الرياضة ونظام الغذاء... ينبوع صحة وإكسير العمر

 

شبكة النبأ: ترتبط الصحة مع النظام الغذائي السليم والرياضة بالعلاقة طرديا، إذ تعد الرشاقة والمحافظة على الوزن الطبيعي بمثابة ينبوع الصحة، حيث إنه يُشكل درعاً واقية للجسم في وجه أمراض الشيخوخة، الأمر الذي يتيح للناس أن ينعموا بحياة مفعمة بالصحة والعافية في مراحل حياتهم كاف، ويمكن المحافظة على وزنهم الطبيعي عبر النظام الغذائي السليم، وممارسة الرياضة،  فمثلا تمارين الإطالة والتمدّد أبسط أشكال التمارين الصباحية، فقد يصعب على كثيرين القيام من الفراش في الصباح، ربما للشعور بالكسل أو لتصلب عضلاتهم بعد النوم لفترات طويلة. وللتغلب على ذلك أوصت الخبراء بهذا الشأن بممارسة تمارين صباحية قبل النهوض من الفراش، موضحةً أنها تعمل على تنشيط الدورة الدموية، وتهيئ الجسم لاستقبال اليوم الجديد بنشاط وحيوية، لذا ينصح الباحثون ممارسي التمارين الرياضية بعدم إجهاد الجسد بشكل كامل، حيث أن أنسب التمارين الرياضية هي التي تستمر لمدة تتراوح بين 15 دقيقة وساعة، ولعدة أيام في الأسبوع، وتجنب التمارين الرياضية الشاقة والتي تستمر لساعات طويلة، إذ ان المواظبة على الرياضة تحسّن الحالة الصحية للإنسان بجهد يسر ونتائج مذهلة، فعندما يصحّ الجسم يصح العقل، ويتعافى، ويفكر بطريقة سليمة، تحسِّن حياة الإنسان، ولذا أصبحت الصحة مطلبا عالميا.

النظام الغذائي السليم والرياضة

فقد أكد أخصائي الطب العام بمدينة بريمن الألمانية، الدكتور هانز ميشائل مولينفيلد، أن الوزن الطبيعي يُعد من الناحية الطبية ضرورة حتمية بالنسبة للمسنين، الذين تتهددهم مخاطر صحية بسبب زيادة أوزانهم، مثل السكري أو ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب التاجية.

من جهتها، حذرت خبيرة التغذية بمدينة شتوتغارت الألمانية، داغمار أمبرغ دونه، من اتباع أنظمة الحمية الغذائية الصارمة، التي يتم خلالها فقدان العديد من الكيلوغرامات في مدة زمنية قصيرة، من خلال الاستغناء عن الكثير من الأطعمة؛ إذ تؤدي مثل هذه الأنظمة إلى نتائج عكسية تماماً، وأوصت بأنه لا ينبغي أن ينصب اهتمام المسنين الراغبين في إنقاص وزنهم على تحقيق نتائج سريعة في فترة زمنية قصيرة، إنما عليهم اتباع النظام المناسب لأسلوب حياتهم، الذي يُمكنهم تحمّله بصورة مستمرة.

شددت خبيرة التغذية الألمانية دونه على ضرورة  يتم حذف أصناف كاملة من الطعام من النظام الغذائي؛ إذ يؤدي ذلك إلى زيادة الرغبة في تناولها، وذلك وفقاً لمبدأ «الممنوع .. مرغوب».

وأشارت إلى أنه من الأفضل اتباع نظام غذائي طويل المدى، يبدأ فيه المسنون بمراقبة عاداتهم الغذائية وتدوين مفكرة يومية لكل ما يتناولونه خلال اليوم؛ إذ يسهل عليهم بذلك تحديد الأطعمة البينية، التي يتناولونها خلال يومهم دون أن يشعروا، ويستبدلونها بقطعة من التورتة أو بعض شرائح البسكويت من آن لآخر، ونظراً لأن بعض الأشخاص يلجأون لتناول الطعام عند الشعور بالحزن أو التوتر أو الإحباط أو الغضب، أو عند الوقوع تحت ضغط عصبي؛ لذا أوصت دونه بأنه «ينبغي أن يراقب المسنون أنفسهم لتحديد السبب الحقيقي وراء تناولهم للطعام من أجل تفادي ذلك في ما بعد».

