سوريا والجماعات المتمردة... اخفاقات وعنف غير مبرر

 

شبكة النبأ: تزداد يوما بعد يوم الممارسات الإجرامية بحق أبناء الشعب السوري سوءا، فبعد ظهور انتهاكات موثقة جديدة ارتكبها مسلحو الجماعات المتمردة في سوريا، التي تواصل اعمالها الاجرامية  من خلال  العنف غير المبرر والتعذيب والإعدامات وبنهب ممتلكات عامة بلا هوادة ابناء سوريا، وقد أوجز علميات السرقة والتدمير للاماكن الدنية كل هذه الانتهاكات الصارخة بحق الحقوقية الإنسانية للمواطنين، يخشى الشعب السوري بكل مكوناته أعمال العنف والفوضى

من لدن الجماعات المتمردة  بأن تزيد من خطورة المأساة التي تشهدها البلاد خلال الصراع المستمر منذ 22 شهرا، ونتج من هذا الصراع المزمن معوقات ومشكلات جوهرية على المستويات كافة سواء كانت سياسية او اقتصادية او حقوقية، وعلى الرغم من كل الجهود الدولية لتسوية الازمة السورية ما زالت جرائم الجماعات المتمردة تجري على قدم وساق، وفي تزايد مستمر، وقد تعثرت الجهود السياسية الرامية لحل الصراع في سوريا بسبب تزمت كل طرف  بموقفه وبسبب انقسام القوى العالمية في دعمها لطرفي الصراع، وليس هناك أمل يذكر فيما يبدو في أنها ستحقق هدفها بالتوصل الى تسوية او توافق حتى المستقبل القريب.

جرائم بلا هوادة

فقد قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن الجماعات المتمردة في سوريا أحرقوا ونهبوا مواقع دينية للأقليات مع صراع قد يحول إلى الطائفية على نحو متزايد، وقالت المنظمة ومقرها نيويورك إن الجماعات المسلحة دمروا حسينية في محافظة إدلب بشمال سوريا، وأظهر فيديو بث على الانترنت مقاتلين يرفعون البنادق في الهواء ويهللون بينما بدا الموقع بقرية زرزور التي سيطرت عليها الجماعات المسلحة في ديسمبر كانون الأول محترقا في الخلفية، وذكرت هيومن رايتس ووتش أن الجماعات المسلحة ألقوا باللوم على الحكومة السورية في التدمير لكن سكان قالوا إن المقاتلين بدأوا بإطلاق النار عندما سيطروا على القرية. بحسب رويترز.

ونقلت منظمة هيومن رايتس ووتش عن سكان في محافظة اللاذقية بغرب سوريا قولهم إن مسلحين يعملون تحت لواء الجماعات المتمردة اقتحموا كنائس في قريتين وسرقوها، وأضافت المنظمة أن ساكنا بقرية الجديدة قال إن مسلحين اقتحموا كنيسة محلية وسرقوها وأطلقوا النار بداخلها بعد فرار القوات الحكومية، وقالت المنظمة "على الرغم من أن الدافع وراء اقتحام الكنائس ربما كان السرقة وليس هجوما دينيا فإن الجماعات المتمردة يتحملون مسؤولية حماية الأماكن الدينية في المناطق التي تخضع لسيطرتهم من التدمير المتعمد والنهب."

الجماعات المسلحة والاكراد

من جهة أخرى قال المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يجمع تقارير عن العنف في سوريا من ناشطين محليين ان الجماعات المتمردة يستخدمون دبابات ومدافع مورتر ضد قوات كردية، وفي حادث منفصل قال المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له ان 42 شخصا على الاقل بينهم نساء واطفال قتلوا عندما انفجرت سيارة ملغومة في بلدة سلمية التي تقع الى الشرق من مدينة حماة، وقال المرصد ان مقاتلي وحدات الدفاع عن الشعب الكردي اشتبكوا مع عدة مجموعات من الجماعات المتمردة في مدينة رأس العين في محافظة الحسكة بشمال سوريا، وأظهرت لقطات فيديو وضعت على الانترنت رجالا ونساء يتجمعون في شارع تناثر فيه حطام ما وصفه المرصد بأنه موقع الانفجار في بلدة سلمية بحسب رويترز.

