الأردن... بين الملكية الحاكمية

 

شبكة النبأ: أسهم قرار رفع الدعم عن الوقود والمحروقات الذي أقرته الحكومة الأردنية بغية الحصول قرض مالي من صندوق النقد الدولي في سبيل تفادي الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها الأردن الى تأجيج مشاعر الغضب والاستياء لدى المواطن الأردني الذي لايزال يطالب بإجراء العديد من الإصلاحات والتغيرات الحكومية، وتشهد الأردن التي تأثرت بأحداث ثورات الربيع العربي مجموعة من الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية المستمرة التي نظمتها العديد من الأحزاب المعارضة في سبيل الحصول على بعض التنازلات المهمة، ويرى بعض المراقبين أطراف المعارضة أصبحت اليوم في موقع قوة يتيح لها فرض بعض أرائها خصوصا في مثل هكذا ظروف حرجة، محذرين في الوقت ذاته من مساعي بعض الجهات والأحزاب المتشددة ومنها جماعة الإخوان المسلمين التي تسعى الى تغير موازين القوى من خلال إثارة الشارع وهو ما قد يدخل البلاد في دوامة العنف والاقتتال الداخلي لهذا البلد الذي يعتمد على المعونات والمساعدات العربية والغربية بشكل كبير، وخوفا من خطر الإفلاس رفعت الحكومة الأردنية الدعم عن الوقود في خطوة لضمان الحصول على قرض بقيمة ملياري دولار من صندوق النقد الدولي وتفادي انهيار اقتصادي. لكن المملكة المدعومة من الغرب معرضة الان لاضطرابات بعد ان تفادت طويلا انتفاضات الربيع العربي الذي هز دولا عربية أخرى.

وفجر قرار رفع الدعم عن الوقود بعد ان ارجيء مرارا احتجاجات متفرقة في المملكة. وأحجمت الحكومة الاردنية -التي تتذكر الغضب العام الذي تفجر في اشتباكات في الشوارع في جنوب المملكة الذي يشعر بالحرمان بعد زيادة الاسعار عامي 1989 و1996- عن زيادة اسعار الوقود. وتزود مصر الاردن بأكثر من 80 في المئة من احتياجاته من الغاز غير ان المملكة تواجه صعوبة في توفير امدادات غاز بديلة لتلبية الاحتياجات لانتاج الكهرباء بعد الهجمات المستمرة على خطوط الغاز المصرية في 2011.

وبلغ العجز المتصاعد في الميزانية ثلاثة مليارات دولار اي 11 في المئة من اجمالي الناتج المحلي. وقال مسؤولون ان المملكة العربية السعودية التي اعطت الاردن العام الماضي 1.4 مليار دولار اموالا سائلة لمساعدته على تفادي الانهيار الاقتصادي لم تبد استعدادا لتكرار هذه اللفتة مما زاد من الضغط لتحرك سريع.

وقال رئيس الوزراء الاردني عبد الله النسور في مقابلة مع التلفزيون الحكومي "لو تأجلت هذه الخطوة لواجهنا كارثة وإفلاسا." وصرح بأن خفض الدعم وتوجيه الاموال الى الاسر الفقيرة كان ضروريا لكسب تأييد المانحين وتمويل صندوق النقد الدولي. ولم يكشف عن الرقم الذي سينجح خفض الدعم في توفيره.

ويأمل الأردن أن يظهر خفض الدعم التزامه بالترشيد المالي ويساعده على كسب التأييد من صندوق النقد الدولي ومعونات غربية وعربية وأن يمكنه من اللجوء الى أسواق رأس المال لإصدار سندات دولية. ونجح الاردن وهو حليف وثيق للولايات المتحدة وله أطول حدود مشتركة مع اسرائيل في ان يتفادى حتى الان الاضطرابات واسعة النطاق التي شهدتها دول اخرى. وستكون الايام المقبلة حاسمة في اختبار فرص استمرار هذا الهدوء النسبي.

 تظاهرات ومطالب

على صعيد متصل تظاهر آلاف الاردنيين وسط عمان مطالبين ب"إصلاح النظام" والتراجع عن قرار رفع اسعار المحروقات، الذي صعد من وتيرة الاحتجاجات الشعبية. وحملت تظاهرة سلمية نظمتها "الجبهة الوطنية للإصلاح" التي تضم الحركة الإسلامية ويقودها رئيس الوزراء الاسبق ومدير المخابرات الاسبق احمد عبيدات، عنوان "الانتفاضة الشعبية لأجل الإصلاح".

