إهمال اللاجئين... أزمات إنسانية لا تحصى

 

شبكة النبأ: يبدو أن أزمات اللاجئين تظهر على الساحة لبعض الوقت ثم تعود لتختفي من جديد. ففي عام 2011، توجهت جميع الأنظار نحو مجمع داداب للاجئين في شمال كينيا الذي استقبل مئات الآلاف من الصوماليين الفارين من المجاعة والنزاعات. وفي هذا العام تحول الانتباه إلى اللاجئين الفارين من سوريا، على الرغم من أن غالبية الصوماليين الذين وصلوا إلى داداب في العام الماضي مازالوا هناك، وتستمر معظم أزمات اللاجئين طويلاً بعدما يقل اهتمام الرأي العام والجهات المانحة بها ولا يضعها الآخرون في دائرة الضوء. وهذا ما يترك المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمات الإغاثة في أغلب الأحيان أمام مهمة صعبة تتمثل في تقديم العون لأعداد كبيرة من اللاجئين، والمهاجرين قسراً، والنازحين داخلياً دون تمويل كاف أو إرادة سياسية أو دعم من المجتمع الدولي. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).

وفيما يلي، نستعرض بعضاً من أكثر أزمات اللاجئين والنازحين تعرضاً للإهمال حول العالم:

1. اللاجئون السودانيون في تشاد: أدى ما يقرب من عقد من النزاع في إقليم دارفور في غرب السودان إلى نزوح نحو 1.8 مليون سوداني، فر منهم أكثر من 264,000 شخص إلى دولة تشاد المجاورة حيث مازالوا يعيشون في 12 مخيماً على طول الحدود الشرقية لتشاد مع السودان. وتعتبر تشاد واحدة من أكثر بلدان العالم فقراً، طبقاً لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وتعد بيئة العمل في تشاد "صعبة للغاية" نظراً لافتقار المنطقة للبنية التحتية والموارد الطبيعية. وتقول النساء في المخيمات أنهن في بعض الأحيان يضطررن للمشي طوال اليوم بحثاً عن الحطب، كما أن صعوبة الوصول إلى الأراضي الصالحة للزراعة جعل اللاجئين يعتمدون بالكامل تقريباً على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية. وقد فشلت العديد من اتفاقيات السلام بين المتمردين في دارفور والحكومة السودانية في تهدئة التقلبات في المنطقة وتركت العديد من اللاجئين مترددين في العودة إلى ديارهم. في الوقت نفسه، يقول العاملون في المجال الإنساني أن الطبيعة الطويلة الأمد للأزمة أدت إلى إرهاق الجهات المانحة.

2. اللاجئون الإريتريون في شرق السودان: يعبر الإريتريون إلى شرق السودان منذ أن بدأت دولتهم تحركها من أجل الاستقلال عن أثيوبيا في ستينيات القرن الماضي، بينما يأتي عبورهم في الآونة الأخيرة للهروب من سياسة التجنيد العسكري غير محدد الزمن في إريتريا. ويعيش حالياً حوالي 66,000 إريتري في مخيمات اللاجئين في ولايات القضارف وكسلا والبحر الأحمر التي تعد من بين أفقر مناطق السودان، بينما يعبر 1,600 أريتري آخر الحدود كل شهر. وينظر العديد من الوافدين الجدد إلى السودان على أنه بلد عبور حيث يواصلون رحلتهم شمالاً بهدف الوصول إلى أوروبا أو إسرائيل، مما جعلهم هدفاً لسوء المعاملة من قبل المهربين وتجار البشر. أما الذين ظلوا في السودان فلا يمكنهم قانونياً تملك الأراضي أو العقارات ويكافحون من أجل العثور على وظائف في القطاع الرسمي. وفي عام 2002 تم إلغاء وضع اللجوء للذين فروا من حرب الاستقلال والنزاع اللاحق بين إثيوبيا وإريتريا، ولكن تم إيقاف إعادة اللاجئين لوطنهم في عام 2004 بعد الانتقادات الدولية الواسعة لسجل حقوق الإنسان الخاص بإريتريا.

3. اللاجئون السودانيون في جنوب السودان: على مدى الثمانية عشر شهراً الماضية فر ما يقدر بحوالي 170,000 شخص من النزاع بين قوات الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان في ولايات النيل الأزرق وجنوب كردفان في السودان، وهو ما أدى إلى تدفق اللاجئين إلى ولايات الوحدة وأعالي النيل في دولة جنوب السودان. وتستعد المنظمات الإنسانية لتدفق المزيد من اللاجئين بمجرد أن ينتهي موسم الأمطار ويتم إعادة فتح الطرق غير السالكة. ويخشى عمال الإغاثة من إمكانية أن يؤدي تضخم أعداد اللاجئين وتفشي الأمراض والفيضانات إلى تفاقم الأزمة. وتقوم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتوجيه نداء عاجل لتقديم 20 مليون دولار إضافية لإدارة الاحتياجات الأساسية في المخيمات. كما أن تردي البنية التحتية في جنوب السودان جعل تقديم المساعدات الطارئة مكلفاً وصعباً.

