البيئة النظيفة... هدف بعيد التحقق

 

شبكة النبأ: تتواصل الجهود الدولية في سبيل القضاء على مظاهر التلوث البيئي الخطيرة التي باتت تهدد الحياة على سطح الأرض التي تأثرت كثيرا بتلك المخاطر والمتغيرات، ويؤكد العديد من الخبراء على ضرورة الإسراع بأعداد خطط جدية تهدف الى تغير الواقع الحالي والاهتمام بتنمية وتفعيل بعض المشاريع الجديدة التي تعتمد على الطاقة النظيفة التي تعد اهم بديل يساعد في تحسين الواقع البيئي هذا بالإضافة توسيع المساحات الخضراء والعمل على حمايتها والاهتمام بها من خلال إعداد الخطط المستقبلية ، وفي هذا الشأن أظهرت دراسة للأمم المتحدة ان مناطق الحضر في العالم ستزيد الى أكثر من الضعف بحلول عام 2030 مما يوفر فرصة لبناء مدن أكثر خضرة وأفضل لحياة صحية. وقالت الدراسة ان خطوات التخطيط البسيطة مثل تخصيص مساحات لمزيد من الحدائق والاشجار أو حدائق الاسطح يمكن ان تجعل المدن أقل تلوثا وتساعد في حماية النباتات والحيوانات خاصة في الدول الصاعدة بقيادة الصين والهند حيث سيصبح نمو المدن أسرع.

وكتب توماس المكويست من مركز أبحاث المرونة في ستوكهولم والمحرر العلمي بقسم التنوع الحيوي والمدن "التنوع الحيوي الثري يمكن ان يوجد في المدن وهو بالغ الأهمية لرفاهية وصحة الناس." ووفقا لتقييم اتفاقية الامم المتحدة للتنوع البيولوجي فان عدد سكان المدن في العالم يتوقع ان يزيد من أكثر قليلا من 3.5 مليار نسمة الان الى 4.9 مليار نسمة بحلول 2030 .

وأضاف انه في نفس الوقت فان المساحة التي ستغطيها المدن ستتسع بنسبة 150 في المئة. ووفقا للتقرير الذي صدر ليتزامن مع اجتماع للامم المتحدة بشأن التنوع الحيوي في حيدر أباد بالهند "يتوقع ان يتحقق معظم هذا النمو في مدن صغيرة ومتوسطة الحجم وليس في المدن الكبيرة جدا." وأضاف التقرير ان زيادة المساحات الخضراء في المدن يمكن ان تحجب التراب والتلوث وتمتص ثاني اكسيد الكربون الذي يحتجز الحرارة. وأظهرت بعض الدراسات ان وجود الاشجار يمكن ان يساعد في تقليل حالات الاصابة بالربو والحساسية لدى الاطفال الذين يعيشون بالقرب منها. بحسب رويترز.

وذكرت الدراسة ان المدن موطن أيضا لأنواع كثيرة من الحيوانات والنباتات. وأكثر من 65 في المئة من انواع الطيور في بولندا توجد في العاصمة وارسو. وفي جنوب افريقيا تحيط بلدية كيب تاون بالحديقة القومية الغنية بالحياة البرية. وفي الولايات المتحدة تقع الحديقة القومية ساجوارو خارج تكسون مباشرة.

على صعيد متصل أعلنت البرازيل زيادة مساحة محمياتها عشرة آلاف كيلومتر مربع، داعية إلى متابعة الجهود الهادفة إلى حماية البيئة على الرغم من الأزمة الاقتصادية،. ووقعت الرئيسة ديلما روسيف بمناسبة اليوم العالمي للبيئة، سلسلة من المراسيم لتوسيع مساحة المناطق المحمية وأراضي السكان الأصليين ولتحديد معايير "خضراء" للمشتريات الحكومية من السلع والخدمات والتي تمثل 16% من إجمالي الناتج المحلي.

