إسرائيل... حرب شعارات انتخابية

 

شبكة النبأ: حرب انتخابية وإعلامية شرسة تشهدها إسرائيل تزداد حدتها مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، وبحسب بعض المراقبين فأن ان لهجة التسقيط والاتهام الإعلامي هي اللغة السائدة في إسرائيل يضاف الى ذلك التحركات السياسية الخاصة التي تجريها بعض الأحزاب في سبيل بناء تحالفات قوية لأجل الحصول على مقاعد إضافية، مؤكدين في الوقت ذاته على ان هذه الانتخابات وعلى الرغم من صعوبتها ستكون محسومة لحزب الليكود الحاكم وهو ما سيتيح لنتنياهو الاستمرار بحكم إسرائيل مرجحين أيضا ان يعمد الأخير الى تغير بعض الخطط السياسية الخاصة في سبيل إرضاء الخصوم الآخرين، وفيما يخص أخر التطورات في إسرائيل فقد اقترحت ثلاثة أحزاب إسرائيلية تشكيل ائتلاف يضم أحزاب يسار الوسط المعارضة في محاولة لهزيمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الانتخابات لكن الخلافات حول الشروط تشير إلى أن أي اتفاق قد يكون بعيد المنال. وقالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني التي تترأس حزب الحركة (هاتينواه) المنتمي إلى الوسط عبر حسابها الشخصي على تويتر إنها ستجتمع مع زعيم حزب (هناك مستقبل) وزعيمة حزب العمل ذي التوجه اليساري "لبحث تشكيل جبهة موحدة للعمل معا" من أجل هزيمة نتنياهو.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الأحزاب الثلاثة ستحصل معا على حوالي 37 مقعدا من مقاعد الكنيست وعددها 120 مقعدا وهو عدد يكفي للتفوق على عدد المقاعد المتوقع أن تحصل عليها القائمة اليمينية التي يتزعمها نتنياهو وعددها 35 مقعدا والتي من المحتمل أن تشكل الحكومة الائتلافية الإسرائيلية القادمة. ووافق الشركاء الذين اقترحتهم ليفني على الاجتماع معها لكنهم سرعان ما اختلفوا بشان إمكانية أن تكون أحزاب يسار الوسط جزءا من التحالف الحاكم.

لكن حزب العمل استبعد تشكيل أي حكومة وحدة مع نتنياهو وكانت زعيمة حزب العمل شيلي يحيموفيتش قالت إنها تسعى إلى أن تكون إما رئيسة وزراء إسرائيل القادمة أو أن تجلس في صفوف المعارضة. وقالت يحيموفيتش في بيان إن منافسي نتنياهو برفض أي شراكة معه في المستقبل يمكنهم "زرع أمل كبير في قلوب الناس... وحشد القوى الجماهيرية في كفاح يتسم بالاصرار والجرأة". ومضت يحيموفيتش التي اشتهرت كمعلقة تلفزيونية سابقة تقول "إن قيام أولئك الذين يسعون إلى تغيير الحكومة بتحرك موحد لن يكون حقيقيا ومؤثرا إلا إذا فعلت تلك الأحزاب مثلنا."

لكن زعيم حزب هناك مستقبل يائير لابيد وصف إعادة انتخاب نتنياهو نتيجة متوقعة سلفا وقال إنه يريد أن يكون تحالف يسار الوسط منفتحا لفكرة المشاركة في التحالف لموازنة حلفاء رئيس الوزراء من الأحزاب الدينية والقومية وقال لابيد للقناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلي "لنشكل تكتلا يأخذ زمام المبادرة في تشكيل حكومة وحدة وطنية." وتصور ليفني نفسها على أنها بديلا لنتنياهو لكنها لم تصل إلى حد إعلان أنها لن تشارك في حكومته.

ونتنياهو رئيس وزراء لفترتين ويحظى بتقدير بفضل الاستقرار النسبي الذي حققه للاقتصاد الإسرائيلي وكسب تأييد القطاعات الدينية والقومية المتنامية في الدولة بالدفاع عن الاستيطان في الأرض المحتلة. ويبدي موقفا متشددا إزاء الفلسطينيين وإيران لكنه تجنب دخول صراعات كبيرة. وتحاول ليفني استغلال عزلة إسرائيل المتزايدة وأجرت عندما كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية في الحكومة السابقة محادثات لم تسفر عن نتيجة بشأن تأسيس دولة فلسطينية. بحسب رويترز.

