وفاءا لدولة الرئيس

جواد العطار

عام على اطلاق الرئيس طالباني مبادرته في الدعوة لاجتماع كافة الكتل السياسية على طاولة الحوار تزامنا مع خروج القوات الامريكية ولترتيب اوضاع ما بعد الانسحاب في حينها؛ ولإخراج البلاد والعملية السياسية من دوامة الازمات التي كانت وما زالت تعصف بها.. دون توقف.

ومن يراجع العام الذي مضى يجد ان هذه الدعوة مرت بمراحل متعددة بعضها ايجابية تمثلت في الاجتماعات الجدية والمتكررة للجنة المؤتمر التحضيرية ودعوة البعض لإشراك وحضور كافة القوى السياسية من غير الممثلة في الحكومة والبرلمان، واخرى سلبية تمثلت بعراقيل اثرت على الانعقاد، منها:

- الانشغال في القمة العربية التي عقدت في بغداد.

- حالة الرئيس الصحية وغيابه المتكرر.

- عدم رغبة الاطراف السياسية بالجلوس الى طاولة واحدة وحل المشاكل والازمات عبر الحوار الهادئ والبناء بعيدا عن التراشق والتصريحات الاعلامية والحرب التي كانت لا تعرف صديق او حليف.

- التشظي وانفلات عقد بعض التحالفات وتصارعها داخليا وخارجيا..

ان ما تقدم لم يعني سوى الانتقال من حالة المبادرة الى حالة الشلل السياسي والاستسلام التام للازمات المتوالدة مع غياب اية مبادرة للحل طيلة العام؛ لأسباب اهمها ان مبادرة الاجتماع الوطني كانت بناءة وايجابية وضرورية لكنها ومع الآسف ارتبطت بشخص الرئيس.. فهل يعني غياب الرئيس في رحلة علاجه الطويلة توقف المبادرة او نهايتها ؟ وهل المبادرة حكرا على الرئيس ام ان الكتل السياسية تتحمل مسؤولية تنفيذها في غياب راعيها؛ او على الاقل اطلاق غيرها ؟ وهل عام كامل لم يكن كافيا لاجتماع ممثلي وقادة الكتل السياسية على طاولة الحوار رغم كم الازمات الهائل ؟ وهل سنعلق آمالنا على الانتخابات والتغيير القادم الذي قد لا يحدث ؟.

كل هذه التساؤلات تستدعي اليوم ترتيب اوضاع ما قبل الانتخابات مثلما تستلزم عقد اللقاء الوطني قبل الانتخابات لا بعد انتظار نتائجها، لكن هذه المرة بين مكونات الكتل السياسية ذاتها، فالائتلاف الوطني مطالب بتوحيد مواقف مكوناته تجاه الدخول في الانتخابات القادمة وتجاه الاختلافات مع دولة القانون وحسم موقفه النهائي من تشكيلة التحالف الوطني، وقوى التحالف الكردستاني مدعوة لان تقدم مصلحة البلاد العليا وتأخذ خياراتها وفقا لذلك، والعراقية عليها ان توقف تشظيها السلبي الى كتل وائتلافات صغيرة وتحوله الى تشظي ايجابي بالإعلان الرسمي عن انفراطها دفعة واحدة او تقنع اطرافها بالتماسك، كل هذه خطوات تهيئة للحوار وضبط الاجواء السياسية على عقارب حل الازمات او ايقاف تداعياتها والاجتماع الذي لا مناص منه، لان روح المبادرة السياسية يجب ان تقوم على الخطوات التالية:

1.انهاء حالة الانقسام السياسي تجاه القضايا الاقليمية وبالذات الملف السوري، وتوحيد خطاب الكتل السياسية تجاه القضايا الخارجية.

2.حسم الملفات العالقة بين المركز والاقليم، وابعادها عن التصعيد والاعلام.

3.خلق الارادة السياسية لتحقيق التوافق بين الكتل البرلمانية على مشاريع القوانين المعطلة في مجلس النواب، واقرارها قبل الانتخابات.

4.الحفاظ على استقلالية القضاء وابعاده عن الصراعات السياسية.

5.تعزيز حيادية المؤسسة العسكرية وعدم ادخالها او اقحامها في القضايا السياسية.

كل هذه الخطوات قد تكون كفيلة بترتيب اجواء ما قبل الانتخاب.. او قد تمهد لاطلاق مبادرة جديدة تبعث روح الامل في الخروج من زجاجة الازمات الخانقة.. وفاءا لرئيس الجمهورية وتنفيذا لمطلبه ونزولا عند رغبته ووصيته.. وحتى لا تتحول ايامنا القادمة الى ساحة لتصفية الحسابات.. وعمليتنا السياسية الى خلافات وتوترات وازمات.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 29/كانون الأول/2012 - 15/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م