وبذلك ستبلغ مساحة المناطق المحمية 770 ألف كيلومتر مربع، بما في ذلك محميات الهنود من السكان الاصليين، بحسب وزارة البيئة. وأشارت روسيف الى أن "البرازيل تضم 75% من كل المحميات البيئية المحدثة في العالم منذ سنة 2003". يذكر أن روسيف التي عارضت مؤخرا قانونا مثيرا للجدل يقضي يحد من حماية غابة الأمازون، قد أعلنت أيضا عن تحقيق تراجع تاريخي لإزالة اشجار الغابات في سنة 2011. وبلغت مساحة الغابات المزالة 6418 كيلومترا مربعا سنة 2011، مقابل 27 ألف كيلومتر مربع سنة 2004. وقالت إن "أكثر من 80% من نباتات الأمازون لم يتعرض للأذى وانخفضت إزالة الغابات بنسبة 78% بين العامين 2004 و2011". وأضافت "لا يمكن أن تكون الأزمة (الاقتصادية) حجة لتعليق تدابير حماية البيئة ولا حجة لتعليق سياسات الدمج الاجتماعي".

الطاقة النظيفة

في السياق ذاته قال تقرير أعد بناء على طلب من نشطاء في مجال البيئة إن ثورة خضراء لجعل الطاقة بالاتحاد الأوروبي خالية بشكل شبه كامل من انبعاثات الكربون بحلول 2050 ستؤدي لتوفير ثلاثة تريليونات يورو (3.9 تريليون دولار) من نفقات الوقود. وخلص باحثون من مركز الطيران الألماني دي.إل.آر الذي يتخصص أيضا في الطاقة والنقل إلى أن التحول في مصادر الطاقة سيوفر أيضا نحو نصف مليون وظيفة جديدة بحلول 2020.

وأصدر الاتحاد الأوروبي تشريعا لضمان أن تشكل المصادر النظيفة 20 بالمئة من سلة الطاقة بحلول 2020 كأحد ثلاثة أهداف بيئية. لكنه لم يتوصل بعد لاتفاق بشأن أهداف ملزمة لما بعد 2020 لكن خططا غير ملزمة تتضمن ضرورة أن تصبح الطاقة المستخدمة في توليد الكهرباء خالية من الكربون بحلول 2020. ويحدد تقرير تطور الطاقة لعام 2012 الذي أعد بناء على طلب من منظمة السلام الأخضر والمجلس الأوروبي للطاقة المتجددة خطوات للوصول لطاقة خالية تماما من الكربون. وتشمل الخطوات خفض الطلب على الطاقة من خلال رفع الكفاءة وزيادة الاستثمار في طاقة الرياح والطاقة الشمسية والغاء الدعم على مصادر الطاقة عالية الكربون مثل الفحم.

ويرى التقرير أن إحداث هذا التحول في قطاع الطاقة يتطلب استثمار نحو 99 مليار يورو من الآن وحتى 2020 لكنه يقول إن المكاسب المالية ستكون أكبر بكثير. وقال التقرير "لأن الطاقة المتجددة لا تتضمن تكلفة للوقود فإن سيناريو تطور الطاقة سيخفض تكلفة الوقود إجمالا بنحو 3010 مليارات يورو بحلول 2050 أو 75 مليارا سنويا." وهناك فائدة أخرى هي خلق فرص عمل. وخلص التقرير إلى أن الاعتماد الكامل على الطاقة النظيفة سيتيح نصف مليون وظيفة إضافية مقارنة مع العمل بالأساليب المعتادة حيث أن الطاقة المتجددة تتطلب مزيدا من العمالة مقارنة مع الاستمرار في استخدام الوقود الاحفوري. بحسب رويترز.

وتتطلب الثورة الخضراء إرادة سياسية ويطالب التقرير الاتحاد الأوروبي بالاتفاق على أهداف جديدة لما بعد 2020 لخفض استخدام الكربون بنسبة 20 بالمئة وتحسين كفاءة الطاقة بنسبة 20 بالمئة والاعتماد على مصادر نظيفة للحصول على 20 بالمئة من الطاقة. وقال التقرير "استمرار الأهداف الثلاثة الناجحة لعام 2030 سيؤدي لاستقرار في القطاع ويوجه الاستثمارات لتقنيات الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة ويحقق الطموحات الضرورية بشأن المناخ."

