الفساد في إسرائيل... واقع شائع وظاهرة متوقعة

 

شبكة النبأ: تنوعت ملفات الفساد وتعددت صورها في إسرائيل التي تشكو من تفشي وانتشار ظاهرة الفساد الذي عشعش في كل مراكز الحكم، ابتداء من أعلى الهرم الرئاسي وانتهائنا بأدنى موظف حكومي، ويرى بعض المراقبين ان هذه الظاهرة هي ظاهرة ملازمة لهذا المجتمع الدخيل وخصوصا الساسة في إسرائيل فالجميع يعتمد على الكذب والتضليل والفساد الذي أصبح حالة مألوفة وطبيعية قد لا تحرج من يقوم بها. وفيما يخص أخر الملفات المعلنة فقد دخلت استقالة وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان حيز التنفيذ بعد اتهامه بالاحتيال، وذلك قبل اسابيع من الانتخابات التشريعية المرتقبة في 22 من كانون الثاني/يناير المقبل. وقدم ليبرمان استقالته الى رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الذي سيتولى وزارة الخارجية بالنيابة عنه حتى تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات ويساعده في ذلك نائب وزير الخارجية داني ايالون. وفي العادة يجب ان يستقيل نائب الوزير في حال استقالة الوزير ولكن نتانياهو يريد من ايالون البقاء في منصبه كنائب لوزير الخارجية لحين اجراء الانتخابات المقبلة ويجب ان يوافق البرلمان الاسرائيلي (الكنيست) على هذه الخطوة ومن المفترض ان يجتمع في جلسة خاصة للتصويت على ذلك بحسب ما أعلن مكتب نتانياهو.

ويحتل ليبرمان (54 عاما) المرتبة الثانية على اللائحة الانتخابية المشتركة. وفي حال ادانة ليبرمان فانه قد يسجن لفترة ثلاثة شهور او اكثر وقد يمنع من العمل السياسي لمدة سبع سنوات بعد تطبيق العقوبة. واعرب ليبرمان عن امله في حل القضية سريعا ولكن غالبية المعلقين يرون ان الامر قد يستغرق شهورا.

ورغم استقالته من الحكومة، الا ان ليبرمان لا يزال يحتفظ بمقعده في الكنيست، وسيشارك في الانتخابات العامة التي ستجري في 22 كانون الثاني/يناير ما يمهد الطريق لعودته الى الحكومة اذا ما تمكن من حل القضية المرفوعة ضده بسرعة. وعنونت صحيفة "يديعوت احرونوت" الواسعة الانتشار "انه (ليبرمان) يرحل ليعود". وكتبت الصحيفة ان زعيم حزب اسرائيل بيتنا القومي المتشدد (يمين) "ادرك انه ليصبح عضوا في الحكومة المقبلة كان عليه التخلص في اسرع وقت من الاتهامات الموجهة اليه من خلال محاكمة سريعة تفضي الى تسوية باصدار عقوبة لا ترتبط بعمل شائن".

وقالت صحيفة هآرتس اليسارية "يسعى ليبرمان للتوصل الى تسوية سريعة وسهلة تخلصه من كل التهم الموجهة اليه وتسمح له بالعودة الى الحكومة خلال اشهر من خلال اختيار الحقيبة التي تناسبه سواء كانت الدفاع او الخارجية او المالية". واشارت الصحيفة الى ان الهم الاكبر بالنسبة لليبرمان هو تجنب ادانته ب"الفساد الاخلاقي" وسجنه، وهو ما سيمنعه من العودة الى البرلمان.

وقالت الصحيفة "ليبرمان ليس قلقا من ادانته، ولكنه قلق من شدة ونوع وصمة الفساد الاخلاقي التي يمكن ان ترتبط بتلك الادانة".

وفي الوقت الحالي لا يزال ليبرمان زعيما لحزب "اسرائيل بيتنا" اليميني الذي يخوض الانتخابات في قائمة مشتركة مع حزب الليكود بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو. واشارت استطلاعات الراي الى تقدم هذه القائمة بشكل كبير على المعارضة، حيث اظهرت الارقام الاخيرة التي سجلت قبل استقالة ليبرمان حصول تلك القائمة على نحو 38 من مقاعد الكنيست ال120. ولم يتضح بعد ما اذا كان اتهام ليبرمان قد اضر بالقائمة، رغم ان استطلاعا نشرته صحيفة يديعوت احرنوت اظهر ان 78% من الاسرائيليين يشعرون بان مستوى الفساد في مؤسساتهم الحاكمة "مرتفع او مرتفع جدا".

وقال الصحافي شالوم يروشالمي في تعليق في صحيفة معاريف "الوضع المثالي بالنسبة لليبرلمان هو وضع نهاية لهذه المسالة برمتها قبل الانتخابات ". وقال ان ذلك يتطلب "رفع الحصانة عنه، وتوقيعه على اتفاق تسوية مريح، وتلقي حكم مخفف والبدء مرة ثانية كوزير خارجية نظيف نسبيا". وحذرت استاذة القانون سوزي نافوت في مقال في معاريف ان اجراء محاكمة لليبرمان قبل 22 كانون الثاني/يناير سيكون "معقدا" مضيفة انه "من المشكوك فيه" ان توافق المحكمة على تفريغ جدولها من اجل المساعدة على التعجيل في الإجراءات ضد ليبرمان.

