تشافيز والاختيار الاصعب

بين كرسي المرض وكرسي الرئاسة

 

شبكة النبأ: مرض الرئيس هوجو تشافيز الذي تم إعادة انتخاب مؤخرا لولاية ثالثة لايزال القضية الأولى والمهمة في فنزويلا، التي تشهد اليوم صراع سياسي بين الحكومة والمعارضة التي تلح على معرفة الحقائق الكاملة بخصوص مرض الرئيس الغائب والذي لم يتمكن من أداء اليمين الدستوري في موعدة المحدد وهو ما تعده المعارضة أمرا مخالفا لدستور متهمة خصومها بإتباع سياسة التضليل والخداع وخفاء الحقائق، ويرى بعض المراقبين ان الخلافات الحالية ربما ستسهم بزعزعة النظام والأمن في فنزويلا، وفيما يخص اخر التطورات فقد قالت الحكومة الفنزويلية إنها ستؤجل مراسم تنصيب الرئيس هوجو تشافيز لفترة رئاسية جديدة بسبب المشكلات الصحية التي يعاني منها في مؤشر آخر على أن إصابته بالسرطان قد تنهي حكمه للبلاد الذي استمر 14 عاما. ولم ترد أي أنباء عن الرئيس (58 عاما) الذي تولى شؤون البلاد منذ عام 1999 وذلك منذ الجراحة التي أجريت له يوم 11 ديسمبر كانون الأول في كوبا والتي كانت رابع جراحة تجرى له منذ تشخيص حالته على أنه مريض بالسرطان في يونيو حزيران 2011.

وأثار إعلان الحكومة تأجيل مراسم التنصيب غضب زعماء المعارضة الذين يصرون على ضرورة أن يؤدي تشافيز اليمين أمام البرلمان كما ينص الدستور أو أن يتنحى مؤقتا ويترك حليفا له في السلطة. ويقول زعماء المعارضة إن رئيس المجلس التشريعي وحليف تشافيز ديوسدادو كابيو يمكن أن يتولى الرئاسة كما ينص الدستور إذا أعلن تغيب الرئيس رسميا. لكن كابيو استبعد ذلك قائلا إن الرئيس ما زال يتولى المنصب.

وقال نيكولاس مادورو نائب الرئيس والذي اختاره تشافيز لخلافته في خطاب تلي على البرلمان "القائد الرئيس يريد منا أن نعلن أن فترة نقاهة ما بعد الجراحة يجب أن تمتد لما بعد العاشر من يناير بناء على توصيات فريقه الطبي." وجاء في الخطاب أن السلطات ستسعى للاتفاق على موعد آخر لحفل التنصيب لكنه لم يحدد موعدا للمراسم أو يذكر إطارا زمنيا لعودة تشافيز من هافانا.

وقال الخطاب أيضا إنه بدلا من أن يؤدي تشافيز اليمين أمام الوطنية في وقته المحدد فسوف يؤديها في وقت لاحق امام المحكمة العليا كما يتيح الدستور. ويصر زعماء الحكومة على أن تشافيز يؤدي مهام منصبه كرئيس للدولة بشكل كامل حتى رغم أن التقارير الطبية الرسمية تقول إن لديه عدوى رئوية شديدة ومشكلات في التنفس.

ودعت الحكومة إلى حشد كبير امام قصر الرئاسة وأكد الرؤساء المتحالفون معه منهم هوسيه موهيسا رئيس أوروجواي وايفو موراليس رئيس بوليفيا أنهم سيزورون فنزويلا رغم تغيب تشافيز. غير أن صمت الرئيس المعروف بخطبه الطويلة جعل كثيرين يظنون أنه في أيامه الأخيرة. وستؤدي استقالته أو وفاته إلى إحداث هزة في الأحوال السياسية في فنزويلا حيث يعتبره الفقراء بطلا بسبب سخائه في الإنفاق على الرعاية الاجتماعية. بحسب رويترز.