4. النازحون داخلياً في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية: أدت الانشقاقات عن الجيش الكونغولي- التي كانت سبباً في ظهور جماعة إم 23 المسلحة- إلى استئناف أعمال العنف في إقليم كيفو في جمهورية الكونغو الديمقراطية في الأشهر الستة الماضية. وقد نزح أكثر من 260,000 شخص حتى الآن طبقاً لما ذكره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). كما قام 68,000 شخص آخر بالفرار إلى أوغندا ورواندا المجاورتين. ويعيش النازحون داخلياً في عشرات من المخيمات المؤقتة في أنحاء الإقليم حيث تقوم وكالات الإغاثة بتقديم المأوى والحماية والغذاء والخدمات الصحية على الرغم من النقص الحاد في التمويل والهجمات المتكررة على عمال الإغاثة. وتضيف الموجة الجديدة من النازحين داخلياً إلى 1.7 مليون نازح موجودين بالفعل في البلاد، طبقاً لما ذكرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

5. لاجئو الروهينجيا في بنجلاديش: المسلمون الموجودون في ولاية راخين في غرب ميانمار- الذين يشار إليهم على نحو شائع بالروهينجا - هم أقلية عرقية عانت من التمييز الممنهج وسوء المعاملة على مدى الخمسة عقود الماضية بما في ذلك تجريدهم من جنسيتهم بموجب قانون 1982. وفر الآلاف منهم من البلاد على مدى الخمسين عاماً الماضية حيث ذهبت الغالبية العظمى منهم إلى بنجلاديش. ولم يتم السماح للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتسجيل الوافدين الجدد منذ منتصف عام 1992، ولكن تقديرات المفوضية تشير إلى وجود أكثر من 200,000 من الروهينجا في جنوب شرق البلاد. ويحمل حوالي 30,000 من اللاجئين فقط وثائق رسمية ويعيش هؤلاء في إحدى المخيمات التي تديرها الحكومة في منطقة كوكس بازار حيث يحصلون على المساعدة من مفوضية اللاجئين. وقد منعت حكومة بنجلاديش الوكالات الدولية بما في ذلك المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من تقديم المساعدة إلى اللاجئين الذين لا يحملون أوراق رسمية ولذلك يعيش العديد منهم في المحيط الخارجي للمخيمات الرسمية. وتقوم العديد من المنظمات غير الحكومية الدولية بتقديم الخدمات بصورة غير رسمية لهؤلاء اللاجئين، ولكن من غير الواضح إلى متى سيتم السماح لهم بالقيام بذلك.

6. لاجئو التاميل في الهند: بعد أكثر من ثلاث سنوات على انتهاء الحرب الأهلية التي طال أمدها في سريلانكا، يعيش أكثر من 100,000 من التاميل السريلانكيين في ولاية تاميل نادو بجنوب الهند من بينهم 68,000 شخص في 12 مخيماً تديره الحكومة. وقد وصلت أكبر موجة من اللاجئين في المخيمات بين عامي 1983 و1987 حيث ظل العديد منهم هناك وقاموا بإنجاب أطفال أيضاً. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من نصف السكان اللاجئين حالياً قد ولدوا في الهند ويعرفون القليل عن الحياة في سريلانكا. وعلى الرغم من أن مفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لا تستطيع الوصول إلى المخيمات، تقوم أربع منظمات غير حكومية بتقديم الخدمات إلى اللاجئين. ومنذ انتهاء الحرب، عاد إلى سريلانكا 5,000 لاجئ فقط بمساعدة مفوضية اللاجئين. وقد ظلت الغالبية العظمى ترفض العودة، مشيرة إلى التقارير المستمرة عن انتهاكات حقوق الإنسان وعدم وجود فرص عمل.

