سورية بين مزاعم الكيماوي ولعبة الباتريوت...؟

مصطفى قطبي

تغيرت حملة البروباغندا ضد سورية واتخذت طريقاً جديداً لها. حيث لم تسعفهم جميع الهتافات التي رددوها حول ارتكاب النظام في سورية مجازر ضد شعبه ورفعوا من سقفها ووصفوها بالمجازر الفظيعة في زحزحة روسيا والصين عن موقفهما. والآن جاء دور(الأسلحة الكيميائية). فبعد أن فشلت كل مخططاتها العدوانية في استهداف سورية وشعبها، نراها تلجأ لنفس أسلوبها المعهود، من خلال شنها حملة افتراءات تضليلية حول موضوع الأسلحة الكيميائية، وتسويقها على أنها حقيقية، وعلى العالم فيما بعد أن يقف بجانبها في كل خطوة عدائية تتخذها بحق سورية تحت ستار تلك الحجج الواهية، تماما كما حدث في العراق من قبل، عندما أطلقت مزاعمها الكاذبة المتعلقة بوجود أسلحة دمار شامل في هذا البلد، واتخذتها ذريعة لغزوه، وقتل مئات الآلاف من شعبه، وتدمير معالمه التاريخية والحضارية.‏

أميركا التي تتاجر بدماء الشعوب وتدّعي الحرص على حقوقهم في آن، توزع اتهاماتها الباطلة على كل بلد يرفض سياساتها الإجرامية، ولا ينضوي تحت عباءتها المتصهينة، وتتجاهل حقيقة أنها صاحبة اليد الطولى في ارتكاب الجرائم والأعمال الإرهابية المنظمة في كل أصقاع العالم، وتتناسى أيضا أنها الدولة الوحيدة والأولى في التاريخ التي استخدمت السلاح النووي ضد مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين عام 1945، وصور الأطفال الذين يولدون مشوّهين بتلك المدينتين مازالت خير شاهد على إرهابها.‏ ويبدو أن هناك استعجالاً للتدخل للإطاحة بالحكومة السورية لدى الولايات المتحدة وحلفائها الساعين إلى تفتيت سورية وتفكيك منظومة المجتمع السوري متعدد الألوان والطوائف والأعراق والأديان، وخلخلة ذلك الطيف، وضرب السلم الأهلي، وغسل الأدمغة السورية التي لا يزال فكرها ينبض بالعروبة والوحدة، ويستشعر مخاطر التدخل الغربي المسنود من بعض العرب في الشأن الداخلي السوري، ويعلم تمام العلم الأجندات التي تقف خلف هذا التدخل السافر.

هذا الاستعجال بدا واضحاً في اللهجة التي استخدمها الرئيس الأميركي'' باراك أوباما'' بالتلويح بالرد الفوري في حال أقدمت الحكومة السورية استخدام الأسلحة الكيماوية المزعومة في الصراع الدائر، حاثاً على سرعة إرسال منظومات صواريخ باتريوت إلى تركيا. فلهجة أوباما ومن قبله وزيرة خارجيته ''هيلاري كلينتون'' والببغاوات التي تردد من خلفهما اللهجة ذاتها تذكرنا بلهجة سلفه جورج بوش ''الصغير'' حول أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة، اللهجة القائمة على إثارة الهلع بداية لدى الرأي العام العالمي عبر سلسلة طويلة من الكذب وتزييف الحقائق، لتبرير أي تصرف أحمق فيما بعد. فالغزو الأنجلو ـ أميركي للعراق بدأ بإثارة الهلع ونسج الأكاذيب بأن الرئيس العراقي ''صدام حسين'' قادر على استهداف أوروبا بتلك الأسلحة في غضون خمس وأربعين دقيقة، وذلك لتهيئة الرأي العام البريطاني والأميركي بصورة خاصة، والرأي العام العالمي بصورة عامة، حيث أعقب هذه الأكاذيب الغزو العسكري المباشر. واليوم نرى من خلال المزاعم والأكاذيب التي بدأ المسؤولون الأميركيون وببغاواتهم بترديدها، أن السيناريو العراقي يراد تكراره ضد سورية.

