أوضاع الشباب العراقي في العقد الأخير

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: منذ عشر سنوات مضت، أفرزت مرحلة التحولات العراقية جيلا من الشباب له خصوصية في التكوين والتطلع الى مواكبة العصر، بعد أن انفتح العراق على العالم الآخر الغربي وسواه، من خلال وسائل الاتصال (الانترنيت/ الموبايل/ الستلايت)، وهذه امور كانت ممنوعة بشكل قاطع على العراقيين كما يعرف الجميع، أما اليوم ومنذ عشر سنوات تقريبا، وبسبب الظمأ العراقي الشديد لمواكبة العالم والاطلاع على الجديد في كل شيء، فقد اندفع العراقيون بقوة وسرعة، لاسيما الشباب في عالم التواصل الاعلامي والاجتماعي، واصبحو جزءا من العالم، يحلمون ويتطلعون الى مستقبل ينصف المواهب الانسانية الكبيرة التي يتمتع بها الشباب العراقي كغيرهم من الشعوب والامم الاخرى.

السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه بقوة الآن، هل تصدّى المسؤولون العراقيون الحكوميون المعنيون لحالة مواكبة ما يجري في العالم من لدن الشباب؟ وهل فهموا ماذا يجب عليهم لمراعاة الشباب واحتياجاتهم لكي يندمجوا بصورة افضل مع تطورات العالم؟ هل فكر المعنيون بما يعانيه الشباب العراقي الان من عوز وحرمان وفقدان لفرص العمل؟ ومن ثم معاناتهم الكبيرة وهم يطلعون على ما يتمتع به الشباب في العالم؟.

إن الاجابة حتما ستكون كما يلي: ان الحكومات الجديدة والجهات المعنية لم تتحمل مسؤوليتها ازاء الشباب العراقي كما يجب، بل يمكن ان تصل نسبة اهتمام الحكومة والجهات المعنية الاخرى بالشباب الى الصفر، في حين ان الصحيح هو توفير كل مستلزمات التطور ومواكبة العالم من لدن الشباب العراقي، وان تنتهي مراحل الحرمان والاهمال والعوز المزمن التي عانوا منها عقودا طويلة ومتعاقبة، علما ان الموارد التي تتمتع بها دولة العراق تتيح للجهات الحكومية والمعنية تقديم كل مستلزمات تطوير قدرات الشباب ومراعاة ظروفهم ونقلهم من حالات الخمول والفراغ والضياع والانحراف، الى حالات الانتاج الانساني المثمر، لاسيما ان المواهب والطاقات الكامنة لدى الشباب العراقي كبيرة ومتميزة بشهادة الجميع داخل وخارج العراق.

ولا نغالي في القول والرأي عندما نقول أن الحكومات المحلية في المحافظات، تحارب الشباب بدلا من ان تقدم لهم التسهيلات اللازمة لاستيعاب مواهبهم وقدراتهم الفكرية والعملية على حد سواء، أما اشكال الحرب التي تخوضها تلك الحكومات ضد الشباب فإنها تتمثل في اهمالهم التام، وعدم تقديم ما يلزمهم من مشاريع ومؤسسات ومنشآت واماكن ترفيه وعمل وتدريب ورياضة وما شابه، للشباب الذين تصل اعدادهم الى الملايين، إذ ان العراق بلد يتمتع بنسبة سكانية عالية من فئة الشباب، لكن للاسف ان الجميع لا يأخذ بنظر الاعتبار هذه النسبة الكبيرة للشباب، وخاصة الجهات المعنية، فالاهمال هو المؤشر الواضح لهذه الفئة التي بدأت تطلع منذ عشر سنوات تقريبا على التجارب الشبابية العالمية، وعلى التطور السريع للعام في مجالات التقانة عموما والاتصالات والفنون والابداع والانتاج الانساني اجمع.

لذلك ليس أمام المسؤولين والجهات الحكومية المعنية والمؤسسات التي تعنى بالشباب، سوى الاهتمام الجاد بهذه الشريحة الحيوية الموهوبة، على ان تظهر بوادر هذا الاهتمام على شكل خطط عملية مدروسة بشكل جيد من لدن لجان وشخصيات علمية متخصصة في مجال تطوير واستيعاب وتنمية قدرات الشباب، وقابلة للتنفيذ الفوري من حيث تخصيص الاموال اللازمة، وهي كثيرة ومتوفرة في خزينة الدولة، كذلك لابد أن تتحرك الجهات المعنية بسرعة قصوى لاستيعاب الشباب والنبّه الى خطورة حالات التهميش والاهمال التي يعاني منها شباب العقد الاخير، وهم لا يشبهون الاجيال السابقة قطعا، لأنهم شباب دخلوا العالم من اوسع ابوابه واندمجوا في (قرية العالم) عبر وسائل الاتصال العديدة التي اصبحت متاحة لهم وتجعلهم على مساس دائم ومتواصل مع ما يحصل في العالم من تطور وتقدم سريع ومبهر في جميع مجالات الحياة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 20/كانون الثاني/2013 - 8/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م