الإسلاميون مقصيّون إقصائيون

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: يبدو أن الاسلاميين - يتصدرهم الاخوان المسلمون- قد نسوا الايام السود التي عاشوها في ظل القمع والاقصاء الذي تعرضوا له على يد الحكومات الدكتاتورية الجائرة، نعم هكذا تقول الوقائع وهم يديرون الآن كفة الحكم في اكثر من بلد من بلدان ما أطلق عليه بالربيع العربي، إنهم عندما كانوا يعانون الاضطهاد والتكميم كانوا يناضلون من اجل أن يطلقوا اصواتهم ويعلنوا آراءهم، ويستميتوا من اجل الدفاع عن حقوقهم وحرياتهم، لكنهم عندما وصلوا الآن الى سدة الحكم.. أخذوا يمارسون الدور نفسه الذي كانت تمارسه حكومات القمع المطاح بها.. وهذا ما تؤكده الوقائع الراهنة والقائمة في اكثر من بلد عربي لاسيما في مصر، باعتبارها (مملكة الاخوان المسلمين).

لذا لابد من العودة قليلا الى العقود والسنوات المليئة بالاضطهاد لكي لا تتكرر مرة اخرى، فحينما كان الاسلاميون يعانون القمع والاقصاء وهم يتذكرون هذا جيدا كونه كلان قاسيا وصعبا، ينبغي أن لا يمارسوا الدور نفسه على المعارضين لهم، وعليهم بناء تجربة سياسية جديدة تختلف كليا عن الحكومات التي تقصي معارضيها، ولعل الفرصة باتت سانحة اكثر من اي وقت مضى للاسلاميين كي يدعموا حكوماتهم بمبادئ الاسلام وتعاليمه السمحاء التي يكمن في جوهرها حرية الانسان وحماية حقوقه ومن اهمها حرية الرأي والاعتراض السلمي، وتنمية روح النقد والمعارضة السلمية التي تهدف الى تأشير الاخطاء الحكومية وتدعو الى تصحيحها.

لذلك ليس صحيحا ان يقع الاسلاميون بالخطأ نفسه، وأي خطأ، انه خطأ القمع والاقصاء القاتل، حيث يتصور الحكام بأنهم من خلال قمع الآخر وتكميمه ومنع من ممارسة حرياته وحقوقه، انما يحافظون على سلطانهم وعروشهم، لكن الحقيقة تؤكد ان هذا النهج أثبت فشله عبر التاريخ وفي جميع التجارب الدكتاتورية السابقة، حيث يكون المآل الاخير لحكومات الفرد والقائد الاوحد السقوط الحتمي، مع مصير بائس له ولعائلته وذويه ومعاونيه الذي غالبا ما يشجعونه على روح القمع والاقصاء حماية لمصالحهم.

من هنا وفي ظل التجارب السياسية الجديدة التي قامت على ركام انظمة قمعي مطاح بها، على الاسلاميين الذين يتصدون للسلطة الآن أن لا يقعوا في فخ الاخطاء ذاتها التي كان يقع فيها الحكام السابقون، اولئك الذي لفظتهم ارادة الجماهير خارج عروشهم والقت بهم في مزبلة التاريخ غير مأسوف عليهم.

لقد اتخذت الحكومة المصرية الجديدة على سبيل المثال لاسيما الرئيس المصري، بعض الخطوات الإجرائية التي تدل على نحو قاطع بالوقوع في فخ الاقصاء، فبعد ان كان محمد مرسي والاخوان المسلمون في مصر يعانون من الاقصاء الذي تمارسه عليهم حكومة حسني، جاء الدور لهم الان ليمارسوا الدور نفسه، وهم بذلك لا يعون بانهم تحولوا من مقصيين الى اقصائيين مثل الحكام الذين اسقطوهم بأيدهم وهنا تكمن المفارقة، اذ لابد ان يتنبّه ثوار الامس الذي صاروا حكام اليوم الى أن الاقصاء لا يليق بهم ولا بالاسلام ذي المبادئ الانسانية الخلاقة، ويجب ان لا ينسوا ان من اوصلهم الى سدة الحكم هو نهج الاقصاء الذي مارسه عليهم الحاكم الفرد ذي، لذا عليهم ان لا يسقطوا في الفخ نفسه وعليهم أن ينتهجوا ما يلي:

- اطلاق حرية الرأي وحماية الحريات كافة.

- حماية الصوت المعارض وتنمية اسلوب المعارضة السلمية.

- ترسيخ منهج التداول السلمي للسلطة وعدم اللجوء الى القوة لاستلام السلطة.

- عدم استخدام القمع والاقصاء كوسيلة للاحتفاظ بالحكم.

- التمسك بروح الاسلام ومنهجه المتسامح في ادارة شؤون الدولة وادامة العلاقات المختلفة..

- يجب أن يتذكر الاسلاميون دائما ان المعارضين لهم حق الاعتراض لأنهم كانوا بالامس معارضين لحكوماتهم التي اطاحوا بها.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15/كانون الأول/2012 - 30/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م