تركيا والاتحاد الأوربي... انضمام لا يزال مستبعد

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: يبدو ان عام 2013 سيكون لتركيا عام مفاوضات الانضمام الى الاتحاد الأوروبي عقب مرور عامين ونصف دون احراز اي تقدم في لهذه المفاوضات، إذ بدأت في الآونة الأخيرة خطوات جديدة بين الجانبين لتمهيد الطريق امام مشوار تركيا الصعب الطويل للحصول على العضوية الكاملة للاتحاد الأوروبي، لكن في الوقت ذاته لا تزال النتائج الملموسة للانجازات التي حققها الاتحاد الاوروبي مشكوك فيها، بالنظر إلى أن الاتحاد الاوروبي يواجه مشكلات اقتصادية ضخمة في الداخل، بينما توجد مصاعب مستمرة في عملية توسع الكتلة السياسية والاقتصادية المكونة من 27 عضوا، ولا يخفى على أحد أن الاتحاد الأوروبي لديه تحفظات شديدة ازاء ضم تركيا اليه لعدة اسباب اهمها المعوقات الديموغرافية والمعوقات الاقتصادية، فضلا عن تضارب الموقف الدولي، اضافة الى النزاع حول جزيرة قبرص المقسمة التي لا تعترف بها تركيا ومعارضة من جانب دول أعضاء رئيسية في الاتحاد الاوروبي مثل فرنسا والمانيا.

ويرى المحللون مختصون بهذا الشأن ان القصة بين تركيا والاتحاد ستتضح بشكل اكبر في 2013، الذي سيوافق الذكرى الخمسين لتوقيع اتفاقية الرابطة بين تركيا والاتحاد الاوروبي. غير انه، ما لم يحدث اي تغيير ديناميكى هام، كتغيير في موقف فرنسا على سبيل المثال أو تحقيق انطلاقة فيما يتعلق بقبرص وهو امر غير مرجح، وقد يكون 2013 عام تنتهي فيه فعليا قصة هذه العضوية التي يبدو للعيان أنها لن تنتهي ابدا، لكنه مازال من الممكن تغيير الاتجاه والخروج من تلك الازمة في حالة حشد الارادة السياسية الضرورية، وفي الوقت نفسه، فإنه نتيجة ان عملية حصول تركيا على العضوية استغرقت وقتا اطول من اي دولة اخرى مرشحة لهذه العضوية، نجد ان اهتمام الرأى العام بالانضمام للاتحاد الاوروبي تراجع فى تركيا، وعليه فان المعطيات انفة الذكر تطرح العديد من التكهنات حول المديات والضمانات بانضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي وبالتالي يبقى الحسم مبهما حتى اللحظة الراهنة.

انضمام غير مضمون

فقد اعلن وزير الخارجية السويدي كارل بيلدت ان انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي "ليس مضمونا" ويقتضي جهودا من انقرة وبروكسل في آن واحد، وصرح بيلدت وهو من المدافعين عن انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي في مدينة ازمير (غرب) "لا شيء مضمون في هذا العالم، ولا شيء مضمون في هذه الحياة"، واضاف ان "ذلك يقتضي جهودا من الجانبين، يقتضي عملية اصلاحات متواصلة في تركيا وموقفا منفتحا متواصلا في الاتحاد الاوروبي"، لكن تركيا ستنضم بالنهاية الى الاتحاد الاوروبي "لا تسالوني متى، لكنني اعتقد ذلك"، واعرب بليدت عن الامل في ان تسارع وتيرة المفاوضات بين انقرة وبروكسل خلال 2013 بفضل "مؤشرات ايجابية" يجب مزيدا من "العمل" عليها. بحسب فرانس برس.

وردا على سؤال حول ما اذا كان من بين تلك المؤشرات تغيير موقف فرنسا التي تعارض انضمام تركيا بشكل كامل، اعتبر انه "من السابق لاوانه قول ذلك" مؤكدا "يجب انتظار فرنسا حتى تعرب عن موقفها، هناك معارضة في بعض البلدان لكن جميعها متفقة، باستثناء قلة، (...) على القول انه يجب علينا انجاز المفاوضات"، وفي تقريريها السنوي حول تقدم عملية انضمام تركيا اعربت المفوضية الاوروبية في تشرين الاول/اكتوبر عن اسفها لعدد من النواقص وخصوصا في مجال الحريات الفردية، واعتبر كارل بيلدت ان معظم المشاكل ناجمة عن "دستور متقادم نوعا ما" اعده النظام العسكري بعد انقلاب 1980 ويمكن تداركها بدستور جديد واصلاحات قضائية.

