الأزمة السورية... فواتير مفتوحة لفوضى الدم

 

شبكة النبأ: لا تزال الأزمة السورية مستمرة بديناميكية تفصح عن ديمومة الصراع بين النظام السوري والجماعات المتمردة، في الوقت الذي تقف فيه المنظمات الحقوقية والبلدان العربية والعالمية، مكتوفة الأيدي ومغمضة العينين أمام العنف والفوضى غير المبررة في سوريا اليوم، ويرى مراقبون بأن ازدواجية وانتقائية بعض البلدان العربية والغريبة في موقفها من بعض البلدان العربية يوجه أحلام الشعوب المستقرة نحو حافة نهاية، حيث يرى اغلب المحللين أن مسلسل الجدلية والازدواجية بين أجندة دول القوى المتخاصمة بشأن الازمة السورية، التي اصبحت محرك رئيسي لتصاعد التوترات والاتهامات بين سوريا وحلفاؤها من جهة والغرب وحلفاؤه من جهة أخرى، فلا تزال هذه الازمة مصدر أساسي لهواجس القلق في نفوس المجتمع الدولي بشكل عام، كونها صراع طويل من العنف والفوضى العارمة، مما قد تشعل مخلفاتها منطقة شرق الاوسط برمتها، ويرى محللون آخرون  بأن الازمة السورية مازالت تتأرجح بين صراع الأجندات المفتوحة والمناورات السياسية بسبب المؤامرات وأجندات السياسية المختلفة بين الأطراف المتنازعة، وعدم نجاح المفاوضات سواء التي كانت بالترهيب ام الترغيب، وخلاصة القول بأن هذا الصراع الدولي سيبقى مضمارا لسباق الأنفاس الطويلة ومشروعا لفوضى مكلفة الخسائر.

تصعيد خطير

فقد صرح الامين العام للامم المتحدة بان كي مون انه يشعر بالقلق من "التصعيد الخطير" في النزاع في سوريا بعد قصف الطيران الحربي السوري مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق، وسيقدم بان تقريرا الى مجلس الامن الدولي عن الوضع في سوريا، وقال مارتن نيسيركي الناطق باسم الامين العام للامم المتحدة ان بان كي مون "قلق من استمرار التصعيد الخطير للعنف في سوريا في الايام الماضية والاخطار الكبيرة التي يواجهها المدنيون في المناطق التي تشهد اطلاق نار"، ووصف بان كي مون قصف مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بانه "مصدر قلق كبير"، ومخيم اليرموك هو اكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، ويضم 150 الفا من قرابة 400 الف لاجئ يقيمون في دمشق وريفها. بحسب فرانس برس.

من جهة اخرى، قال بان كي مون انه "يشعر بقلق كبير من التقارير" التي تحدثت عن مجزرة بحق مدنيين علويين في قرية عقرب قرب حماة (وسط سوريا)، واشاد بان كي مون بالدول المجاورة لسوريا التي استقبلت لاجئين مشددا على ضرورة "ابقاء الحدود مفتوحة امام كل الذين يهربون من العنف في سوريا"، كما دعا الى تقديم "مساعدة انسانية كافية" للسكان وجدد الامين العام للامم المتحدة دعوته الى القوى الكبرى المنقسمة الى "بذل كل جهد لوقف دوامة العنف المأساوية في سوريا.