وقدر المنظمون عدد المشاركين بها بنحو عشرين الف شخص، فيما قالت الشرطة ان عددهم لا يتجاوز 3500 شخص. وحمل المشاركون في التظاهرة التي تمركزت قرب ميدان جمال عبد الناصر المعروف بدوار الداخلية لافتات كتب عليها "الشعب يريد إصلاح النظام وإسقاط الأسعار" و"معا لإسقاط قرار رفع الأسعار". وهتفوا "الشعب يريد إصلاح النظام" و"الإصلاح والتغيير هو مطلب الجماهير" إضافة الى "ارحل ارحل يا نسور (رئيس الوزراء عبدالله النسور) قبل ما هالشعب يثور". كما هتف عدد محدود في بداية التظاهرة "الشعب يريد إسقاط النظام" الا ان عبيدات طالبهم بالالتزام بشعار "إصلاح النظام".

وقال عبيدات في كلمة القاها خلال التظاهرة ان "الجبهة الوطنية للإصلاح لم تدعوا لهذه المسيرة لاستعراض القوة ولا للمزايدات اننا هنا ندافع عن حقوقنا الدستورية وملتزمون بشعار الشعب يريد إصلاح النظام". وحض الحكومة على "الإصغاء الى صوت العقل والتراجع عن قرارها برفع الأسعار". وطالب عبيدات ب"إصلاح شامل" معتبرا ان "قانون الانتخاب الحالي فاقد للشرعية الدستورية والشعبية نؤكد رفضنا القاطع لاي انتخابات تجري على اساس هذا القانون الفاسد". ودعا الى "قانون ديمقراطي توافقي عادل يلبي طموحات شعبنا ويفرز مجلس نواب حقيقي يمثل شعبنا".

وشهد الاردن تظاهرات شعبية مطالبة بالاصلاح، منذ كانون الثاني/يناير 2011، اتسمت بالسلمية حتى تصاعدت وتيرة الاحتجاجات ليرافقها اعمال عنف وشغب اثر قرار رفع اسعار المحروقات بنسب تراوحت بين 10 و53 بالمئة. وادت اعمال شغب رافقت تلك الاحتجاجات الى مقتل شخص واصابة 71 آخرين بينهم رجال امن، واوقف نحو 107 اشخاص بتهم بينها "التحريض على مناهضة الحكم" و"التجمهر غير المشروع" و"اثارة الشغب". وادى رفع اسعار المشتقات النفطية لمواجهة عجز الموازنة الذي قارب 7,7 مليار دولار الى رفع اسعار تذاكر وسائط النقل العام بين 9% و11%.

في السياق ذاته تظاهر نحو الف شخص امام محكمة امن الدولة الاردنية داعين الى الافراج عن متهمين اعتقلوا خلال احتجاجات ضد رفع اسعار المحروقات ومطالبين ب"اسقاط الاحكام العرفية". وجرت التظاهرة التي شاركت بها الحركة الاسلامية ومجموعات شبابية تحت عنوان "جمعة اسقاط الاحكام العرفية" امام مبنى محكمة امن الدولة العسكرية بمنطقة ماركا الشمالية (شرق عمان) وسط وجود امني كثيف. وهتف المشاركون "يا اصلاح وينك وينك امن الدولة بيني وبينك" و"الشعب يريد اسقاط امن الدولة"، اضافة الى "نحن الشعب الخط الاحمر يسقط يسقط حكم العسكر". بحسب فرانس برس.

وحضت منظمة هيومن رايتس ووتش الاميركية المدافعة عن حقوق الانسان الاردن على اسقاط التهم الموجهة لمتظاهرين "سلميين" ووقف محاكمة هؤلاء ومحاكمة المدنيين امام محكمة امن الدولة العسكرية. وبحسب المنظمة، فان السلطات اعتقلت "اكثر من 300 شخص منذ 14 تشرين الثاني/نوفمبر وافرجت عن عشرات منهم فيما احيل على الاقل 107 اشخاص بينهم تسعة اطفال، الى محكمة امن الدولة" وذلك مع تصاعد الاحتجاجات ضد رفع اسعار المحروقات.

