التلوث البيئي... معضلة قد تفضي الى نهاية العالم

 

شبكة النبأ: تتواصل جهود العلماء لحد من المشاكل البيئية المتفاقمة التي باتت تعد من أكثر الأخطار التي تهدد الحياة على سطح الكرة الأرضية والتي باتت تعج وبفضل الجهود البشرية بالعديد من مصادر التلوث التي أسهمت بزيادة تلوث الهواء والماء والتربة بحسب بعض الخبراء، الذين أكدوا على ضرورة الإسراع بتفعيل القرارات ولاتفاقات الدولية وفي هذا الشأن قالت جماعتان للحفاظ على البيئة في تقرير إن التلوث الذي تسببه المصانع والمناجم يعرض حياة 125 مليون شخص في العالم للخطر وان خطورته في العالم النامي مماثلة لوبائي الملاريا والسل. وقال باحثون أعدوا التقرير الذي عنوانه "أسوأ مشاكل التلوث في العالم 2012" إنه أول محاولة حقيقة لتقدير عدد الاشخاص الذين يتعرضون للمرض أو الموت في العالم لانهم يعملون أو يعيشون بالقرب من صناعات ملوثة للبيئة مثل المدابغ او مصانع اعادة تدوير المخلفات أو مصانع المواد الكيماوية أو المناجم.

وقال ستيفان روبنسون الباحث بجماعة جرين كروس السويسرية التي أعدت التقرير بالتعاون مع منظمة بلاك سميث غير الهادفة للربح ومقرها نيويورك "يجري تخصيص قدر وافر من الوقت والموارد بشكل مناسب للتعامل مع عبء إمراض مثل السل والملاريا." وتابع القول "الحقيقة اللافتة للنظر هي إن الجهود الدولية والمحلية للتعامل مع هذه الامراض تفوق كثيرا الاهتمام الموجه للمواقع السامة التي يثبت هذا التقرير انها تساهم بقدر كبير في العبء العالمي للأمراض."

وفحص الباحثون اكثر من 2900 موقع صناعي بعضها قيد التشغيل والبعض الاخر مغلق في 49 من الدول منخفضة أو متوسطة الدخل وقدورا التأثير الصحي لملوثات مثل الرصاص أو الزئبق أو الكروم على الناس الذين يعيشون بالقرب من هذه المواقع أو يعملون فيها. واشارت المنظمتان إلى ان تقديراتهما "ليست قاطعة على الاطلاق لكن قد تؤخذ كمؤشر على الحجم المحتمل للمشكلة." وحلل الباحثون بيانات من دراساتهم الميدانية في مواقع مسببة للتلوث واستعانوا باحصاءات ودراسات عن الأوبئة لاستنتاج تقديراتهم. وحذروا من ان البيانات في حالات كثيرة "محدودة للغاية." بحسب رويترز.

واستخدم الباحثون في التقرير مقياسا لعدد السنوات المفقودة من عمر الانسان بسبب اعتلال الصحة أو الاعاقة أو الوفاة المبكرة حيث قدروا أن أكثر من 17 مليون سنة فقدت بسبب الملوثات في عشر صناعات في الدول التي شملها التقرير والتي تمثل ثلثي سكان العالم مقارنة مع 14 مليون سنة بسبب الملاريا و25 مليونا جراء السل وحوالي 29 مليونا بسبب فيروس (اتش.آي.في) المسبب لمرض الايدز.

من جهة اخرى وجد بحث أمريكي حديث أن أثاث غرفة المعيشة التي يقضي بها أفراد العائلة معظم الوقت قد يحوي مواد كيمائية سامة قد تتسبب في مشاكل صحية من بينها نقص حجم المواليد الجدد. وقام البحث العلمي المنشور في دورية العلوم البيئية والتقنية على قياس كم المواد الكيمائية السامة المثبطة للحرائق واللهب التي تدخل في صناعة الأثاث.

