وجه الطبيعة الغاضب... عندما لا يجدي الحذر

 

شبكة النبأ: على الرغم من التطور العلمي الهائل الذي توصل إليه الإنسان وسخره لأجل خدمته ومصالحة الشخصية فهو لايزال عاجز وضعيف أمام قدرات وغضب الطبيعة التي تفننت بقدراتها التدميريه الخارقة والتي تنوعت مابين ثورات البراكين والزلازل والعواصف الجبارة والفيضانات وغيرها من الكوارث الأخرى، والتي ازدادت بشكل مخيف في السنوات الاخير وهو ما أسهم أيضا بمضاعفة الخسائر البشري و المادية التي فاقت كل التوقعات وفي هذا الشأن فقد قال البنك الدولي والحكومة اليابانية ان الكلفة الاقتصادية للكوارث الطبيعية ازدادت اكثر من ثلاثة اضعاف في غضون الثلاثين عاما الماضية لتصل الى 3500 مليار دولار داعيا الدول الى التحرك. وقال رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم في بيان مشترك مع الحكومة اليابانية "نحن بحاجة الى ثقافة الوقاية". وشدد على انه اذا "كان لا يمكن لاي دولة ان تعزل نفسها عن خطر كارثة طبيعية، فيمكننا جميعا ان نحد من ضعفنا". وأضاف ان "الوقاية يمكن ان تكون اقل كلفة بكثير من الرد على كارثة طبيعية".

وخلال السنوات العشر الاخيرة، دفع البنك الدولي قرابة 18 مليون دولار لتمويل انشطة على علاقة بكوارث طبيعية ما سمح بحماية ارواح بشرية في نحو 92 دولة. وهكذا فان لكل الحكومات مصلحة في ادراج ادارة المخاطر في تخطيطها الوطني وبرامجها الاستثمارية، كما اوضح واضعو هذا البيان المشترك. بحسب فرنس برس.

وبمناسبة الاجتماعات المالية في طوكيو، اطلق البنك الدولي والحكومة اليابانية "حوار سنداي" الذي يهدف الى المشاركة في وضع المعلومات التي استخصلت اثناء الكوارث الطبيعية المختلفة. وسنداي في شمال شرق اليابان، تقع في وسط المنطقة التي ضربها زلزال وتسونامي دمر هذا القسم من الارخبيل في اذار/مارس 2011 واوقع اكثر من 18500 قتيل ومفقود. واعلن وزير المالية الياباني كوريكي جوجيما "آمل ان نتقاسم بشكل واسع الدروس التي تنجم من خبرة طويلة لليابان في مجال ادارة الكوارث الطبيعية وكذلك عملية اعادة الاعمار في اعقاب الزلزال القوي".

الى جانب ذلك أبدى العلماء انزعاجا شديدا لادانة ستة من خبراء الزلازل بالقتل غير العمدي في ايطاليا لاخفاقهم في توجيه تحذير من زلزال عام 2009 الذي وقع في مدينة لاكويلا وأدى إلى مقتل 308 أشخاص. وحذر العلماء من أن الباحثين في المناطق التي تنطوي على أخطار طبيعية لا يمكن التنبوء بها مثل علوم البراكين والشهب سيصرون الآن على رفض تقديم النصح للناس.

وقالت ساندي ستيسي أستاذ فيزياء الزلازل بجامعة أولستر "إذا تأيد هذا الحكم فسيكون له أثر شديد السلبية على علم الزلازل في ايطاليا ومختلف أنحاء أوروبا." وأضافت "من سيبدي استعدادا الآن للعمل في لجنة تقييم لمخاطر الزلازل إذا كان الخطأ يعني الادانة بالقتل غير العمدي." وكان الادعاء قال إن الخبراء أصدروا تطمينات غير دقيقة بعد هزات أرضية سبقت الزلزال الذي بلغت قوته 6.3 درجة على مقياس ريختر. بحسب رويترز.