تحالف مناهض

من جهة اخرى اعلنت احزاب ونقابات ومؤسسات مجتمع مدني وشخصيات عامة عن تشكيل تحالف مدني مناهض لقانون المطبوعات والنشر المثير للجدل الذي رأى البعض انه "يقيد حرية الاعلام" في المملكة. ورأى الموقعون على هذا التحالف وهم نواب وجماعة الاخوان المسلمين ورؤساء نقابات واحزاب ومراكز حقوقية ونشطاء ان القانون يمثل "تضييقا على الحريات الاعلامية وخاصة حرية الرأي والتعبير، ومحاولة جديدة لتكميم الصحافة الالكترونية". واعربوا في بيان عن "تأييدهم ودعمهم المطلق للحريات العامة، وخاصة حرية الاعلام ومؤازرتها الكاملة للصحف والمواقع الالكترونية الاردنية في مواجهة آخر موجات الحملة الحكومية المستمرة ضدها بدءا من اواسط العقد الماضي".

وقال نضال منصور الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحافيين واحد الموقعين على التحالف، ان "الهدف من هذا التحالف ان تظهر بان قانون المطبوعات والنشر المعدل هو لايستهدف فقط الاعلاميين وانما يستهدف حرية التعبير ويفرض قيودا على كل الحريات". واضاف "نريد ان نوصل رسالة بان المجتمع في مواجهة هذا القانون وليس نحن (الاعلاميين) فقط، من خلال تحشيد اكبر تحالف بين القوى المجتمعية ضد قوانين الحريات". واوضح انه "تحالف حقوقي في مواجهة قوانين ليست ديمقراطية"،مشيرا الى ان "التحالف سيبحث عن وسائل لاسقاط القانون كاللجوء الى المحاكم". وتابع "لدينا قناعة بان هذا القانون ليس دستوريا وانه يتعارض مع المعاهدات التي صادق عليها الاردن وهي ملزمة له". وقال "نريد ان نضع الحكومة في مواجهة ان هناك رفض للقانون من غالبية المؤسسات الاعلامية".

ومن الموقعين على التحالف نواب وجماعة الاخوان المسلمين ورؤساء نقابات واحزاب ومراكز حقوقية ونشطاء. وأقر مجلس النواب تعديلات على قانون المطبوعات والنشر بهدف تنظيم عمل المواقع الالكترونية، ما أثار جدلا حول حرية الاعلام في المملكة التي رأى البعض ان التعديلات "تقيدها". وتلزم التعديلات الجديدة كل موقع الكتروني بالتسجيل في دائرة المطبوعات والنشر والحصول على ترخيص، ويشترط ان يرأس تحرير كل موقع اخباري عضو في نقابة الصحافيين، وتطبق عليه التشريعات اسوة بالصحف. بحسب فرنس برس.

ويعتبر القانون تعليقات الجمهور على الاخبار التي تنشرها المواقع الالكترونية على انها جزء من الخبر الصحافي تجري مساءلة تلك المواقع عنه. وفي الاردن الذي يبلغ عدد سكانه 6,8 مليون نسمة، نحو 220 موقعا اخباريا الكترونيا وقرابة 3,5 مليون مستخدم للانترنت.

غياب المساعدات الخليجية

في السياق ذاته يثير عدم استقرار الأردن وهو أحد الدولتين العربيتين اللتين وقعتا معاهدة سلام مع إسرائيل انزعاج رعاته الغربيين وحلفائه في دول الخليج. وقال فاليري يورك وهو خبير في شؤون الأردن يقيم في لندن "دول الخليج لا بد وأن تكون منزعجة من أي علامات على انهيار النظام الملكي في الأردن والذي سيكون أول نظام ملكي يسقط في سياق الربيع العربي." وتعتمد المملكة منذ فترة طويلة في بقائها على الدعم الغربي وعلى دفعات متقطعة من المساعدات المالية الخليجية.

ولكن لا يعرف أن السعودية وهي داعم رئيسي لعمان قدمت أي أموال منذ دفعة قدرها 1.4 مليار دولار في أواخر عام 2011 لتجنب أزمة اقتصادية شديدة سابقة في المملكة الأردنية. ومما يثير الحيرة هو أن السعوديين كانوا يحاولون في العام الماضي على ما يبدو تقريب الأردن. ففي مايو أيار 2011 قبلت دول مجلس التعاون الخليجي الست طلب الأردن للانضمام إلى المجلس بعد أن رفضته على مدى 15 عاما فيما اعتبر تعبير عن تضامن نظم ملكية في مواجهة موجة من الانتفاضات الشعبية تجتاح العالم العربي. وقد يكون مجلس التعاون الخليجي الذي تقوده السعودية والذي وجه أيضا الدعوة إلى المغرب رغم بعده الجغرافي إلى الانضمام يريد مساعدة أمنية أردنية ومغربية في قمع اضطرابات في الفناء الخلفي لاعضائه لاسيما البحرين حيث ساعدت القوات السعودية وقوات خليجية أخرى الأسرة السنية الحاكمة في المملكة الصغيرة على سحق احتجاجات مطالبة بالديمقراطية يقودها الشيعة في مارس آذار 2011 .

