الكويت... مآزق خارجية مصطنعة

 

شبكة النبأ: منذ اشهر تشهد الكويت سلسلة من الاحتجاجات والتظاهرات الساخنة سياسيا، التي تنظمها المعارضة ضد تعديل اقره الامير على قانون الانتخابات، وجرت بموجبه انتخابات تشريعية مطلع الشهر الحالي اسفرت عن مجلس موال للحكومة بشكل شبه تام، مما ادى الى استمرار الخلافات المتواصلة بين المعارضة والحكومة، فقد قاطعت المعارضة الانتخابات بشكل واسع، وتطالب حاليا باسقاط مجلس الامة، فضلا عن مطالبتها باصلاحات سياسية بما في ذلك تشكيل حكومة منتخبة، فعلى الرغم من بعض المميزات التي يتمتع بها هذا البلد الصغير  كالرفاهية المجتمع، وامتلاك نظام سياسي من اكثر النظم انفتاحا في منطقة الخليج، فضلا عما تتمتع به من حرية اعلامية وديمقراطية نسبية وانتخابات نزيهة، مازال الصراع بين الحكومة والمعارضة يسير بحركة دينامكية مستمرة تضع التوافقات السياسية بين طرفي الصراع في حيلولة دائمة، ففي ظل السباق والنزاع السياسي المستمر، تتجدد بدورها مخاوف الكويتيين على استقرار بلادهم، مما يعني ان لم يتوصل الجانبين الى حل وسطي يفضي الى اتفاق سياسي حاسم سيبقى التنافر السياسي مأزق متأرجح في المستقبل.

البرلمان الجديد

فقد افتتح أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الدورة الجديدة لمجلس الامة بعد أشهر من الاحتجاجات والاضطرابات السياسية قائلا انه يرحب بالنقد البناء لكنه لن يسمح بأي ممارسات غير قانونية أو فوضى في الشوارع، وأقامت قوات الامن المتاريس التي منعت بضع مئات من نشطاء المعارضة -وهو عدد قليل بالمعايير الكويتية - من الاقتراب من المبنى خلال الليل لمواصلة مظاهراتهم ضد مجلس يرون انه مؤيد للحكومة، وانتخب مجلس الامة الجديد في الاول من ديسمبر كانون الاول وسط احتجاجات حاشدة ومقاطعة للمعارضة بسبب قوانين انتخابية يقول ناشطون انها جاءت لصالح مرشحين موالين للحكومة، وعطل صراع على السلطة بين اعضاء البرلمان الكويتي المنتخب والحكومة المعينة الاصلاحات والاستثمارات وأدى إلى حل عدد من المجالس البرلمانية، وتم حل مجلس الامة السابق الذي كانت المعارضة تهيمن عليه في يونيو حزيران بعد اربعة اشهر فقط على انتخابه وكانت الانتخابات التي جرت الشهر الحالي الخامسة في الكويت منذ منتصف عام 2006، وقال أمير الكويت للنواب الجدد انه يؤيد حرية التعبير والنقد البناء لكنه قال ان الاحداث الاخيرة كشفت عن "مظاهر الفوضى وتجاوز القانون والانحراف في الخطاب السياسي."

ودعا النواب الجدد إلى تجنب "الجدل العقيم الذي يبدد الجهد والطاقات " واحترام الحدود الفاصلة بين السلطات والتعاون مع الحكومة، ووقعت الاضطرابات الأخيرة حين لجأ أمير البلاد إلى قانون الطواريء في أكتوبر تشرين الأول لخفض عدد النواب المسموح لكل ناخب باختيارهم من اربعة إلى نائب واحد. وقال ان هذا سيصلح نظاما معيبا ويضمن الامن، وقال اعضاء المعارضة ان النظام الجديد سيضر بقدرتهم على تشجيع انصارهم على اعطاء اصواتهم لحلفاء لهم وتشكيل تحالفات سياسية في دولة لا تسمح بتشكيل أحزاب سياسية، وقال والد أحد النشطاء ان السلطات الكويتية اعتقلت ابنه مع ناشطين اخرين، وأضاف الكاتب والناشط أحمد الديين للصحفيين إن خالد الديين وحماد درباس وانور الفكر اعتقلوا امام مبنى المحاكم الرئيسية. وقال انه لا يعرف سبب اعتقال الثلاثة الذين ينتمون للتيار التقدمي اليساري المعارض. بحسب رويترز.

وقال النائب الشيعي البارز صالح عاشور انه سيراقب عمل الحكومة وسيمهلها ستة أشهر حتى تثبت جدارتها، وقال للصحفيين انه اذا احرزت الحكومة تقدما فسوف يتم التعاون معها اما اذا واصلت نفس النهج الذي سارت عليه الحكومة القديمة فسوف يغيرون موقفهم منها.

