سوريا وروسيا وأمريكا... جهود دولية يجهضها تنمر المتمردين

 

شبكة النبأ: تعوم سوريا اليوم في دوامة العنف المتواصلة وبراثن الاقتتال الدموي في إطار الصراع الممتد منذ 21 شهرا بين الحكومة السورية والجماعات المتمردة بارتداد واسع جدا في منطقة الشرق الأوسط المضطربة، ومع اشتداد حدة النزاع السوري مازالت الجهود الدولية المبذولة لتسوية الأزمة السورية مستمرة على قدم وساق، حيث تسعى كل من الإدارة الأمريكية والروسية الى إيجاد أساليب واستراتيجيات جديدة لمعالجة الأزمة السورية الحالية، خصوصا وان سوريا باتت مكانا مستهدفا لدى بعض الدول العدائية، كـ تركيا والسعودية وبعض الدول الإقليمية، لجذبها الى محور الصراع الطائفي الدموي، وعلى الرغم من الخروقات الأمنية التي تشهدها سوريا يرى المحللون ان تصاعد العنف مجرد تحديات تسعى من خلالها القاعدة وبعض الأطراف الإقليمي الى استعادت هيمنتها مجددا، وبث روح الطائفية بين أبناء الشعب السوري لأشعل فتيل الحرب الطائفية، وتعمل القاعدة والمليشيات المتمردة على تغذية العنف في سوريا لتعيد الحياة لممارساتها الإرهابية، لكن يرى المراقبون ان المسلحين فشلوا في ترسيخ قواعد لهم داخل الاراضي السورية بشكل دائم، وعليه ففي ظل التداعيات الخطيرة على الصعيد الأمني والسياسي، يبقى مشهد الأزمة السورية غير محسوم لحد الآن.

روسيا وأمريكا

فقد قالت صحيفة كومرسانت الروسية إن روسيا تقاوم ضغوط الولايات المتحدة كي تقنع الرئيس السوري بشار الأسد بالاستقالة وتهدد دمشق بعقوبات على أمل إنهاء الصراع الدائر بسوريا، ويزيد هذا التقرير الذي استندت فيه الصحيفة إلى مصدر لم تذكر اسمه من المؤشرات على أن روسيا ليست مستعدة للضغط من أجل إخراج الأسد من السلطة رغم جهودها كي تنأى بنفسها عن حليفها القديم والمشتري الرئيسي لسلاحها، وقال التقرير "روسيا لا تعتزم إقناع الزعيم السوري بترك منصبه طواعية" مما يعزز المؤشرات على أن الفجوة ما زالت قائمة بعد اجتماعين عقدهما مؤخرا مسؤولون أمريكيون وروس مع المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي، ويسعى الإبراهيمي للتوصل إلى حل يستند إلى إعلان جنيف الذي صدر في 30 يونيو حزيران والذي دعا إلى تشكيل حكومة انتقالية لإنهاء الصراع القائم منذ 20 شهرا، وتعثر الاقتراح في ذلك الوقت بسبب قضية مصير الأسد وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إن الإعلان يوضح ضرورة تنحيه في حين نفى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ذلك. بحسب رويترز.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومسؤولون روس آخرون مرارا إن موسكو لا تحاول تعزيز وضع الأسد لكن لا ينبغي أن تطيح به قوى خارجية استنادا إلى مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول ذات السيادة، وأشارت صحيفة كومرسانت إلى سبب يتسم بقدر أكبر من العملية لمقاومة روسيا للضغوط الأمريكية وهو أن "موسكو مقتنعة بأن الأسد لن يخرج طواعية" وهي تصريحات سبق وأن كررها مسؤولون روس، وقال التقرير إن كلينتون ناشدت روسيا في هذا الصدد خلال اجتماعات عقدتها مع لافروف في دبلن حيث أجرتا محادثات مع الإبراهيمي وكذلك خلال اجتماعات في كمبوديا الشهر الماضي، وذكر التقرير أن كلينتون أبلغت لافروف أن حكومة الأسد ستسقط إن عاجلا أم آجلا وأنه إذا لم تكن هناك حكومة انتقالية فمن المرجح أن تسقط سوريا في الفوضى والعنف والاقتتال الطائفي، وتابعت أن روسيا تشارك الولايات المتحدة مخاوفها بشأن احتمال وقوع المزيد من العنف وبشأن استخدام الترسانة الكيماوية السورية لكنها تعتقد أن خطر سقوط هذه الأسلحة في أيدي متشددين يتجاوز خطر استخدام الحكومة لها، وأضافت أن كلينتون حثت لافروف على التفكير في تهديد حكومة الأسد بفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية مدعومة من الأمم المتحدة ما لم يوقف كل أشكال العمل العسكري لكن مساعيها لم تكلل بالنجاح، وتقاوم روسيا والصين مساعي فرض عقوبات على سوريا واستخدمتا حق النقض (الفيتو) ثلاث مرات ضد قرارات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بهدف عزل الأسد بسبب العنف الذي أسفر حتى الآن عن سقوط 40 ألف قتيل على الأقل، ولم يتسن الاتصال بمسؤولين في وزارة الخارجية الروسية أو مسؤولين أمريكيين في موسكو للتعقيب على تقرير صحيفة كومرسانت.