والسعودية التي تتطلع إلى التصدي لنفوذ إيران الشيعية تتطلع أيضا إلى إعادة ترتيب تحالفاتها بعد صدمتها لرؤية الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك الذي كان شريكا لها لفترة طويلة دون أي محاولة أمريكية لإنقاذه. ويصارع الأردن وحيدا إلى الآن عجزا في الميزانية وأشعل الغضب من زيادات الأسعار احتجاجات مماثلة للاحتجاجات الراهنة في عام 1989 استجاب لها حين ذاك العاهل الراحل الملك حسين بانفتاح سياسي أدى إلى انتخابات حرة مشهودة منحت إسلاميين مرتبطين بجماعة الإخوان المسلمين أكبر كتلة في البرلمان.

ومنذ ذلك الوقت جرى تعديل قواعد الانتخابات كي تنتج مجالس معتدلة تسيطر عليها عشائر شرق الأردن التي تشكل قاعدة سياسية للنظام الملكي. وتعثرت مشاريع الإصلاح السياسي التي أطلقها الملك عبد الله منذ توليه السلطة في عام 1999 . ولا يسمح حكام دول الخليج العربية بوضع أي قيود دستورية على صلاحياتهم أو يقبلون بالقليل منها. وقد لا ينظرون بعين العطف إلى أي إصلاح سياسي كبير أو قدر أكبر من حرية التعبير في الأردن.

وقبل الملك عبد الله تعديلات دستورية في أغسطس اب نقلت بعض سلطاته إلى البرلمان ومهدت الطريق أمام تعيين رئيس وزراء يختاره البرلمان وليس من اختيار الملك. ولكن لم تشمل الإصلاحات التي يتحدث عنها العاهل الأردني أي إصلاح كبير لقانون الانتخابات الذي يحكم الانتخابات التي ستجرى في يناير كانون الثاني التي تعتزم جماعة الإخوان مقاطعتها احتجاجا على ما ترى أنه تمييز ضد قاعدتها الانتخابية التي تتركز في المناطق الحضرية وبين الأردنيين من أصل فلسطيني.

وسعت المعارضة التي تضم ليبراليين وإسلاميين في الأردن إلى تغيير سلمي بدلا من الثورة ولكن الاحتجاجات الأخيرة تضمنت شعارات كتلك التي استهدفت حكاما آخرين في العالم العربي اعتبرتهم شعوبهم حكاما فاسدين ومستبدين ودمى في يد الغرب. وتعكس الاحتجاجات أيضا غضب القبائل في شرق الأردن التي تخشى أن يوافق الملك على إصلاحات تهدد مصالحها. وأبدى أفرادها أيضا استياء من الإجراءات التقشفية التي تقلل المكاسب التي يحصلون عليها من وظائف حكومية ومنافع أخرى كانت تأتيهم من القصر في السابق.

ويؤيد الغرب الإصلاحات الديمقراطية شفويا لكنه يقدر أيضا نظاما ملكيا حافظ على استقرار الأردن لفترة طويلة في منطقة مضطربة وقام بدور عازل على حدود إسرائيل الشرقية. ويتعين على الولايات المتحدة وحلفائها التكيف مع حقائق جديدة في جمهوريات عربية مثل تونس ومصر حيث فاز الإسلاميون في الانتخابات بعد الإطاحة بحكام شموليين. بحسب رويترز.

وصمدت النظم الملكية في العالم العربي إلى الآن ولكن مستقبلها يطرح معضلة معتادة على الغرب الذي كثيرا ما غلب رغبته في حلفاء يعتد بهم في الشرق الأوسط على اهتمامه بالديمقراطية وحقوق الإنسان كما هو الحال في السعودية وفي البحرين المضطربة التي تستضيف الأسطول الخامس الأمريكي. وقال يورك "أيد الغرب الاستقرار بدلا من التغيير في المنطقة على مدى الثلاثين عاما أو الأربعين عاما الماضية ودفع ثمن ذلك ماليا في ذلك الوقت ويدفع ثمنه الآن سياسيا."