احتجاجات غير مرخصة

على الصعيد نفسه قالت وزارة الداخلية الكويتية انها ستتخذ كل الاجراءت اللازمة لمنع تجمهرات غير مرخص بها وذلك بعد ان فرقت محتجين قالت انهم القوا حجارة وحاولوا دهس رجال شرطة بسياراتهم، وفضت شرطة الكويت مجموعة من المظاهرات التي نظمت خارج العاصمة منذ يوم السبت جاءت في اطار احتجاجات فجرتها تغييرات في النظام الانتخابي قالت المعارضة انها اتخذت لتجيء نتائج الانتخابات في صالح المرشحين الموالين للحكومة، ورفضت المعارضة التي ضمت سياسيين اسلاميين وشعبويين المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم السبت الماضي، وقالت وكالة الانباء الكويتية (كونا) الليلة الماضية ان وزارة الداخلية الكويتية ستتعامل بكل حزم مع تنظيم اي احتجاجات "دون ترخيص" ونقلت عنها قولها في بيان في اشارة الى مسيرة سابقة يوم الاثنين "ما صدر عن بعض الاشخاص من الدعوة واثارة الجمهور للانضمام معهم في الاعتصامات والتجمعات والمسيرات والمبيت في الساحة المقابلة لمجلس الامة يعد إخلالا بالأمن والنظام العام"، وحذرت الوزارة من انها "لن تتوانى أبدا عن التعامل بكل الشدة والحزم مع أي تجاوزات أو خروج عن القانون. بحسب رويترز.

وقالت الداخلية الكويتية ان حشودا سارت في عدد من المناطق السكانية في انتهاك للقوانين والاجراءات وان الوزارة لن تسمح بأي تجمعات غير مرخص لها مهما كانت أهدافها، وذكرت الوزارة ان عددا من رجال الشرطة أصيبوا يوم الاثنين حين حاول بعض المحتجين دهسهم بالسيارات. كما اصيب آخرون بالحجارة، وشارك عشرات الالاف في مسيرة سلمية في العاصمة يوم الجمعة الماضي فيما قال منظمون انها كانت أضخم مسيرة سلمية في تاريخ الكويت لحث المواطنين على مقاطعة الانتخابات، ونظمت المسيرة المصرح بها جماعات شبابية ودعمها سياسيون معارضون عشية الانتخابات، وظلت التجمهرات السلمية تنظم امام مقر مجلس الامة بشكل متكرر طوال سنوات لكن الشرطة فضت ثلاث مسيرات في اكتوبر تشرين الاول ونوفمبر تشرين الثاني مستخدمة القنابل المسيلة للدموع قائلة ان منظميها لم يحصلوا على ترخيص، وقال محتجون في تلك المسيرات انهم كانوا يطالبون باصلاحات لا بثورة على غرار انتفاضات الربيع العربي التي شهدتها بعض الدول والتي أطاحت العام الماضي بنظم حكم فردية.

طرد مقيم شارك في احتجاج

الى ذلك ذكر مصدر أمني كويتي ان الكويت طردت مقيما ألمانيا قال انه صحفي يغطي الاحتجاجات في الكويت لكنه لم يكن يحمل بطاقة الاعتماد الصحفي المطلوبة، ويتعين على جميع الصحفيين العاملين في الكويت تسجيل انفسهم لدى وزارة الاعلام وينظر إلى الاجانب غير المعتمدين الذين يحضرون المظاهرات على انهم مشتبه بهم لان حق التظاهر ليس مكفولا سوى للمواطنين الكويتيين، لكن طرد أي زائر غربي امر نادر نسبيا في الكويت. والكويت بها حرية صحافة اكبر من تلك التي في دول الخليج الاخرى وتسمح بمستوى اكبر من المعارضة، وقال المصدر الامني دون الكشف عن اسم الرجل "تم طرده من الكويت"، وأضاف المصدر ان الرجل ابلغ الشرطة بانه يعمل صحفيا لكنه لم يكن يحمل اي تصريح صحفي عند اعتقاله في وقت سابق هذا الشهر بعد مشاركته في احتجاج واحد على الاقل، وقالت وزارة الخارجية الألمانية يوم الأحد انها أحيطت علما بالأمر، وذكرت متحدثة باسم الوزارة "السفارة الألمانية على اتصال بالسلطات الكويتية وقدمت ايضا المشورة القنصلية للرجل المذكور"، ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من وزارة الاعلام الكويتية. بحسب رويترز.

وشهدت الكويت سلسلة مظاهرات منذ اكتوبر تشرين الاول بعد أن استخدم امير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح قانون الطواريء لتغيير قواعد التصويت قبل الانتخابات البرلمانية التي اجريت في الاول من ديسمبر كانون الأول، ويقول الصحفيون الكويتيون انهم يمارسون منذ سنوات رقابة ذاتية فيما يتعلق بالموضوعات الحساسة لكنهم يستطيعون على عكس نظرائهم في دول الخليج الاخرى كتابة مقالات تنتقد سياسة الحكومة واعضاء العائلة الحاكمة دون المساس بامير البلاد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 20/كانون الأول/2012 - 6/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م