أميناس... حسابات ونتائج مرتقبة

 

شبكة النبأ: انتهت عملية احتجاز الرهائن في موقع أميناس لاستثمار الغاز في الجزائر بعد قتال مسلح شنته القوات الخاصة الجزائرية أسفر عن مقتل الخاطفين و23 من الرهائن المحتجزين، تلك العملية بحسب بعض المراقبين هي رسالة واضحة من قبل الحكومة الجزائرية على أنها سوف لن ترضخ لتهديدات الجماعات المسلحة مهما كانت النتائج، وهو ما قد يدخل الجزائر  في مأزق دبلوماسي خطير مع بعض الدول الغربية التي فقدت رعاياها في هذه العملية بسبب التفرد باتخاذ هذا القرار. وفي هذا السياق فقد قالت السلطات الجزائرية إن قوة خاصة شنت هجوما أخيرا على المسلحين المتحصنين في موقع عين أميناس جنوبي شرق الجزائر ومن تبقى من رهائنهم مما أدى إلى مقتل 11 مسلحا وتحرير 16 رهينة أجنبيا. وقالت وكالة الأنباء الجزائرية إن القوات الخاصة شنت هجوما نهائيا على المسلحين الإسلاميين الذين يحتجزون رهائن أجانب في وحدة للغاز في الصحراء الجزائرية، مما أسفر عن مقتل 11 من المقاتلين، وأضافت أن المسلحين قتلوا سبعة رهائن أجانب.

وكان مصدر أمني جزائري قد ذكر في وقت سابق لوكالة الصحافة الفرنسية أن الجيش الجزائري ما زال يحاصر المسلحين الذين يحتجزون عشرة رهائن بعد الهجوم الأول الذي أدى حسب وكالة الأنباء الجزائرية إلى تحرير نحو مائة أجنبي من جملة 132 أجنبيا و573 جزائريا كانوا في المنشأة وفي المنطقة السكنية الملحقة بها. رهينتان جزائريان لدى وصولهما إلى مطار الجزائر العاصمة (الفرنسية) ونقلت الوكالة الفرنسية عن المصدر قوله إن نحو "عشرة" أشخاص ما زالوا محتجزين دون أن يوضح ما إذا كانوا أجانب, بينما أشارت وكالة أنباء نواكشوط نقلا عن مصدر في الجماعة الخاطفة المقربة من تنظيم القاعدة والمعروفة باسم "الموقعين بالدم" إن الأجانب المحتجزين هم سبعة بينهم ثلاثة بلجيكيين وأميركيان وياباني وبريطاني.

وكان الهجوم السابق للجيش الجزائري قد أدى حسب وكالة الأنباء الجزائرية إلى مقتل 12 رهينة و18 من خاطفيهم بينهم زعيم المجموعة المعروف أبا البراء، في حين تحدث ناطق باسم الجماعة لوكالة أنباء نواكشوط الموريتانية الخاصة عن مقتل 34 رهينة أجنبيا في الهجوم.

في السياق ذاته قال مصدر مقرب من الأزمة إن القوات الخاصة الجزائرية عثرت على 15 جثة محترقة في المنشأة وإن تحقيقا بدأ لتعرّف هوية الجثث. وقالت شركة سوناطراك الجزائرية للنفط والغاز المشغلة للموقع إن الجيش الجزائري يزيل ألغاما زرعها المسلحون. في هذه الأثناء انشغلت الدول الغربية التي كان رعاياها بين الرهائن في حصر عدد الأشخاص الذين كانوا قيد الاحتجاز أو الذين أفرج عنهم أو الذين قتلوا في الهجوم. وكانت وزارة الداخية الجزائرية أعلنت في وقت سابق أن العملية العسكرية على مصنع الغاز في عين أميناس واحتجاز الرهائن أسفرت في حصيلة غير نهائية عن مقتل 23 رهينة و32 اسلاميا مسلحا.

وقال البيان إن القوات الجزائرية "حررت 685 عاملا جزائريا و107 أجانب" كما "قضت على 32 ارهابيا" بينما لقي 23 رهينة حتفهم خلال الهجوم. وذكر البيان ان المجموعة المسلحة كانت "تتكون من 32 فردا منهم ثلاثة جزائريين ومختصين في المتفجرات دخلوا التراب الجزائري من دولة مجاورة"، مضيفا ان المجموعة المسلحة "قامت بتلغيم المكان". وصادرت القوات الجزائرية كمية كبيرة من الأسلحة من بينها "صواريخ وبنادق رشاشة وصواريخ ار بي جي و10 قنابل يدوية مجهزة في احزمة ناسفة".

