الإمارات والإخوان المسلمين... ضربات تحت الحزام

 

شبكة النبأ: بعد صعود الإخوان المسلمين لسلطة في مصر توترت العلاقات بين مصر والإمارات بشكل غير مسبوق، فعلى من الرغم سعي جماعة الإخوان المسلمين إلى طمأنة الإمارات بأنها لن تسعى لإحداث تغيير سياسي خارج الحدود المصرية، غير ان الدولة الخليجية تهمتهم بزرع خلايا داخل الامارات تعمل على التآمر لتقويض نظم الحكم في منطقة الخليج، وقد اعتقلت السلطات الإماراتية عدد من الخلايا الإسلامية مؤكدة انها تتآمر للمساس بامن الدولة، وتاتي هذه الخطوة احترزا من احتمال امتداد آثار الربيع العربي إليها فسارعت إلى عزل المعارضين خصوصا وان الإمارات لا تسمح بأي معارضة سياسية منظمة، في المقابل تسعى السلطات المصرية الى اتفاق مع السلطات الإماراتية حول قضية المعتقلين من جماعة الاخوان، حيث اثارات هذه القضية حساسية سياسية على مستوى غير مسبوق بين الجانبين، وعليه فان نوبات الصراع الجديدة بين الإماراتين والاخوان المسلمين في الآونة الأخيرة، تاثر سلبا على علاقتهما في المستقبل القريب على المستويات كافة.

رفض الافراج

فقد رفضت الامارات طلبا مصريا بالافراج عن احد عشر مصريا متهمين بقيادة خلية للاخوان المسلمين في البلاد تعمل لحساب الجماعة الام في القاهرة، مشيرة الى ان مصيرهم بيد القضاء، كما اكدت صحف اماراتية، وذكرت صحيفة الخليج التي كانت اعلنت توقيف المصريين، ان الامارات ردت على طلب الوفد المصري الذي زار البلاد بانه "لا افراج سياسيا والكلمة للقضاء"، وبحسب الصحيفة التابعة لامارة الشارقة، فان "الافراج السياسي غير وارد حسب التقاليد والاعراف والسلوكيات والانظمة المعمول بها في دولة الامارات".

وذكرت الصحيفة ان الموقوفين ال11 يتم التحقيق معهم حاليا في نيابة امن الدولة "في تهم خطيرة ضد امن الدولة" و"القضايا المعروضة امام القضاء لا تنتهي الا باحكام قضائية"، من جهتها، اكدت صحيفة "الامارات اليوم" الصادرة في دبي هذه المعلومات نفسها، وافادت الصحيفة ان الوفد المصري الرفيع الذي التقى نائب رئيس الدولة ورئيس الوزراء وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم "جاء بجدول اعمال مكون من بند واحد يتعلق بالافراج عن المتهمين المصريين ال11"، كما ذكرت الصحيفة ان الوفد الذي ترأسه مساعد رئيس جمهورية مصر للشؤون الخارجية والتعاون الدولي عصام الحداد "طلب ايضاحات حول خلفية اتهامهم بتدريب اسلاميين محليين على كيفية الاطاحة بحكومات عربية"، ونقلت الصحيفة عن مسؤولين اماراتيين "استغرابهم" لتطرق الوفد المصري الى قضية الموقوفين ال11 بينما يوجد في الامارات 350 موقوفا مصريا بتهم مختلفة "لم يتطرق اليهم الوفد الزائر"، وبدورها اكدت صحيفة "غلف نيوز" الصادرة بالانكليزية ان "اعضاء الخلية متهمين بجمع معلومات عسكرية حساسة" وب"علاقات تنظيمية مع اماراتيين موقوفين حاليا بتهم تتعلق بالتخطيط للمساس بالامن الوطني"، وكانت السلطات الاماراتية اعلنت في منتصف تموز/يوليو انها فككت مجموعة قالت انها كانت تعد مخططات ضد الامن وتناهض دستور الدولة الخليجية. بحسب فرانس برس.

واعتقلت السلطات في اطار هذه القضية اكثر من ستين شخصا، وفي اواخر تموز/يوليو، اتهم قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان جماعة الاخوان المسلمين بالسعي الى الاطاحة بانظمة خليجية، مؤكدا ان الناشطين الذي القي القبض عليهم بتهمة التآمر على امن الدولة اعلنوا ولاءهم للاخوان، ومعظم الموقوفين في تلك القضية ينتمون الى جمعية الاصلاح الاسلامية المحظورة القريبة من فكر الاخوان المسلمين، ويشن الفريق خلفان هجوما مستمرا عبر تويتر ضد الاخوان المسلمين.