بينما أكدّ الدكتور مولينفيلد أن إنقاص الوزن بطريقة صحية يجب أن يسير بخطوات صغيرة، موضحاً أن «إنقاص الوزن بمعدل 250 إلى 500 غرام أسبوعياً يُعد معدلاً مثالياً لإنقاص الوزن»، وأشار إلى أن هناك العديد من المرضى يشتكون من أنهم لا يتناولون كميات كبيرة من الطعام ومع ذلك يعانون زيادة في الوزن، وقال: «نعلم كأطباء أن هذا الأمر قد يكون صحيحاً في ما يتعلق بكمية الطعام التي يتناولونها، لكنهم غالباً ما يتناولون أطعمة غنية بالسعرات الحرارية بشكل كبير، حتى ولو بكميات ضئيلة، وهذا ما يتسبب في زيادة أوزانهم».

كي يتم إنقاص الوزن بشكل صحي ويتم إمداد الجسم بكميات وفيرة من العناصر الغذائية، أوصت خبيرة التغذية الألمانية دونه المسنين بتناول أطعمة معيّنة عند إنقاص وزنهم، مع الالتزام ببعض الإرشادات، يأتي في مقدمتها أن يقوموا بإمداد جسمهم بكميات كبيرة من السوائل، لافتة الى ضرورة تناول لترين من الماء يومياً مع الشاي غير المحلى أو عصائر الفواكه، التي يكون ثلثها من العصير والثلثان الآخران من الماء. بحسب وكالة الإنباء الألمانية.

وشددت الخبيرة الألمانية على ضرورة أن يشمل النظام الغذائي المتبع خمس حصص من الفاكهة والسلَطة، وثلاث حصص من الخضراوات، وعن كيفية تحديد حصة الفواكه أو الخضراوات، أوضحت دونه أنه «بالنسبة للفواكه السائبة، كالتوت مثلاً، تمثل حفنة من ثماره حصة كاملة، بينما تُمثل كل ثمرة من ثمار الفواكه الصلبة، كالتفاح مثلاً، حصة كاملة»، وأضافت أنه ينبغي الحصول أيضاً على أربع حصص يومياً من الكربوهيدرات في صورة مكرونة مثلاً، أو أرز مسلوق أو بطاطس أو خبز، لافتةً إلى أنه يُمكن تحديد كل حصة من الخبز بما يُعادل حجم كف اليد، بينما يُمكن الحصول على ثلاث حصص من البروتين من خلال تناول اللحوم أو الدجاج أو الأسماك أو البيض، علماً بأنه يكفي الحصول على حصتين فقط من الدهون بما يُعادل ملعقتين من الزيت أو الزبد، فيما شددت على ضرورة تناول الحلويات باعتدال.

إلى جانب النظام الغذائي، أكدّ يورن غيرسبرغ، المدرب الرياضي بمدينة أوبرهاوزن، أن ممارسة الرياضة تُمثل الركن الثاني لإنقاص الوزن؛ مشيراً إلى أنه غالباً ما يقل معدل الكتلة العضلية بدءاً من عمر 30 عاماً، إذا لم تتم تقويتها بممارسة الرياضة.

وقال الطبيب الألماني مولينفيلد إن «المسنين يواجهون مشكلة في ما يخص ممارسة الرياضة؛ لأن كثيرين منهم لم يعودوا يمارسون الرياضة كما كانوا يمارسونها في الصغر»، لافتاً إلى أن أهمية تدريب العضلات لا تقتصر على المسنين الراغبين في إنقاص وزنهم فحسب، إنما يُفضل القيام بذلك بالنسبة للمسنين بشكل عام. وعن فائدة ذلك قال مولينفيلد: «كلما زادت الكتلة العضلية لدى المسنين، أمكنهم التقليل من خطر السقوط، أو الإصابة بكسور بعد التعرض للسقوط»، وأوصى غيرسبرغ المسنين بممارسة أحد الأنشطة الرياضة، لاسيما تمارين تقوية العضلات، بمعدل مرتين إلى أربع مرات أسبوعياً لمدة تراوح بين 20 و60 دقيقة في كل مرة، لافتاً إلى أنه من الممكن أيضاً بناء العضلات في المراحل العمرية المتقدمة، فضلاً عن أن ممارسة الرياضة تُسهم في زيادة معدل التمثيل الغذائي بالجسم، وبالنسبة لمَن لا يرغب في الذهاب إلى صالة اللياقة البدنية، أشار غيرسبرغ إلى أن بإمكانه ممارسة بعض التمارين الرياضية في المنزل، من خلال حمل الأثقال الخفيفة مثلاً أو ممارسة تمارين القرفصاء وتمارين الضغط، لافتاً إلى أن ممارسة تمارين البيلاتس أو اليوغا تناسب أيضاً هذا الغرض.

