أزمات العراق... حلول لا تزال مستبعدة

 

شبكة النبأ: يخشى الكثير من أبناء العراق من خطورة استمرار الخلافات السياسية والتي تسعى بعض الأطراف السياسية الى إثارتها بين الحين والأخر بقصد إثارة وتأجيج الشارع العراقي في سبيل الحصول على بعض المكاسب الحزبية الخاصة، ويرى بعض المراقبين ان الخلافات السياسية اليوم قد تحولت الى عداء شخصي بين بعض قادة والمسؤولين وهو ما تثبته الوقائع والحرب الإعلامية المستمرة التي اتسمت بطابع التسقيط السياسي لبعض الشخصيات، وهي ما اعتبره البعض  تطورات جديدة قد تدخل في سياق المخطط التآمري الذي تسعى إليه بعض الدول الإقليمية والخليجية التي تعمل على جعل العراق سوريا أخرى من خلال العزف على وتر الطائفية ودعم بعض الجهات والأحزاب السياسية المتنفذه، الامر الذي قد يسهم بخلق حرب أهليه في العراق، وفي ما يخص الأزمة السياسية والتظاهرات الأخيرة التي شهدتها البلاد فقد شارك مئات العراقيين في تظاهرة وسط بغداد دعما لحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي لوقوفه ضد مطالب تظاهرات لأهالي مدن شمال وغرب البلاد، تطالب برحيله واطلاق سراح المعتقلين وإلغاء مواد دستورية. وتجمع المئات في ساحة التحرير وسط بغداد بينهم زعماء عشائر ونساء، للتعبير عن دعمهم لحكومة المالكي، ورفعوا صورا له حملت إحداها عبارة "انا عراقي انا احب المالكي" واخرى "نطالب بعدم إلغاء قانون الإرهاب والمساءلة والعدالة". وهتف المتظاهرون الذين فرضت حولهم اجراءات امنية مشددة "نعم نعم للعراق ..اخرج اخرج يا بعث" و "كلا كلا للإرهاب نعم نعم للمالكي". وتعالت اصوات عبر مكبرات الصوت تسأل المتظاهرين "هل تريدون إطلاق سراح من قتل الشرطة والجيش ..ومن حول الأطفال لأيتام"؟

فيما قام متظاهرون اخرون برشق احذية على صورة لعزة الدوري، نائب الرئيس العراقي السابق المخلوع صدام حسين والذي لا يزال متواريا عن الأنظار. وقال ابو حسين (67 عاما) "نسأل الحكومة، باسم جميع الشهداء والضحايا والأرامل ان لا تلغي المادة 4 (ارهاب)" وتابع "ابني قتل برصاص قناص، عام 2006 بعمر عشرين عاما في منطقة العطيفية (غرب) عام 2006، كان على وشك الزواج لم اعرف طعم النوم منذ ذلك اليوم".

على الصعيد ذاته، تظاهر عشرات يحملون اعلاما عراقية ولافتات وسط مدينة البصرة (450 كلم جنوب) لرفض اطلاق سراح المعتقلين والغاء المادة 4 من قانون مكافحة الارهاب. وشارك الاف في تظاهرة مماثلة في مدينة النجف، جنوب بغداد، لدعم المالكي ورفض إطلاق سراح المعتقلين.

من جهة اخرى، طالبت تظاهرات في مدينة الرمادي غرب بغداد وسامراء في محافظة صلاح الدين شمال، برحيل المالكي. ففي مدينة الرمادي (100 كلم غرب) طالب المتظاهرون خلال استقبالهم وفدا من "الائتلاف الوطني لعشائر العراق" ، برحيل المالكي.

واكد الشيخ علي حاتم احد زعماء عشائر الدليم للوفد ان "مطلب المعتصمين الان اصبح اقالة المالكي لانه اهان كرامتنا اربع مرات" في اشارة لتصريحات للمالكي بينها تلقي المعتصمين دولارات للتظاهر. الى ذلك، يواصل الالاف الاعتصام في مناطق متفرقة في محافظة صلاح الدين، شمال بغداد، بينها تكريت وسامراء وبيجي والدور. وفي سامراء (110 كلم شمال) حيث طالبت لافتات برحيل المالكي، وقالت احداها "ارحل يا مالكي انت لاتصلح رئيسا" للحكومة. واخرى "انت رئيس حزب الدعوة فقط".

