من حقي أن أتوجع وأغضب وأرد

علي المؤمن

عنوان المقال؛ جرني اليه الكلام الذي يدار حول تظاهرات النجف الاشرف التي ستقيمها جماهير المحافظة في صبيحة يوم الجمعة القادمة (11/1/2013)، ثم الاعتصام المفتوح الذي يعقبها في مجسرات ثورة العشرين.

 أقول من منطلق المعرفة والدراية؛ بان هذه الفعالية ليست فعالية سياسية ولاتتبناها اية كتلة او جهة سياسية ولاتهدف الى دعم الحكومة او دعم السيد رئيس الوزراء أو اية شخصية سياسية آخرى، ولن ترفع اي شعار او صورة لأية شخصية سياسية. بل هي تظاهرة شعبية ذات طابع اجتماعي دعا اليها النجفيون وابناء الاقضية والنواحي في المحافظة؛ من عمداء اسر وشيوخ عشائر ورؤساء مواكب حسينية وكسبة وتجار وطلبة واساتذة واعلاميين. وانها غير مدعومة ماديا او معنويا من اية جهة سياسية او حكومية؛ بل حصلت على الترخيص الرسمي بالتظاهر من الجهات المعنية، و تبرع بنفقاتها عدد من التجار وعلماء الدين و الميسورين من ابناء النجف الاشرف.

 وفي الوقت نفسه اعلن السيد محافظ النجف الاشرف عن عدم علاقته بالتظاهرة لا من قريب ولا من بعيد. وصرح بان ما نسب اليه غير صحيح بتاتا. وهكذا الامر بالنسبة لحزب الدعوة والأحزاب الاخرى.

 كما ان التظاهرة لاتستثمر مناسبة ذكرى وفاة الرسول الاعظم لأغراض سياسية أو مصلحية. ولو فرضنا إن التوقيت مقصود؛ فما الضير في ان يدافع اتباع اهل البيت عن انفسهم ويوضحون مواقفهم المصيرية ويطلقون صرخاتهم ويتمسكون بخيارهم المذهبي والاجتماعي في مناسبة مقدسة كهذه؛ لطالما ان أهداف التظاهرة مقدسة أيضا كما ارى. وبالتالي ستعبر هذه المظاهرة عن بيعة جديدة لرسول الله (ص) في ذكرى وفاته. هذا فضلا عن ان اغراض التظاهرة بالأساس ليست سياسية. وهذا واضح من تسميتها (جمعة التصدي للطائفيين). اي ان اهدافها تنحصر في الرد الجماهيري العفوي على من يخلقون الفتنة الطائفية ويؤججونها؛ ولاسيما المندسين في تظاهرات محافظة الانبار؛ والذين لم يترددوا في شتم الشيعة بأبشع الكلمات، وشتم رموزهم الدينية والسياسية، وتخوينهم، وتهديدهم، واحراق الأعلام التي كتب عليها (ياحسين)، ورفع أعلام البعث، وصور العثماني اردوغان، وصور الاموي صدام، وهددوا بقطع مياه الفرات عن وسط العراق وجنوبه، واستعانوا بأموال وإعلام وتوجيهات الأنظمة العدوة للعراق وشعبه؛ كتركيا وقطر والسعودية واسرائيل.

 وإذا كان بعض الطائفيين؛ يستغل خلافه مع السيد رئيس الوزراء او كتلة دولة القانون او التحالف الوطني؛ ليكيل الشتائم للشيعة ويتهمهم بالعمالة والخيانة، فهو بذلك يجتر الموروث الأموي والعثماني والبعثي؛ الذي ظل حاكما على ثقافة الدولة العراقية منذ 1350 وحتى الآن؛ إذ لاتزال المفاصل الأساسية للدولة العراقية هي طائفية سنية بامتياز؛ وامتلك مئات الشواهد والادلة على ذلك.

فالذي تغير بعد عام 2003 هو مشاركة الشيعة في السلطة مشاركة تنسجم الى حد ما مع حجمهم السكاني، وحصولهم على جزء مهم من حقوقهم، وليس كامل حقوقهم. وهو مايعتبر جريمة نكراء لاتغتفر في الموروث الثقافي الطائفي للدولة العراقية. وهذا هو السبب الرئيس لمعظم مايحدث من تظاهرات واعتراضات وأعمال عنف يقوم بها الطيف الديني و السياسي المسيطر على واقع السنة العراقيين.