الأردن يخشى

الى جانب ذلك يسلط إعلان الأردن أنه أحبط مؤامرة للقاعدة لتنفيذ تفجيرات في العاصمة الضوء على ما يمثله المقاتلون الإسلاميون الذين شحذ الصراع في سوريا عزائمهم لكن الحرب الأهلية السورية قد تمثل أخطر تهديد للعاهل الأردني الملك عبد الله سواء نجحت الجماعات المسلحة أو لم تنجح. ويقول ساسة أردنيون إن من شأن الإطاحة بالأسد على ايدي مقاتلين سنة أن يشجع الإسلاميين السنة المتشددين في الأردن في حين قد يحاول الأسد -الذي ما زال يقاتل برغم ما اعتراه من ضعف - أن يتفادى الضغوط من خلال تصدير الصراع إلى جيرانه. ويقول محمود الخرابشة وهو سياسي بارز له معرفة بمجال المخابرات إن دور سوريا في السماح لمقاتلي القاعدة بالتوجه إلى العراق بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 زاد المخاوف.

وأضاف أن عشرات السوريين اعتقلوا في الأشهر الاخيرة بعد قيامهم بجمع معلومات وأعمال تحريض في مخيم الزعتري بالأردن الذي يضم عشرات الالاف من السوريين الذين فروا من بلادهم. وفي 21 أكتوبر تشرين الأول ذكر التلفزيون الرسمي الأردني ان اجهزة المخابرات أحبطت مؤامرة لخلية مرتبطة بالقاعدة لتفجير مراكز تجارية واغتيال دبلوماسيين غربيين في عمان باستخدام أسلحة ومتفجرات مهربة من سوريا.

ورغم أن البعض عبروا عن تشككهم في مدى الخطر الذي يمثله 11 شخصا يشتبه في انتمائهم للقاعدة اعتقلوا في هذه العملية - وبينهم شبان وطلاب صغار - فلا خلاف يذكر على أن الصراع في سوريا شحذ عزيمة الجهاديين الأردنيين. وقال مسؤول حكومي غربي "انا قلق على الأردن اكثر من لبنان.. لبنان مر بمثل هذا من قبل ولديه الآليات للتعامل معه." ويقول محللون أردنيون ان الجماعات الإسلامية تكتسب وزنا نسبيا أكبر بين مقاتلي المعارضة السورية الامر الذي يخلق جيلا جديدا من الجهاديين الذين تمرسوا في ساحة القتال مثل "العرب الأفغان" الذين ذهبوا إلى أفغانستان لقتال القوات السوفيتية في الثمانينات وعادوا إلى بلادهم للجهاد ضد حكوماتهم المؤيدة للولايات المتحدة.

وقال المحلل السياسي سامي الزبيدي إن الجهاديين ينبثون بين أنصار السلفية الدعوية. وأضاف ان هناك خلايا كامنة في الجماعات السلفية الجهادية في الأردن لم تجد ساحة داخل الأردن وذهبت إلى سوريا. وقال إن كثيرا من هؤلاء الجهاديين يذهبون إلى سوريا ويتسلحون ويصقلون مهاراتهم كأنهم في دورة تدريبية قبل العودة إلى الأردن مسلحين لمهاجمة أهداف أردنية. ويتيح الحرمان المتزايد في المناطق الفقيرة مثل مدينة الزرقاء الأردنية أرضا خصبة للتجنيد للجهاديين للتوجه إلى سوريا. والزرقاء هي مسقط رأس أبو مصعب الزرقاوي زعيم القاعدة السابق في العراق والذي تلقى عليه المسؤولية عن تفجيرات الفنادق في عمان عام 2005 والتي اسفرت عن مقتل اكثر من 50 شخصا.

و قتل اثنان من السلفيين الأردنيين في مدينة درعا بجنوب سوريا قبالة الحدود الأردنية اثناء مشاركتهما في قتال القوات السورية. وكان الاثنان من بين ما لا يقل عن 250 جهاديا تشير التقديرات إلى انهم عبروا الحدود إلى سوريا. وبقدر ما يطول الصراع في سوريا تزيد فرص اجتذابه لمزيد من المقاتلين إلى ساحة المعركة. لكن الخطر الأكبر في نظر كثيرين في المؤسسة الأمنية الأردنية هو الفوضي التي قد تحل بسوريا نتيجة الإطاحة بنظام الأسد. وقال النائب السابق حازم العوران ان ما يخشاه إذا سقط النظام في سوريا أن تصبح الجماعات الإسلامية المتشددة نافذة الكلمة هناك إذ سيسهل عليها العمل في الاردن وزعزعة استقراره.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 11/كانون الأول/2012 - 26/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م