وقال الشيخ عبد الرحمن السامرائي احد ممثلي التظاهرة متحدثا "على المالكي الرحيل لاننا اعطيناه فرصة طويلة منذ استلامه المسؤولية ولم ينفذ اي شيء" وتابع لقد "أعطى وعودا كثيرة بينها المئة يوم ولكنه اخلف بها وعليه الرحيل". وطلب المالكي نهاية شباط/فبراير 2011، مهلة مئة يوم لتحسين اداء حكومته واجراء حزمة من الإصلاحات بينها مكافحة الفساد وتوزيع 280 الف وظيفة حكومية وخفض سن التقاعد.

في غضون ذلك، واصل المتظاهرين في مدينة الموصل كبرى مدن محافظة نينوى، التظاهر للمطالبة باطلاق سراح المتظاهرين خصوصا النساء والغاء المادة 4 إرهاب. وتشهد عدة مدن في محافظات سنية شمال وغرب بغداد، منذ نحو ثلاثة اسابيع تظاهرات واعتصامات يشارك فيها الاف تطالب المالكي باطلاق سراح المعتقلين خصوصا النساء والغاء المادة 4 من قانون مكافحة الارهاب. بحسب فرنس برس.

من جانبه، ذكر رئيس الوزراء ا باتخاذ حكومته لقرار بتشكيل لجنة برئاسة نائب رئيس الوزراء تتولى تسلم طلبات المتظاهرين المشروعة والتي لا تتعارض مع الدستور لتقديمها كمقترحات الى مجلس الوزراء. وتاتي التظاهرات قبل ثلاثة اشهر من انطلاق انتخابات مجالس المحافظات التي اجريت للمرة الاولى في البلاد في اذار/مارس 2010.

في السياق ذاته طالب خصوم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بمثوله أمام البرلمان لاستجوابه في ثاني محاولة لإجراء تصويت على سحب الثقة ولا يزال خصوم المالكي في الكتل السنية والشيعية والكردية بالعراق منقسمين بشدة وفشلوا العام الماضي في الحصول على موافقة الرئيس أو حشد ما يكفي من الأصوات في مجلس النواب المكون من 325 عضوا للتصويت على سحب الثقة.

وسيكون الاستجواب والاحتجاجات اختبارا كبيرا للمالكي الذي يتهمه زعماء سنة كثيرون بتهميشهم والاستئثار بالسلطة بعد عام فقط من مغادرة القوات الأمريكية للعراق. وجمع النواب هذه المرة أكثر من 25 توقيعا لازما لمطالبة المالكي بالمثول أمام البرلمان لاستجوابه بشأن انتهاكات مزعومة للدستور ولاتفاق اقتسام السلطة. وقال جابر الجابري وهو نائب عن ائتلاف العراقية المدعوم من السنة إن الخطوة الأولى هي استجواب المالكي وإنهم قدموا طلبا بذلك. وأضاف أن المرحلة المقبلة ستكون التصويت على سحب الثقة إذا تم الحصول على ما يكفي من الأصوات.

المالكي يحذر من الفتنة

على صعيد متصل حذر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي المتظاهرين في عدد من محافظات البلاد من استغلال الحريات بشكل سيء للخروج بتظاهرات تهدف الى إشعال "فتنة في العراق". ان "من حق الشعب ان يتظاهر ومن مصلحة الحكومة ان يخرج الشعب للشوارع ويمارس حقه وتسمع من خلال وسائل الاعلام ما هو الخلل وربما ما هو العلاج عندما تكون المظاهرات ضمن السياقات القانونية". واكد المالكي على حساسية مسؤولية قوات الشرطة في التعامل مع المتظاهرين. وقال ان "المسألة تحتاج الى شيء من المرونة والدقة والحكمة في التعامل لانها فتنة يراد لها ان تشتعل في العراق".