تركيا تتهم الاتحاد الأوروبي

في سياق متصل اتهمت تركيا الاتحاد الأوروبي باتخاذ مواقف تتسم بالتحيز والتعصب الاعمى تجاه أنقرة المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي وقالت إن هذا الموقف تسبب في تراجع ثقة الأتراك في الاتحاد الأوروبي.

وانتقدت تركيا أحدث تقرير للمفوضية الأوروبية بشأن مدى التقدم الذي احرزته انقرة لنيل عضوية الاتحاد، ورغم تراجع التأييد المحلي للانضمام للاتحاد الأوروبي واصلت انقرة مساعيها للحصول على العضوية الكاملة بالاتحاد الاوروبي وقالت إنها تريد الانضمام له قبل عام 2023 في الذكرى السنوية المئوية لقيام الجمهورية التركية، وقال اجمن باغيش وزير شؤون الاتحاد الأوروبي في تركيا في بيان مرافق للتقرير التركي الذي يقع في 270 صفحة "لاحظنا أن تقرير تقدم تركيا لهذا العام شابته مواقف ذاتية ومنحازة وغير مبررة ومتعصبة"، وأضاف باغيش أن من غير المقبول أن يتجاهل تقرير المفوضية الأوروبية في أكتوبر تشرين الأول إصلاحات تركيا "الشجاعة" على مدى العام الماضي وأن هذا قوض قدرة المواطنين الأتراك على الثقة في الاتحاد الاوروبي، وأبدى الوزير في وقت سابق خيبة أمله ازاء التقرير في أكتوبر تشرين الأول وقال إنه لا يتسم بالموضوعية ويتجاهل توسيع حقوق الأقليات الدينية وإن التقرير انتقد القضاء بشكل مبالغ فيه، وأظهر استطلاع أجراه مركز صندوق مارشال الألماني للأبحاث أن وجهة نظر أغلبية الأتراك عن الاتحاد الأوروبي سلبية مما يظهر تراجع الحماسة للعضوية في الاتحاد الأوروبي، وأتمت أنقرة فصلا واحدا فقط من بين 35 فصلا في السياسة التركية يتعين على كل دولة مرشحة إستيفائها للانضمام للاتحاد. كما أن المفوضية الاوروبية منعت إجراء المحادثات وتقول إن تركيا لم تلب بعد المعايير اللازمة في مجال حقوق الإنسان وحرية التعبير والدين، وقال باغيش "اليوم لا توجد حكومة إصلاحية في أوروبا أكثر من حكومتنا."

وأضاف "في حين ان دول الاتحاد الأوروبي تجد صعوبة في تجاوز الأزمة فإن بلادنا تنعم بأكثر الفترات ديمقراطية ورخاء وحداثة وشفافية في تاريخها"، ومضى يقول "رجل أوروبا المريض بالأمس (تركيا) نهض واستجمع قواه ليصف الدواء لأوروبا اليوم... ويحمل العبء مع الاتحاد الأوروبي بدلا من أن يكون عالة عليه"، وتحدث تقرير التقدم الذي أعدته تركيا والذي نشر على موقع وزارة شؤون الاتحاد الأوروبي على الانترنت عن إجراء إصلاحات في مجالات مثل القضاء والتعليم وحقوق العمال باعتبارها أمثلة للتقدم على مدى العام. بحسب رويترز.

وقال باغيش في دبلن في وقت سابق من الشهر الجاري إن تركيا تأمل ألا تمنع فرنسا إجراء المحادثات بخصوص عضوية الاتحاد الأوروبي في فصلين على الأقل فيما يتعلق بالسياسات خلال الشهور القادمة قبل زيارة للرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند، وفي حين أن أولوند لم يصل إلى حد الموافقة على ترشيح تركيا لعضوية الاتحاد الأرووبي الا انه قال إنه لابد من الحكم عليها في ضوء المعايير السياسية والاقتصادية على عكس سلفه نيكولا ساركوزي الذي كان يرى أن تركيا لا تمثل جزءا من أوروبا، وقال وزير الخارجية الألماني جيدو فسترفيله يوم 21 ديسمبر كانون الأول إن الجمود الحالي في المفاوضات الخاصة بعضوية تركيا ليس مرضيا وإن العام الجديد يتيح فرصة للتطرق إلى قضايا معلقة بحماس متجدد.

