مصر والإسلاميين... هيمنة الاخوان وهشاشة الدولة

 

شبكة النبأ: لعب الإسلاميون دورًا هامًا على الساحة السياسية في مصر الجديدة بعد حصول جماعة اخوان المسلمين على مقاليد الحكم، لكن هذه الدور اثار مشكلة سياسية اقتصادية مجتمعية تُطهى على نار هادئة، بل تغلي في بعض الحالات بين الإسلاميين والليبراليين، مما  يثير مخاوف كبيرة لدى الشعب المصري، وتتمثل بالنفوذ والممارسات التي تمثل المد الاخواني المتنامي بقوة، وهو ما يزعج النخبة العلمانية التي تخشى من قيامهم بفرض رؤيتهم على الجميع، مما يؤدي في النهاية الى تقويض الديمقراطية الوليدة في البلاد، ويرى بعض المراقبين ان جماعة اخوان المسلمين تسعى الى اقامة دولة اسلامية ترفض الديمقراطية الليبرالية، حيث تسبب الدستور الجديد بعاصفة من الانتقادات والاحتجاجات من جانب معارضين، والذي أدى إلى ثورة كبيرة على الرئيس الجديد وهز الثقة بالاقتصاد المصري الذي يحاول التعافي من آثار اضطرابات الفترة الماضية، في المقابل تسعى السلطات المصرية الى  تدارك الوضعِ وتصحيحِ اتجاه البوصلة قبل فوات الأوان، مما وضع بلاد الفراعنة في حالة صراع سياسي محموم بين الإسلاميين والليبراليين، خصوصا بعدما ارتفعت وتيرة ا لاحتجاجات على مدى الاشهر الأخيرة، ومنذ الثورة التي اطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك عام 2011 زاد التوتر الطائفي في مصر بسبب الخلاف على دور الاسلام في الحكم والمجتمع، مما سيشكل هذا الخلاف بين اطياف الشعب المصري كافة عقدة سياسية مجتمعية مستعصية وخطرا جديدا قد يبدد منجزات الثورة.

دور الإسلاميين في الحكومة

فقد أجرت مصر تعديلا وزاريا لتعزيز سيطرة الإسلاميين وتعهدت باستكمال المحادثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار لتفادي أزمة في العملة قد تفجر مزيدا من الاضطرابات.

ومن المقرر أن يصل مسؤول كبير من صندوق النقد الدولي إلى القاهرة للاجتماع مع مسؤولين مصريين وبحث الإتفاق الذي أرجئ الشهر الماضي لمنح مصر مزيدا من الوقت لتهدئة توترات سياسية قبل إتخاذ إجراءات تقشفية لا تحظى بقبول شعبي، وأدى وزير المالية الجديد المرسي السيد حجازي اليمين أمام الرئيس محمد مرسي في إطار تعديل وزاري يوسع السيطرة المباشرة لجماعة الإخوان المسلمين على مجلس الوزراء، واستبدل الرئيس مرسي وزيري المالية والداخلية بعدما وعد بتعديل وزاري لتهدئة الغضب الشعبي بسبب الأزمة الاقتصادية التي أدت لانخفاض الجنيه أكثر من عشرة في المئة منذ الانتفاضة التي أطاحت بحسني مبارك في 2011، وتسببت اضطرابات سياسية بسبب دستور جديد وضعه إسلاميون في إرجاء زيادات ضريبية تعتبر ضرورية للاتفاق مع الصندوق لكن حجازي أبلغ الصحفيين أنه مستعد تماما لاستكمال المباحثات مع الصندوق.

وهبط الجنيه لمستوى قياسي جديد أمام الدولار يوم الإثنين ليبلغ 6.45 جنيه للدولار. وفقد الجنيه أكثر من أربعة في المئة من قيمته مقابل الدولار منذ أن استحدث البنك المركزي نظاما لعطاءات العملة الصعبة في 30 ديسمبر كانون الأول للحفاظ على احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي الآخذة في التناقص، وحذر مستوردون من أن ضعف العملة وعدم التيقن بشأن مدى هبوطها يمكن أن يؤدي إلى زيادات حادة في أسعار الواردات ومن بينها الأغذية.