وحتى عند إصابة المسنين ببعض الأمراض كالفصال العظمي مثلاً أو ارتفاع ضغط الدم، يؤكد المدرب الرياضي أيضاً أن بإمكانهم ممارسة بعض الأنشطة الحركية كالمشي مثلاً أو السباحة أو ركوب الدراجات، مشدداً على ضرورة الخضوع لفحص لدى طبيبهم المعالج أولاً، قبل البدء في ذلك.

التمارين الصباحية

فيما أشارت موريابادي إلى أن تمارين الإطالة والتمدد هي أبسط أشكال التمارين الصباحية التي يمكن ممارستها في الفراش. ومن يرغب في تمرين أكثر تعقيداً تنصحه موريابادي بشد الساقين تجاه القفص الصدري، مع ضم الركبتين بالأيدي، ثم تحريك الظهر في حركات دائرية صغيرة، قائلة «يعمل هذا التمرين على تنشيط الدورة الدموية، وتأهيل العمود الفقري لتحمل أعباء اليوم»، ولمزيد من النشاط تنصح موريابادي، الحاصلة على دبلوم في علم الرياضة، بممارسة تمارين التنفس الصباحية أمام النافذة. وعن كيفية أداء هذه التمارين، تقول موريابادي: «يتم تحريك الذراعين إلى الجانب ثم رفعهما إلى أعلى، مع أخذ نفس عميق ببطء والنظر إلى السماء الصافية في الصباح، ثم إخراج هذا النفس ببطء أيضاً مع إنزال الذراعين عبر تحريكهما إلى الجانب»، وبعد تكرار هذا التمرين أربع أو خمس مرات، يُمكن حينئذٍ البدء في ممارسة تمارين تنشيط العضلات باليدين، ولممارسة هذه التمارين أوضحت الخبيرة الرياضية أنه يتم تنشيط منطقة الفخذين بالتربيت عليها باليدين، بحيث يتم البدء بالجانب الأمامي، ثم الداخلي والخارجي، وأخيراً الخلفي، وبعد ذلك يتم الانتقال إلى المقعدة ومنطقة أسفل الظهر. وتستكمل موريابادي شرح طريقة تأدية هذه التمارين بقولها: «يتم إنهاء تمارين تنشيط العضلات باليدين بمنطقة الأذرع، بحيث يتم استخدام اليد اليمنى للتربيت على الذراع الأيسر حتى الوصول عالياً إلى الكتف أو الرقبة، ثم يتم تكرار التمرين نفسه مع الذراع الأخرى». بحسب وكالة الإنباء الألمانية.

وأضافت الخبيرة الألمانية أنه يُمكن لمحبي ممارسة الرياضة مواصلة القيام ببعض التمارين داخل الحمام أيضاً من خلال تأدية تمـرين ثني الركـبتين بمـعدل 20 إلى 30 مرة أثناء تنظيـف الأسـنان أو بممـارسة تمـرين الضـغط إلى الـوراء مع سنـد اليـدين على حافة حـوض الاستحـمام (البانيو) بمعــدل 15 إلى 20 مرة، وعن أهمية ذلك قالت: «مَن ينجح في إدخال التمارين الصباحية ضمن أنشطته اليومية كعملية تنظيف الأسنان هذه، لن يُمكنه تحفيز دورته الدموية فحسب، إنما يستطيع بذلك تحسين شعوره بالراحة والاسترخاء على مدار اليوم، وتهيئة نفسه بدنياً ونفسياً لمواجهة التحديات والأعباء اليومية».

بروتينات النظام الغذائي

في سياق متصل يأمل الكثيرون أن يقترب مظهرهم الخارجي، ولو قليلا، من مظهر أبطال العالم في كمال الأجسام، إلا أن البروفيسور إنغو فروبوزه من مركز الصحة التابع للجامعة الرياضية في مدينة كولونيا الألمانية، يحذر من ممارسة تمارين العضلات بشكل زائد وتناول وجبات منتظمة من البروتين في صورة مشروبات غنية بالبروتينات قبل وبعد هذه التمرينات، لتحقيق هذا الأمل المنشود، وأشار الخبير الألماني إلى أن هذا الاعتقاد «ليس كله صحيحاً»، موضحاً أنه يجب إمداد الجسم دائماً بغذاء متوازن يحتوي على كمية كافية من البروتين عند ممارسة التمارين الرياضية بشكل مكثف، لكنه نصح بتناول هذه الكميات عن طريق الغذاء الطبيعي، وأكد فروبوزه أن البروتين عنصر حيوي مهم ليس لممارسي تمرينات العضلات وحسب، لكن كذلك للذين يمارسون تمارين التحمل، وقال إن هؤلاء الأشخاص يجب أن يراعوا تناول كمية كافية من البروتين، موضحاً أن تناول البروتين بمعدل من 0.8 إلى 1 غرام بروتين لكل كيلوغرام من وزن الجسم يكفي لتغطية حاجة الرياضي العادي من البروتين، لكن من يتناول أكثر من ذلك، فإنه يحول وظيفة التمثيل الغذائي الطبيعية إلى تمثيل بروتيني، الأمر الذي يمثل مشكلة بالنسبة للكليتين، وينصح الخبير الألماني بالاستمرار في تناول غذاء طبيعي ومتوازن، مؤكداً أن التغذية الطبيعية تمنح الإنسان في معظم الأحوال ما يكفي من البروتين. وأشار الخبير الألماني إلى أن البروتين لا يتم تخزينه في الجسم بشكل كامل؛ لذلك يجب أن يوجد في كل وجبة لاسيما وجبات العشاء؛ لأن أعضاء الجسم تحتاج إلى الكثير من هذه المادة ليلاً. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