تسوية الأزمة السورية

في سياق متصل قال المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية بشان الأزمة السورية الأخضر الإبراهيمي إن مسؤولين أمريكيين وروس أكدوا التزامهم بإيجاد حل سياسي للصراع المتفاقم في سوريا غير أن موسكو نفت تكهنات بأنها تعد لرحيل الرئيس السوري بشار الأسد، وفي الوقت الذي يقاتل فيه المتمردون الآن على مشارف دمشق واصلت قوات الأسد هجماتها اليومية بالمدفعية والطائرات الحربية على الأحياء الشرقية وبعض المناطق الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة في ضواحي العاصمة.

وقال بيان من الإبراهيمي "أكدت الأطراف الثلاثة من جديد تقديرها المشترك أن الوضع في سوريا سيئ ويزداد سوءا. وشددت على أن تدشين عملية سياسية لإنهاء الأزمة في سوريا ضروري ولا يزال ممكنا"، ورغم تصريحات الإبراهيمي فإن الالتزام بتدشين عملية سياسية قد يكون في خطر، وتمسكت روسيا مورد الأسلحة الرئيسي لسوريا بموقفها تجاه الأسد ولم تغيره نافية أنها تتفاوض حول مستقبل الأسد الذي تحكم عائلته سوريا منذ 42 عاما، ونقلت وكالة إيتار تاس للأنباء عن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قوله "لا نجري محادثات عن مصير الأسد... كل محاولات تصوير الموقف بشكل مختلف مضللة"، وقال الإبراهيمي إن المحادثات تهدف إلى إيجاد حل سياسي يرتكز على إعلان جنيف الصادر في يونيو حزيران الماضي والذي يدعو إلى تشكيل حكومة انتقالية، وفشل هذا الاقتراح أصلا بسب التفسيرات المختلفة لهذا الانتقال إذا قالت واشنطن إن الأسد لا يمكن أن يلعب أي دور في العملية الانتقالية لكن روسيا شددت على ضرورة عدم اتخاذ القرار بشأن مصير الأسد من خارج سوريا. بحسب رويترز.

وفي شمال البلاد ساعدت جبهة النصرة الإسلامية المتشددة - وهي على صلة بالقاعدة في العراق - متمردين آخرين في السيطرة على مركز قيادة أحد أفواج الجيش السوري في محافظة حلب الواقعة على الحدود مع تركيا، وقال المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا وله شبكة من النشطاء المنتشرين في أنحاء سوريا إن قائد المركز فر ومعه 140 جنديا. وتم أسر خمسة جنود، وصارت القوى الغربية تشعر بقلق متزايد تجاه دور جماعات مثل جبهة النصرة التي تدرس واشنطن إدراجها على قائمة "الإرهاب"، وقال تقرير بثه التلفزيون السوري إن القوات السورية في داريا دمرت بعض "الأوكار الإرهابية" التي يستخدمها تنظيم القاعدة لتخزين الأسلحة و"أدوات إجرامية". وعادة ما يصف التلفزيون السوري المعارضين بأنهم "إرهابيون"، وأضاف التلفزيون أن الكثير من "الإرهابيين" لقوا حتفهم.

جبهة النصرة منظمة إرهابية

على الصعيد نفسه أدرجت الولايات المتحدة جبهة النصرة السورية الإسلامية المتشددة والتي يشتبه في أن لها صلة بتنظيم القاعدة على قائمتها للمنظمات الإرهابية الأجنبية، وإضافة إلى جبهة النصرة السورية اتخذت الولايات المتحدة إجراءات ضد جماعتي ميليشيا لهما صلات بحكومة الرئيس السوري بشار الأسد، وبوضعها على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية فإن قرار وزارة الخارجية الأمريكية يصنف جبهة النصرة التي تدعو بإقامة دولة إسلامية في سوريا على أنها تابعة لتنظيم القاعدة في العراق.