7. اللاجئون الأفغان في إيران: تعد أفغانستان مصدراً لواحدة من أكبر وأطول أزمات اللاجئين في العالم حيث بدأت موجات اللاجئين في الفرار من البلاد بعد الغزو السوفيتي عام 1979، ثم أثناء حكم طالبان في تسعينيات القرن الماضي وأخيراً أثناء العقد الأخير من النزاع بين قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة ومتمردي طالبان. وعلى الرغم من أن الكثير قد كُتب عن اللاجئين في باكستان البالغ عددهم 2.7 مليون لاجئ، إلا أن وجود حوالي 900,000 لاجئ مسجل و1.4 مليون أفغاني غير مسجل في إيران المجاورة قد حظي باهتمام أقل. ويعيش غالبية هؤلاء في المناطق الحضرية حيث (في ظل نظام الحكم الحالي) يزداد التعصب ضد اللاجئين ويتم استبعاد أطفالهم من التعليم العام. ولم تتحقق الوعود الخاصة بتجنيس بعض اللاجئين غير المسجلين، ولذلك غالباً ما يصبحون عرضة لعمليات الترحيل الجماعي. وقد حذر الخبراء من أن العودة الجماعية القسرية للاجئين إلى أفغانستان سوف تزيد من زعزعة استقرار البلاد التي تملك قدرة محدودة لتوفير الوظائف والخدمات الأساسية والأمن للعائدين.

8. لاجئو القرن الأفريقي في اليمن: ظلت اليمن لفترة طويلة دولة عبور للمهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى المملكة العربية السعودية بحثاً عن العمل ولكن منذ عام 2006 أصبحت أيضاً موطناً لأعداد متزايدة من اللاجئين من الصومال وإثيوبيا وإريتريا. وعلى الرغم من النزاع والفقر وأحياناً مناخ كره الأجانب في اليمن، وصل إلى اليمن في عام 2011 عدد قياسي بلغ 103,000 لاجئ ومهاجر، وهو ما يرفع العدد الإجمالي للاجئين المسجلين إلى 230,000 لاجئ بالإضافة إلى ما يقدر بحوالي 500,000 مهاجر. وقد طغى على وجودهم بصورة كبيرة الانتفاضة الشعبية والأزمة السياسية في العام الماضي التي تسببت في نزوح مئات الآلاف من اليمنيين وساهمت في زيادة الفقر في بلد كان بالفعل من أفقر الدول في المنطقة. ويضطر اللاجئون الذين يعيشون عموماً في المناطق الحضرية إلى التنافس مع السكان المحليين على الوظائف والموارد الشحيحة. وقد أدى هذا الوضع إلى تفاقم التوترات وزيادة ضعف العديد من اللاجئين. وقد أجبر نقص التمويل بمقدار 30 مليون دولار مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على الحد من مساعداتها.

9. النازحون داخلياً واللاجئون الماليون في الدول المجاورة: أثناء وبعد الاستيلاء على شمال مالي في أبريل من قبل متمردي الطوارق- الذين حل محلهم بسرعة الجماعات الإسلامية- هرب حوالي 34,977 من الماليين إلى بوركينا فاسو، و108,942 إلى موريتانيا و58,312 إلى النيجر. وقام حوالي 118,000 من الماليين بالنزوح داخلياً من بينهم 35,300 في شمال مالي في أقاليم كيدال وجاو وتيمبوكتو. وتواجه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فجوات حادة في التمويل في كل بلد من البلدان المضيفة وفي مالي نفسها. كما أن تفاقم انعدام الأمن يقلص من فرص وصول المنظمات الإنسانية إلى السكان المحتاجين إلى الحماية. وبالنسبة للحكومات المضيفة ووكالات الإغاثة، أدى تدفق اللاجئين إلى تفاقم أزمة الغذاء وسبل العيش التي تؤثر على منطقة الساحل. وإذا حدث تدخل عسكري يتم التخطيط له من جانب الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في شمال مالي، فإنه من المتوقع أن تتزايد أعداد اللاجئين.

10. النازحون داخلياً في كولومبيا: منذ بداية النزاع بين الحكومة الكولومبية والعصابات الماركسية المسلحة في منتصف الستينيات، أجبر التهديد بالعنف الملايين على هجر منازلهم. وقد تضرر بوجه خاص السكان الأصليون والكولومبيون من أصل أفريقي الذين يعيشون في المناطق الريفية النائية. وقد قدرت الحكومة أعداد النازحين داخلياً بحوالي 3.6 مليون نازح، ولكن تقديرات العديد من المنظمات غير الحكومية تشير إلى أن العدد يقترب من خمسة ملايين، مشيرة إلى أن العديد من هؤلاء النازحين لم يتم تسجيلهم رسمياً. ويعيش معظمهم الآن على أطراف المدن والبلدات الكولومبية حيث يكافحون غالباً من أجل التكيف مع الحياة الحضرية ويواجهون التمييز في البحث عن الفرص والوظائف. وقد أدى عدم امتلاكهم لوثائق هوية إلى استبعاد العديد منهم من الحصول على الرعاية الصحية العامة. وعلى الرغم من محادثات السلام الأخيرة بين الحكومة وتلك العصابات، مازال من غير الآمن لغالبية النازحين داخلياً العودة إلى ديارهم، وهو ما يجعل الحاجة إلى اندماجهم بشكل أفضل في المجتمعات المضيفة من الأولويات.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15/كانون الأول/2012 - 30/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م