كتب ورفاق... ثقافة تتناسل

 

شبكة النبأ: تعتبر الكتب مصدر مهم من مصادر التثقيف وزيادة المعلومات التي يسعى الإنسان الى الوصول اليها والاستفادة منها سواء كانت هذه المعلومات علمية ام أدبية، والكتابة بحسب بعض المتخصصين هي فن خاص تحتاج الى القدرة والمهارة والتأثير وهي أمور مهمة يصعب توفرها لدى الجميع لذا فأن الكثير من طلاب الأدب يأملون في أن يصحبوا كتابا مشهورين، لكن عددا منهم تنقصه الخبرة اللازمة، وفي طريق تحقيق هذا الحلم، تنظم جامعة برلين دورات للتعريف بالتأليف يحاضر فيها كتاب مرموقون من مختلف أنحاء العالم. حلم رائوني دوران هو أن يصبح كاتبا في المستقبل، فهو يملك تصورات وأفكارا عن الرواية الأولى التي يود كتابتها، لكن تمة أشياء تنقص هذا الشاب البالغ من العمر 26 عاما، حتى يتمكن من تحويل أفكاره الجيدة إلى مؤلف مكتوب بمنهجية وأسلوب صحيحين.

طموح رائوني ورغبته في صقل موهبته جعلاه لا يتردد في التسجيل بجامعة برلين الحرة للحضور الى مجموعة من المحاضرات تحت عنوان :" قراءات المؤلفين". فهذا الطالب الذي يدرس شعبة الأدب يرى أن المؤلف مطالب دائما بالتفكير في بناء النص بشكل جيد، حتى يكون المعنى واضحا، وألا يقتصر النص فقط على التفاصيل. والمشرف على حلقات الدروس هذه ليس بمحاضر عادي، بل هو المؤلف الأمريكي الناجح أندرو شون غرير. هذا الروائي القادم من سان فرانسسكو الأمريكية يقوم بتدريس ثلاثين طالبا مسجلين في برنامج الماجستر بشعبة الأدب المقارن. وليس الكاتب المشهور غرير الشخص الوحيد الذي أتى ليقدم دروسا في برلين، وإنما هناك الكثير من المحاضرين الزوار الذين قدموا دروسا بجامعة برلين، مثل حامل جائزة نوبل للأدب الياباني أوي كينزابورو والنمساوي الألماني دانيال كيلمان والكاتب الصومالي المشهور نورد الدين فرح. فمنذ 1998 بدأ مشاهير الكتاب يحلون ضيوفا على جامعة برلين في إطار برنامج مشترك بين الجامعة ووزارة الخارجية ودار النشر فيشر.

يُركز الكاتب غرير في محاضراته كثيرا ما على ضرورة أن يقوم المؤلفون الشباب بتقمص دور النقاد عند قراءتهم لمؤلفات الآخرين، حتى يتعلموا من خلال ذلك الكثير من الأشياء التي تساهم في تطوير إمكانياتهم. ويتدرب الطلاب طيلة الفصل الدراسي على مختلف تقنيات الكتابة الأدبية، مثل تغيير المنظور الذي يتم منه تناول النص، و كيفية الانتقال من زمان لأخر في الكتابة بشكل سلس، فغرير مقتنع تماما بأن كل شخص يمكنه تعلم تقنيات التأليف.

من جهته يؤكد رئيس جامعة برلين الحرة بيتر أندريه ألت، بأن التبادل الثقافي مع الزائرين من كل أنحاء العالم يعتبر جزءا من هوية الجامعة التي يشرف عليها. فمنذ 2007 أصبحت جامعة برلين الحرة تُصنف ضمن جامعات النخبة، كما استطاعت هذه الجامعة أن تفرض نفسها في مسابقة مبادرات التميز بفضل مشروعها: "جامعة الشبكات". وعن أهمية ذلك يقول أندريه ألت:" مؤسسات مثل صامويل فيشر للأساتذة المستضافين تعمل على مساعدة الطلبة على فهم الثقافات الأخرى بشكل جيد، وبالتالي على الإدراك العميق لثقافتهم الخاصة".

وليس التبادل الثقافي حاضرا بشكل قوي في الدروس التي يلقيها أندرو شون غرير في جامعة برلين، وقد يكون السبب في ذلك هو التشابه بين الثقافتين الأمريكية والألمانية، غير أن الأمر المؤكد هو شعور غرير بالارتياح في برلين وكأنه موجود في موطنه:" تطغى على المدينة أجواء الحاضر وليس الماضي، وذلك على الرغم من شعورك بماضيها في كل مكان ".