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية مقتل أميركي، بينما كشف وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في باريس أن فرنسيا لقي حتفه، في حين أعلنت مجموعة ستات أويل النفطية النرويجية الشريكة في إدارة الموقع أن مواطنين نرويجيين كانا في عداد المفقودين في عين أميناس، سالمان لينخفض بذلك إلى ستة عدد النرويجيين الذين فقد أثرهم حتى الآن.

من جهة أخرى قامت طائرة عسكرية أميركية بإجلاء أشخاص جرحوا أثناء عملية احتجاز الرهائن، حسب مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية، دون أن يوضح عدد الرهائن الذين أجْلوا ولا جنسياتهم. كما لم يكشف عن وجهة الطائرة. وبخصوص ملابسات عملية إنقاذ الرهائن قال مصدر أمني جزائري إن الحكومة الجزائرية رفضت طلبا من حلف الناتو لمساعدتها بتحرير الرهائن. ونقلت صحيفة الشروق الجزائرية عن المصدر الذي لم تكشف عن اسمه قوله إن السلطات لم تبد موافقتها على الطلب، في حين طلبت الولايات المتحدة من الجزائر السماح لها بنقل رعاياها الناجين من الهجوم على متن طائرة خاصة. بسحب رويترز.

وأشارت السلطات الجزائرية إلى أن منفذي الهجوم الإرهابي على المنشأة النفطية بمنطقة "إن أميناس،" ينتمون إلى ستة جنسيات ومن بينهم عرب، بحسب ما جاء في تقرير وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية "واج." ونقل تقرير الوكالة على لسان وزير الاتصال، محمد السعيد، "إن الإرهابيين الذين اعتدوا على الموقع الغازي لتيقنتورين '1300 كلم جنوب شرق الجزائر العاصمة' ينتمون لستة جنسيات مختلفة على الأقل وهم منحدرون من بلدان عربية وأفريقية وغير أفريقية."

ولم يشر تقرير الوكالة عن أية تفاصيل إضافية حول الدول التي قدم منها منفذو العملية، أو فيما إذا كانت عملية مخطط لها مسبقاً. وبينت الوكالة أن هذا الهجوم الذي قامت به القوات الخاصة التابعة للجيش الجزائري لتحرير الرهائن المحتجزين بالمنشئة الغازية، أسفر عن القضاء على 32 إرهابيا ووفاة 23 شخصا، حسب الإحصائية الرسمية الصادر.

ردود افعال دولية

في السياق ذاته ألقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما باللائمة على "إرهابيين" في مقتل 23 رهينة كانوا محتجزين في منشأة للنفط في عين اميناس شرقي الجزائر من قبل مسلحين إسلاميين. وقال أوباما إن "هذا الهجوم هو تذكرة أخرى بالتهديد الذي تمثله القاعدة وغيرها من الجماعات المتطرفة التي تتبنى العنف في شمال أفريقيا". وأضاف "سنواصل العمل عن كثب مع كافة شركاءنا للتصدي لآفة الإرهاب في المنطقة". وأكد وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا أن الولايات المتحدة ستلاحق مسلحي القاعدة أينما كانوا.

ويذكر ان الولايات المتحدة اعلنت انها ترفض ابرام اي صفقة تبادل مع "ارهابيين"، وذلك ردا على عرض زعيم المجموعة الاسلامية التي تحتجز رهائن اجانب في الجزائر مبادلة الرهائن الاميركيين لديه بشخصين معتقلين في الولايات المتحدة. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند ان "الولايات المتحدة لا تتفاوض مع ارهابيين"، وذلك ردا على سؤال عن موقف واشنطن من عرض مبادلة الرهائن المحتجزين في الجزائر بالشيخ المصري عمر عبد الرحمن والباكستانية عافية صديقي المعتقلين في الولايات المتحدة.

ونقلت قالت وكالة نواكشوط للانباء ان زعيم الخاطفين مختار بلمختار "طالب الفرنسيين والجزائريين بالتفاوض من اجل وقف الحرب التي تشنها فرنسا على ازواد واعلن عن استعداده لمبادلة الرهائن الاميركيين المحتجزين لديه" بالشيخ عبد الرحمن وصديقي. وبلمختار الملقب ب"الاعور" هو احد قادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي الذي ادخله الى شمال مالي. بحسب فرنس برس.