وكان وزير الحرب الإسرائيلية ''ايهود باراك'' قد أوضح خلال جولة تفقدية قام بها إلى مرتفعات الجولان في العشرين من شهر كانون الأول الماضي، بأن ''الجيش الإسرائيلي لن يسمح في أي حال بنقل سلاح التدمير الشامل السوري، ولا يمكن لإسرائيل أن تقبل بنقل السلاح المتطور من سورية إلى لبنان، ونحن نراقب ذلك عن كثب... وحزب الله يحاول الاستفادة أكثر من الأوضاع... وليس من المناسب قول المزيد عن اللحظة التي سنتصرف فيها وكيف سنتصرف، أو هل حقاً سوف نتحرك. نحن نراقب كل ذلك عن كثب''.

وهنا ولدت ذريعة جديدة لصالح مشروع العدوان على سورية: إنه خطر الأسلحة الكيميائية، وبعد ''ايهود باراك''، أضاف نائب رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية ''يائير نافيه'' قائلاً: ''تمتلك سورية أضخم ترسانة من السلاح الكيميائي في العالم كما وتملك صواريخ قادرة على إصابة أي هدف في إسرائيل''. وأعقب تصريح الزعيمين الإسرائيليين تصريح رئيس الحكومة الإسرائيلية ''نتنياهو'' في 22 تموز المنصرم، ''هل يمكننا أن نتخيل أن حزب الله لديه أسلحة كيميائية، يبدو الأمر كما لو كان تنظيم القاعدة يملك تلك الأسلحة الكيميائية''، وأضاف قائلاً ''هذا أمر غير مقبول بالنسبة لنا وبالنسبة للولايات المتحدة، وعلينا العمل على منع ذلك في حال استدعت الضرورة''.

وإزاء هذه الأكاذيب والأضاليل الأمريكية الأطلسية، فقد شدد الدكتور ''فيصل المقداد'' نائب وزير الخارجية والمغتربين السوري، على أن أي عدوان عسكري خارجي على سورية ستكون آثاره كارثية على المنطقة، وثمنه غالياً ولن يكون مجرد رحلة في سورية، وقال في حديث لقناة المنار اللبنانية: إن هناك حرباً نفسية تشن على سورية منذ بداية العام 2011، وعلى من يفكر أن يشن مثل هذا العدوان أن يتأمل في تداعيات ذلك على المنطقة، وفي حال إقدام أي فريق من الفرقاء على القيام بذلك فإن النتائج ستكون كارثية على المنطقة برمتها.

ووصف المقداد الحملة الغربية المسعورة ضد سورية بشأن مزاعم مرتبطة بالأسلحة الكيميائية بأنها عبارة عن مواقف مسرحية، مجدداً التأكيد أنه إذا كانت هناك أسلحة كيميائية لدى سورية فإن هذه الأسلحة حتماً لن تستخدم ضد الشعب السوري، معرباً عن خشيته من وجود مخطط غربي لمد الإرهابيين بأسلحة كيميائية والادعاء بأن الجيش السوري هو الذي يستخدمها لتبرير التدخل العسكري في سورية، وبين أن إسرائيل تقف خلف كل ما يجري من أحداث في سورية والمنطقة العربية، وأن الإدارة الأمريكية تتبنى ادعاءات الأسلحة الكيماوية أو أي صيغ أخرى من أجل إنقاذ إسرائيل من الورطة التي وصلت إليها نتيجة سياسات الاستعمار والاحتلال والاستيطان في المنطقة العربية، وهي الأسباب الجوهرية التي تقف خلف هذه التهديدات الموجهة إلى سورية وخلف إرسال الإرهابيين من كل دول العالم، وبخاصة من قبل دول المنطقة العربية التي تعهدت خطياً للولايات المتحدة بعد ما يسمى ''الثورات'' بالحفاظ على أمن إسرائيل.