إخفاق في تشكيل حكومة

على الصعيد نفسه قال زعماء المعارضة إنهم لم يتمكنوا من الاتفاق على تشكيل حكومة انتقالية لإدارة المناطق التي يسيطر عليها الجماعات المتمردة في سوريا، وأبرزت المحادثات التي عقدها ممثلون عن الائتلاف الوطني السوري المعارض في اسطنبول الانقسامات داخل الائتلاف الذي يضم 70 عضوا ويهيمن عليه الإسلاميون وحلفاؤهم، ولا يستطيع أي جانب من جانبي الصراع تحقيق نصر عسكري واضح. ووصلت إلى تركيا قادمة من ألمانيا أول بطارية من ست بطاريات صواريخ باتريوت لحماية تركيا من أي هجوم قد تشنه سوريا بعد أن طلبت أنقرة من حلف شمال الأطلسي المساعدة في تعزيز الأمن على حدودها مع سوريا البالغ طولها 900 كيلومتر. بحسب رويترز.

ووصفت دمشق الخطوة بأنها "استفزازية" لأسباب من بينها أن طلب تركيا الصواريخ قد يعتبر خطوة اولى نحو فرض منطقة حظر جوي على سوريا وهو ما نفته تركيا بشدة، وانتقدت إيران وروسيا اللتان تدعمان سوريا قرار حلف الأطلسي قائلين إن نشر صواريخ باتريوت سيزيد من حدة صراع تحجم معظم الحكومات الأجنبية عن الدخول فيه، وأصبحت القوى العالمية اكثر حذرا فيما يتعلق بدعم الجماعات المسلحة خاصة وإن مقاتلين إسلاميين بعضهم له صلات بالقاعدة اخذوا زمام المبادرة في المعركة ضد قوات الأسد في الكثير من المناطق.

حل الازمة في البلاد

من جانبها جددت سوريا تأكيد انفتاحها على جميع القوى السياسية المعارضة في الداخل والخارج بما فيها المسلحون عند القائهم السلاح، في اطار تطبيق البرنامج السياسي لحل الازمة الذي طرحه اخيرا الرئيس بشار الاسد، ونقلت وكالة الانباء الرسمية "سانا" عن رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي قوله "نحن منفتحون على كل القوى السياسية بمن فيها المعارضة الداخلية والخارجية وحتى بالتواصل مع المسلحين الذين غرر بهم عندما يلقون السلاح ويعودون الى أحضان الوطن لنتحاور ولنساهم معا في بناء سوريا الجديدة وسوريا الديموقراطية وسوريا التعددية"، وجدد الحلقي في تصريح صحافي عقب اجتماع لمجلس الوزراء التاكيد ان الحكومة السورية "جادة في انجاز البرنامج السياسي لحل الازمة وان الاجتماعات متتالية ومستمرة من أجل وضع الالية التنفيذية المرتبطة بالزمن لهذا البرنامج".

وكان وزير الخارجية وليد المعلم اكد ان الحكومة ستقدم "لمن يشاء الاشتراك في الحوار الوطني (من الخارج) ضمانات بدخول سوريا ومغادرتها من دون اي مشكلة"، وقال المعلم انه ليس "متشائما" ودعا الى الحوار مع "من حمل السلاح من اجل الاصلاح"، قائلا "الاصلاح آت وابعد مما تطالب به. فتعال وشارك"، واضاف "اخص بذلك التنسيقيات، جيل الشباب لان هذا البرنامج لهم. من حمل السلاح من اجل المال اقول له سامحك الله انت تدمر البلد من اجل حفنة دولارات تعال شارك في بنائها. اما من حمل السلاح دفاعا عن عقيدة فليس في سوريا لك مكان"، في اشارة الى الاسلاميين المتطرفين. بحسب فرانس برس.

وكان المعلم يوضح في مقابلة مع التلفزيون السوري الرسمي تفاصيل برنامج الحل السياسي الذي طرحه الاسد في السادس من كانون الثاني/يناير والذي يقوم على عقد مؤتمر حوار وطني بدعوة من الحكومة الحالية يتم التوصل خلاله الى ميثاق وطني يطرح على الاستفتاء. وتشكل في مرحلة ثانية حكومة تشرف على انتخابات برلمانية، ويلي هذه الانتخابات تشكيل حكومة جديدة على اساس دستور جديد.