القبض بلا أساس

في سياق متصل قالت جماعة الإخوان المسلمين في مصر إن بعض أعضائها اعتقلوا في الإمارات بناء على ادعاءات عارية عن الصحة بأنهم ساعدوا في تدريب إسلاميين محليين على أساليب تخريبية، وقال محمود غزلان المتحدث باسم الإخوان المسلمين في القاهرة "أنا أعرف أن هناك 11 معتقلا. أنا أعرف عددا منهم الذين هم من الإخوان لكن لا أعرف اسماءهم كلهم ولا أعرفهم كلهم"، واضاف "الكلام انهم خلية لزعزعة البلد عار عن الصحة"، وتكشفت أنباء الاعتقال عندما نشرت صحيفة في الإمارات خبرا بعنوان "اعتقال خلية للإخوان المسلمين المصريين في الإمارات" نقلا عن مصدر لم تذكر اسمه، وقال مسؤولون بمطار القاهرة إن اللواء محمد شحاتة مدير المخابرات المصرية توجه إلى الإمارات لإجراء محادثات فيما يبدو محاولة لتخفيف حدة التوتر، كذلك قال بيان لرئاسة الجمهورية إن مساعدا للرئيس محمد مرسي سلم رسالة من مرسي إلى رئيس دولة الإمارات. ولم يذكر البيان تفاصيل.

ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن وزير الخارجية محمد كامل عمرو قوله "نحن على تواصل مع السلطات هناك وسنرى ما سيسفر عنه في الفترة القادمة"، وفي القاهرة قال ابن علي سنبل أحد المصريين المعتقلين إن والده طبيب وليس ضالعا في أنشطة سياسية، وقال أحمد سنبل "لم يقولوا إلى أين أخذوه وما هي التهم." وتابع "السفارة المصرية أكدت لنا فقط أن سلطات الإمارات تحتجزه وأنه بخير"، ولم يتسن الاتصال بمسؤولين من الإمارات للتعليق، واستدعى وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان السفير المصري بسبب مزاعم وردت في الإعلام المصري بأن الإمارات تقف وراء مؤامرة ضد القيادة المصرية وقال الوزير إن هذه المزاعم "مختلقة".

تفكيك شبكة اخوانية

على الصعيد نفسه نقل وفد مصري رفيع المستوى رسالة خطية من الرئيس محمد مرسي الى نظيره الاماراتي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان تسلمها نائبه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وذلك غداة نشر معلومات عن تفكيك خلية سرية في الامارات تضم 10 من قادة جماعة الاخوان المسلمين المصرية، وقالت وكالة انباء الامارات الرسمية ان "عصام الحداد مساعد رئيس جمهورية مصر العربية للشؤون الخارجية والتعاون الدولي قام بنقل الرسالة وتحيات فخامة الرئيس المصري الى صاحب السمو رئيس الدولة وصاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي".

واضافت الوكالة ان الوفد ضم خصوصا اللواء محمد رأفت شحاته رئيس جهاز المخابرات المصرية، مشيرة الى ان الشيخ محمد بن راشد استعرض مع زواره "عددا من القضايا المشتركة بين الجانبين"، واوضحت ان رسالة مرسي الى نظيره الاماراتي "تتصل بالعلاقات الثنائية القائمة بين البلدين وسبل تطويرها بما يخدم مصالح الشعبين والبلدين الشقيقين"، وتأتي هذه الزيارة غداة اعلان صحيفة الخليج ان قوات الامن الاماراتية القت القبض على شبكة مرتبطة بجماعة الاخوان المسلمين المصرية كانت تجند مصريين مقيمين في الامارات، وبحسب الصحيفة، اعتقلت السلطات الاماراتية اكثر من 10 اشخاص "من قيادة تنظيم الاخوان المسلمين المصري"، كانوا "يعقدون اجتماعات سرية في مختلف مناطق الدولة (...) ويقومون بتجنيد ابناء الجالية المصرية في الامارات للانضمام الى صفوف التنظيم".

كما انهم "جمعوا اموالا طائلة وحولوها إلى التنظيم الأم في مصر بطرق غير مشروعة" وجمعوا "معلومات سرية حول أسرار الدفاع" الخاصة بالامارات، بحسب صحيفة الخليج التي اكدت "وجود علاقات وثيقة بين تنظيم الإخوان المسلمين المصري وقيادات التنظيم السري في الإمارات" حيث عقدت "لقاءات سرية" بين الطرفين، واكدت الصحيفة ان "تنظيم الإخوان المسلمين المصري في الإمارات قدم العديد من الدورات والمحاضرات لأعضاء التنظيم السري حول الانتخابات وطرق تغيير أنظمة الحكم في الدول العربية"، وتعذر الحصول في الحال على تأكيد رسمي لهذه المعلومات والتوقيفات التي لم يحدد تاريخها.