ويبدو أن شغف غرير بالأدب المرتبط بحبهه لبرلين يمتد أيضا إلى غيره من الناس. فطلبته يحبون الدروس التي يلقيها ويشعرون بالسعادة عند المشاركة فيها حتى وإن كان بعضهم لا يريد حتما أن يصبح مؤلفا في المستقبل، كما هو الشأن بالنسبة لـسارة هانغ ذات 24 عاما. فهي تميل أكثر للنقد الأدبي، أما زميلتها ليديا ديمتروف البالغة من العمر 23عاما، فهي تعمل كمترجمة إلى جانب دراستها. ويتفق الجميع في أن هذه الدروس تساهم في تطوير مستواهم المعرفي. من جهته يرى رئيس الجامعة بيتر أندريه ألت بأن الطلاب يشعرون أيضا بسعادة كبيرة بعد حصولهم على فرصة حضور هذه الدروس، خاصة وأنه من بين 160 مرشحا، تم اختيار 30 طالبا فقط للمشاركة والاستفادة من مثل هذه العروض.

أفضل سلسلة

على صعيد متصل كان جون فيردون يبلغ من العمر 65 ومتقاعدا يقضي وقته في قراءة القصص البوليسية ويكلم زوجته عنها عندما اقترحت عليه ذات يوم أن يكتب هو قصة. قبل فيردون التحدي وظهرت للوجود شخصية ديف جيرني محقق جرائم القتل المتقاعد في مدينة نيويورك الذي كان في بداية حياته الجديدة بعد التقاعد عندما بدأ وصول رسائل غامضة. تلقف ناشر الكتاب وصدر عام 2010 فحظي بإشادة كبيرة واستمرت مغامرات جيرني في كتابين آخرين صدر أحدثهما أخيرا بعنوان "دع الشيطان ينام".

كان فيردون مديرا تنفيذيا بصناعة الإعلان وتقاعد في سن الثالثة والخمسين ثم تحول لصناعة الاثاث قبل أن يتجه للكتابة. وعن مشاعره إزاء تجربته في الكتابة قال إن نتائجها أدهشته وأسعدته. وأضاف "عندما كتبت الكتاب الاول لم أتصور حتى أنه سينشر. كان لدي الوقت لاخراجه وشجعتني زوجتي على ذلك وكتبت الكتاب الاول وأنا أرجو أن يحوز اعجابها."

ورغم صدور كتاب واحد في العام لفيردون فإنه يقول إنه لا يعتمد على وضع إطار تفصيلي عند كتابة القصة بل على أفكار يدونها على بطاقات كلما جاءه الالهام. وقال "لدي قلمان في جيبي لانني سأكون مضطرا لكتابة ملحوظة عندما ينفد الحبر من أحدهما لا قدر الله. لدي قلمان ونصف دزينة من البطاقات في جيب قميصي كل يوم." بحسب رويترز.

ويحتفظ فيردون بالبطاقات في مظروف من الورق البني السميك حتى يمتلأ عن آخره وعندها يستخرج البطاقات التي يتراوح عددها بين 400 و500 ويقوم بترتيبها على مائدة الطعام حتى يبدأ في تكوين هيكل من الفصول ثم المشاهد. ونصيحة فيردون للكتاب الصاعدين بسيطة: "لا تنتظروا حتى الخامسة والستين لكي تبدأوا مثلما فعلت واستمروا فيما بدأتم."

كتاب بحبر خاص

في السياق ذاته ابتكرت دار نشر أرجنتينية طريقة جديدة لحث المشترين من محبي القراءة على قراءة الكتاب في الحال، وهو إطلاق كتب استخدم في طباعتها حبر خاص يختفي بعد شهرين من فتح الكتاب للمرة الأولى وفقا للأنباء الكويتية. وتعد الكتب من أكثر الأصدقاء صبرا، فقد تشتري كتبا ثم تظل متروكة على الأرفف بانتظارك لتقرر أن تقرأها أخيرا بعد مرور شهر أو اثنين او حتى أكثر من ذلك.

ولكن في الوقت الذي تكون فيه الكتب صبورة الى هذا الحد، فإن مؤلفيها على العكس من ذلك على الإطلاق، فإذا لم يقرأ أي شخص كتابهم الأول، فسيفقدون الأمل في كتابة روايات تالية وسيصيبهم الإحباط، ولهذا السبب تحديدا ابتكرت دار نشر أرجنتينية طريقة جديدة لتجنب ذلك المأزق، وهو إطلاق كتب استخدم في طباعتها حبر خاص يختفي بعد شهرين من فتح الكتاب للمرة الأولى.