لا يمكن لاي طرف كسب الحرب

على الصعيد نفسه قال فاروق الشرع نائب الرئيس السوري إنه لا يمكن سواء لقوات الرئيس بشار الأسد أو مقاتلي الجماعات المتمردة الذين يسعون للإطاحة بنظام الفوز في الحرب التي تدور حاليا على مشارف العاصمة دمشق قاعدة سلطة الرئيس، ونادرا ما كان الشرع -وهو من السنة في هيكل السلطة الذي تهيمن عليه الاقلية العلوية للرئيس- يظهر منذ اندلاع الانتفاضة السورية في مارس اذار عام 2011 وهو ليس ضمن الدائرة المصغرة المحيطة بالرئيس السوري التي توجه المعركة مع مقاتلي الجماعات المتمردة، لكنه أبرز شخصية تعلن صراحة أن الأسد لن يفوز في الحرب. وكان يتحدث إلى صحيفة الأخبار الموالية للأسد في مقابلة أجريت بدمشق، وقال الشرع إن الوضع في سوريا يتدهور وإن إنهاء الصراع يتطلب "تسوية تاريخية" بمشاركة قوى إقليمية ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتشكيل حكومة وحدة وطنية "ذات صلاحيات واسعة"، ونقل عن الشرع قوله "كل يوم يمر يبتعد الحل عسكريا وسياسيا. نحن يجب أن نكون في موقع الدفاع عن وجود سوريا.. ولسنا في معركة وجود فرد أو نظام"، ومضى يقول للصحيفة "ليس صحيحا على الإطلاق أن بإمكان كل هذه المعارضات أن تحسم المعركة على أساس إسقاط النظام إلا إذا كان هدفها إدخال البلاد في فوضى ودوامة عنف لا نهاية لها"، وأصبح وسط المدينة الذي كان في منأى عن العنف الدائر منذ 21 شهرا مليئا بنقاط تفتيش تابعة للجيش والشبيحة وهي ميليشيات تابعة للحكومة ويقول سكان إن وسط دمشق أصبح يهتز من حين لآخر بسبب القصف، ويصطف السكان أمام المخابز للحصول على الخبز قبل ساعات من الفجر في الوقت الذي يسعون فيه للحصول على الإمدادات التي بدأت تتقلص كما زاد معدل انقطاع الكهرباء وأصبحت هناك مخاوف من انتشار الفوضى في دمشق. بحسب رويترز.

وأردف الشرع قوله "ندرك اليوم أن التغيير أمر مفروغ منه. إذا لم تأخذ السلطة زمام المبادرة لتحقيقه مع الآخرين فإن التغيير سيحصل بإملاءات أحادية منهم"، وأضاف "لا الائتلاف الوطني ولا مجلس اسطنبول ولا هيئة التنسيق كمعارضة داخلية متعددة الأقطاب ولا أية مجموعات معارضة سلمية أو مسلحة بارتباطاتها الخارجية المعروفة تستطيع أن تدعي أنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري"، وفي باريس قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس انه يعتقد أن سقوط الأسد بات قريبا وانه ينبغي دعم ائتلاف المعارضة الجديد لمنع سيطرة المتطرفين على الوضع، وقال فابيوس لراديو فرنسا الدولي "اعتقد ان النهاية تقترب بالنسبة لبشار الأسد."      

الجماعات المتمردة لن تنتصر في سوريا

من جانب آخر قال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله إن الجماعات المتمردة لا يمكن أن تخرج منتصرة من الانتفاضة المستمرة منذ 21 شهرا ضد الرئيس السوري بشار الأسد، وذكر نصر الله وهو حليف وثيق للأسد أن الوضع في سوريا يزداد تعقيدا لكن "من يظن أن الجماعات المتمردة قادرة على السيطرة فهو مخطئ فالصراع ليس بين النظام والشعب.. في سوريا هناك نظام وشعب معه وفريق يستعين بقوى إقليمية ودولية أدى دعمها إلى مواجهة مسلحة"، وتتهم الجماعات المتمردة جماعة حزب الله بإرسال مقاتلين إلى سوريا لدعم الأسد الذي يحاول سحق تمرد على حكمه. وتنفي الجماعة هذه الاتهامات، وقال نصر الله إن الغرب وبعض الدول العربية الحليفة له استدرج مقاتلي القاعدة إلى سوريا ليلقوا حتفهم هناك، وأضاف موجها كلامه للقاعدة "بعض الحكومات في العالم الإسلامي والغربي نصبت كمينا لكم في سوريا وفتحت لكم ساحة في سوريا تأتون إليها حتى يقتل بعضكم بعضا وأنتم وقعتم في هذا الكمين. ولو فرضنا أن هذه الجماعات استطاعت أن تحقق إنجازا فهي أول من سيدفع الثمن في سوريا كما دفعته في دول أخرى. بحسب رويترز.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 19/كانون الأول/2012 - 5/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م