وأوضح فروبوزه أنه من الممكن زيادة كمية البروتين التي يتناولها الشخص في حالات استثنائية، كأن يتعرض لأعباء زائدة لفترة قصيرة، كما هي الحال بعد الاشتراك في مسابقة للماراثون أو أثناء مرحلة مكثفة في بناء العضلات، فهنا يسمح للشخص بتناول كمية من البروتين تعادل من 2 إلى 3 غرامات بروتين لكل كيلوغرام من وزن الجسم لمدة لا تزيد على أسبوعين إلى أربعة على الأكثر على أن يعود بعدها سريعاً للمعدل الطبيعي لتناول البروتين، وعند قيام الجسم ببناء كم كبير من العضلات، يحدث أن يصبح حجم ألياف العضلة التي تحتوي على المزيد من القواعد البروتينية «أكثر سمكاً»، وأوضح فروبوزه أن العضلات في هذه الحالة تغير من شكلها إذ تنمو الأنسجة العضلية الصغيرة، ويشكل الحافز على أالتمرين مبعث هذا النمو العضلي، إذ يحث هذا الحافز الأعضاء على امتصاص المزيد من البروتين.

المشي ينقص الوزن ويرفع اللياقة

على الصعيد نفسه أوضح كريستيان ميركل من الاتحاد الألماني للمشي بمدينة كاسل، والذي طور هذا المفهوم بالتعاون مع أخصائيي العلاج الطبيعي بجامعة أوزنابروك المتخصصة، أن مجموعة من الباحثين بجامعة هاله - فيتنبرغ الألمانية، استطاعوا إثبات فوائد المشي الصحي في دراسة أجروها حديثاً، ولإجراء هذه الدراسة التي استمرت سبعة أسابيع، تقابل 18 شخصاً مرتين أسبوعياً من أجل ممارسة رياضة المشي وفقا لمفهومها الجديد، وتم تحديد مدة موحدة لكل جولة، بحيث لا تزيد على ساعة ونصف، بينما راوحت المسافة التي قطعها المشاركون بين 3.7 و5.6 كيلومترات في كل مرة، وفقا لطبيعة المكان الذي مارسوا فيه رياضة المشي. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

وعن كيفية تقسيم المدة بين ممارسة رياضة المشي وبقية التمارين الأخرى، أشار ميركل إلى أن المشاركين في هذه الدراسة كانوا يقضون ساعة واحدة في ممارسة المشي، بينما يتوقفون بمعدل مرتين في كل جولة، كي يقوموا بممارسة تمارين العلاج الطبيعي. وقال الخبير الألماني: «لقد قام المشاركون بممارسة بعض التمارين لإرخاء عضلات الكتف أو لتحسين التناسق العضلي العصبي للجسم؛ حيث كانوا يقفون مثلاً على ساق واحدة، فاتحين أعينهم ذات مرة ومغلقين إياها مرة ثانية، أو يوازنون عصا على قدمهم»، مشيراً إلى أن المشاركين مارسوا أيضاً تمارين الاسترخاء العضلي التقدمي أو المشي السريع لمدة ثلاث دقائق. وتم فحص الحالة الصحية للمجموعة المشاركة في الدراسة قبل بداية الدراسة وبعد انتهائها أيضا. ولوحظ انخفاض وزن الأشخاص، الذين شاركوا في الدراسة بمقدار 1.3 كيلوغرام في المتوسط. كما تحسنت معدلات ضغط الدم لديهم وانخفض معدل ضربات القلب من 131 إلى .122 ولفت الخبير الألماني إلى ارتفاع قدرتهم على التحمل، كما رصد الباحثون تحسناً في التناسق العضلي العصبي لدى المشاركين في الدراسة، التي يتم قياسها بالوقوف على قدم واحدة لبضع دقائق على لوح أرجوحي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 28/كانون الثاني/2013 - 16/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م