وقال نتيناهو الذي كان يتحدث من خلال برنامج آخر على القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إنه إذا عملت ليفني في حكومته فإنها لن تقود جهود إحلال السلام. وتركز حملة لابيد ويحيموفيتش وهما جديدان على الساحة السياسية لكنهما يشتهران أكثر بين الجمهور كمعلقين في التلفزيون على الإصلاحات الاجتماعية. وقال نائب رئيس الوزراء موشي يعلون وهو من حزب ليكود في خطاب "اتمني أن يتكتل الجانب الآخر في اتجاه اليسار لأن ذلك سيبلور الفروق بيننا." وفي تصريح موجه على ما يبدو لكل من لابيد ويحيموفيتش سخر يعلون مما وصفه "بالصفاقة والفجاجة التي تبدت في رغبة أشخاص في القفز مباشرة في المياه الباردة بأن يصبح أحدهم رئيسا للحكومة دون المرور بأي محطة على الطريق."

متقلب وضعيف

على صعيد متصل قال الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الاسرائيلي (شين بيت) إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو متقلب وضعيف في هجوم شخصي غير معتاد على الزعيم اليميني الذي يحظي بتقدم كبير في استطلاعات الرأي. وكان يوفال ديسكين الذي ترك منصب رئيس جهاز الشين بيت عام 2011 قد حذر العام الماضي من أن نتنياهو يسعى إلى اشعال حرب "ذات أبعاد دينية مع ايران." ومن المحتمل أن يكون لانتقاداته الجديدة تأثير أكبر نظرا لأن مهام الشين بيت تشمل فحص اللياقة النفسية للمرشحين لمناصب أمنية بالرغم من انه لا يوجد مؤشر على أن ديسكين يستند إلى أي تقييم رسمي لرئيس الوزراء. وقال ديسكين في مقابلة نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت أكثر الصحف الاسرائيلية مبيعا على صفحتها الأولى "يعتمل في أعماق نتنياهو في رأيي مزيج من الايدلوجية واحساس عميق بانه أمير سليل عائلة ملكية من نخبة القدس إلى جانب شعور بعدم الامان وخوف عميق من تحمل المسؤولية."

وسخر مما وصفه بانه أسلوب نتنياهو "المتقلب" في اتخاذ القرارات وقال إن رئيس الوزراء "لا يمتلك جوهرا قويا أو نواة صلبة تدفعك لأن تقول.. في موقف صعب أو أزمة..يمكنني أن أتبعه..يمكنني أن أثق به." ونشرت يديعوت أحرونوت التي عادة ما تنتقد نتنياهو في افتتاحياتها ردا من مكتب رئيس الوزراء يصف تصريحات ديسكين بأنها "سخيفة". واتهم البيان ديسكين بانه يتصرف بدوافع سياسية ولشعوره بالاستياء لعدم تعيينه رئيسا لجهاز المخابرات الاسرائيلي (الموساد) بعد انتهاء فترة عمله في الشين بيت. بحسب رويترز.

وقلل مسؤول اسرائيلي طلب عدم نشر اسمه من أهمية تصريحات ديسكين. وأضاف أن الشين بيت لا يجري "تقييما" نفسيا لرؤساء الوزراء وتوقع أن تعتبر الجماهير أن ديسكين لم يعبر الا عن رأيه الشخصي. وأكد شخص مقرب من ديسكين طلب عدم نشر اسمه انه سعى بالفعل لرئاسة الموساد لكنه قال إن الرئيس السابق للشين بيت رأي في ذلك فرصة "لضمان اتخاذ القرارات السليمة بشأن الأمن الوطني".

