نووي إيران... صناعة الخطر المفترض تفشل المحادثات

 

شبكة النبأ: على الرغم من كل الخلافات القائمة بشأن الملف النووي الإيراني لاتزال الجهود مستمرة في سبيل الوصول الى حلول دبلوماسية، تجنب الجميع مخاطر اللجوء الى استخدام الخيار العسكري الذي تلوح به بعض الدول لإرغام إيران على ترك هذا الملف الذي يعتبر اليوم احد أهم واخطر القضايا التي تثير مخاوف جميع الدول في المنطقة والعالم، ويرى بعض المراقبين ان الخلاف القائم بشأن هذا الملف ربما قد تجاوز السقف المسموح بسبب التشكيك المستمر وفقدان الثقة المتبادلة بين إطراف النزاع التي تعتمد على أسلوب التهديد والوعيد في خطاباتها الإعلامية، مؤكدين في الوقت ذاته على ضرورة اعتماد الخطاب الدبلوماسي وإشراك المزيد من القوى المؤثرة في سبيل الوصول الى اتفاق خاص يرضي الجميع، وفيما يخص اخر التطورات فقد اخفقت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مجددا في مفاوضاتها مع ايران حول مراقبة برنامجها النووي المثير للجدل ليتركز الاهتمام مجددا على الاجتماع المقبل بين طهران والقوى الكبرى. فبعد يومين من "المناقشات المكثفة"، اعلن كبير مفتشي الوكالة البلجيكي هيرمان ناكيرتس عند عودته من طهران الى فيينا انه "لا تزال هناك خلافات في وجهات النظر بشان نهج منتظم من اجل تحليل بعد عسكري محتمل للبرنامج النووي الايراني" و"لم يتم ضمان زيارة الى قاعدة بارتشين العسكرية". ومع ذلك اتفق مفتشو الوكالة الدولية والمفاوضين الايرانيين برئاسة ممثل الجمهورية الاسلامية في الوكالة علي اصغر سلطانية، على الاجتماع مجددا في 12 شباط/فبراير في طهران.

وكان اجتماع آخر عقد في منتصف كانون الاول/ديسمبر واستمر يوما واحدا فقط، رحب في ختامه كل من الجانبين بالمحادثات "الجيدة" على امل التوصل الى اتفاق في كانون الثاني/يناير.

لكن منذ ان خيب المدير العام للوكالة يوكيا امانو الامال في تحقيق اختراق بتأكيده في طوكيو انه "ليس متفائلا فعليا". والمحادثات التي تتواصل منذ عام تتناول توقيع "اتفاق شامل" يسمح لخبراء الامم المتحدة بالتحقيق بحرية حول البرنامج النووي الايراني الذي يشتبه في انه يتضمن شقا عسكريا، وهو ما تنفيه طهران باستمرار.

وتأمل الوكالة الذرية في زيارة بعض المواقع والحصول على وثائق او الاتصال بافراد وخصوصا في قاعدة بارتشين العسكرية التي يمكن ان تكون جرت فيها اختبارات لتفجيرات تقليدية يمكن استخدامها في صنع قنبلة نووية. ورفضت ايران هذا الطلب من جديد مؤكدة انه ليس هناك اي نشاط نووي في الموقع العسكري وان الوكالة قامت بتفتيشه مرتين في 2005 بدون نتائج. وتخصيب اليورانيوم في صلب النزاع القائم بين ايران والوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الامم المتحدة التي اقر مجلس الامن الدولي فيها سلسلة عقوبات اقتصادية ضد الجمهورية الاسلامية.

وقد شددت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي هذه العقوبات. وتطالب ايران بان تعترف الوكالة الدولية "بشكل كامل بحقوقها النووية" ومن بينها تخصيب اليورانيوم.

وتخشى القوى الكبرى من ان تسمح مخزونات اليورانيوم المخصب بنسبة عشرين بالمئة والتكنولوجيا التي امتلكتها ايران بانتاج يورانيوم مخصب بنسبة تتجاوز التسعين بالمئة بسرعة. ونسبة التخصيب هذه تسمح بانتاج قنبلة نووية. وتؤكد ايران من جهتها ان اليورانيوم المخصب بنسبة عشرين بالمئة يهدف الى انتاج نظائر مشعة لغايات طبية من اجل معالجة بعض انواع السرطان. بحسب فرنس برس.

ورفضت طهران حتى الآن بعض طلبات الوكالة التي تراقب جزءا كبيرا من برنامجها معتبرة انها تتجاوز التزاماتها المحددة في معاهدة منع الانتشار النووي التي وقعتها. وتراقب المحادثات عن كثب مجموعة 5+1 التي تضم بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة والمانيا. والمحدثات الموازية التي تجريها هذه الدول مع طهران بشأن برنامجها النووي متوقفة حاليا. وفي اجتماعهم الاخير في موسكو في حزيران/يونيو الماضي رفضت ايران دعوات مجموعة 5+1 لتقليص نشاطاتها المتعلقة بالتخصيب النووي فيما طلبت تخفيفا كبيرا للعقوبات المفروضة عليها.