ووجدوا أن 80 في المائة من الوسائد والأرائك المصنوعة من الأسفنج تحتوي على أحد تلك المركبات الكيماوية السامة، التي قد نجدها كذلك في مقاعد السيارات وأي منتج آخر تدخل رغوة البولي يوريثان في صناعته، كما أنه مستخدم أيضاً في صناعة السجاد والإلكترونيات. ويربط الباحثون تلك المواد الكيمائية وعدد من المشاكل الصحية منها مشاكل الإنجاب وانخفاض وزن المواليد، بجانب مشاكل النمو الجسدي والعصبي لدى الأطفال، كما ربطته أبحاث سابقة بعدم التوازن في الهرمونات وربما الإصابة بالسرطان. بحسب CNN.

ومن جانبه، أكد المجلس الكيمائي الأمريكي على أهمية تلك الموائد الكيمائية، قائلاً في بيان إن "مثبطات اللهب وسيلة فعالة لتلبية معايير الأمن والسلامة من الحرائق، صممت لمنع الحرائق، وفي حال اشتعالها، تبطئ من انتشارها بما يوفر وقتاً للإفلات."

مشكلة الغاز

في السياق ذاته قال فاتح بيرول كبير الاقتصاديين في وكالة الطاقة الدولية إن "العصر الذهبي" الجديد للغاز قد يحبط الجهود العالمية لمواجهة التغير المناخي في الوقت الذي تدرس فيه حكومات مثقلة بالديون التحول إلى الوقود الرخيص. وأضاف أن الدعم الحكومي المخصص للترويج لمشروعات الطاقة المتجددة يبلغ حاليا نحو 70 مليار دولار على مستوى العالم. وتابع قوله "توفر الغاز الرخيص او منخفض السعر يزيد من الضغوط على الطاقة المتجددة."

وفي الوقت الراهن تبيع العديد من الدول المصدرة للغاز الطبيعي مثل روسيا والنرويج وقطر الغاز بأسعار مرتفعة لأنها تبيع بموجب عقود طويلة الأجل لكنها تتعرض لضغوط متزايدة من جانب المستهلكين لخفض الأسعار أو السماح بأساليب تسعير أكثر مرونة استنادا إلى التحركات السعرية في السوق الفورية الحرة للغاز.

لكن بيرول قال إن الامدادات الجديدة ستقوض قدرتها على فرض أسعار مرتفعة في الأجل الطويل. وفي أمريكا الشمالية أدى ازدهار التنقيب عن الغاز الصخري إلى انخفاض حاد في الأسعار المحلية للغاز الطبيعي ومن المتوقع ان تبدأ الولايات المتحدة في تصدير الغاز الطبيعي المسال بحلول 2015 مما يزيد الضغط على أسعار الغاز العالمية وعلى موردي الغاز القدامى عبر خطوط أنابيب مثل جازبروم الروسية وشتات أويل النرويجية.

ويقول محللون آخرون إن التنقيب عن الغاز الصخري في أوروبا لن يكون كبيرا بما يكفي لكسر هيمة الامدادات عن طريق خطوط الأنابيب وان تطور مصادر الطاقة المتجددة سيظل مهما لتلبية الطلب على الطاقة وتحقيق مستويات خفض الانبعاثات المستهدفة في أوروبا. وقال بيرول إن أي خفض في استثمارات الطاقة المتجددة سيزيد من مخاطر ارتفاع درجات الحرارة العالمية بمقدار ست درجات مئوية في القرن الحالي ووصف الاتجاه الراهن بانه "كارثي." وقال "إذا لم توضع سياسات عاجلة وجريئة سيغلق الباب أمام ... حياة طبيعية لنا ولأطفالنا وسيغلق للأبد."