وحجازي الذي حل محل ممتاز السعيد هو خبير اقتصادي ومتخصص في التمويل الإسلامي وكان أستاذا للاقتصاد في جامعة الإسكندرية، وحصل حجازي على درجة الدكتوراة في 1985 من جامعة كونيكتيكت بالولايات المتحدة عن دراسة حول مساهمة النفط في النمو الاقتصادي للكويت وذلك وفقا لنسخة من سيرته الذاتية تلقتها رويترز من جامعة الإسكندرية وتضمنت قيامه بكتابة ومراجعة عدد كبير من الأبحاث عن الاقتصاد الإسلامي.

وحجازي ليس عضوا في جماعة الإخوان المسلمين إلا أن من المعتقد أنه متعاطف مع أهدافها، وأدى عشرة وزراء اليمين أمام الرئيس مرسي في إطار التعديل الوزاري لحكومة هشام قنديل لتدخل قطاعات حكومية جديدة تحت السيطرة المباشرة للإخوان المسلمين من بينها وزارة التموين، ويضم مجلس الوزراء الجديد ثمانية وزراء من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أو حزب الحرية والعدالة ذراعها السياسي على حد قول متحدث باسم الحزب. وكان مجلس الوزراء السابق يضم خمسة وزراء من أعضاء الجماعة، وقال مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة "يريد الدكتور مرسي أن يكون لديه مجلس وزراء يشاركه توجهاته الرئيسية، "يريد أن يكون محاطا بوزراء يفكرون بنفس طريقته"، ووافق صندوق النقد الدولي بصفة مبدئية على القرض في نوفمبر تشرين الثاني لكن تم ارجاء الموافقة النهائية الشهر الماضي بناء على طلب من القاهرة نظرا للاضطرابات التي نجمت عن طرح مرسي الدستور للاستفتاء، وخوفا من مزيد من الاضطرابات حينئذ ألغى مرسي زيادات ضريبية من المعتقد أنها جزء من حزمة إجراءات تقشفية تمت الموافقة عليها في إطار صفقة الصندوق. بحسب رويترز.

وقال الصندوق إن المدير المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى مسعود أحمد سيزور القاهرة للتباحث مع المسؤولين المصريين بشأن التطورات الاقتصادية في الآونة الأخيرة "وبشأن دعم محتمل من جانب الصندوق لمصر لمواجهة تلك التحديات"، وينظر إلى الإتفاق مع صندوق النقد باعتباره مهما لتعزيز ثقة المستثمرين وتفادي حدوث أزمة مالية.

وحذر البنك المركزي المصري من أن احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي قد وصلت إلى مستوى حرج بعدما أنفق ما يزيد عن نصفها لدعم الجنيه. ويقول خبراء اقتصاديون إن الاحتياطيات الأجنبية المتاحة تغطي فاتورة الواردات لأكثر قليلا من شهرين، وقال البنك المركزي إن الاحتياطيات هبطت إلى 15.015 مليار دولار في ديسمبر بدون تغير كبير عن مستواها في نوفمبر، وتراجع الجنيه نصفا في المئة في خامس عطاءات البنك المركزي للعملة الصعبة وفقا للنظام الجديد الذي يهدف إلى الحفاظ على احتياطيات النقد الأجنبي، وباع البنك 60 مليون دولار هي كل ما طرحه للبنوك، وقد باع البنك 300 مليون دولار في أربعة عطاءات متساوية وصفها مصرفيون بأنها خطوة نحو تعويم حر للعملة.