واشارت الى ان التوصل الى اتفاق تسوية يتطلب موافقة الحكومة، الا ان ذلك لا يضمن كذلك التوصل الى قرار قبل الانتخابات. بحسب فرنس برس.

ووجه المدعي العام الاسرائيلي يهودا فاينشتاين تهمة اساءة الامانة لليبرمان بعدما حصل من سفير اسرائيل السابق في بيلاروسيا زئيف بن ارييه على صورة من تحقيق سري اجري بحقه، وذلك خلال زيارة له الى مينسك في تشرين الاول/اكتوبر 2008. واشار يروشالمي الى ان خطة ليبرمان للحصول على قرار سريع في القضية هو مقامرة، مؤكدا انه يمكن ان يجد نفسه خارج الحكومة اذا ما طالت العملية القانونية او اذا ترافقت ادانته ب"الفساد الاخلاقي". وقال "ليبرمان يعول على ان يكون النظام القضائي رؤوفا .. وهذا رهان جيد، ولكن يمكن ان يجد امامه مفاجأة غير سارة".

الجريمة والفساد

فيما يلي لمحة بشأن بعض كبار السياسيين الإسرائيليين الذين وقعوا تحت طائلة القانون:

موشي قصاب: أدين الرئيس السابق موشي قصاب في 2011 باغتصاب مساعدة له عندما كان وزيرا في أواخر التسعينات وبالتحرش الجنسي بامرأتين أخريين عملتا معه خلال رئاسته للبلاد من 2000 حتى 2007. وبدأ قضاء عقوبة بالسجن سبع سنوات في ديسمبر كانون الأول 2011.

ايهود اولمرت: تولى أولمرت رئاسة الوزراء في 2006 وأجبر على الاستقالة في 2008 بسبب تهم بالفساد لكنه ظل على رأس حكومة لتصريف الأعمال حتى مارس اذار 2009. وبرئت ساحته من تهم خطيرة في يوليو تموز الماضي لكنه أدين بتهمة أدنى هي خيانة الأمانة. ولن ينافس أولمرت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الانتخابات العامة المقررة في يناير كانون الثاني رغم تكهنات بعودته للحياة السياسية.

افراهام هيرشسون: حكم على هيرشسون وهو وزير سابق للمالية بالسجن خمس سنوات وخمسة أشهر في يونيو حزيران 2009 بسبب جرائم مالية شملت الاستيلاء على أكثر من 500 ألف دولار من نقابة عمالية كان يرأسها قبل أن يصبح وزيرا في 2006.

شلومو بنيزري: حكم على بنيزري وهو وزير سابق وعضو في حزب شاس المتطرف في يونيو حزيران 2009 بالسجن أربع سنوات لأخذه رشوة. وأفرج عنه في مارس اذار 2012.

جونين سيجيف: حكم على سيجيف وهو طبيب تولى وزارة الطاقة والبنية التحتية في الفترة من 1992 حتى 1995 بالسجن خمس سنوات في عام 2005 لمحاولته تهريب أكثر من 30 ألف حبة من عقار النشوة إلى إسرائيل من هولندا وتزوير جواز سفر دبلوماسي. وأفرج عنه في 2007 .

ارييه درعي: أمرت المحكمة العليا درعي بالاستقالة من الحكومة في 1993 بسبب تهم فساد وكان في ذلك الحين زعيما لحزب شاس. وحكم عليه في 1999 بالسجن ثلاث سنوات. وفي اكتوبر تشرين الأول عاد وزير الداخلية السابق إلى شاس ضمن قيادته الجديدة التي تتشكل من ثلاثة رؤساء. بحسب فرنس برس.

الى جانب ذلك اعربت غالبية الاسرائيليين عن القلق من الفساد في الهيئات السياسية بحسب استطلاع نشرته الاحد صحيفة "يديعوت احرونوت". ويرى 78 بالمئة من الاسرائيليين على الاقل ان الفساد في الهيئات الحكومية في البلاد "مرتفع او مرتفع جدا" وهي نسبة غير مسبوقة منذ سبع سنوات.

وفي موازاة ذلك اعرب الاسرائيليون المستجوبون عن القلق من آثار الوضع الاقتصادي في البلاد اذ يؤكد 33 بالمئة منهم ان ايراداتهم لا تؤمن لهم مستوى عيش مناسبا في زيادة ب13 بالمئة مقارنة مع العام الماضي ويقول 49 بالمئة انهم يخشون من فقدان وظيفتهم. واجرى معهد ماجار موحوت هذا الاستطلاع في ايلول/سبتمبر على عينة من 535 شخصا يمثلون راشدين في اسرائيل مع هامش خطأ لم يحدد. والمسائل الاقتصادية والاجتماعية في صلب حجج حملات معظم احزاب المعارضة تمهيدا للانتخابات التشريعية في 22 كانون الثاني/يناير.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 26/كانون الأول/2012 - 12/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م