وكان واضحاً أنه ومنذ أن تكلم العم سام عن الأسلحة الكيمياوية متتبعاً أقوال تابعه إسرائيل أن كل جوقة الضباع الأخرى سوف تذهب في نفس الاتجاه. إذ أن تلك هي إحدى القواعد الأساسية المعمول فيها بالصيد.‏ وضمن هذا السياق كرر السيد ''فرانسوا هولاند'' نفس هذا الشعار الجديد في قوله: ''أقول بكل وضوح، سوف نبقى متيقظين مع حلفائنا لمنع استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل الحكومة السورية، والذي سيكون بالنسبة للمجتمع الدولي سبباً للتدخل المباشر''. وفي خطاب له أمام 200 سفير فرنسي اجتمعوا في الاليزيه، وجه وزير الخارجية الفرنسية تهديدات مباشرة ضد الرئيس السوري. وأعلن على قناة اوروبا الأولى عزمه على محاكمة القيادة السورية في حال جرت أي محاولة لاستخدام السلاح الكيميائي بشكل مباشر أو غير مباشر والرد سيكون سريع وكبير''.

وفي وقت سابق، وعلى قناة فرنسا الثالثة، أكد الوزير الفرنسي ''آلان جوبيه'' الذي خسر حقيبة الخارجية الفرنسية بسبب هزيمة الرئيس ''ساركوزي'' في الانتخابات أن على الدول الغربية وحلفائها (المعتدين) ''تجاوز الضوء الأخضر الأممي لضرب سورية في حال ارتسم في الأفق خطر انتشار السلاح الكيميائي''، وكان ''جوبيه'' الوزير السابق أحد قتلة الرئيس ''معمر القذافي'' وآلاف الأشخاص في ليبيا وفي ساحل العاج أكثر دقة حين قال ''في مسألة استخدام القوة أو عدم استخدامها، لا ينبغي التخلي عن عقيدتنا المعمول فيها باستمرار، وهي أنه لا يمكن استخدام القوة إلا من خلال ضوء أخضر من الأمم المتحدة. ولكن هل يمكننا، في الحالات القصوى، مثل خطر انتشار الأسلحة الكيميائية تجاوز هذا الضوء الأخضر؟ نعم، وفق اعتقادي ينبغي دراسة ذلك''.

وعلى نفس الدرب، ذهب كل من رئيس الوزراء البريطاني ''ديفيد كاميرون'' وأمين عام منظمة الأمم المتحدة الأطلسية في نفس الاتجاه. حيث أكد ''بان كي مون'' أنه ''من الخطأ أن ندع أي كان في سورية يفكر في استخدام أسلحة الدمار الشامل، مثل الأسلحة الكيميائية، وأمل أن يبقى المجتمع الدولي متيقظاً لكي لا يحدث شيء من هذا القبيل''.

أما قطر والسعودية وتركيا وكافة قطع التآمر فقد وجهت بأوامر من أسيادهم، تردداتها على نفس الموجة، كما رأينا، وصب الاستراتيجيون المؤيدون للحرب كل جهدهم في هذا الخصوص. إذ من الممكن لهذا الخطاب الجديد المستند على أساس خطر الأسلحة الكيميائية تسويغ حرب ضد سورية من خلال محاصرة الفيتو المزدوج الروسي ـ الصيني ووضع كل من موسكو وبكين أمام الأمر الواقع والتعويل على عدم معارضة الدولتين شن حرب غربية ضد سورية

وإثارة الموضوع من جديد وبهذه القوة تستدعي مقاربة السؤال: لماذا عودة الحديث عن الأسلحة الكيماوية في سورية وعن استخدامها الآن؟! ولماذا يتم توجيه إنذارات لسورية وتذكير جهات غربية لها، على رأسها الولايات المتحدة الأميركية، بالعواقب الوخيمة إذا ما استخدمته، وبأن هناك في الأردن قوة أميركية في حدود مائة وخمسين عسكرياً من رتب مختلفة يمكن أن تكون على رأس التدخل في سورية... فضلاً عن الترويج المتجدد لتحالف دولي خارج مجلس الأمن، يقوم بعمل عسكري ضد النظام في سوريا، وتصريح أمين عام جامعة الدول العربية بأن النظام في سورية قد يسقط في أية لحظة؟!

