سوريا اليوم... امل جديد بحل بعيد

 

شبكة النبأ: تظهر المستجدات على الساحة السياسية في سوريا ان التوصل الى حل سياسي لتسوية النزاع في سوريا لا يزال ممكنا، لكن في الوقت نفسه مازال النزاع في سوريا يتخذ شكلا اكثر وحشية يوما بعد يوم مع تزايد العمليات العسكرية بين القوات الحكومية والجماعات المتمردة، وحتى اللحظة الراهنة لم تنجح التحركات الدبلوماسية المكثفة خلال الاونة الاخيرة في فتح كوة في الازمة المستمرة منذ 21 شهرا، لكن طرح مبادرة السلام من لدن الرئيس السوري بشار الاسد مؤخرا قد تفتح بوابة جديدة لحل للازمة السورية العنيفة وتعطي امال كبيرة لإنهاء الصراع الدموية الذي تسبب بمآسي إنسانية ارعبت الشعب السوري طوال عامين تقربيا، في حين يسعى المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي للتغلب على الخلافات الكبيرة بين الحكومة السورية وخصومها، لكن تعثرت مبادرات الاقليمية والدولية لتسوية الازمة السورية بسبب تباين مواقف القوى العالمية بشأن ما أصبح صراعا تتزايد صبغته الطائفية بين الجماعات المسلحة التي يدعمها الغرب وخاصة الولايات المتحدة وحلفائها من دول الخليج، والحكومة السورية التي يدعمها الشرق وخاصة روسيا والصين، وعليه ففي الوقت الحالي تحتاج البلاد السورية حلول ومعالجات اكثر فعالية على المستوى السياسي والحقوقي والاقتصادي كي تنعم بالاستقرار وتمنع الإخطار المحدقة بها على الأصعدة كافة.

حل الأسد مع المعارضة الدمية

ففي خطاب جريء دعا الرئيس السوري بشار الاسد الى حراك وطني في "حرب الدفاع عن الوطن" واصفا المسلحين الذين يقاتلونه بالارهابيين وعملاء لقوى اجنبية يستحيل التفاوض معهم، ولكنه في المقابل طرح مبادرة سلام لحل سياسي للازمة التي تعصف بسوريا منذ 21 شهرا ودعا الى مؤتمر للمصالحة مع من لم "يخونوا" سوريا يعقبه تشكيل حكومة جديدة وإصدار عفو، وأضاف في كلمة ألقاها في دار الأوبرا بوسط دمشق في أول ظهور علني له منذ يونيو حزيران الماضي وأول تصريحات علنية له منذ مقابلة تلفزيونية أجراها في نوفمبر تشرين الثاني أن المرحلة الأولى من الحل السياسي ستتطلب من القوى الإقليمية وقف تمويل وتسليح المعارضة ووقف العمليات "الإرهابية" والسيطرة على الحدود.

وتابع "سنحاور احزابا وافرادا لم تبع وطنها للغريب. سنحاور من القى السلاح لتعود الدماء العربية الاصلية تجري في عروقه وسنكون شركاء حقيقيين مخلصين لكل وطني شريف غيور يعمل من اجل مصلحة سوريا وامانها واستقلالها"، وعدد بنود المبادرة قائلا انه في المرحلة الاولى "تلتزم فيها الدول المعنية الاقليمية والدولية بوقف تمويل وتسليح وايواء المسلحين بالتوازي مع المسلحين لكافة العمليات الارهابية مما يسهل عودة النازحين السوريين الى اماكن اقامتهم الاصلية بامن وامان. بعد ذلك مباشرة يتم وقف العمليات العسكرية من قبل قواتنا المسلحة التي تحتفظ بحق الرد في حال تعرض امن الوطن او المواطن او المنشآت العامة او الخاصة لاي اعتداء"، ودعا الى "ايجاد الية للتأكد من التزام الجميع بالبند السابق وخاصة ضبط الحدود."