وقال روجر موسون من هيئة المساحة الجيولوجية البريطانية "ما قاله هؤلاء الخبراء الستة صحيح وأي خبير في الهزات الارضية سيؤيد ذلك." وفي الولايات المتحدة قال مايكل هالبرن من مجموعة ضغط تعمل على تحقيق مصالح العلماء في مدونته "هذا قرار سخيف وخطير يجب أن يوجه له المسؤولون الأمريكيون النقد الشديد وأن يأمر الرئيس الايطالي جورجيو نابوليتانو بالغائه."

2 مليون نازح

في السياق ذاته أعلنت الوكالة الحكومية الهندية لادارة الكوارث الطبيعية ان الفيضانات المدمرة في شمال شرق البلاد ادت الى تشريد مليوني شخص والى مقتل 18 آخرين. وقالت الوكالة في بيان ان "العدد الاجمالي للنازحين ارتفع الى مليوني شخص كما لقي 18 شخصا مصرعهم" من جراء الفيضانات. وادى تساقط غزير للامطار الى ارتفاع منسوب المياه في نهر براهمابورتي وتفرعاته، مما تسبب في فيضانات غمرت 2200 قرية على الاقل واتلفت المزروعات في ولاية اسام الحدودية مع بنغلادش.

وتأثرت 19 من 37 منطقة في ولاية اسام جراء هطول الامطار الغزيرة التي ابطأت جهود الاغاثة التي يقوم بها الجيش والسلطات المدنية. وعلى رغم الاحوال الجوية السيئة، قامت مروحيات بما بين ثماني وعشرت طلعات والقت في كل واحدة منها 1,5 طن من المواد الغذائية والادوية ومعدات الاغاثة للسكان الذين اضطرتهم الفيضانات الى النزوح من منازلهم. بحسب فرنس برس.

وقال س.س. فاغات المتحدث باسم وزارة الدفاع في غواهاتي عاصمة ولاية اسام ان "اولويتنا في هذه المرحلة هي اغاثة الاشخاص العالقين وايصال المواد الغذائية والادوية الى الاشخاص الذين يحتاجون اليها". ويشكو نازحون من ماجولي وهي جزيرة نهرية في براهمابوتري غمرتها المياه بالكامل من فقدان المواد الغذائية وانعدام الدعم الحكومي.

من صنع الإنسان

من جهة أخرى يقول النشطاء والسكان المحليون أن سكان جنوب شرق بنجلاديش الذين رحلوا في السابق يعودون إلى أماكن منازلهم السابقة في مناطق التلال المعرضة لخطر الانهيارات الأرضية. وقال عبد المتين، الأمين العام لجمعية باريبيش أندالان بنجلاديش، وهي جمعية للنشطاء مقرها دكا أن "هذه العودة تتحول بسرعة إلى مشكلة كبيرة. فتقوم الحكومة المحلية في كل عام بنقل عدد من الأسر إلى أماكن جديدة ولكنهم يعودون مجدداً". وقال عبد المتين أن عمليات قطع أشجار التلال غير القانونية من أجل بناء المنازل تركت عشرات الآلاف من السكان في مناطق تشيتا جونج وكوكس بازار وخاجراتشاري ورانجاماتي وباندربان معرضين لخطر الانهيارات الأرضية.

وقالت وسائل الإعلام المحلية أن أكثر من 100 شخص لقوا مصرعهم بسبب الانهيارات الأرضية في بنجلاديش في هذا العام وحده. وعلى الرغم من الحظر الحكومي على تلك الممارسة، فإن عمليات قطع التلال العشوائية من قبل شركات الإنشاءات والسكان المحليين بالإضافة إلى قطع الأشجار والهجرة غير المنضبطة كلها عوامل تخلق ما وصفه عبد المتين "بكارثة من صنع الإنسان". ويسأل عبد المتين الذي يعمل أيضاً في كريشي بهافان وهو مركز أبحاث حكومي يهدف إلى مساعدة سكان المناطق الريفية في البلاد: "لماذا إذاً بدأت تلك الانهيارات الأرضية بالحدوث فجأة؟"

وقال عبد المتين: "أولاً، تلال بنجلاديش عبارة عن تلال من الطمي- مكونة من الرمل والتربة وقليل من الصخر. وهذه التلال ذات طبيعة مفككة، وعدد الأشجار الكبير على تلك التلال هو الذي يؤدي إلى تماسك تلك التلال مع بعضها البعض، ويتم حالياً قطع هذه الأشجار. وثانياً، يتم قطع الأشجار من مئات التلال- حتى تلك الموجودة على أراضٍ عامة تملكها الحكومة- على أيدي أشخاص من أصحاب النفوذ.