ايران تؤكد

في السياق ذاته اكد رئيس الوكالة الايرانية للطاقة الذرية فريدون عباسي دواني ان ايران لن تذهب ابعد من التزاماتها المنصوص عنها في معاهدة الحد من الانتشار النووي خلال مناقشاتها المقبلة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفي تصريح للتلفزيون الرسمي، تطرق عباسي دواني الى المناقشات الجديدة حول البرنامج النووي الايراني المثير للجدل وقال "نحن متمسكون باحترام حقوقنا في المفاوضات ولن نوافق على شيء يتخطى معاهدة الحد من الانتشار النووي". واضاف عباسي دواني ان طهران "تريد تبديد شكوك" الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول الغاية من البرنامج النووي الايراني، لكن "من اجل تبديد هذا الغموض، على مفاوضي الوكالة الدولية ان يقدموا لايران الوثائق التي تدعم هذه الشكوك من اجل الانصراف الى درسها".

وتستبعد هذه الصيغة على ما يبدو اي زيارة فورية لوفد الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى قاعدة بارتشين العسكرية قرب طهران، التي تطلب الوكالة عبثا منذ سنة زيارتها، للتدقيق في موقع يشتبه بان ايران اجرت فيه تفجيرات تحاكي عملية تفجير سلاح نووي. وطهران ترفض الرد على بعض الاسئلة وطلبات التحقق التي طرحتها الوكالة الدولية، معتبرة انها تتخطى الالتزامات الايرانية في اطار معاهدة الحد من الانتشار النووي.

من جانب اخر نقلت وكالة الطلبة للأنباء عن وزير الخارجية الايراني علي أكبر صالحي قوله انه يجب البحث عن وسيلة لإنهاء الأزمة بين ايران والقوى العالمية بشأن برنامج طهران النووي لكنه لم يطرح مبادرة جديدة لتحقيق ذلك. ونقلت الوكالة عن صالحي قوله "خلص الجانبان (ايران والقوى العالمية) الى أن عليهما الخروج من الجمود الراهن." وعبرت ايران والقوى العالمية الست عن استعدادها لاحياء جهود البحث عن حل عبر التفاوض لكن صالحي قال إنه لا يعلم متى ستجري الجولة القادمة من المحادثات. وعبرت القوى الست عن املها في ان تتفق سريعا مع ايران .

وقال دبلوماسيون إن القوى الكبرى أعدت حزمة جديدة من الحوافز التي كانت طهران رفضتها في محادثات سابقة دون ذكر تفاصيل. والأولوية بالنسبة للقوى العالمية هي ان توقف ايران تخصيب اليورانيوم لدرجة اعلى والذي يمكن معالجته بسرعة نسبيا ليتحول الى مواد من الدرجة المستخدمة في تصنيع القنابل وإغلاق محطة فوردو الموجودة تحت الأرض حيث تجري هذه الأنشطة وشحن مخزونها الى خارج البلاد. ولمحت ايران الى استعدادها لإبداء مرونة فيما يتعلق بالتخصيب الى تركيز نسبته 20 بالمئة لكنها تريد تخفيف جانب كبير من العقوبات في المقابل وهو أمر تقول القوى إنه سيكون سابقا لأوانه قبل أن تقدم طهران تنازلات كبيرة.

وقال صالحي إن ايران تريد ايضا الاعتراف بما تقول إنه "حقها" في تخصيب اليورانيوم والذي يمكن أن تكون له اغراض مدنية وعسكرية. وأضاف "ايران تطالب بحقها الثابت والقانوني والمشروع ولا تريد اكثر من هذا." وقال مسؤول غربي إن من السابق لاوانه قول ما اذا كانت المساعي الدبلوماسية ستأتي بنتائج وأضاف "نرى أن العقوبات ذات اثر اقتصادي على ايران وهي مسألة أن تأخذ ايران هذا العرض بجدية." ونقل عن وزير الاقتصاد الايراني قوله إن عائدات البلاد النفطية انخفضت الى النصف نتيجة العقوبات.