وقال ان الحكومة القائمة "تبدأ مباشرة باجراء اتصالات مكثفة مع كافة اطياف المجتمع السوري باحزابه وهيئاته لادارة حوارات مفتوحة لعقد مؤتمر للحوار الوطني تشارك فيه كل القوى الراغبة بحل في سوريا من داخل البلاد وخارجها"، اما في المرحلة الثانية من الحل "فتدعو الحكومة القائمة الى عقد مؤتمر للحوار الوطني الشامل للوصول الى ميثاق وطني يتمسك بسيادة سوريا ووحدة وسلامة اراضيها ورفض التدخل في شؤونها ونبذ الارهاب والعنف بكافة اشكاله. هذا الميثاق هو من سيرسم المستقبل السياسي لسوريا ويطرح النظام الدستوري والقضائي والملامح السياسية والاقتصادية والاتفاق على قوانين جديدة للاحزاب والانتخابات والادارة المحلية"، واشار الى ان الميثاق الوطني هذا سيعرض على الاستفتاء الشعبي وبعدها "تشكل حكومة موسعة تتمثل فيها مكونات المجتمع السوري وتكلف بتنفيذ بنود الميثاق الوطني" ومن ثم "يطرح الدستور على الاستفتاء الشعبي وبعد اقراره تقوم الحكومة الموسعة باعتماد القوانين المتفق عليها في مؤتمر الحوار وفقا للدستور الجديد ومنها قانون الانتخابات وبالتالي اجراء انتخابات برلمانية جديدة". بحسب رويترز.

 وأضاف الاسد ان حكومة جديدة ستشكل وفقا للدستور وبعدها يتم "عقد مؤتمر عام للمصالحة الوطنية واصدار عفو عام عن المعتقلين بسبب الاحداث مع الاحتفاظ بالحقوق المدنية لاصحابها"، وتحدث بثقة لمدة ساعة تقريبا امام حشد من مؤيديه الذي قاطعوه مرارا بهتافاتهم وقبضاتهم المرفوعة "بالروح بالدم نفديك يا بشار" وفي نهاية الخطاب هرع العديد من انصاره لمصافحته وهم يهتفون "الله سوريا بشار وبس "في حين كان الاسد يلوح لهم ويبتسم وهو يحاول الخروج من القاعة، وقال في كلمته "نحن الان امام حالة حرب بكل ما تحمله الكلمة من معنى. نحن الان نصد عدوانا خارجيا شرسا بشكل جديد... يستهدف سوريا عبر حفنة من السوريين وكثير من الاجانب"، وأضاف "نلتقي اليوم والمعاناة تعم ارض سوريا ولا تبقي مكانا للفرح في اي زاوية من زوايا الوطن فالامن والامان غابا عن شوارع البلاد وازقتها".

التجاوب مع اي مبادرة إقليمية او دولية

في سياق متصل اكدت دمشق انها مستعدة للتجاوب مع "اي مبادرة اقليمية او دولية" لحل الازمة بالحوار، وذلك غداة اعلان الموفد الدولي الخاص الاخضر الابراهيمي عن وجود مقترح للحل قد يحظى بموافقة الجميع، واعلن رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي في خطاب القاه في مجلس الشعب السوري ان الحكومة تعمل "على دعم مشروع المصالحة الوطنية وتتجاوب مع اي مبادرة اقليمية او دولية من شانها حل الازمة الراهنة بالحوار والطرق السلمية ومنع التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية واعتبار ما يجري في سوريا شانا سوريا يحله السوريون بانفسهم دون ضغوط او املاءات خارجية"، واكد الحلقي ان بلاده تمضي نحو "اللحظة التاريخية التي تعلن انتصارها على اعدائها لترسم معالم سوريا المنشودة ولتعيد بناء نظام عالمي جديد يعزز مفهوم السيادة الوطنية وتعزز مفهوم القانون الدولي".

