قيم التقدم... الجودة ومواكبة العصر

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: الجودة كقيمة من قيم التقدم، لابد من حضورها الفعلي في الحياة عموما وفي الانشطة كافة، ومنها العمل وسلسلة الانتاج، حيث تتطلب حضورا فعليا ومعنويا للجودة، سواءا فيما يتعلق بسلسلة الانتاج، أو الانشطة المجتمعية الاخرى، حتى يتحقق شرط التقدم للدولة والمجتمع ومعادلات الربح والخسارة وما شابه من امور تتعلق بحركة الانتاج والعمل من جهة، وبحركة قيم التقدم وبناء الدولة والمجتمع من جهة ثانية.

إن الجودة بمفهومها المتعارف عليه هي الداعم القوي للانشطة التي يقوم بها المجتمع ككل، في جميع المجالات، لا سيما الانتاجية، وقبلها المجال السياسي الذي يدير شؤون الانتاج ايضا ويشمل القطاعات الاخرى للمجتمع كالتعليم والصحة والاقتصاد عموما، بمعنى اوضح اذا افتقرت المجتمع الى الجودة، فإن هذا الامر سينعكس على عموم المجالات ويؤثر فيها سلبا، ويحدث العكس تماما فيما لو كانت الجودة حاضرة في سلسة الاعمال والافكار التي تحرك وتضبط وتنظم أنشطة المجتمع.. وهنا يطرح أحد الكتاب ساؤلا مفاده ماذا تعني الجودة؟ هذه الكلمة التي أصبحت أشهر كلمة في هذه الأيام وما هو سر شهرتها؟ ويجيب عن تساؤله بالقول الجودة كما هي في قاموس اكسفورد تعني الدرجة العالية من النوعية أو القيمة وعرفتها مؤسسة او. دي.آي. الأمريكية المتخصصة في تدريب وإعداد الشركات لتصبح متصفة بالجودة بأنها إتمام الأعمال الصحيحة في الأوقات الصحيحة. و يتحدث رئيس مجلس الإدارة والهيئة التنفيذية لهذه المؤسسة الناجحة الدكتور جورج هـ. لابوفيتز فيقول إن سمعة الجودة شيء ضروري لمستقبل شركتك و يضيف وأنا أظن أن أغلبيتنا نوافق على هذا المفهوم الملح العاجل، حيث أننا نفهم الجودة على أنها مسألة البقاء والاستمرار في العمل. إن الجودة لا تتأتى بالتمني ولن تحصل عليها المؤسسة أو الفرد بمجرد الحديث عنها بل إن على أفراد المؤسسة ابتداءً من رئيسها في أعلى قمة الهرم إلى العاملين في مواقع العمل العادية وفي شتى الوظائف أن يتفانوا جميعا في سبيل الوصول إلى الجودة. والجودة تحتاج إلى ركائز متعددة لتبقيها حية وفاعلة طوال الوقت.

وهكذا تعد قيمة الجودة اساسية في تقدم المجتمع، وينبغي على الجميع أن يسعى اليها ويبذل ما يكفي من الجهد لتحقيقها، كونها الطريق الى بناء دولة مدنية مستقرة ومزدهرة، من خلال ايمان المجتمع بهذه القيمة والاحاطة بها واعطائها المكانة المرموقة من حيث السعي والفعل معا، ولابد من القول الفصل هنا، أن الجودة هي عامل الحسم في تطور المجتمعات وتمدنها، ولدينا تجارب سياسية اجتماعية متطورة، امكنها الوصول الى أرقى النتائج باعتمادها مبدأ الجودة في عموم الانشطة السياسية الاجتماعية الاقتصادية التعليمية الصحية وسواها.

ومنها على سبيل المثال وليس الحصر، التجارب اليابانية والصينية والهندية، حيث تحولت هذه الشعوب من حالة التخلف والركون الى القدرية، واليأس والعيش في اجواء القرون الوسطى، الى شعوب تعرف كيف تواكب متطلبات العصر وما يستجد في رحابه من ابتكارات ومكتشفات نقلت العالم الى ضفة النور من الظلام، ولا يخفى أن التنبّه لعنصر الجودة وايلائه الاهتمام المطلوب من لدن الحكومات والمعنيين في هذه الدول هو المبدأ الاساس الذي ساعد على نقلها من التخلف الى التقدم.

ولكن قيمة الجودة بقيت حاضرة وانتشرت في عموم مجالات وميادين الحياة، في العمل وفي الفكر، في الانتاج وما يتبع له من خطوات سابقة ولاحقة، لذا تجد الجودة حاضرة كمنظومة سلوك لا يستغني عنها عامة الشعب، فأصبحت تسري في افكارهم وسلوكهم وكأنها حالى معتادة وآلية لا يمكن للفرد او الجماعة التخلي عنها، وعندما تصبح قيمة الجودة بهذه الدرجة من الاحترام والالتزام من لدن الشعب، فإن التقدم والتطور سيكون هو النتيجة المبتغاة، والحاصلة لا محالة في عموم الميادين والانشطة المجتمعية المتنوعة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 12/كانون الأول/2012 - 27/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م