الطويلة لكنه أضاف أنها ستنشر في النهاية.

غير أن خطط مواجهة فساد النظام السابق توقفت أيضا. ولم تحرز اللجنة التي شكلها المجلس الوطني الانتقالي في أواخر عام 2011 للتحقيق في صفقات النفط التي تمت في عهد القذافي تقدما يذكر بسبب التباطؤ في تسليم الوثائق المطلوبة حسبما قاله أحد أعضاء اللجنة. وتم حل هذه اللجنة إلى جانب السلطات الانتقالية بعد انتخابات المؤتمر الوطني العام في يوليو تموز ولم يشكل أي فريق عمل يحل محلها للتحقيق في صفقات النفط المبرمة في عهد القذافي.

وقال تيم بيتيجر المدير في "مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية" إن التقدم بشأن الشفافية في قطاع الطاقة قد توقف. والمبادرة هي منظمة غير حكومية تسعى لتعزيز الشفافية في قطاعي النفط والتعدين. وأضاف "المؤشرات الحالية لا تشير إلى تقدم كبير. واقترح الشركاء أن ننتظر حتى يتم تشكيل حكومة جديدة قبل استئناف المحادثات."

وصار للمؤتمر الوطني العام الليبي الآن لجنته المختصة بشؤون الطاقة برئاسة سليمان قجم والتي تتألف من 15 عضوا وتلعب دورا إشرافيا حيث تقدم توصياتها في مجالات شتى ولديها خطط للتحقيق في الفساد. وقال عضو من لجنة الطاقة "يجب أن ننظر في جميع العقود التي تبدو مريبة." وأضاف أنه يريد الاجتماع مع أعضاء لجنة المجلس الانتقالي المنحلة للتحدث بشأن عملها.

وظهرت تفاصيل بشأن هويات مشتري النفط الليبي هذا العام من خلال مسح للتجار الذين اشتروا النفط العام الماضي غير أن كثيرين منهم رفضوا الإفصاح عن الكميات التي خصصت لهم أو قالوا إن التفاصيل لم تكتمل بعد. وكانت المؤسسة الوطنية للنفط قد كشفت العام الماضي بعض التفاصيل بشأن المخصصات قائلة إن شركات تجارية فازت بنحو تسعة بالمئة من إجمالي صادرات ليبيا التي بلغت 1.3 مليون برميل يوميا.

وشكل ذلك تحولا عن سياسة قصر المبيعات على شركات التكرير رغم أن الكثير منها مثل ساراس الإيطالية ظلت على رأس قائمة العملاء. وقال المصدر بالمؤسسة الوطنية للنفط "تم تحديد جميع المخصصات ولكن لدينا قيود لأن بعض العملاء لم يرغبوا في كشف أسمائهم العام الماضي" مضيفا أن البنود المتعلقة بالسرية أدرجت في العقود.

وأظهر مسح لتجار النفط أن شركتي التكرير الإيطاليتين إيني وساراس ستتلقيان كميات مماثلة للعام الماضي بينما ستحصل ريبسول الأسبانية على نفس الكمية أو أكثر قليلا. أما يونيبك الصينية التي خصصت لها "حصة جيدة" العام الماضي وفقا لما ذكرته المؤسسة الوطنية للنفط آنذاك فمن المتوقع أن تزيد حصتها لتصل إلى ست أو سبع شحنات شهريا بما يعادل أكثر من مئة ألف برميل من النفط يوميا. بحسب رويترز.

ولم يتم الكشف عن تفاصيل بشأن مخصصات الشركات التجارية حتى الآن. غير أن مصدرا من القطاع قال إن جلينكور التي حصلت على أكبر كمية أعطيت للشركات التجارية العام الماضي ستشتري شحنات من السوق الفورية بدلا من توقيع عقد.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 2/شباط/2013 - 21/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م