بوكو حرام... بوابة التطرف في نيجيريا

 

شبكة النبأ: لاتزال الساحة الإفريقية تشهد العديد من المعارك المتجدد بسبب انتشار الجماعات الإسلامية المتطرفة والمنتشرة في اغلب الدول الإفريقية، ومنها نيجيريا التي أصبحت ساحة قتال مفتوحة بين القوات النظامية وعناصر جماعة بوكو حرام المتشددة التي تواصل إعمالها الانتقامية في سبيل السيطرة، وإخضاع البلاد وإعلانها إمارة إسلامية، ويرى بعض المراقبين ان هذا النزاع المتواصل قد أسهم بسقوط العديد من الابريا وتهجير الآلاف من العوائل محذرين في الوقت ذاته من وجود تحركات خاصة تقوم بها الجماعات المتطرفة في سبيل إيجاد تحالفات لغرض تعزيز الصفوف، وفي هذا الشأن فقد قالت خدمة سايت لمراقبة مواقع المتشددين الإسلاميين على الانترنت ان زعيم حركة بوكو حرام المتشددة في نيجيريا أشاد بالحركات الجهادية في أنحاء العالم وأشار إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل ونيجيريا باعتبارها أعداء في تصوير فيديو جديد.

ويعرض الفيديو الذي تبلغ مدته 39 دقيقة ونشر على موقع للمتشددين خطابا لزعيم الحركة ابو بكر شيكاو يركز بشكل غير معتاد على الشأن الدولي رغم ان الجماعة بدت دائما أكثر انشغالا بمشكلات نيجيريا المحلية. وعلى خلاف خطابات مصورة سابقة تحدث خلالها بلغة الهوسا المحلية وهي لغته الاصلية تحدث شيكاو في التصوير الذي نشر بالعربية. وتعهد شيكاو بالتضامن مع "المجاهدين" في كل مكان. وقال شيكاو ان نيجيريا وغيرها من "الصليبيين" في الولايات المتحدة وبريطانيا واليهود في اسرائيل يجب ان يعلموا أن بوكو حرام تشارك "المجاهدين" قضيتهم في كل أنحاء العالم. وسرد قائمة "بالشهداء" في القتال ضد قوى عالمية مثل بريطانيا والولايات المتحدة بينهم أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الراحل.

في السياق ذاته قال شهود عيان إن أشخاصا يشتبه أنهم مقاتلون إسلاميون شنوا هجوما بالأسلحة النارية والمناجل في شمال شرق نيجيريا مما أسفر عن مقتل عشرة مسيحيين وحرق منازلهم. وقع الهجوم في قرية تشيبوك بمنطقة نائية في ولاية بورنو شمال شرق نيجيريا في ظل تمرد تقوده حركة بوكو حرام الإسلامية المتشددة. وقال نوهو كلارك العضو السابق في المجلس المحلي بالقرية والذي نجا من الهجوم "جاءت عناصر يشتبه بأنها من (حركة) بوكو حرام ليلا وأضرمت النار في منازل الأهالي قبل أن تقتل ضحاياها." وأضاف أنه أحصى عشر جثث بعد الهجوم. وقال متحدث باسم الشرطة إنهم علموا بالحادث لكنهم ما زالوا يحاولون التأكد من الخسائر البشرية. وقتل مئات الأشخاص على يد المقاتلين الإسلاميين منذ أن بدأوا تمردا ضد الحكومة في عام 2009 وعادة ما يستهدفون قوات الأمن أو مسؤولي الحكومة أو المسيحيين.

وتعتبر حركة بوكو حرام اكبر تهديد امني لنيجيريا. وأدت حالة انعدام الأمن إلى افساح المجال أمام العصابات الإجرامية التي لا علاقة لها بالحركة للقتل والسرقة. وفي حادث آخر قال شاهد عيان يدعى عمر أبو بكر إن بعض المتشددين أحرقوا ثلاث كنائس في منطقة جامبورو بولاية بورنو. وقالت قوات الأمن انها قتلت محمد ابراهيم أحد قادة بوكو حرام وهو من بين عدة اشخاص رصدت مكافآت لمن يدلي بمعلومات تقود إلى القبض عليهم أو قتلهم. وحددت مكافأة قدرها 25 مليون نيرا (نحو 159 ألف دولار) بخصوص محمد ابراهيم. بحسب رويترز.

وقال الليفتنانت كولونيل صغير موسى "قتل (ابراهيم) في عملية جرت في منطقة جوانجي (بولاية بورنو) مع اثنين من قادة وحدته." وتبدو الهجمات على الكنائس مدبرة لإثارة التوتر الطائفي في نيجيريا كبرى الدول الإفريقية من حيث عدد السكان والتي تنقسم إلى نصفين تقريبا بين المسلمين والمسيحيين. ويسود الوئام بين الطائفتين بوجه عام رغم تفجر موجات عنف أحيانا.

اعتقالات جديدة

على صعيد متصل قالت قوات النيجيرية انها اعتقلت 28 شخصا يشتبه بانهم اعضاء في جماعة بوكو حرام الاسلامية في سلسلة من المداهمات لمخابئهم. وقال متحدث باسم قوات مشتركة من الجيش والشرطة في كانو ان "خطتنا هي تضييق الخناق على (المتشددين) للقضاء عليهم ونحقق النتائج المرجوة." وأصبحت بوكو حرام تمثل التهديد الامني الرئيسي لنيجيريا.

وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش ان 2800 شخص على الأقل قتلوا في القتال في شمال نيجيريا الذي تقطنه أغلبية مسلمة منذ ان بدأت هذه الجماعة تمردا ضد الحكومة في 2009 في محاولة لفرض تطبيق الشريعة في نيجيريا. وتركز معظم القتال في الشمال في مدينة مايدوجوري. وتشهد كانو ثاني أكبر مدينة في شمال نيجيريا هدوءا نسبيا في النصف الثاني من هذا العام على الرغم من انها مازالت إحدى النقاط المضطربة. وفي يناير كانون الثاني شهدت كانو اكثر الهجمات دموية خلال هذا التمرد عندما شن هجوم منسق على العديد من مراكز الشرطة قتل خلاله 186 شخصا معظمهم من المدنيين . واعتقل ثمانية اشخاص يشتبه بانهم من الاسلاميين في كانو بعد ان قالت الشرطة انهم القوا قنبلة بدائية الصنع على سيارة للشرطة ولكنها اخطأتها. بحسب رويترز.

ويذكر ان الجيش النيجيري قد عرض مكافأة 290 مليون نايرا (1.8 مليون دولار) مقابل معلومات تقود للقبض على 19 من قادة جماعة بوكو حرام التي راح المئات ضحية تمردها في العام الجاري. وأضحت الجماعة تمثل أكبر تهديد امني في أكبر دولة افريقية منتجة للنفط يبلغ عدد سكانها 160 مليون نسمة نصفهم تقريبا من المسلمين. وعرضت قوة المهمة المشتركة للجيش في ولاية بورنو بشمال شرق البلاد معقل الحركة وحيث تتركز هجماتها مكافأة 50 مليون نايرا لمن يدلي بمعلومات عن ابو بكر شيكو الذي نصب نفسه زعيما للجماعة. كما عرضت القوة مكافأة 25 مليون نايرا لمن يقدم معلومات عن كل ممن وصفتهم بقادة رئيسيين للجماعة.

وذكرت القوة في بيان صدر في مايدوجوري عاصمة ولايو بورنو "هم مطلوبون لصلتهم بأنشطة إرهابية لاسيما في المنطقة الشمالية الشرقية." وتابع البيان "قاد (هذا) لقتل وتفجيرات واغتيال مدنيين ورجال دين وزعماء محليين ورجال أعمال وساسة وموظفين مدنين ورجال امن." وشنت الجماعة عدة هجمات في العاصمة ابوجا من بينها هجوم انتحاري بسيارة ملغومة على مقر للأمم المتحدة ما اسفر عن مقتل 24 شخصا على الأقل.

نموذج استرشادي

من جهة أخرى قال رئيس القيادة الأمريكية في افريقيا إن حرب الاتحاد الافريقي على حركة الشباب في الصومال خلال العام المنصرم أضعفت الحركة بشدة على نحو يجعل هذه المعركة نموذجا يمكن الاسترشاد به في مواجهة الجماعات المتطرفة بالمنطقة في المستقبل. وأبدى الجنرال كارتر هام الذي يتولى مسؤولية الروابط العسكرية الأمريكية مع افريقيا خلال ندوة عقدت في جامعة جورج واشنطن إنه قلق من التعاون المتزايد بين الفصائل الإسلامية المتطرفة في أنحاء المنطقة. لكنه قال إن واشنطن تفضل "حلولا افريقية للمشاكل الافريقية". وأضاف "نعتقد أن أفضل جهودنا تتمثل في دعم وتمكين الدول الافريقية والمنظمات الإقليمية الافريقية من تحقيق أهدافها."

وقال إن شمال مالي أصبح بما لا يدع مجالا للشك "ملاذا آمنا" لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بعد الانهيار التام لحكومة البلاد. ومضى يقول "أمامنا تنظيم لديه تمويل جيد جدا ولديه الآن تسليح جيد جدا يعمل في ملاذ آمن... أعتقد أنه ليس من المستبعد أن نرى معسكرات التدريب ومساعي التجنيد التي سبق وأن شهدناها." وقال إن أهم أولويات القيادة الإفريقية هي مواجهة نمو المنظمات المتطرفة في أنحاء القارة مثل حركة الشباب التي تتمركز بشكل أساسي في الصومال وجماعة بوكو حرام في نيجيريا.

وتابع "لكن أشد ما يثير قلقي هو وجود ترابط متزايد وشبكة متنامية وتعاون وتنسيق بين المنظمات المتطرفة العنيفة المختلفة" مضيفا أن هذا يمكن أن يقوض الاستقرار في افريقيا ويمثل تهديدا على اوروبا أو الولايات المتحدة. وقال هام إن هناك "مؤشرات واضحة" على زيادة التعاون بين الجماعات التي لها أسس ايديولوجية متشابهة. وتحدث عن تقارير عن أن بوكو حرام تتلقى مالا وتدريبا ومتفجرات من تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي.

وأردف قائلا "نرجح أن يكون بعض أعضاء بوكو حرام قد توجهوا إلى معسكرات تدريب في شمال مالي." وأضاف أنه يعتقد أن التعاون بين الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة ودول اخرى يمكن أن يتعامل مع الجماعات الإسلامية في افريقيا بشكل فعال. وأشار إلى هجوم الاتحاد الافريقي على حركة الشباب في الصومال على مدى العام المنصرم باعتباره نموذجا "يمكن الاسترشاد به في المستقبل" لدى التعامل مع جماعات متطرفة. بحسب رويترز.

وأخرجت قوات الاتحاد الافريقي المدعومة من المجتمع الدولي بما فيه الولايات المتحدة حركة الشباب من أغلب أجزاء العاصمة مقديشو وميناء كيسمايو. وقال هام إن التحدي الآن يتركز أساسا على تحسين الحكم والتنمية الاقتصادية لتحقيق الاستقرار في الصومال مضيفا أن مثل هذا التحول لم يكن متصورا في العام الماضي.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15/كانون الأول/2012 - 30/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م