وقال دبلوماسي غربي اخر إن القوى تشعر بقلق متزايد بشأن اتساع طاقة التخصيب في فوردو وتريد معالجة هذه المسألة في العرض الجديد. وأضاف أن هذا يمكن أن يعني أن يطلب من ايران تفكيك جزء من المنشأة. وقال الدبلوماسي "إغلاق فوردو ليس كافيا" مضيفا أن استئناف تشغيل المحطة اذا تم التخلص من منشآت التخصيب سيستغرق وقتا اطول. وقال دبلوماسيون إن القوى العالمية تأمل اكتساب قوة دفع في التعامل مع ايران عبر اتخاذ "إجراءات لبناء الثقة" قبل التوصل الى اتفاق نهائي في موعد لاحق. ويشيرون الى أن من المرجح أن تعرض القوى على ايران نوعا من تخفيف العقوبات في المقابل لكن أي اجراءات ربما تكون محدودة. بحسب رويترز.

وقال نائب برلماني ايراني كبير إن ايران تتوقع تخفيف بعض العقوبات مقابل السماح لمفتشي الوكالة بزيارة مجمع بارشين العسكري المثير للجدل. وتعتقد الوكالة أن ايران أجرت تجارب على متفجرات ذات تطبيقات نووية محتملة في منشأة بارشين جنوب شرقي العاصمة الايرانية وطلبت زيارتها اكثر من مرة. وقال علاء الدين بوروجردي الذي يرأس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني "من المؤكد أن عليهم أن يقدموا حافزا في المقابل وفي رأيي فإن الحافز المعقول والمعادل سيكون رفع العقوبات."

قنبلة نووية

على صعيد متصل ذكر تقرير لمجموعة خبراء أمريكيين في مكافحة الانتشار النووي ان ايران قد تنتج كمية كافية من اليورانيوم المخصب لدرجة نقاء تسمح بصنع قنابل نووية بحلول أواسط عام 2014 وانه يجب على الولايات المتحدة وحلفائها تغليظ العقوبات على طهران قبل ان تصل الى هذه المرحلة. وذكر التقرير انه يجب على الرئيس الامريكي باراك اباما ان يعلن بوضوح ان الولايات المتحدة ستقوم بعمل عسكري لمنع ايران من امتلاك سلاح نووي.

وعبرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة عن قلقها من ان البرنامج النووي لايران له بعد عسكري. وتصف طهران التي تقول ان برنامجها النووي مخصص لاغراض الطاقة السلمية هذه المزاعم بأنها لا أساس لها. ويقع التقرير في 154 صفحة وأعده خمسة من خبراء مكافحة الانتشار النووي تحت عنوان "الاستراتيجية الامريكية لحظر الانتشار النووي للشرق الاوسط". وقال التقرير "استنادا الى المسار الحالي للبرنامج النووي لايران فاننا نقدر ان ايران قد تصل الى (مرحلة) القدرة الحرجة في اواسط عام 2014 ". وعرفت مجموعة الخبراء "القدرة الحرجة" بأنها النقطة التي تتمكن عندها ايران من انتاج يورانيوم كاف من الدرجة المستخدمة في صنع أسلحة لانتاج قنبلة واحدة أو أكثر دون ان يرصدها الغرب.

وقال ديفيد أولبرايت وهو من الذين شاركوا في رئاسة المشروع ورئيس معهد العلوم والامن الدولي انه بحلول اواسط 2014 سيكون لدى ايران الوقت الكافي لبناء موقع سري لتخصيب اليورانيوم أو زيادة عدد اجهزة الطرد المركزي بدرجة كبيرة لبرنامجها النووي. وقال "لا نعتقد ان هناك أي وحدة سرية لتخصيب اليورانيوم لانتاج كمية كبيرة من اليورانيوم المخصب بطريقة سرية في الوقت الراهن." لكن هناك "مخاوف حقيقية" من ان ايران ستبني مثل هذه الوحدة. بحسب رويترز.

ويوصي التقرير بأن تشدد الولايات المتحدة وحلفاؤها العقوبات على ايران قبل ان تصل الى هذه النقطة لانه ما ان تمتلك طهران ما يكفي من اليورانيوم المخصب من الدرجة المستخدمة في صنع أسلحة "فانه سيكون من الصعب وقف البرنامج عسكريا". ويوصي التقرير بأنه يجب على الولايات المتحدة ان تعلن انها تعتزم استخدام العقوبات لفرض "حظر دولي فعلي على كل الاستثمارات والتجارة مع ايران" اذا لم تلتزم طهران بقرارات مجلس الامن التابع للامم المتحدة. كما يوصي بان يبعث برسالة "واضحة لا لبس فيها" لزعماء ايران بأن العمل العسكري الامريكي سيمنعهم من النجاح في مساعيهم لامتلاك سلاح نووي. وذكر التقرير "يجب على الرئيس ان يعلن بوضوح انه سيستخدم القوة العسكرية لتدمير البرنامج النووي الايراني اذا اتخذت ايران خطوات حاسمة اضافية نحو صنع قنبلة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 22/كانون الثاني/2013 - 10/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م