سوريا وروسيا... جبهة صعبة الاختراق

 

شبكة النبأ: يبدو ان مسار العلاقات الروسية- السورية ثابت ثبوت الجبال، والدليل هو تأكيد روسيا على انها لم ولن تغير موقفها اتجاه سوريا، فبعدما اعتقد الغرب ان هذه الدولة الحليفة منذ فترة طويلة مع نظام السوري لينت موقفها، استنادا الى تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف حول الازمة السورية مؤخرا، إلا أن روسيا تداركت هذا الامر بعد ما اكدت صلب علاقاتها مع سوريا في معظم المجالات، ويرى اغلب المحللين بأن هناك دوافع عديدة لتمسك روسيا بسوريا ابرزها حاجة روسيا لحليف في الشرق الأوسط بعد التمدد الغربي خصوصا بعد نشر منظومة الدفاع الصاروخي على مقربة من حدودها، إذ تشكل سوريا الخط الدفاع الأمامي لروسيا في منطقة البحر الأبيض المتوسط، كما تعد سوريا اهم مشتري لصادرات الأسلحة الروسية، بحسب ما تشير الإحصاءات والأرقام  بإن 90 ٪ من السلاح السوري مصنوع في روسيا، فضلا عن العلاقات الاقتصادية المتثلمة بشركات النفط والغاز الروسية وصفقات العقود ضخمة مع الحكومة السورية، كما ترى روسيا في سورية حليفاً عسكرياً لها، لأنها تدرك بأن هنالك أجندة غربية تهدف الى ضرب مصالحها في المنطقة من خلال إقصاء حلفائها عن مركز القرار، وهذا من شانه ان يضعف النفوذ الروسي بشكل عام، فعلى الرغم من كل الضغوط والانتقادات الدولية ما زالت روسيا متمسكة بمواقفها اتجاه سوريا، خصوصا وان هذه الدولة العربية باتت مكانا مستهدفا من لدن الدول العدائية، كـ تركيا ودول الخليج وبعض الدول الإقليمية، ناهيك عن اللاعب الأساسي الدول الغربية، لجعلها بؤرة الصراع في الشرق الأوسط.

ثبات الموقف

في سياق متصل جددت موسكو تأكيدها انها لم ولن تغير موقفها حول سوريا، في محاولة للتخفيف من وطأة تصريحات مسؤول روسي لم يستبعد هزيمة نظام بشار الاسد امام المتمردين، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش خلال لقائه الصحافي ان بلاده لم تغير موقفها من الوضع السوري، وكان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف صرح "علينا ان نواجه الامر. النظام والحكومة يفقدان السيطرة على البلاد اكثر فاكثر. وبالتالي لا يمكننا استبعاد انتصار الجماعات المسلحة"، وسارعت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند الى التعليق قائلة "نريد ان نشيد بالحكومة الروسية لانها تنبهت اخيرا للحقيقة واعترفت بان ايام النظام (السوري) باتت معدودة"، الا ان لوكاشيفيتش قال "رأيت كيف ان الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية قالت (...) بحماس ان موسكو استيقظت اخيرا وتغير موقفها"، مضيفا "لم نكن نائمين ولن نغير يوما موقفنا". بحسب فرانس برس.

خيبة آمال الغربيين

على الصعيد نفسه ما زال الموقف الرسمي لروسي على حاله في النزاع في سوريا على الرغم من آمال الغربيين الذين اعتقدوا ان هذه الدولة الحليفة منذ فترة طويلة مع نظام بشار الاسد لينت موقفها، ولم تتأخر موسكو في اعادة تصريحات نائب وزير الخارجية المكلف الملف السوري ميخائيل بوغدانوف التي نقلتها وكالات الانباء الروسية، الى اطارها، وقد عرقلت روسيا مع الصين كل مشاريع القرارات في مجلس الامن الدولي التي تستهدف نظام السوري وقال بوريس دولغوف من معهد الدراسات حول الشرق في اكاديمية العلوم ان "القول ان روسيا تلين موقفها امر خاطىء"، ورأى هذا الخبير ان "الغرب هو الذي حاول تغيير موقف روسيا والضغط عليها".

وتابع زميله الكسندر فيلونيك من المعهد نفسه ان "الحديث عن وقائع لا يمكن ان يسفر على انه تراجع في الموقف الروسي"، واكد لوكاشيفيتش ان موسكو لا تجري اي مفاوضات عن مصير النظام السوري، وقال "لا نجري اي مفاوضات لا مع زملائنا الاميركيين ولا باي صيغ اخرى"، مؤكدا ان "روسيا تبحث باصرار ودقة عن وسيلة لتسوية الوضع في سوريا بالطريقة السياسية".

ورأى المحلل السياسي في مركز اينديم ايوري كورغونيوك ان موسكو قد تكون تناور لتحمي ظهرها بينما تكتسب الجماعات المسلحة دعما متزايدا في الغرب. بحسب فرانس برس.

وقال ان "مسؤولي وزارة الخارجية يدركون ان تبني موقف متصلب جدا حول سوريا قد يؤدي الى السيناريو نفسه الذي حصل في ليبيا" حيث فقدت روسيا كل نفوذها، وفقدت روسيا عقودا مهمة في قطاعات المحروقات والدفاع وسكك الحديد عند سقوط نظام معمر القذافي في ليبيا، واشار الى ان "روسيا ما بعد السوفيات لا تملك موارد لدعم حلفائها السابقين من عهد الاتحاد السوفياتي".

تركيا والخطة جديدة

من جانب آخر عرضت تركيا مؤخرا على روسيا خطة جديدة لاجراء انتقال سلمي للسلطة في سوريا اعتبرتها روسيا "مبتكرة" كما اوردت صحيفة تركية، وبحسب هذه الخطة يتنحى الرئيس السوري بشار الاسد عن السلطة في الاشهر الثلاثة الاولى من العام 2013 ويتسلم السلطة لمرحلة انتقالية الائتلاف الوطني المزعوم، وقد عرض رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان هذه الخطة في الثالث من كانون الاول/ديسمبر الجاري على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اثناء زيارة قام بها الى اسطنبول، ووجدها الاخير "مبتكرة" بحسب صحيفة راديكال، واضافت الصحيفة ان هذه الخطة الجديدة يجري البحث فيها في الايام الاخيرة بين الولايات المتحدة وروسيا ومصر وقطر والامم المتحدة، وكان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون صرح اثناء زيارة خاطفة الى تركيا في 7 كانون الاول/ديسمبر انه "اخذ علما" ب"الافكار الجديدة" التي جرى بحثها اثناء قمة بوتين واردوغان وانه يأمل في ان يتم النقاش بالتنسيق مع الامم المتحدة للوصول الى توافق دولي. بحسب فرانس برس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 18/كانون الأول/2012 - 4/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م