وحسمت محكمة العدل العليا في فنزويلا الجدل القائم حول قسم الرئيس، لصالح الحكومة في مواجهة المعارضة وذلك عبر اقرارها ان هوغو تشافيز يمكن ان يؤدي اليمين بعد العاشر من كانون الثانمي/يناير كما هو وارد في الدستور. واعلنت رئيسة محكمة العدل العليا لويزا استيلا موراليس ان هوغو تشافيز سيتمكن من اداء اليمين بعد العاشر من كانون الثاني/يناير كما ينص الدستور وستبقى حكومته تتولى تصريف الاعمال الى ان يتم تنصيب الرئيس الفنزويلي. واضافت ان الحكومة ستقوم كما نائب الرئيس بتصريف الاعمال بعد هذا الموعد بموجب "مسألة استمرارية النظام". كما ذكرت ان القضاء الاعلى يستبعد في الوقت الراهن ارسال لجنة طبية الى كوبا كما طالبت المعارضة. وفي حالة وفاته أو تنحيه تجرى انتخابات جديدة خلال 30 يوما. وقبل سفره إلى العاصمة الكوبية هافانا في ديسمبر كانون الأول أوصى الرئيس أنصاره بدعم نائبه مادورو في تلك الانتخابات في حالة عجزه عن الاستمرار في الرئاسة.

حرب نفسية

في السياق ذاته اتهمت الحكومة الفنزويلية المعارضة ووسائل الاعلام بشن "حرب نفسية" بهدف "زعزعة استقرار" البلاد. وامام كاميرات قناة في.تي.في الرسمية اتهم مادورو المعارضة بالعمل على تقويض ثقة الشعب من خلال تناقل "الاكاذيب والتضليل". وبعد ذلك بقليل تلا وزير الاعلام ارنستو فياغاس بيانا حكوميا حذر الشعب الفنزويلي من الحرب النفسية التي قال ان وسائل الاعلام الدولية تشنها مستغلة صحة رئيس الدولة، وهدفها الاساسي "زعزعة استقرار" فنزويلا والاطاحة "بالثورة الاشتراكية" التي اعلنها تشافيز.

وقال مادورو "اننا نعلم ان تلك التلاعبات مصدرها الولايات المتحدة (...) انهم يظنون ان فرصتهم قد حانت، واننا نعيش فترة مجنونة نتعرض فيها لهجوم من اليمين هنا وعلى الصعيد العالمي" دون ان يوضح اذا كان يقصد الحكومة الاميركية او المعارضة الفنزويلية التي تنشط في اميركا الشمالية. وقبل ذلك في واشنطن، نفت الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند اي مؤامرة تحاك في الغرب واكدت ان ليس هناك "اي حل مدبر في الولايات المتحدة" لذلك البلد. لكنها اقرت بوجود اتصالات مع فنزويليين "من مختلف التيارات السياسية".

واعلن مادورو وكابيو انهما انتقلا الى كوبا "خلال الساعات الاخيرة" لعقد "اجتماع عمل" مع الرئيس تشافيز. وكان الاجتماع يهدف على ما يبدو الى تحديد الاستراتيجية التي يجب انتهاجها من اجل توليه مهامه. وقال نيكولاس مادورو الذي عينه تشافيز خليفة له "قيمنا عدة عناصر لادارة سنة 2013 هذه".ونفى مادورو شائعات تحدثت عن خلاف بينه كابيو الذي كان الى جانبه. وقال مادورو "اننا متحدان اكثر من اي وقت مضى" مؤكدا انهما "اقسما امام الكومندانتي (القائد) هوغو تشافيز (...) انهما سيظلان متحدين". وبث هذا الاعلان على هامش زيارة "تفقد" مصنع قهوة في كراكاس توحي بان الحكومة استعادت نشاطها العادي. وامام الغموض السائد حول مرض الرئيس طالبت المعارضة بتوضيحات حول حالته الصحية واقترح عمدة كراكاس انطونيو ليديسما ارسال لجنة سياسية وطبية تضم المعارضة الى كوبا "للاطلاع على حالة الرئيس الصحية". بحسب فرنس برس.

وقد تكتمت السلطات على طبيعة السرطان وموضعه تحديدا في منطقة الحوض، بعد تشخيصه في حزيران/يونيو 2011، وسرت شائعات حول وفاة الرئيس (58 سنة) الذي يتولى الحكم منذ 1999، بعد ان اعلن نيكولاس مادورو تدهور حالته الصحية. ومن واشنطن تحدثت نولاند عن صدى مخاوف متزايدة بشان انعدام الشفافية حول صحة تشافيز ودعت الى ان "تكون المرحلة الانتقالية السياسية في فنزويلا ثمرة قرارات يتخذها الفنزويليون".

البرازيل ليست قلقة

من جهة اخرى اعلن ماركو اوريليو غارسيا، المستشار الخاص للشؤون الدولية للرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، ان بلاده ليست قلقة على المستقبل الديموقراطي لفنزويلا في حال لم يستطع الرئيس هوغو تشافيز تسلم مهامه. وقال غارسيا الذي اوفدته الرئيسة الى هافانا، خلال مؤتمر صحافي ان الحال الصحية للرئيس الفنزويلي "خطيرة".