وكان الابراهيمي اعلن من القاهرة بعد محادثات اجراها في موسكو وقبلها في دمشق، ان لديه "مقترحا للحل (...) يمكن ان يتبناه المجتمع الدولي"، موضحا ان هذا المقترح يستند الى اعلان جنيف الصادر في حزيران/يونيو 2012، ويتضمن الاقتراح، بحسب قوله، "وقف اطلاق النار وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات وخطوات تؤدي الى انتخابات اما رئاسية او برلمانية"، مرجحا "ان تكون برلمانية لان السوريين سيرفضون النظام الرئاسي"، ونص اتفاق جنيف الذي توصلت اليه "مجموعة العمل حول سوريا" (الدول الخمس الكبرى وتركيا والجامعة العربية) برعاية الموفد الدولي السابق الى سوريا كوفي انان على تشكيل حكومة انتقالية وبدء حوار من دون ان يأتي على ذكر تنحي الاسد. بحسب فرانس برس.

ونفى الجيش التركي بشكل قاطع ان يكون اربعة طيارين في سلاح الجو التركي قد وقعوا اسرى لدى قوات النظام السوري قرب حلب شمال سوريا، على ما اكدت صحيفة سورية، واكدت رئاسة اركان الجيوش التركية في بيان نشرته على موقعها ان "هذه المعلومات لا اساس لها من الصحة ولا علاقة لها بالواقع"، وكانت صحيفة الوطن السورية المقربة من نظام الرئيس بشار الاسد نقلت ان القوات السورية اعتقلت اربعة طيارين اتراك قرب مطار عسكري في محافظة حلب، من بغداد اعلنت الحكومة العراقية ان اي حل غير سياسي في سوريا سوف يطيل امد الازمة والمعاناة والقتل والتشريد، داعية النظام وجميع اطياف المعارضة للتجاوب مع مساعي الحل.

وقال علي الموسوي مستشار رئيس الوزراء العراقي في تصريح ان "العراق يجدد تأييده لجهود المبعوث العربي والدولي المشترك السيد الاخضر الابراهيمي في ايجاد حل سياسي للازمة السورية"، واضاف "اننا ندعو جميع القوى الخيرة سواء كانت دولا او حركات الى دعم الحل السياسي كما ندعو المعارضة بكل اطيافها والنظام الى الاستجابة لمتطلبات هذا الحل مهما كان الثمن".

مقترحات لحل الأزمة

فقد قالت مصادر سورية ولبنانية إن الرئيس السوري بشار الأسد أوفد دبلوماسيا كبيرا إلى موسكو لبحث مقترحات قدمها المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي لإنهاء الصراع الذي يعصف بسوريا، واجتمع الإبراهيمي مع الأسد ويخطط لسلسلة من الاجتماعات مع مسؤولين ومعارضين سوريين في دمشق، وقال مصدر أمني سوري إن نائب وزير الخارجية فيصل مقداد سافر إلى موسكو لبحث تفاصيل المحادثات مع الإبراهيمي. ولم يذكر المصدر ما إذا كان هناك اتفاق يجري إنجازه، لكن مسؤولا لبنانيا مقربا من دمشق قال إن مقداد توجه إلى موسكو طلبا لمشورة روسية بشأن اتفاق محتمل، وقال المسؤول اللبناني إن المسؤولين السوريين كانوا متفائلين بعد المحادثات مع الإبراهيمي مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية الذي اجتمع مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم بعد المحادثات مع الأسد. بحسب رويترز.

لكن المبعوث الدولي لم يعرض أفكاره علنا، وقال المسؤول اللبناني الذي طلب عدم الكشف عن اسمه "هناك أجواء جديدة الآن وشيء جيد يحدث." ولم يدل بمزيد من التفاصيل، وقالت روسيا التي دعمت الأسد دبلوماسيا وعسكريا إنها لا تحمي الأسد لكنها انتقدت بشدة أي دعم خارجي للجماعات المسلحة ومنعت هي والصين أي تحرك من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ضد سوريا، وكان لافروف قال إن الصراع في سوريا وصل إلى طريق مسدود وإن الجهود الدولية لدفع الأسد للتخلي عن السلطة ستفشل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8/كانون الثاني/2013 - 25/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م