المساوئ الفادحة لصمت الأكثرية

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: ينكفئ أغلبية الناخبين في الغالب، وينسحبون من المشاركة في عملية الانتخابات والاقتراع، ظنا منهم أن هذا العمل سيلحق الضرر بالسياسيين، وأنهم بهذا الفعل يعاقبون الاحزاب والكتل والشخصيات السياسية، التي فشلت في تنفيذ وعودها التي قطعتها للناخب العراقي، لاسيما في مجال الخدمات والصحة والتعليم ومكافحة الفقر، وتحديد الفساد ومنع الاختلاس والتجاوز على المال العام وهدره في مشاريع وهمية او كاذبة او ضعيفة من حيث كفاءة الانتاج والجودة، وما الى ذلك من اسباب تجعل الشعب عموما في حالة من الغضب والحنق، الامر الذي يدفع الغاللبية منهم الى الانزواء والانكفاء والابتعاد عن ممارسة حقهم في عملية الانتخاب، وهو حق مكفول لهم من اجل اختيار المرشحين الاكفاء لقيادة البلد.

ولعل السنوات العشر الماضية، وما تمخض عنها من وقائع تتعلق بعملية الانتخابات، تؤكد ان هناك ايدي خفية وارادات كثيرة داخلية وخارجية تتدخل في يفرزه صندوق الاقتراع من نتائج، ونظرا لغياب الارادة الموحدة فإن النتائج الادارية للعراق بقيت قابعة في خانة التراجع وانتشار الفساد واهمال الركائز الاساسية التي تبني البلد، مثل الزراعة والصناعة والكهرباء والخدمات كافة، وهذا بدوره انتج ظاهرة فقدان الثقة بالسياسي العراقي من لدن عموم شرائح ومكونات الشعب، وقد انعكس عن هذه الظاهرة عزوف عن الانتخابات بل هناك دعوات كثيرة تحاول ان تدخل اليأس في روح المواطن لكي ينكفئ ويلتحق بالاكثرية الصامتة، من دون أن يفهم هؤلاء خطورة المساوئ التي ستفرزها هذه الظاهرة.

ان صمت الاكثرية والعزوف عن الانتخابات وترك صناديق الاقتراع للأقلية من المشاركين، سوف يُسهم بتكريس الفساد اكثر واكثر، وسوف يبقى الحال على ما هو عليه من سوء وتراجع في المجالات كافة، لسبب بسيط، أن عزوف الاغلبية عن ممارسة حق الاقتراع سيترك الساحة مفتوحة للوجوه والشخصيات والاحزاب السياسية التي قادت البلد الى الخراب، واسهمت في نشر الفساد والمافيات والعصابات في معظم مفاصل الدولة الادارية.

وبهذا الاجراء الذي تُقْدم عليه الاكثرية وتنسحب عن الاسهام في عملية الاقتراع، فإنها بذلك تقدم السلطة على طبق من ذهب للفاسدين أنفسهم، لأنها بانسحابها من الانتخابات وعدم وضع اصواتها في صناديق الاقتراع، انما تسمح لمن قادوا البلد نحو التدهور، أن يعودوا الى كراسيهم ومناصبهم نفسها، وسوف يدفعهم هذا الى تكريس الفساد اكثر واكثر، والى اشاعة اساليب الاتاوات واعاقة المشاريع وتدمير الخدمات الاساسية، كونهم لا يشعرون بمسؤولياتهم ازاء الشعب كما اثبتت تجارب السنين الماضية، الامر الذي يزيد الطين بلّة، ويقود البلد من خراب الى خراب اوسع.

لهذا مطلوب من النخب والقيادات الواعية أن تفتح آفاق الوعي والفهم للاكثرية الحانقة من الشعب، لكي يفهموا خطورة تركهم ساحة الانتخابات للاحزاب والكتل والشخصيات التي فشلت في ادارة ثروات البلاد وازالة الفقر وانصاف الفقراء والضعفاء والمحرومين من خيرات وثروات البلد الكبيرة، وجعلوها بأيدي مجاميع من العصابات تعيث بموارد البلاد وتستولي عليها بشتى الاساليب من خلال عمليات التهريب الواسعة للاموال والموارد العراقية ومن خلال الاقدام على عمليات غسيل الاموال وما شابه.

وهكذا يتضح للجميع وخاصة الاكثرية الصامتة الجانقة، خطورة مساوئ الابتعاد عن ممارسة حق الانتخاب، ولكن ان ينبغي ان يكون الاختيار هذه المرة للشخص الموثوق به، اذ لا يجوز ولا يصح على الاطلاق ان امنح صوتي لاشخاص لا اعرف من هم وماذا يمثلون وما هي مؤهلاتهم وتاريخهم.

إذن يكمن الصحيح في الاقدام القوي والفاعل على الانتخابات من لدن الاكثرية الحانقة، بشرط عدم اعادة انتخاب الوجوه القديمة التي فشلت في ادارة البلد واسهمت في نشر الفساد والتراجع الاداري الانتاجي الخدمي الخطير، وبهذا سيتم ازاحة السياسيين الفاشلين وصعود مرشحين يجب ان يعرفهم الناخبون ويثقون بهم تمام الثقة، لكي لا نعيش مرة اخرى مرارة الادارة الفاشلة للبلد لاسيما في جانب الخدمات وتدعيم الزراعة والصناعة وسواهما من مجالات اخرى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 27/كانون الثاني/2013 - 15/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م