ضم الضفة لإسرائيل

في السياق ذاته دعا أعضاء من الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الى دفع مبالغ مالية للفلسطينين في الضفة الغربية لترحيلهم وضم الضفة الغربية لإسرائيل، وذلك خلافا للبرنامج المعلن للحزب اليميني. وجاءت دعوات اعضاء الليكود في مناظرات انتخابية ونقلها موقعا الصحيفتين الاسرائيليتين يديعوت احرونوت ومعاريف. واقترح موشي فيغلين اليميني المتطرف والمرشح لعضوية الكنيست دفع مبلغ 500 الف دولار لكل عائلة في الضفة الغربية "للانتقال الى الغرب". وقال ان "الغرب يرغب في استقبال الفلسطينين خلافا لادعاءاتهم لان عدد السكان في الدول الغربية يتقلص بسبب تراجع عدد الولادات والفلسطينيون يعملون في البناء". واضاف "اذا هاجروا فسيكونوا افضل من مهاجري العمل السودانيين الذين لا يعرفون البناء".

واكد اربعة مسؤولين من حزب الليكود التزامهم بضم الضفة الغربية الى اسرائيل. والاعضاء الاربعة هم وزير الاعلام يولي ادلشتاين وعضو الكنيست يريف لفين ورئيس الائتلاف الحكومي زئيف الكين وعضو الكنيست يريف لفين والمرشح موشيه فيغلين . وقال فيغيلن ان دولة اسرائيل تدفع نحو 10 بالمئة من اجمالي ناتجها القومي كل عام من اجل حل الدولتين واتفاقات اوسلو.

كما انها تدفع للجدار الفاصل ولمنظومة القبة الحديدية ولكل حارس في كل مقهى، معتبرا ان الدولة العبرية "ستضطر لوضع قبة حديدية على كل مدرسة في تل ابيب" في هذه الظروف. واشار الى ان هذه الميزانية يمكن ان "تقدم الحكومة منها 500 الف دولار لكل اسرة عربية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) لتشجيعها على الهجرة الى مكان اخر مع مستقبل افضل". واكد المسؤولون الاربعة التزامهم بضم الضفة الغربية الى اسرائيل.

وايد وزير الاعلام يولي ادلشتاين وعضو الكنيست ياريف ليفين فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية تدريجيا. وقال موقع صحيفة معاريف ان "تصريحات المسؤولين الاربعة جاءت بعدما كرر نتانياهو التزامه قبول حل الدولتين". ورأى مسؤول الليكود زئيف الكين انه يجب فرض السيادة الاسرائيلية على المناطق التي يسكنها اليهود اولا ثم على المناطق الفلسطينية. وقال ليديعوت احرونوت ان "هذه التصريحات المتطرفة هي شعارات جيدة لنتانياهو في الانتخابات، فهي تساعد على عودة الاصوات اليمينية التي تحولت الى حزب البيت اليهودي".

من جهتها، اعتبرت عضو الكنيست عن حزب الليكود تسيبي حوطيفيلي ان "قبول نتانياهو حل الدولتين كان خطابا تكتيكيا موجها للمجتمع الدولي ولا يلزم الليكود". من جهة اخرى، قام فيغلين بزيارة استفزازية الى المسجد الاقصى. وقالت يديعوت احرونوت ان "فيغيلين توجه الى لجبل الهيكل لجذب الناخبين المتدينين". وكشف استطلاع للرأي ان اللائحة المشتركة لليكود واسرائيل بيتنا بزعامة وزير الخارجية السابق افيغدور ليبرمان تواصل تراجعها قبل الانتخابات المقررة.

الى جانب ذلك افاد استطلاع للراي بان غالبية الاسرائيليين توافق على اقامة دولة فلسطينية لكنها لا تعتقد انه سيكون هناك اتفاق سلام ولا تعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس "شريكا للسلام"، وردا على سؤال "هل تؤيد ام تعارض فكرة دولتين لشعبين اي اقامة دولة فلسطينية مستقلة بجانب دولة اسرائيل؟"، اجاب 53,5% من المستطلعين انهم يدعمون هذا الاقتراح، بينما يرفضه 38% منهم وبقي الاخرون دون راي. لكن 54,3 بالمئة من الاسرائيليين يرون انه ليس من الممكن التوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين مقابل 40,6 بالمئة يعتقدون بامكانية ذلك. واعتبر 55% منهم ان الرئيس محمود عباس ليس "شريكا للسلام" مقابل 33,3% يعتقدون ذلك. بحسب فرنس برس.