تلوث الهواء

على صعيد متصل قالت الوكالة الاوروبية للبيئة في تقرير إن جسيمات متناهية الصغر تعد من أسوأ أشكال تلوث الهواء تنتشر بمستويات خطيرة في أوروبا وان كان القانون قد نجح في خفض بعض المواد السامة الناجمة عن العوادم والمداخن. ويتسبب تلوث الهواء في خفض متوسط الاعمار بنحو ثمانية أشهر في المتوسط بل بنحو عامين في المناطق الاكثر تضررا مثل المناطق الصناعية في شرق اوروبا لانه يسبب أمراضا منها سرطان الرئة ومشاكل أوعية القلب.

وقالت جاكلين مكجليد المديرة التنفيذية للوكالة الاوروبية للبيئة في بيان "سياسة الاتحاد الاوروبي قلصت انبعاث الكثير من الغازات الملوثة للهواء خلال العقد المنصرم لكن علينا ان نمضي قدما" مبرزة المخاطر القائمة قبل مراجعة مقررة لتشريع مطروح في الاتحاد الأوروبي. واستطردت "في دول كثيرة لا يزال تركيز ملوثات الهواء أعلى من المستوى المسموح به لحماية صحة المواطنين الاوروبيين."

وفي بيان مشترك مع الوكالة الاوروبية للبيئة قال جانيز بوتوشنيك مفوض البيئة في الاتحاد الاوروبي ان عام 2013 سيكون عام الهواء وانه سيركز على تعزيز القوانين التي تحكم جودة الهواء في دول الاتحاد. وهذ الجسيمات المجهرية هي أكثر ملوثات الهواء خطورة في أوروبا. بحسب رويترز.

وتعرض نحو 30 في المئة من سكان المدن لمستويات سنوية اعلى من تلك التي يحددها الاتحاد الاوروبي للجسيمات الدقيقة التي يمكن ان تنتقل من الرئة الى الدم مسببة مخاطر صحية. وتعتبر المستويات التي تضعها منظمة الصحة العالمية أكثر صرامة من تلك التي يضعها الاتحاد الاوروبي. وبمعايير منظمة الصحة العالمية تعرض كل السكان الاوروبيين تقريبا لمستويات خطيرة من التلوث.

الأمن الغذائي

الى جانب ذلك قالت مجموعة اوشنا المعنية بالبيئة إن الدول التي تتكون من جزر صغيرة او الدول الساحلية هي الأكثر تضررا من مشاكل الأمن الغذائي التي يسببها تغير المناخ وزيادة حموضة المحيطات. وجاءت جزر القمر الواقعة في المحيط الهندي في مقدمة قائمة وضعتها المجموعة للدول الأكثر عرضة للتأثر بزيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وارتفاع درجة حرارة مياه المحيطات وزيادة حموضة المياه في العالم.

وقالت المجموعة إن الدول التي تعتمد كثيرا على المأكولات البحرية كمصدر للبروتين قد تواجه مشاكل متزايدة في الأمن الغذائي لأن المحار والرخويات وبلح البحر مهددة على نحو خاص. وجاءت توجو وجزر كوك وكيرباتي واريتريا بعد جزر القمر في الترتيب. وقال ماثيو هيولسنبيك وهو عالم في الحياة البحرية كتب الدراسة "معظم الدول التي ستعاني لم تساهم إلا بالقليل جدا في إحداث تغير المناخ." بحسب رويترز.

وأشار إلى أن الدول الأكثر تضررا بالظاهرة تعتمد على صياديين بسطاء لا يملكون المعدات التي تمنكهم من مطاردة الأسماك التي تحاول الهرب إلى مياه أعمق وأبعد وأكثر برودة. وأظهر تقرير مجموعة اوشنا التي لا تهدف إلى الربح أن من المتوقع أن يتفاقم تغير المناخ على مدى السنوات الخمس المقبلة وأن تتضرر من الظاهرة أيضا صناعات الصيد في الولايات المتحدة والدول المتقدمة.