 ويتم قطع تلك التلال بلا هوادة لدرجة أن التلال الموجودة في جنوب شرق البلاد يمكن أن تختفي في غضون سنوات قليلة لو استمرت عمليات القطع بهذا المعدل. ويدمر قطع التلال سلامتها ويزيد من احتمال وقوع الانهيارات الأرضية. وأخيراً، هناك أشخاص فقراء جداً يلجأون إلى المنطقة- بسبب الظروف البيئية قادمين من جنوب غرب البلاد هرباً من ارتفاع مستوى سطح البحر نتيجةً لتغير المناخ- ويستقرون في التلال القريبة من المدن التي يأملون أن يجدوا فيها عملاً ما. وهؤلاء الناس هم ضحايا الانهيارات الأرضية على نحو متزايد".

وأشار عبد المتين إلى أن السكان الأصليين للمنطقة وغالبيتهم من الجماعات العرقية البوذية والأقلية المسيحية قاموا ببناء أنواع مختلفة من المنازل القائمة على الركائز والأقل عرضة للانهيارات الأرضية والتي تلحق أضراراً أقل بالتلال. وقال عبد المتين أن وقف التدفق المتزايد للمهاجرين البنغال إلى المنطقة- والذين يبنون بطريقة اجتياحية- وإعادة تأهيل المباني التي تم إنشاءها بالفعل سيكون هاماً في الحد من خطر الكوارث الذي تشكله الانهيارات الأرضية. وقال أحد السكان المحليين: "إنهم يبنون على المنحدرات التي لا يجب البناء عليها ويقومون بقطع أشجار التلال لبناء منازلهم".

وقال النشطاء أن تغيير هذا السلوك لن يكون أمراً سهلاً. فالعديد من هؤلاء الذين تم نقلهم في وقت سابق من المناطق المعرضة للانهيارات الأرضية، عادوا إلى تلك المناطق بسبب عدم وجود فرص في الأماكن الأخرى حيث يشعرون بأنهم مجبرون على تحمل المخاطر. ويقوم بولو ميا- وهو قروي في منطقة يوخيا في جنوب شرق بنجلاديش- بإعادة بناء منزله في نفس المكان تقريباً حيث دفنت الانهيارات الأرضية زوجته وابنه وهم أحياء في شهر يونيو. وقال ميا: "أين يمكنني أن أذهب؟" بحسب شبكة إيرين.

كان بولو وابنته الصغيرة يجلسان على الدرج الموجود في الباب الأمامي لمنزلهم المبني من الصفيح عندما جرفتهم الأرض. وهو يتذكر أنه قد تنحى جانباً بالقوة عن طريق ما شعر بأنه ركلة في المعدة ثم فقد وعيه. أما زوجته وابنه اللذان كانا داخل المنزل فقد تعرضا للسحق. وطبقاً لما ذكره تقرير صدر مؤخراً عن الأمم المتحدة بعنوان "الحد من الضعف والتعرض للكوارث"، فإن ارتفاع مستويات الضعف والتعرض للكوارث في أنحاء منطقة آسيا والمحيط الهادي غالبا ما تكون نتيجةً للتصور السيء للممارسات والتخطيط الإنمائي. وقال التقرير أن "الإجراءات التي تمت دراستها بشكل سيء والتراخي الرسمي في غالب الأحوال يمكن أن ينتج عنه إنشاء مستوطنات في مناطق معرضة للخطر".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/كانون الأول/2012 - 28/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م