الى ذلك ذكرت صحيفة الخليج الإماراتية نقلا عن مصدر مطلع على التحقيقات ان الامارات ألقت القبض على خلية تابعة لتنظيم "الاخوان المسلمين المصري" دربت إسلاميين محليين على كيفية الاطاحة بحكومات عربية، وعبرت الإمارات في السابق عن ارتيابها الشديد تجاه جماعة الاخوان المسلمين التي تولت السلطة في انتخابات حرة بمصر العام الماضي بعد أن ظلت محظورة سياسيا لسنوات طويلة، وقالت صحيفة الخليج ومقرها الشارقة إن الخلية التي "تضم أكثر من عشرة أشخاص" تتمتع "بهيكلة تنظيمية ومنهجية عمل منظمة" وكانت تجند أبناء الجالية المصرية في الإمارات للانضمام إلى صفوف التنظيم، وأضافت أن الخلية أسست شركات لتحويل أموال بطرق غير مشروعة إلى التنظيم الأم في مصر، ولم يتسن الحصول على تعليق من المسؤولين بشأن التقرير لانه عطلة رسمية، وقالت الصحيفة "أكد المصدر وجود علاقات وثيقة بين تنظيم الإخوان المسلمين المصري وقيادات التنظيم السري في الإمارات" في إشارة إلى معتقلين في قضية أخرى، وذكرت صحيفة الخليج إن إسلاميين احتجزوا في الإمارات اعترفوا بتشكيل قوة مسلحة بهدف الاستيلاء على السلطة وإقامة دولة إسلامية. بحسب رويترز.

وقالت "قدم تنظيم الإخوان المسلمين المصري في الإمارات العديد من الدورات والمحاضرات لأعضاء التنظيم السري حول الانتخابات وطرق تغيير أنظمة الحكم في الدول العربية"، وقال وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان في اكتوبر تشرين الاول إن "فكر الاخوان المسلمين لا يؤمن بالدولة الوطنية ولا يؤمن بسيادة الدول ولهذا السبب ليس غريبا ان يقوم التنظيم العالمي للاخوان المسلمين بالتواصل والعمل على اختراق هيبة الدول وسيادتها وقوانينها."

إقامة دولة دينية

الى ذلك ذكرت وسائل إعلام إماراتية أن إسلاميين معتقلين في الإمارات اعترفوا بتأسيس تنظيم سري له جناح عسكري يهدف للاستيلاء على السلطة وإقامة دولة إسلامية، وقالت صحيفة الخليج الإماراتية إن كل المعتقلين البالغ عددهم نحو 60 شخصا ينتمون إلى "تنظيم الإخوان المسلمين"، ونشرت صحيفتان أخريان بينهما صحيفة البيان تقارير مماثلة. ولم تذكر أي صحيفة أسماء مصادرها، ورفض مسؤول إماراتي التعليق بشأن هذه التقارير قائلا إن هذه المسألة خاضعة للإجراءات القانونية، وقالت صحيفة الخليج إن النيابة العامة وجهت إلى المعتقلين تهم "إنشاء تنظيم يمس أمن الدولة والمبادئ التي تقوم عليها والارتباط بجهات خارجية والتعرض للقيادة السياسية"، وأضافت أن قضاياهم ستحال إلى المحكمة المختصة "في وقت قريب"، وقالت "تبين من سير التحقيقات أن الهيكل التنظيمي للتنظيم يشتمل على لجان ومكاتب فرعية على مستوى كل إمارة كما يضم مجلس شورى ومكتبا تنفيذيا وجناحا عسكريا"، وقالت الصحيفة إن التحقيقات أشارت إلى "وجود تنسيق كبير مع تنظيمات الإخوان في ثلاث دول خليجية" مضيفة أن تنظيم الإخوان في الإمارات تلقى مؤخرا من نظيره في دولة خليجية عشرة ملايين درهم (3.67 مليون دولار) "نظرا لأن التنظيم المحلي يعيش الآن ظروفا صعبة"، ونقلت البيان عن مصدر مطلع قوله إن المعتقلين أسسوا جناحا عسكريا منذ عام 1988 "تولى عمليات التدريب للناشئة منهم وسعى لاستقطاب الضباط المقربيبن من أعضاء التنظيم وأقاربهم العسكريين إضافة إلى استمالة الضباط المتقاعدين ومحاولة ضمهم". بحسب رويترز.

ونفى أقارب للمعتقلين تلك الاتهامات قائلين إنها تهدف إلى تأجيج المعارضة للمعتقلين وتصويرهم كمجرمين. وأضافوا أن أعضاء فريق الدفاع لم يتصلوا بهم بخصوص هذه الاتهامات، وقال أحد الأقارب "هذه الاتهامات ليست صحيحة وليس هناك جناح عسكري ولا ولاء خارجي ولا أي تنظيم على الإطلاق"، وقالت صحيفة البيان إن مصدرها "نفى بشكل قاطع تعرض أي من المتهمين للتعذيب كما يشاع في مواقع التواصل الاجتماعي واصفا تلك الشائعات بأنها افتراءات تهدف إلى تشويه سمعة الدولة والإساءة لسجلاتها في حقوق الإنسان"، وأكد المصدر للصحيفة أن النيابة لم تحرمهم حق توكيل محامين وتقدم فعليا ثمانية محامين للدفاع عن المتهمين ولم تتدخل النيابة في اختيارات المتهمين للمحامين، ويعاقب القانون على هذه التهم بالغرامة والسجن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 7/كانون الثاني/2013 - 24/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م