الملابس والمواد الكيميائية

على صعيد متصل حذرت منظمة غرينبيس البيئية من ان الملابس الرياضية الواقية من المطر وتلك المخصصة للنشاطات في الهواء الطلق تحتوي الكثير من الواد الكيميائية مما قد يكون خطيرا على صحة الانسان والبيئة. واوضحت غرينبيس على موقعها الالكتروني بالالمانية "تمت تجربة 14 قطعة ملابس للنساء والاطفال من الماركات المخصصة لنشاطات الهواء الطلق والتي تضم مكونات +بي اف سي+ ومواد اخرى سامة". وعثر على مواد "بي اف سي" في كل هذه الملابس وفي بطانات مصنوعة من مادة "غور-تكس" على سبيل المثال.

و"بي اف سي" هي بوليمير كيميائي يستخدم لمقاومته للحرارة والمطر وقدرته على ابعاد الغبار. وهو متواجد في الحياة اليومية كثيرا في المقالي التي لا تلصق والمساحيق المزيلة للبقع وبعض توضيبات المواد الغذائية. واكدت غرينبيس ان " بي اف سي تتركز في البيئة والاغذية ومياه الشرب ولها تأثير على الصحة البشرية".

ووجد المختبران المستقلان اللذان اجريا التحاليل لحساب غرينبيس "تركزا مشبوها" لحمض بيرفلوروكتانويك (بي اف او ايه) في سترات لماركات مثل نورث فايس وباتاغونيا وجاك وولفكسين وكايكيالا وسروال للاطفال من ماركة مارموت. وسجلت كذلك تركزا كبيرا لفليوروتيلميريك (اف تي او اتش) في سترة للاطفال من ماركة فود وفي سترات ماموت وكايكيالا وباتاغونيا. بحسب فرنس برس.

وقالت كريستيان هاكسدورف الخبيرة الكيميائية لدى غرينبيس "ان قطاع الالبسة المخصصة للهواء الطلق يجب ان يستبدل المواد الكيميائية الخطرة باخرى تحترم البيئة". واطلقت المنظمة المدافعة عن البيئة في صيف العام 2011 حملة بعنوان "ديتوكس" لمكافحة التلوث الكيميائي للمياه من قبل صناعات النسيج. وتفيد غرينبيس ان المانيا هي اول سوق اوروبية لتجهيزات وملابس الهواء الطلق وتزيد قيمة مبيعاتها السنوية عن مليار يورو.

56 مليار دولار

الى جانب ذلك قالت وزارة حماية البيئة الصينية إن بكين ستنفق 350 مليار يوان (56 مليار دولار) بحلول عام 2015 للحد من التلوث الجوي في المدن الكبرى. وقالت الوزارة في بيان على موقعها على الانترنت إن الحكومات المحلية ستمول أغلب البرامج التي ترمي لخفض مستوى الجزيئات الضارة في الهواء في 117 مدينة بنسبة لا تقل عن خمسة في المئة فيما بين عامي 2011 و2015.

ويحذر الأطباء من أن الجزيئات السابحة في الفضاء التي يقل قطرها عن 2.5 مايكرومتر يمكن أن تستقر في الرئتين وتسبب مشاكل تنفسية وأمراضا أخرى.وبدأت الصين نشر بيانات من هذا النوع هذا العام في محاولة للحد من المخاوف من المبالغة في التقليل من شأن المشكلة. ويسترشد كثير من الصينيين في بكين بمؤشر للتلوث الجوي تصدره السفارة الامريكية في خطوة أثارت استياء المسؤولين الصينيين الذين وصفوا المؤشر بأنه غير علمي. بحسب رويترز.

وتبدو القياسات الامريكية أشد قتامة من تقديرات الإدارة المحلية في بكين وكثيرا ما تصف مستويات التلوث بأنها خطيرة عند التعرض لها لفترة طويلة. واستندت الصين إلى اعتمادها على الصناعات الثقيلة كسبب لفشلها في الوفاء بالمعدلات المستهدفة لخفض تلوث الهواء والماء في العام الماضي.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15/كانون الأول/2012 - 30/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م