وفرض مسؤولو وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على اثنين من قادة جبهة النصرة أيضا، ومن خلال وضع الجبهة على القائمة السوداء فإن السلطات يمكنها الان أن تجمد أي أرصدة تخص الجماعة أو أعضائها تكون ضمن اختصاص القضاء الأمريكي كما أن هذا الإجراء يحظر على الامريكيين تقديم أي دعم مالي لها، وسعت وزارة الخزانة الأمريكية أيضا لتجميد ممتلكات للحكومة السورية عن طريق فرض عقوبات على جماعتي ميليشيا تعملان تحت قيادة حكومة الأسد وهما الجيش الشعبي والشبيحة بالاضافة إلى قائدين في جماعة الشبيحة، جاءت هذه الخطوة في الوقت الذي يشارك فيه مسؤولون أمريكيون في اجتماع أصدقاء سوريا في مراكش بالمغرب لبحث الأزمة السورية المستمرة منذ 20 شهرا. بحسب رويترز.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان "خلصت وزيرة الخارجية إلى أن هناك ما يكفي من الأسانيد القائمة على الحقائق لاعتبار أن تنظيم القاعدة في العراق... يستخدم أو استخدم أسماء مستعارة إضافية" بما في ذلك جبهة النصرة، وقالت وزارة الخزانة في بيان إن الميليشيات التي تستهدفها جزء من حملة نظام الأسد ضد مواطني سوريا. وأضافت أن الجيش الشعبي تربطه صلات بإيران وحزب الله، وقال ديفيد كوهين مساعد وزير الخزانة لشؤون مكافحة الارهاب والمخابرات المالية "ستستمر الولايات المتحدة في سعيها الصارم وراء من يقوضون آمال الشعب السوري في وجود حكومة ممثلة له لا تستخدم العنف ضد مواطنيها، وتحدث مسؤولون أمريكيون عن قلقهم من زيادة تأثير العناصر المتطرفة في الصراع السوري، وكان من المنتظر أن تحضر وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون الاجتماع قبل أن تصاب بفيروس في المعدة. ويحضر نائبها بيل بيرنز الاجتماع نيابة عنها.

ذريعة الأسلحة الكيماوية

من جانب آخر قال وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا إن أجهزة المخابرات الأمريكية لم ترصد خلال الأيام القليلة الماضية أي خطوات جديدة من جانب الحكومة السورية تشير الى انها تستعد لاستخدام الأسلحة الكيماوية ضد قوات المتمردة، وقال بانيتا للصحفيين قبل وصوله الى الكويت في زيارة "لم يطرأ أي تطور تقريبا في الوقت الراهن على معلومات المخابرات. لم نر شيئا جديدا يشير الى أي خطوات نشطة للتحرك قدما في هذا الطريق، وقال بانيتا "أميل الى تصور ان الرسالة وصلته (للاسد). لقد جعلناها واضحة تماما كما فعل آخرون"، واستطرد "لكن من الواضح للغاية ان المتمردة مستمرة في تحقيق مكاسب في سوريا وخوفنا هو انها (الحكومة) اذا شعرت بان النظام مهدد بالانهيار فقد تلجأ الى هذه الأسلحة"، وحذر الرئيس الامريكي باراك اوباما من العواقب اذا استخدم الأسد هذه الاسلحة. وقال بانيتا ان الولايات المتحدة تراقب الموقف عن كثب، وصرح وزير الدفاع الامريكي بأن زيارته للكويت هي في الاساس لتفقد أكثر من 13500 جندي امريكي متمركزين هناك قبل عطلة عيد الميلاد. كما يعتزم ان يلتقي بقادة البلاد.

عنف متواصلة

الى ذلك قال نشطاء إن هجوما تعرضت له قرية أدى الى مقتل أو إصابة نحو 200 من أفراد الطائفة العلوية التي ينتمي اليها الرئيس السوري بشار الأسد الا انه لم يتبين الجهة التي كانت وراء الهجوم، وتباينت أرقام الضحايا إلا ان كثيرا من النشطاء قالوا إن بوسعهم تأكيد مقتل عشرة أشخاص، وألقوا بالمسؤولية عن الهجوم على قوات الاسد. وقالوا ان الهجوم تضمن قصف منزل كان يختبيء به 200 على الاقل من العلويين.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15/كانون الأول/2012 - 30/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م