قوى محلية وإقليمية تريد فشل مصر

من جهته أصدر المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، محمد بديع، رسالة جديدة إلى أنصار الجماعة، دعاهم فيها إلى عدم "الانزلاق" لما وصفها بـ"المعارك الجانبية" مشيرا إلى وجود قوى محلية وإقليمية ودولية تسعى لـ"إفشال التجربة الوليدة" في مصر، مذكرا بشعار مؤسس الجماعة، حسن البنا "الجهاد سبيلنا"، وقال بديع في رسالته "نحن اليوم نقف على أعتاب مرحلة جديدة بعد إقرار أول دستور يكتبه المصريون بأيديهم ويُقِرُّونه بأغلبية طيبة" على حد تعبيره، داعيا أعضاء الجماعة إلى أن يكونوا "قدوة صالحة تنير للمجتمع طريقه وتقوده للخير والصلاح"، وذكر بديع في رسالته أن من وصفهم بـ"أصحاب الدعوات" يعيشون حياة "ليست كحياة عموم الناس الذين يسعون لحياة ناعمة هانئة مُتْرفة،" مضيفا: "لنتذكر هتافنا الذي علمنا إياه المرشد الأول رحمه الله (الجهاد سبيلنا)، والجهاد هو بذل أقصى الجهد في مجالات الدعوة والخدمة الاجتماعية والإصلاح والسعي لتحقيق المشروع الإسلامي لأوطاننا"، وتابع قائلا: "وقد رأينا ورأى معنا العالم الحر أن هناك قوى عديدة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي تسعى لإفشال المحاولة والتجربة الوليدة، ولكن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. بحسب السي ان ان.

وتناول بديع الخلافات السياسية الداخلية في مصر، ودعا أعضاء الجماعية إلى ضرورة ألا يؤثر الخلاف على "سلامة صدورنا تجاه إخواننا من مختلف التيارات السياسية، ودعا أنصار الجماعة إلى عدم "الانزلاق لمعارك جانبية" قال إن بعضهم يحاول جر الإخوان إليها، وحذر بديع من "المتربصين الذين لا يريدون خيرًا لمصر ولشعبها، ويريدون إدخالنا في مرحلة فراغ سياسي ومتاهة فكرية؛ لإطالة أمد المرحلة الانتقالية ولإفشال عملية التحول الديمقراطي.

دعوة لعودة اليهود

على صعيد آخر تبرأ الحزب الحاكم في مصر من تصريحات منسوبة لأحد أكبر القياديين في جماعة الإخوان المسلمين، دعا فيها اليهود الذين هاجروا من مصر، أثناء فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، إلى العودة مرة أخرى، وهي التصريحات التي أثارت كثيراً من الجدل في الشارع المصري، لدرجة أن هدد أحد قادة تنظيم الجهاد بمقاتلة اليهود في حال عودتهم إلى مصر.

وفي أعقاب اجتماع لمكتبه التنفيذي، ذكر أنه خصص لمناقشة "المستجدات على الساحة السياسية"، أكد بيان صدر عن حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، أن "تصريحات الدكتور عصام العريان (نائب رئيس الحزب) الأخيرة، بشأن اليهود الذين هاجروا من مصر للكيان الصهيوني، تعبر عن وجهة نظر شخصية، ولا تعكس الرؤية الرسمية للحزب."

وشدد المكتب التنفيذي للحزب، الذي كان يترأسه الرئيس محمد مرسي، قبل انتخابه رئيساً للجمهورية، على "دعم الحزب الكامل للقضية الفلسطينية، والتزامه بالثوابت التي تضمن حقوق الشعب الفلسطيني في استرداد حقوقه"، وكان نائب رئيس الحزب نفسه قد سعى إلى "تبرئة" الحزب الحاكم من دعوته إلى عودة اليهود إلى مصر، مؤكداً، بحسب ما أورد موقع "أخبار مصر"، التابع للتلفزيون الرسمي، أن ما جاء على لسانه بهذا الشأن يعبر عن "وجهة نظر شخصية"، ولا علاقة للحزب بهذه الدعوة، لا من قريب أو من بعيد. بحسب السي ان ان.

ورد القيادي البارز في تنظيم "الجهاد الإسلامي"، ورئيس حزب "السلام والتنمية"، محمد أبو سمرة، على دعوة العريان بقوله إن "هؤلاء اليهود خرجوا من مصر بإرادتهم، وعن طريق عدد من المنظمات اليهودية، حيث اشتركوا مع الجيش الإسرائيلي في كل الحروب التي خاضها ضد مصر"، وهدد القيادي الجهادي بالعودة إلى العنف، وتسليح أعضاء التنظيم، لمقاتلة اليهود من أصحاب الأصول المصرية في حال عودتهم إلى مصر، كما انتقد موقف الرئيس مرسي إزاء تلك التصريحات، خاصةً أن العريان يشغل منصب نائب رئيس الحزب، كما أنه يعمل كمستشار لرئيس الجمهورية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8/كانون الثاني/2013 - 25/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م