طلبات ومطاليب... رجاءا (الوير) ممنوع!

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: في السيارات العامة، وفي المطاعم، وفي كثير من الاماكن التي يرتادها العراقيون، تسمع الكثير من عبارة (خلّيها على حسابي) او (واصل) وبين تمنّع الطرف الاخر وتسابقه للدفع، تسمع الايمان المغلظة، (والله مايصير) ، (ماترهم)، (اني قبلك)، وغيرها الكثير من تلك الكلمات، وتعرف تلك العادة في العراق ب(الوير).

احيانا اجد في المطاعم التي ادخلها عبارة معلقة خلف ظهر صاحب المطعم مكتوب فيها (رجاءا الوير ممنوع)، ربما لفرار احدهم من دفع الحساب بعد ان يراه كبيرا للذي سجل على من خرج، او ربما لايحب صاحب المطعم تلك العبارة (واصل على حسابي) لاحد الجالسين ثم يكتشف عدم وصولها.

عزت الدوري دخل على خط السجال السياسي الحالي بين الحكومة وبين المتظاهرين، وكاّن تلك التظاهرات كانت تحتاج الى هذه القشة لكي تقصم ظهر التظاهرات التي قصمت منذ بدايتها صور اردوغان وصور صدام حسين وعلم الجيش السوري الحر، ولاننسى تصريحات احمد العلواني التي كشفت مايختبيء تحت طيات الشعارات واللافتات.

في احد اللقاءات التي اجرتها احدى فضائيات الربيع العربي مع واحد من قادة المعتصمين والمتحدث بلسانهم مع الفضائيات، قال هذا المتحدث ردا على سؤال على طائفية التظاهرات: لقد منعنا توزيع خمسة الاف صورة لصدام حسين على المتظاهرين.

السيد مقتدى الصدر في اخر كلمة له والتي بثتها فضائية السومرية يقول في معرض انتقاده لسياسات المالكي: لقد تصالح مع الارهابيين ثم انقلب عليهم..ورفع شعار دعم مطاليب المتظاهرين الا في ما يتعلق باجتثاث البعث، او مايعرف حاليا باسم المساءلة والعدالة.

التحالف الكردستاني وجدها فرصة لاتعوض لاشغال الحكومة في جبهة اخرى غير الجبهة الكردية بلمفاتها المتعددة (كركوك – قانون النفط والغاز – المناطق المتنازع عليها – قوات البيشمركة) وهي فرصة ايضا لمحاولة التمدد على امتيازات جديدة.

اياد علاوي، الذي يختفي فجأة ثم يظهركما اختفى، طالب باسقاط الحكومة او تغييرها، وهو يعني الحكومة غير التي تضم تسعة وزراء من القائمة العراقية، او وزراء التحالف الكردستاني او وزراء التيار الصدري، وهي مجمل وزراء الكابينة الوزارية.

طلبات المتظاهرين اختلط فيها التشريعي والتنفيذي، يطالبون باطلاق سراح المعتقلين، وبالغاء قانون مكافحة الارهاب او مايعرف المادة اربعة ارهاب، والمتظاهرون ينسون ان قانون مكافحة الارهاب تم التصويت عليه داخل البرلمان من قبل النواب الذين يتظاهرون معهم، وقانون العفو العام لازال بين مد وجزر بين الكتل السياسية داخل البرلمان، وجزء كبيرمنهم من المشتركين بالتظاهرات او الداعمين لها، ولايمكن تمريره الا وفق مصطلح (اعطيني واعطيك).

ودخلت طلبات جديدة على خط الطلبات المتصاعدة من قبيل اعادة التوازن الوطني في الوزارات(وهي تسمية ملطفة للتوازن الطائفي بين الشيعة والسنة)، سحب الشرطة الاتحادية من المحافظات المتظاهرة وغيرها من طلبات ومطاليب.

البعث العراقي على لسان عزت الدوري، اضاف في كلمته الداعمة للتظاهرات دفعة جديدة لطائفيتها حين وصفه الشيعة في الحكومة بالفرس الصفويين، وجعلت الكثير من المترددين في الشارع الشيعي يعيدون الاصطفاف خلف المالكي،على اعتباره يمثل الان رمزا شيعيا يجب الالتفاف حوله، ولسان حالهم يقول اذا كان العيساوي وحمايته يمثلون رمزا وطنيا للطرف الاخر لماذا لايكون هذا الرجل رمزا وطنيا لنا رغم انه لم يقدم الكثير للشيعة.

ما الذي يعنيه رفع صور لصدام حسين في تظاهرات ضد رئيس الوزراء العراقي، وهو الذي يمثل الطائفة الاكبر في العراق، وصدام حسين لازالت مقابره الجماعية تكتشف يوما بعد اخر والتي دفن فيها الالاف من الشيعة والاكراد؟ ثم هل يعقل ان تجد تلك التظاهرات امتدادا لها في بقية محافظات العراق التي تعاني الامرين من سوء الخدمات والبنى التحتية وان تقف تحت صور من قتل ابناءها وشردهم طيلة اربعة عقود من حكمه؟

وهل سيصطف الاكراد اذا جد الجد مع تلك التظاهرات، بدعم من عزت الدوري وقطر وتركيا، وهي ترفع تلك الصور، صور قائد الانفال وحلبجة وغيرها من الابادات الجماعية؟

والاكراد في نهاية المطاف قد تنتظرهم جبهات جديدة مع المكون السني اذا فكروا بالتمدد على حساب الاراضي التي تقطنها غالبية سنية.

اذا اريد للتظاهرات ان تنجح يجب عليها ان ترفض كل الشعارات الطائفية او العشائرية او المناطقية ومن كل الجهات، ويجب ان يكون لديها مشتركات وطنية مع بقية مكونات المجتمع العراقي، من شعارات واعلام وصور، فلا يكفي بعد ان (صاحت الصايحة) ان يرفع شعار (على نهج الحسين).ويجب عليها ان تبتعد عن جميع الاشخاص والقيادات التي لازالت جرائمها ماثلة في الذاكرة العراقية ولم تندمل جراحها... يجب ان يقولوا لكل من يريد ان يركب موجة التظاهرات لمصالحه الخاصة، رجاءا (الوير) ممنوع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 7/كانون الثاني/2013 - 24/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م