واوضح انه التقى في هافانا نائب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الذي ابلغه انه في حال لم يتمكن تشافيز من العودة الى كراكاس في الموعد المحدد لاداء اليمين، فهناك بند دستوري ينص على مهلة 90 يوما تجدد لمدة 90 يوما اخرى. واضاف غارسيا انه مع انتهاء هذه المهلة وفي حال لم يتمكن الرئيس من تسلم مهامه يجب اجراء انتخابات رئاسية خلال مهلة 30 يوما. بحسب فرنس برس.

وكان غارسيا قد زار هافانا بطلب من روسيف. واشار الى انه اجرى "محادثات مطولة" مع نائب الرئيس الفنزويلي مادورو وكذلك مع الرئيس الكوبي راوول كاسترو وشقيقه فيدل. وقال غارسيا الذي لم يلتق الرئيس الفنزويلي "هنا علمت بخطورة الحال الصحية للرئيس تشافيز".

وفيما يلي أبرز النقاط في حياة تشافيز:

- ولد هوغو رافاييل تشافيز فرياز في 28 يوليو/ تموز عام 1954، في مدينة برنياس في فنزويلا.

- والده هوغو تشافيز (معلم مدرسة)، ووالدته إلينا تشافيز (معلمة مدرسة).

- تزوج من ماريزابل تشافيز عام 1997 التي رزق منها بطفلة أسماها، روزا إينيز، ثم طلق زوجته الأولى ليتزوج بنانسي تشافيز، التي رزق منها بطفلتين وطفل، اسماهم: روزا فيرجينيا، وماريا غابرييلا، وراؤول أفونزو، ولكنه طلق زوجته الثانية أيضاً في منتصف التسعينيات.

- تخرج تشافيز من "أكاديمية فنزويلا العسكرية" في كاراكاس عام 1975، وانخرط في الجيش الفنزويلي مباشرة بعد التخرج، ثم ترفع لرتبة عقيد في الجيش عام 1990.

- سجن لمدة شهر عام 1994، بتهمة تدبير انقلاب على الرئيس الفنزويلي، كارلوس أندريز بيريز، وقام في العام ذاته بتأسيس مجموعة سياسية معارضة باسم "الحركة الجمهورية الخامسة."

- انتخب في 6 ديسمبر/ كانون الأول عام 1998 ليصبح أصغر رئيس بتاريخ فنزويلا، وشكلت حكومته دستوراً جديداً عام 1999.

- تمت إعادة انتخابه ليترأس الدولة مدة ست سنوات إضافية عام 2000.

- توسعت المظاهرات عبر البلاد نظراً للأزمة الاقتصادية عام 2002 أدت إلى مقتل ستة متظاهرين، حينها أعلن تشافيز تنحيه عن الرئاسة، لكنه عاد لاستلام منصبه بعد يومين.

- قدمت مجموعات المعارضة في 20 أغسطس/ آب عام 2003 عريضة إلى المسؤولين عن الانتخابات، احتوت على ما بين 2.7 و3.2 مليون توقيع، للمطالبة بتنحية تشافيز عن منصبه، لكن التصويت النهائي أظهر أن 59 في المائة يوافقون على بقاءه في منصبه.

- قدم تشافيز خطاباً حاداً ضد الأمم المتحدة في 15 سبتمبر/ أيلول عام 2005 واصفاً إياها بـ"الإمبراطورية الإمبريالية"، مطالباً المجتمع الدولي من التجرد منها، كما وصف الرئيس الأمريكي بوش بـ"الشيطان" في خطاب له عام 2006.

- أعلن تشافيز انسحاب فنزويلا رسمياً من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي عام 2007، وفي العام ذاته أحكمت الحكومة سيطرتها على آخر حقل خاص للنفط.

- في 9 مايو/ أيار 2011 ألغى تشافيز زيارة رسمية للبرازيل، بسبب جراحة عاجلة لركبته، أجريت له في إحدى مستشفيات العاصمة الكوبية هافانا، وتبين في 10 يونيو/ حزيران إصابته بورم سرطاني في ركبته، وظل يصارع المرض حتى أعلن شفاؤه في 9 يوليو/ تموز عام 2012.

- أعيد انتخابه لمدة ست سنوات إضافية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2012، إلا أنه أعلن بعد شهرين عودة الورم السرطاني إليه، ولا يزال تحت العلاج وسط تساؤلات حول حلفه اليمين لتولي الرئاسة، والتي حدد تاريخ 10 يناير/ كانون الثاني الجاري موعداً لها.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 12/كانون الثاني/2013 - 29/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م