وردا على سؤال حول مواصلة البناء في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة، يبدو الاسرائيليون منقسمين بالتساوي تقريبا حيث يوافق 43,4 بالمئة على ذلك مقابل 43,5 بالمئة يفضلون تجميد الاستيطان. وبالنسبة للقدس الشرقية المحتلة، هناك اغلبية تؤيد مواصلة البناء في الاحياء الاستيطانية. ونشرت صحيفة اسرائيل هايوم المجانية والمقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الاستطلاع الذي شمل عينة تمثيلية من 820 شخصا يمثلون السكان الاسرائيليين مع هامش خطأ من 3,4%.

استطلاعات خاصة

من جانب اخر كشف استطلاع راي بان اللائحة المشتركة لحزبي الليكود بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو واسرائيل بيتنا بزعامة وزير الخارجية السابق افيغدور ليبرمان تواصل تراجعها قبل الانتخابات. ونشرت صحيفة هارتس الاستطلاع الذي يقول بان الليكود-اسرائيل بيتنا سيحصل على 34 مقعدا في البرلمان (الكنيست) من اصل 120. وفقدت اللائحة مقعدا مقارنة باخر استطلاع راي اجرته الصحيفة الذي نشر في 25 من كانون الاول/ديسمبر الماضي.

وفقدت لائحة الليكود-بيتنا نحو عشرة مقاعد وفق استطلاعات الراي منذ الاعلان عن تأسيسها في تشرين الاول/اكتوبر الماضي حيث كانت ستحصل وقتها على 43 مقعدا. وتراجعت اللائحة بخمسة مقاعد في شهر كانون الاول/ديسمبر وحده بحسب المحللين السياسيين في الاذاعة العسكرية. ويصب تراجع الليكود-بيتنا في مصلحة حزب البيت اليهودي (القومي الديني المتطرف)الذي سيحصل على 14 مقعدا اي بزيادة مقعد واحد عن الاستطلاع الاخير.

ويبدو ان حزب العمل بزعامة شيلي يحيموفيتش يتراجع ايضا بحسب الاستطلاع الذي بين انه سيحصل على 16 مقعدا اي بتراجع بمقعد واحد مقارنة بالاستطلاع السابق وبعيدا عن هدف يحيموفيتش المتمثل بالفوز ب 20 مقعدا في الكنيست. وراى المحلل السياسي في صحيفة هارتس يوسي فيرتير ان الفجوة بين حزبي العمل والبيت اليهودي تضيق وقد يصبح البيت اليهودي في حال استمرار تقدمه القوة السياسية الثانية في الكنيست القادم.

وستحصل كل من احزاب شاس (اليهود الارثوذكس السفارديم) على 11 مقعدا وحزب يهودية التوراة (اليهود الارثوذكس الغربيين) على ستة مقاعد. وعلى الرغم من تراجع لائحة الليكود-اسرائيل بيتنا فان كتلة اليمين ما زالت تحافظ على تصدرها حيث ستحصل على 67 مقعدا وما زال نتانياهو الاوفر حظا لتشكيل الحكومة الاسرائيلية القادمة. ويتوقع ان تحصل كتلة اليسار-وسط والاحزاب العربية على 53 مقعدا. فحزب "الحركة" الذي اسسته وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني يتوقع ان يحصل على 10 مقاعد مقابل اربعة مقاعد لحزب ميرتس (يسار صهيوني). بحسب فرنس برس.

اما حزب "يش عاتيد" (يوجد مستقبل) الذي اسسه الصحافي السابق يائير لابيد فسيحصل على 9 مقاعد وستحصل الاحزاب العربية على 12 مقعدا بزيادة مقعد واحد عن الاستطلاع السابق. واجرى معهد ديالوغ الاستطلاع على عينة تمثيلية من 666 شخصا يمثلون سكان اسرائيل البالغين مع هامش خطأ 3,9%.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 17/كانون الثاني/2013 - 5/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م