وشدد المالكي على ان "الحرية ليس ان تتحول وسيلة الاعلام الى وسيلة شعوذة وشغب واتهام واساءة لهذا المسؤول او ذاك وتجاوز على ذاك المكون" في اشارة لتبادل الاتهامات. ونبه الى ان "الحريات عند من لا يفهم الديموقراطية والاحتكام الى الدستور، فوضى وشريعة غاب". واتهم رئيس الوزراء احزابا سياسية لم يسمها، بالوقوف وراء هذه التظاهرات. وقال "لان قانون الاحزاب لم يسن ويشرع، بقيت الاحزاب تشكل بطريقة ربما تستخدم وسيلة للإساءة". وذكر مجلس النواب باهمية التصويت على قانون الاحزاب قائلا "لكنها (تبقى) حرية الى ان يتصدى مجلس النواب ويشرع قانون الاحزاب". بحسب فرنس برس.

كما اكد المالكي على ان "هناك فرقا بين مظاهرة قانونية سلمية وبين عمل يتحول الى عصيان وقطع طريق". وتسبب اعتصام محافظة الانبار (غرب بغداد) منذ 23 من كانون الاول/ديسمبر الماضي، بقطع الطريق بين بغداد والاردن وسوريا. كما علقت الدوائر الرسمية في محافظة نينوى (شمال بغداد) عدا الخدمية منها العمل، على مدى اسبوع دعما للتظاهرة هناك. وعلى الرغم من ذلك دعا المالكي المتظاهرين الى ان يتعاملوا "بهذه الحكمة والا يعتقدوا ان الدولة غير قادرة على الدفاع". واضاف "نحن لسنا في سباق مع شعبنا".

العراق يغلق الحدود

الى جانب ذلك اعلن مسؤول عسكري عراقي ان العراق قرر اغلاق حدوده مع الاردن وقال هذا المسؤول العسكري الكبير رافضا كشف هويته "تلقينا اوامر من وزارة الدفاع باغلاق المعبر الحدودي بسبب التظاهرات التي لا تزال تغلق الطريق". وكانت وكالة الانباء الاردنية الرسمية (بترا) ذكرت في وقت سابق ان العراق ابلغ الاردن انه سيغلق الحدود بين البلدين "لاسباب خاصة" بالعراقيين. وقالت الوكالة ان "مديرية الامن العام (في الاردن) تلقت اخطارا من الجهات المعنية في الجمهورية العراقية الشقيقة مفاده أن الحدود العراقية ستغلق من جانب واحد منفذ طريبيل الحدودي (بين البلدين) وذلك لاسباب خاصة لديهم" في اشارة الى ان قرار الاغلاق العراقي لا يعود لوجود خلاف مع الاردن.

واضافت الوكالة الاردنية ان "مديرية الامن العام تهيب بالمواطنين وسائقي الشحن والخاص بعدم التوجه الى الحدود العراقية في الوقت والتاريخ أعلاه تجنبا لانتظارهم المطول ولتوفير الوقت والجهد عليهم ولحين الاعلان عن فتح المنفذ الحدودي بشكل رسمي من جهة السلطات العراقية والاعلان عن ذلك من قبل مديرية الامن العام عبر وسائل الإعلام المختلفة". واشارت الوكالة الى ان "الاتصالات جارية عبر القنوات الدبلوماسية والامنية مع الجانب العراقي للتنسيق ومتابعة هذا الامر". بحسب فرنس برس.

ومنفذ طريبيل الذي يبعد عن عمان حوالى 370 كلم وعن بغداد حوالى 570 كلم هو المنفذ الوحيد بين البلدين، ويشهد على الدوام حركة نقل للمسافرين والبضائع بالإضافة الى نقل النفط الخام العراقي الى الاردن من خلال الصهاريج.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 15/كانون الثاني/2013 - 3/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م