انقرة وعملية الانضمام

الى ذلك نشرت تركيا تقريرها الخاص عن التقدم في عملية انضمامها الى الاتحاد الاوروبي معتبرة ان تقييم المفوضية الاوروبية "منحاز" و"لا اساس له"، وتقول مقدمة التقرير الذي جاء في 270 صفحة ونشرته وزارة شؤون الاتحاد الاوروبي في الحكومة التركية ان "حكومتنا التي تواصل عملية الاصلاحات رغم التعطيلات السياسية، اصبحت الحكومة الاكثر اصلاحا في اوروبا"، واضاف "في وقت تتخبط فيه دول الاتحاد الاوروبي في الازمة تمر بلادنا بفترة تعد الاكثر ديموقراطية وازدهارا وشفافية في تاريخها".

ويعدد التقرير الاصلاحات التي طبقتها الحكومة التركية في كل القطاعات في العام الماضي من اجل ان تصبح تركيا اكثر تطابقا مع المعايير الاوروبية، ويأتي ذلك في حين لم تكن انقرة راضية عن التقييم الذي نشرته المفوضية الاوروبية في تقريرها السنوي حول تقدم تركيا، في تشرين الاول/اكتوبر، وقال الوزير التركي لدى الاتحاد الاوروبي ايجمان باغيس في بيان "لاحظنا ان التقرير حول تقدم تركيا بقي هذه السنة ضمن مواقف اكثر انحيازا وتعسفية لا اساس لها"، واختارت تركيا الرد على المفوضية من خلال نشر تقريرها الخاص "ليس فقط كرد فعل بل ايضا لاثبات تصميم بلادنا على المضي في الاصلاحات". بحسب فرانس برس.

وفي تقريرها السنوي نددت المفوضية الاوروبية بشكل اساسي بالخلل في مجال حرية الافراد، وجاء في التقرير ان "العدد المرتفع من القضايا القانونية والتحقيقات المتعلقة بصحافيين والضغوط الجائرة حيال الاعلام" ما زالت مصدر "قلق كبير" للمفوضية، فقد رفضت تركيا شمل جمهورية قبرص، العضو في الاتحاد الاوروبي، بمنافع اتفاقات حرية التنقل التي تربطها بالاتحاد. وادى هذا الرفض الى تجميد عدة فصول في المفاوضات.

انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي سيفيد الطرفين

الى ذلك اعتبرت صحيفة "الجارديان" البريطانية في عددها الصادر أن انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي سيكون بمثابة إضافة جديدة للاتحاد من شأنها أن تسهم في بدء مرحلة جديدة تصب في مصلحة كل من تركيا والإتحاد الأوروبي، لاسيما وأن تركيا تعد بمثابة حلقة الوصل بين الشرق والغرب، وأشارت الصحيفة البريطانية - في تعليق أوردته على موقعها الإلكتروني - إلى أن هناك تقدما ملحوظا في المفاوضات الجارية بين أوروبا وتركيا بشأن انضمام تركيا للاتحاد.. مشيرة إلى أنه لزيادة أهمية الإتحاد الأوروبي في حياة الأتراك العاديين، تم وضع برنامج وطني يهدف إلى رفع مستوى الوعي لعملية الإصلاح في الإتحاد الأوروبي وبناء المنصات المشتركة على المستوى الإقليمي والمحلي.

 وأضافت الصحيفة قائلة "إن كل محافظات تركيا لديها إدارة تعمل تحت إشراف وزارة شؤون الإتحاد الأوروبي التركية التي تقيم وتنسق عملية الإصلاح على المستوى المحلي"..مشيرة إلى أن هذه الفروع المحلية إنما تهدف إلى التواصل مع المدن ومناطق الإتحاد الأوروبي التي تشترك في الخصائص أو الإقتصادات والصناعات المماثلة، واعتبرت الصحيفة أن الإتحاد الأوروبي إنما يعد بمثابة مشروع سلام هائل لن يكون كاملا من دون انضمام تركيا إليه، كما أن تشكيل الإتحاد الأوروبي جاء ليبلور معاني ومفاهيم التسامح والتلاحم والوئام، وتركيا تعتز بهذه القيم وتعترف بمساهمته في إرساء السلام والرخاء في منطقة الشرق الأوسط. بحسب وكالة انباء الشرق الاوسط.

 وخلصت صحيفة "الجارديان" البريطانية إلى القول: إن كل ما تحتاج إليه تركيا في الوقت الراهن لتحقيق النجاح الكامل يتمثل في طرح رؤية متبادلة وواضحة ومحددة، لاسيما في ظل سعى تركيا الدائم طويل الأمد للوفاء بالتزامتها، وتطالب في الوقت الحالي بمنحها تحديد ورؤية واضحة على قدم المساواة من شركائها في الإتحاد الأوروبي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 9/كانون الثاني/2013 - 26/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م