تشكيل جهاز مخابرات

الى ذلك بعض المعارضين الذين يقاتلون الأسد حاليا يقولون إنهم أنشأوا جهاز مخابرات خاصا بهم "لحماية الثورة" ومراقبة المواقع العسكرية الحساسة، وقال ضابط مخابرات بالجماعات المتمردة يعمل تحت اسم حاجي "شكلنا الوحدة رسميا في نوفمبر، وقال حاجي إن معظم أفراد مخابرات الجماعات المتمردة منشقون عن الجيش وضباط سابقون بالمخابرات، وقال حاجي إن مخابرات الجماعات المتمردة عملت سرا لشهور حيث ساعدت المقاتلين على تنفيذ هجمات على أهداف حكومية، ولم يعلن حاجي بشكل محدد مسؤولية مخابراته عن تفجير مقر أمني في دمشق في يوليو تموز قتل فيه خمسة من كبار مسؤولي الأسد الأمنيين بينهم صهره الذي كان قائدا بالمخابرات ووزير الدفاع. بحسب رويترز.

ورفض حاجي الافصاح عن تفاصيل بشأن مخابرات الجماعات المتمردة لكنه قال إنها تعمل في أنحاء سوريا بما في ذلك في حلب وإدلب في الشمال ودير الزور في الشرق وفي العاصمة دمشق، وقال "لدينا عملاؤنا وسط النظام يزودوننا بالمعلومات التي نحتاجها بما فيها المعلومات العسكرية"، وتابع قوله "وجود هذا الجهاز مهم في الوقت الحالي لتعقب قوات النظام. ونفى شائعات ترددت على نطاق واسع عن مقتل ماهر شقيق الأسد وهو قائد عسكري في تفجير يوليو تموز مضيفا أن زوجته وضعت توأمين ذكرين الشهر الماضي، وقال حاجي أيضا إن الأسد الذي ألقى كلمة في دار الأوبرا بدمشق لا يزال في العاصمة، واضاف إن ضباطه يعملون سرا كنشطاء أو صحفيين مواطنين أو مقاتلين.

موقف روسيا

من جهة أخرى قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن خصوم الرئيس السوري بشار الأسد مصرون على الإطاحة بحكومته ووصف "الفكرة المسيطرة" الخاصة بهذا الهدف بأنها عقبة لا يمكن تخطيها أمام السلام، ولم تشر تصريحات لافروف في مؤتمر صحفي سنوي إلى أي تغيير في موقف روسيا التي تقول إن خروج الأسد من السلطة لابد ألا يكون شرطا مسبقا لأي اتفاق لإنهاء العنف المستمر منذ 22 شهرا، كما اتهم لافروف دولا غربية وعربية اعترفت بالائتلاف الوطني السوري المعارض بتقويض فرص الحل السلمي للصراع من خلال منح قدر زائد من الدعم للجماعات المتمردة، وقال لافروف وهو وزير خارجية روسيا منذ عام 2004 وواجهة سياستها في الصراع السوري إن الهدف الرئيسي لموسكو في سوريا هو وقف العنف في أقرب وقت ممكن، ومضى يقول "لكن زملاء آخرين فيما يبدو لديهم أولويات أخرى... كثيرا ما نتحدث معهم عن ذلك ويبدو أنهم يتفهمون كل شيء والخطر الذي يصاحب احتمال تفكك الدولة السورية"، وتابع "لكن عندما يتحدثون علانية يتحدثون عن أمور مختلفة نوعا ما عما يخبروننا به في الأحاديث الجانبية"، وذكر لافروف أن الوضع في سوريا يسبب "أقصى درجات القلق" لكنه لا يتطلب إجلاء جماعيا للمواطنين الروس الذين يعيشون هناك. بحسب رويترز.

وأجلت روسيا 77 من مواطنيها فروا من العنف في سوريا وعادوا إلى موسكو عبر لبنان لكن لافروف قال إنها ليست بداية لعملية إجلاء أوسع نطاقا، وتابع لافروف "لدينا خطط (قائمة) مثل الخطط التي لدينا لأي بلد في حالة تصاعد الوضع الداخلي... لكن ليس هناك حديث عن تنفيذها"، وتمد روسيا حكومة الأسد بالسلاح منذ زمن طويل لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال إن بلاده لا تقدم أسلحة يمكن أن تستخدم في الصراع. وتبقي روسيا على منشأة بحرية في ميناء طرطوس وهو القاعدة العسكرية الوحيدة لروسيا خارج دول الاتحاد السوفيتي السابق، وتجري روسيا حاليا ما تقول إنها أكبر تدريبات بحرية منذ عقود في البحر الأسود والبحر المتوسط على مسافة ليست بعيدة عن سوريا في استعراض للقوة وقال لافروف إن التدريبات عامل إيجابي، ومضى يقول "ليس من مصلحتنا بالطبع أن يتزعزع استقرار منطقة البحر المتوسط بشكل أكبر. وجود أسطولنا هناك هو عامل استقرار دون شك."

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 26/كانون الثاني/2013 - 14/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م