ومن ذلك مايحدث هذه الايام في الانبار؛ حيث يتعرض أهلنا في الانبار الى اضطهاد وظلم خفيين من قبل الزعماء السياسيين السنة؛ الذين يفتعلون الازمات السياسية ويشعلون الحرائق؛ ليجعلوا جمهور السنة وقودا لها؛ لتحقيق مصالحهم الشخصية والسياسية في كسب المزيد من الثروة والسلطة؛ في وقت يعاني كثير من اهلنا في المنطقة الغربية من الفقر والفاقة وسوء الخدمات.

وكل ذلك سببه الزعماء السنة الذين استغفلوا هناك ونصبوا انفسهم مدافعين عن جمهور السنة؛ ولو أنفق كل زعيم سني نصف مايملك من ثروته على إعمار المنطقة ومساعدة الفقراء وتحسين الخدمات؛ لتحولت الانبار وصلاح الدين والموصل الى جنان أرضية وربيع دائم. بل لو استثمرت مجالس المحافظات السنية والمؤسسات الحكومية التي تقودها الاحزاب السنية ما يخصص لها من ميزانيات؛ على الاعمار والخدمات وتشغيل العاطلين والرفاه الاجتماعي؛ لغيرت احوال هذه المحافظات تغييرا جذريا، فمثلا بدل ان يتظاهر اهلنا في الموصل بدفع من الأحزاب الطائفية ضد الحكومة المركزية وشخص رئيس الوزراء؛ لماذا لايتظاهرون ضد محافظهم الذي أعاد 70% من ميزانية المحافظة الى خزينة الدولة؛ بدل ان ينفقها في أبوابها الاستثمارية والعمرانية والخدمية والاجتماعية؛ وكأن الامر مقصود بأن يبقى أهلنا السنة يدفعون ضريبة ألاعيب بعض الزعماء السنة؛ ولتتجه الشتائم والاحقاد صوب الشيعة ورئيس الوزراء الشيعي.

 بعد كل هذا وذاك؛ ألا يحق للشيعة ان يكون لهم رد فعلهم على مايتعرضون له من تآمر!؟ ويأخذوا حذرهم، ويردعوا المتجاوز، ويدافعوا عن انفسهم واعراضهم!؟.

 لماذا يستكثر الطائفيون على الشيعي ان يصرخ عندما يتوجع!؟، ويتأهب عندما يحس بالخطر!؟، ويرد العدوان عندما يعتدى عليه!؟، ولماذا يكون الشيعي طائفيا عندما يريد الدفاع عن نفسه!؟. وهل كتب على الشيعي أن يذبح بصمت على مر التاريخ!؟، وهل كتب عليه ان يقمع دون ان يقدر على النظر بوجه جلاده!؟ او تنتهك حرماته وتسبى نساؤه وتصادر أمواله ويهجر دون ان يعترض!؟

 لماذا يسلبون من الشيعي حقه حتى في البكاء على مآسيه، وحقه في التعبير عن هواجسه ومخاوفه، وحقه في الاستعداد لمواجهة من يهاجمه!؟ أية شريعة هذه واي قانون واي مبدأ!؟

 أن تظاهرة جمعة التصدي للطائفية (11/1/2012) في النجف الاشرف؛ ستركز على التقارب والوحدة بين السنة والشيعة؛ فهي ليست موجهة ضد أهلنا المتظاهرين السنة في الانبار، بل انها ستتضامن معهم في مطاليبهم المشروعة، وتدعوهم لتطهير صفوفهم من العملاء العثمانيين والوهابيين والبعثيين، وستكشف لهم بالأدلة مايثبت أن معظمهم ضحية تآمر بعض زعمائهم عليهم؛ خدمة لمصالح شخصية ومادية وسياسية. ومظهر هذا التركيز يتجسد في حضور عدد من قادة الانبار وصلاح الدين وشيوخ عشائر المنطقة الغربية السنية؛ الذين سيشتركون في التظاهرة وسيلقون كلمات بالمناسبة.

 وبالتالي؛ فان هذه التظاهرة الكبرى والاعتصام المفتوح الذي سيعقبها؛ انما يمثل صرخة النجف؛ وليست اية مدينة اخرى؛ مع بالغ الاحترام لكل مدن العراق؛ بل لأن النجف هي العاصمة الدينية لشيعة العالم، ومركز القرار الديني الاول في العراق، وهي مركز الحوزة العلمية الشيعية العالمية، وهي المركز الثاني للقرار السياسي في العراق.

 ارجو من كل الاحبة تحري الدقة والموضوعية في التعليقات وتجنب الكلام الجارح والطائفي وكل مايفرق وحدة العراقيين.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 12/كانون الثاني/2013 - 29/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م