ومقاربة ذلك كله من حيث كون نتائجه ستكون وبالاً على الشعب السوري وعلى سورية الدولة. يبدو أن الأمر مرتبط بعدة معطيات على الأرض نذكر منها:

أولاً: المعارك الحامية الدائرة في الريف الدمشقي بين الجيش السوري وعصابات المسلحين وعلى رأسهم جبهة النصرة، تلك المعارك التي اقتربت من محيط مطار دمشق الدولي وهددت سلامة الحركة فيه، والردود العسكرية القوية والصارمة من جانب الجيش العربي السوري التي أدت إلى تأمين المطار والطريق منه وإليه، وجعلت المسلحين ينكفئون عنه، ويتحسبون لملاحقات أوسع من الجيش بأسلحة أثقل من تلك التي استخدمها ضدهم حتى الآن... ولذلك أطلقت صفارات الإنذار باتجاه استخدام السلاح الكيماوي، لأن الأنفاق التي حفرها المسلحون بين بعض قرى ريف دمشق وفي مواقع من البساتين والحقول المحيطة بها، تمكنهم من الاختباء فيها والاحتماء من الطيران، ولكنهم يخافون من أن يحاصروا ويهاجموا فيها بوسائل أخرى فتصبح فخاً مميتاً لهم؟!

ثانياً: حصول المسلحين على أسلحة متطورة منها مضادات للطائرات من أنواع مختلفة، بينها صواريخ سام 7، وهي صواريخ حرارية روسية الصنع تلاحق الطائرات بوصفها مصدراً حرارياً، بتقنية أثبتت فعاليتها في حرب أكتوبر 1973 مع العدو الصهيوني، وحصولهم أيضاً على صواريخ ستنغر الأميركية الصنع، وهي أسلحة تمكنهم من تحجيم حركة الطيران الحربي وهجماته ضدهم... فضلاً عن امتلاكهم لأسلحة أخرى من خلال سيطرتهم على مواقع بعض الكتائب والوحدات العسكرية وعلى ما فيها من أسلحة متطورة كما يقولون... الأمر الذي يكسبهم قوة في المواجهة مع الجيش العربي السوري.

إن ''الأزمة ـ الكارثة'' في سورية تدخل مرحلة جديدة، أسميها مرحلة الباتريوت، وهي مرحلة لا تقاس دمويتها بما كان في المراحل السابقة، مرحلة لا يرحم فيها أحد أحداً ولا يوفر فيها أحد أحداً ويبعث خلالها أعداء سورية بكل مقدراتها فضلاً عن دماء أبناء شعبها، مرحلة وقودها سورية وشعبها، والمنتصر الوحيد فيها هو الاستعمار وعدو سورية الأول الكيان الصهيوني، لأنه يربح بتدمير سورية وإضعاف قوتها وأدائها العام ما لا يُقدر بثمن، ويتغطرس من بعد ويعتدي بما لا يقاس على ماضيه من الغطرسة والعدوان.

ليس من المسلم به أن هذا المخطط أو ''السيناريو'' سيمر كما يمر السكين في قطعة الزبدة، بسهولة وسلاسة ويسر وكما يتمنى أصحابه والمنتفعون منه، ومن الطبيعي أنه سيواجه عقبات وتحديات ومواقف وقوى قد تهزمه ولا تسمح له بالمرور أو قد تعيقه وتجعله عسيراً ومكلفاً... فلم يغير الروس والصينيون ودول مجموعة بريكس وبعض دول أميركا اللاتينية وقلة من الدول العربية وإيران مواقفهم من الأزمة في سورية وحل سياسي لها ورفضهم للتدخل الخارجي، لا سيّما العسكري، في شؤونها الداخلية، ولم يتخل الروس والصينيون على الخصوص عن نقض أي مشروع قرار قد يعرض على مجلس الأمن الدولي ويتضمن وفق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لا سيما المادة الـ 42 والمادة الـ 43 ويتضمن التدخل، فهم ثابتون على ذلك الموقف المبدئي، ليس من أجل بقاء الرئيس ''بشار الأسد'' في الحكم ولا من أجل المحافظة على النظام كما كرروا مراراً... ولكن حتى لا يتكرر السيناريو الليبي الذي مارس فيه الغرب الخداع والخبث وأدى إلى العبث بالقانون الدولي وتدمير دولة وإلحاق صنوف المعاناة بشعب... وهم يؤكدون أنهم يرفضون التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ويحافظون على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة الذي يراعي مبدأ السيادة المتساوية، ويرفضون نشر الديمقراطية على الطريقة الأميركية، بالسلاح وإراقة الدماء ونشر الفوضى المدمرة حتى لو سميت ''خلاقة''؟!... وفي الوقت ذاته لا يعارضون تغييراً شاملاً في سورية بما في ذلك تغيير النظام والرئيس... لكن على أن يقرر السوريون ذلك بإرادة شعبية حرة، ومن دون أي تدخل خارجي في شؤونهم.