وتمضي العالمة الباكستانية عافية صديقي حكما بالسجن 86 عاما في الولايات المتحدة بتهمة محاولة قتل ضباط اميركيين. اما الشيخ عبد الرحمن، فهو شيخ ضرير يمضي عقوبة بالسجن مدى الحياة في الولايات المتحدة اثر ادانته عام 1995 بالتورط في تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك في 1993 وبالتخطيط لشن اعتداءات اخرى بينها مهاجمة مقر الامم المتحدة.

من جانبه دافع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند عن الطريقة التي تصرفت بها الجزائر حيال الأزمة. واعتبر هولاند أن الجزائر تصرفت في أزمة الرهائن بالشكل "الأكثر ملاءمة" مضيفا أنه "لم يكن بالامكان التفاوض" مع الخاطفين. وكانت وسائل الإعلام نقلت عن قائد الجماعة المسلحة، ويدعى عبد الرحمن النيجري، قوله إن السلطات يجب أن تختار ما بين التفاوض مع الخاطفين أو مقتل الرهائن. وأضاف أن المنشأة التي كان يحتجز داخلها الرهائن ملغمة بالكامل. وذكرت شركة سوناطراك الجزائرية للنفط والغاز أن الجيش الجزائري يزيل ألغام زرعها المسلحون.

40 ساعة  تحت السرير

قال موظف في شركة تغذية فرنسية إنه أمضى 40 ساعة مختبئا بمفرده تحت سريره خشية أن يقتل بعدما استولى متشددون إسلاميون على منشأة للغاز في إن أميناس في الجزائر حيث يعمل. وقال ألكسندر بيرسو لراديو أوروبا 1 إنه نجا بالبقاء في غرفته بعيدا عن الأجانب الآخرين مختبئا خلف حاجز من الألواح الخشبية وكان زملاؤه الجزائريون يزودونه بالطعام والمياه خلسة. وكان بيرسو يرتعد من أن يكتشف أمره لدرجة أنه لم يكن يفتح باب غرفة نومه إلا إذا ذكر من يطرق الباب كلمة سر.

وقال في مقابلة إذاعية من القاعدة العسكرية التي نقله إليها الجيش الجزائري مع رهائن آخرين جرى تحريرهم "كنت معزولا تماما كنت خائفا. كنت اتصور بالفعل أنه سينتهي بي المطاف في تابوت." وقال بيرسو إنه اقتصد في استهلاك ما لديه من طعام بمجرد أن وصله نبأ استيلاء متشددي القاعدة على الموقع من خلال زملائه الجزائريين الذين كانوا يتحركون بحرية لأنه لم يكن يعرف كم من الوقت سيظل محبوسا.

وقال بيرسو الذي يعمل في شركة التغذية الفرنسية سي.آي.إس التي تشغل حوالي 150 جزائريا في الموقع إن هجوم بدأ بوابل من إطلاق النيران ونداء بأن يظل الجميع في أماكنهم. وأضاف أنه شعر بارتباك لأنه يعرف أن الموقع محمي من قبل حراس أمن. وقال "سمعت إطلاق نار كثيف. كان هناك تحذير يطلب منا البقاء في أماكننا لكنني لم أكن أعرف ما إذا كان ذلك حقيقيا أم تجربة... بعد ذلك علمت أنها عملية احتجاز رهائن. كان الأمر كله حديثا متداولا. لم يكن أحد يعرف في الحقيقة ماذا كان يجري." بحسب رويترز.

وقال عبد القادر (53 عاما) العامل القادم من بلدة ان اميناس القريبة ان المسلحين الذين وصلوا قبل الفجر فتشوا المجمع الضخم الذي يضم قسما سكنيا ومصنعا لمعالجة الغاز بحثا عن الأجانب. وقال مسترجعا الأحداث "قال لنا الارهابيون في البداية انهم لن يؤذوا المسلمين انهم يبحثون عن المسيحيين والكفار فقط." واختنق صوته متأثرا وهو يقول "انا رجل محظوظ" وكان اطفاله يلعبون على مقربة منه بينما يذيع التلفزيون نشرة الاخبار. وحكى عبدالقادر كيف تمكن من الفرار مع مئات من الجزائريين الذي احتجزوا في البداية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 21/كانون الثاني/2013 - 9/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م