وبحسب ما ورد على موقع «Oddity Central» اتخذت سلسلة الكتب المبتكرة اسم «El Libro que No Puede Esperar» أي الكتاب الذي لا يمكنه الانتظار، وقامت بابتكار تلك الطريقة دار النشر الأرجنتينية Eterna Cadencia كطريقة مبتكرة للترويج لكتبها ولحث المشترين من محبي القراءة على قراءة الكتاب في الحال وعدم تركه على الأرفف بانتظارهم ليفرغوا له وليبدأوا في قراءة محتواه. وتباع الكتب ملفوفة بكيس من البلاستيك المغلق بإحكام، وبمجرد ما ينزع عنها المشتري الغلاف البلاستيكي، يظل محتوى الكتاب موجودا طوال 60 يوما (أي شهرين)، ثم يبدأ الحبر في التلاشي والاختفاء.

مكتبات

الى جانب ذلك تشارك مكتبة الإسكندرية في (موسوعة الحياة) التي تجاوزت المليون صفحة وتضم معلومات وصورا توثق الأنواع المختلفة للكائنات الحية من نباتات وحيوانات وكائنات دقيقة حول العالم. وقالت المكتبة في بيان إنها "الشريك العربي الوحيد في المشروع حيث تعمل لتكون حلقة الوصل بين موسوعة الحياة والجمهور العربي من خلال ترجمة المحتوى الأصلي في موسوعة الحياة إلى العربية" بواسطة مترجمين وعلماء متخصصين.

وأوضحت أن مشروع (موسوعة الحياة) الدولي الذي انطلق عام 2007 بدعم من مؤسسات دولية يهدف إلى جمع وتوثيق معلومات عن كافة أنواع الكائنات الحية التي يقدر عددها بنحو مليون و900 ألف نوع وإتاحتها مجانا على الإنترنت للعلماء والباحثين والطلبة والجمهور. ونسب البيان إلى إريك ماتا المدير التنفيذي لمشروع الموسوعة أنها تضم الآن أكثر من مليون صفحة متضمنة معلومات عن مختلف الكائنات الحية وأن الشركاء الدوليين سوف يضيفون إليها المزيد خلال السنوات الخمس القادمة.

وقالت سينثيا بار وهي من المسؤولين عن محتوى الموسوعة إن الوصول إلى رقم المليون صفحة "علامة فارقة بالنسبة للمشروع والمستخدمين والداعمين والشركاء الذين ساعدوا على بناء مجتمع موسوعة الحياة العالمي" لتكون مصدر معلومات ثريا في مجال حفظ التنوع البيولوجي. وقال مدير مكتبة الإسكندرية إسماعيل سراج الدين إن المكتبة "من الشركاء الأوائل والبارزين في المشروع" منذ بدايته عام 2007 بتعاون أقل من 20 شريكا والآن بلغ عدد الشركاء نحو 200 حول العالم. بحسب رويترز.

وأضاف أن دور المكتبة في المشروع لا يقتصر على الترجمة بل يشمل إتاحة الأدوات اللازمة للعلماء والباحثين العرب لإضافة محتوى جديد إلى الموسوعة سواء الكائنات الحية في المنطقة العربية والأبحاث والمقالات والصور عن هذه الكائنات.

من جهة أخرى رفضت مكتبات بلدية في بعض المدن السويدية تقديم القصة المصورة "تان تان في الكونغو"، حتى أن إحدى هذه المكتبات لم تتوان عن القول إنها تعتبر هذه القصة عنصرية، على ما أفادت صحيفة "أفتونبلاديت". وقال أمين مكتبة مدينة أربوغا التي تقع في وسط السويد "سحبنا هذه القصة من رفوفنا وقررنا ألا نجدد مخزوننا بسبب محتواها العنصري". وأكد أمين مكتبة ستوليت في تورسبي (الغرب) "ليس لدينا لا قصة تان تان في الكونغو ولا قصة تان تان في بلاد السوفيات فسلفي اختار ألا يشتريهما"، من دون توضيح الأسباب.

وقد أقرت مكتبات أخرى بان قصة "تان تان في الكونغو"، وفي بعض الأحيان "تان تان في بلاد السوفيات"، غير متوفرتين لديها، خلافا لقصص "تان تان" الأخرى، من دون أن تعرف سبب ذلك او من دون ان توضحه. وصدرت قصة "تان تان في الكونغو" للمرة الأولى في العام 1931 وطرحت في الأسواق بنسختها الملونة في العام 1946. وهي تتناول استعمار ما يعرف حاليا بجمهورية الكونغو الديموقراطية وتعكس صورة كاريكاتورية عن الافارقة.