ولم يخرج الرئيس ''فلاديمير بوتين'' عن هذا الخط السياسي الثابت لروسيا الاتحادية حتى في مؤتمره الصحفي الأخير في اسطنبول مع رئيس الوزراء التركي ''رجب طيب أردوغان''، حيث قال إنه ليس محامياً عن ''بشار الأسد''... فقد تحدث عن اختلاف في وجهات النظر بين تركيا وروسيا الاتحادية حول الملف السوري، ولكنه أشار إلى أفكار تركية جديدة سوف يبحثها وزيرا خارجية البلدين معاً في وقت لاحق... وقد يسفر ذلك عن شيء؟! إن الدول تبحث عن مصالحها في نهاية المطاف، والأخلاق في السياسة جزء من لعبة قذرة يستباح فيها كل شيء، بما في ذلك الدم البشري... وهذا مؤسف غاية الأسف، ولا يجري على البشرية إلا الويلات، ويدين السياسة والساسة من وجهة النظر الأخلاقية، بصرف النظر عن النتائج التي يحققونها بالمكر والخديعة واستباحة الأرواح والقيم وإنسانية الإنسان.

اليوم، البنية الأساسية لسورية تتعرض للدمار وهذا ليس في صالح أحد، هناك حالة من التطلع للتغيير لكن من خلال اتساق المواقف، وسورية وضعها حساس جغرافياً واستراتيجياً تختلف عن الحالة الليبية وحتى اليمنية. ومن هنا فإن الحوار هو الحل المنطقي في الحالة السورية حيث يصعب كسب المعركة بالمطلق وإن كان الجيش العربي السوري هو الأقوى عسكرياً ولوجستياً ويملك أدوات مهمة على الأرض ومن أهمها الطيران.

وأخيراً، وعلى الرغم مِن ضجيجِ التهويلِ الإعلامي والتصريحات المسعورة والحرب النفسيّة المُضطرِمَة، مُستنفِدَة جميعَ طاقاتِها وأشكالها التي زجَّ فيها المُعَسكر المُعادي بما في ذلك احتياطيّه من مُختَلَفِ الرُّوَيبضات والرموز والعواصم، فإن أزوفَ النَصر السوري في هذه الحرب الوجودية التي قَسَمَتْ العالمَ إلى كتلتين دوليتين على حافة التصادُمِ الفِعلِي، يَجعَلنا نُرَجحُ إمّا الإذعان لنتائجِ المعاركِ على الأرضِ السوريّة والنزوع نحو تسويةٍ للقضيةِ السوريةِ على أساسِ حِوارٍ داخليّ يُستتَنى منه كُل مَن رَفعَ السلاحِ في وَجه الدولة السورية وجيشِها العربي الباسل، في إطارِ تسويةٍ إقليمية ودَولية تُطوى بمُوجَبِها سياسة القطبِ الواحد دولياً وتنكفئ ''إسرائيل'' إلى حجمِها الحقيقي إقليمياً، أو اندِفاع الأزمةِ إلى حَربٍ إقليميةٍ وكونيةٍ يكون وجودُ الكيانِ الصهيوني وتَوأمه الأردني والكياناتُ الخليجيّة في مهبّها. ولا أعتقد أنَّ المعسكر المعادي مُستعِد لأن يدفعَ ثَمَنَ الخيار الثاني الباهظ على الرغم مِن أنه يبقى خياراً وارِداً نَظَراً لِعَدَمِ خلوّ ''أصحاب القرار'' في الدوائر الصهيو – أمريكية مِن الحمقى!

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 12/كانون الأول/2012 - 27/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م