وقد أجرت الصحيفة السويدية هذا الاستقصاء على خلفية الجدل الذي أثاره بهرانغ ميري المدير الفني لدار الثقافة في ستوكهولم الذي سحب في 24 أيلول/سبتمبر قصص "تان تان" لمدة بضع ساعات لإثارة نقاش حول العنصرية التي تطال الأفارقة في قصة "تان تان في الكونغو".

قراصنة الكتب

من الشوارع وليس من المكتبات، يشتري عدد متزايد من أهالي زيمبابوي الكتب لأولادهم الذين يدرسون في كتب مقرصنة تتكبد دور النشر خسائر كبيرة مع انتشارها. وعلى رأس قائمة الكتب المزيفة، «الأدلة الدراسية ومناهج الاختبارات المدرسية التي تعتبر أكبر مصدر دخل لدور النشر في زيمبابوي»، على ما شرح شيبرد مورفنهيما من مجموعة «كولدج برس» التابعة لإحدى أقدم دور النشر في البلاد، شركة «ماكميلان» المتعددة الجنسية من أصل بريطاني والتي تملكها المجموعة الألمانية «هولتسبرينك».

وبالنسبة إلى الأهالي، الجدل محسوم، فالكتاب الأصلي يكلف نحو 15 دولاراً، في حين يراوح سعر النسخة المزيفة بين 5 و 7 دولارات، وفق النوعية. ويُعتبر الفارق في السعر كبيراً في بلد تميّز بعد استقلاله في العام 1980 بنوعية تعليمه، لكنه لا يزال يعاني آثار أزمة اقتصادية امتدت عقداً. وفي غالبية الأحيان، يظن المشتري أن النوعية الرديئة تعزى إلى شوائب الطباعة من قبيل الغلاف الأصفر وبقع الحبر والصفحات المختلطة والتجليد الركيك. وتقول سيبونغيل جيلي الأستاذة المحاضرة في الجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا، إن «الشرطة لا تلاحق إلا باعة الأقراص المدمجة المقرصنة، وهي تمر مرور الكرام أمام التجار الجوالين الذين يبيعون نسخاً من الكتب الدراسية».

ففي بلاد يمنع فيها المساس بشخصية الرئيس روبرت موغابي، الذي يتولى زمام الحكم منذ 32 سنة، وتفرض فيها عقوبات قاسية وغرامات طائلة على كل من ينتقد الرئيس، تُعَدّ القرصنة جنحة بسيطة. وأوضحت جيلي أنه «من الممكن تحسين النظام الجزائي بحيث تفرض على منتهكي القوانين عقوبات أقسى. وينبغي سحب الرخص التجارية من المطابع التي تمارس القرصنة ومصادرة النسخ المزيفة وإتلافها».

ولفت الكاتب والشاعر موسايمورا زيمونيا إلى أن «دور النشر تملك مخزوناً كبيراً من الكتب، في حين أن التاجر الصغير الذي يعمل في السوق السوداء يلجأ إلى أبسط الحيل لكسب أموال على حسابها». ويقضي أحد الحلول ببيع الكتب بأسعار أرخص، لا سيما أن المدارس تفتقر إليها. وفي خضم الأزمة الاقتصادية في بداية الألفية الثانية، كان من المألوف أن يتشارك كل 20 تلميذاً كتاباً واحداً، على ما أوضح الكاتب. بحسب فرنس برس.

وهذا الوضع يؤثر مباشرة على دور النشر، التي تتراجع مبيعاتها في بلد يتعذر على كثر من أهله شراء كتب جديدة. وأكد مدير دار «بوك لوف بابليشرز» إيمانويل ماكادهو أن «شركات كثيرة ستضطر لإغلاق أبوابها إذا استمر الحال على هذا المنوال». وأسف زميله إدموند ماسوندير، الذي يتولى أيضاً نشر قصص للأطفال، لكون «غالبية كتبنا باتت تباع في الشوارع، فتراجعت مبيعاتنا وانخفضت معنويات الموظفين. ونحن لا نعرف بعد إذا كان من الأفضل الانتظار ريثما تُتخذ إجراءات لمكافحة الكتب المزيفة أو المبادرة بنشر كتب جديدة».

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 14/كانون الثاني/2013 - 2/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م