تغير المناخ يزيد حرائق

الى جانب ذلك قال باحثون إن تغير المناخ سيجعل حرائق الغابات في غرب الولايات المتحدة مثل تلك التي تستعر الآن في أجزاء من كولورادو ونيو مكسيكو أكثر تواترا خلال الثلاثين عاما القادمة. وكتب العلماء في دورية (ايكوسفير) "Ecosphere" وهي من منشورات جمعية البيئة الأمريكية أنه على نطاق أوسع ستشهد تقريبا كل أمريكا الشمالية ومعظم أوروبا زيادة في عدد حرائق الغابات بحلول عام 2100.

وباستخدام سجلات الحرائق المستندة إلى الاقمار الصناعية و 16 نموذجا مختلفا لتغير المناخ توصل فريق دولي من الباحثين إلى أن حرائق الغابات ستزيد في كثير من المناطق المعتدلة الحرارة نتيجة لارتفاع درجات الحرارة الا ان خطر الحرائق قد يقل فعليا حول خط الاستواء وخاصة في الغابات الاستوائية المطيرة وذلك بسبب زيادة هطول الأمطار.

وقال ماكس موريتز الذي اشرف على الدراسة من جامعة كاليفورنيا-بيركلي "على المدى البعيد وجدنا ما لا يحمد عقباه وهو زيادة نشاط الحرائق عبر مناطق واسعة من هذا الكوكب." وقال موريتز في بيان "لكن السرعة والحدة التي قد تحدث بها هذه التغيرات تثير الدهشة. فهذه التغيرات المفاجئة في أنماط الحرائق لا تؤثر على معيشة الناس فحسب لكنها تزيد أيضا الضغط على النباتات والحيوانات التي تكافح بالفعل للتكيف مع ضياع الموئل." بحسب رويترز.

وقالت كاثرين هايهوي التي شاركت في الدراسة من جامعة تكساس التكنولوجية إن هذه الدراسة تعطي منظورا عالميا فريدا لأنماط الحرائق في الآونة الاخيرة وعلاقتها بالمناخ. ويتوقع علماء المناخ ومن بينهم علماء لجنة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ حرائق غابات على نحو أكثر تواترا على الارجح في ظل ارتفاع درجات حرارة العالم. وقال العلماء إن الآثار الأخرى لظاهرة ارتفاع درجة حرارة الارض تشمل المزيد من العواصف الشديدة والفيضانات ونوبات الجفاف.

انقراض أشجار النخيل

من جهة اخرى ووفقاً لأحدث قائمة حمراء تضم أنواع الكائنات المهددة، والتي أصدرها مؤخراً الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، تعد 83 بالمائة من أنواع النخيل في مدغشقر مهددة بالانقراض، علماً أنها مصدر حيوي للغذاء ومواد البناء على حد سواء. وتضم مدغشقر 192 نوعاً من شجر النخيل الفريد من نوعه والموجود فقط على هذه الجزيرة. وتستخدم أشجار النخيل من قبل المجتمعات المحلية لبناء المنازل، موفّرةً القش والأخشاب، فضلاً عن صناعة الأواني للاستخدام اليومي، واستخراج الأدوية.

وقال وليام بيكر، رئيس المجموعة المتخصصة في النخيل في الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة ورئيس أبحاث النخيل في الحدائق النباتية الملكية في كيو بمدينة لندن، أن قلوب النخيل مصدر "هام" للتغذية في جميع أنحاء العالم. وأضاف أنه "بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في المجتمعات النائية والريفية، تعتبر قلوب النخيل مصدر غذاء مجاني ويتمتع بقيمة غذائية عالية. لا أعرف إذا كانت لهذا صلة بتضاؤل مصادر الغذاء، ولكن في المناطق النائية ذات التربة غير الملائمة أو الممارسات الزراعية غير الكافية، تعتبر قلوب النخيل مادة غذائية تكميلية هامة". وتحتوي قلوب النخيل على نسبة منخفضة من الدهون، وهي توفر الألياف، وتعتبر مصدراً للبوتاسيوم والبروتين والفيتامين سي والكالسيوم والحديد والمغنيسيوم والمنغنيز والزنك.

وأضاف بيكر: "تصورنا هو أن استخدام النخيل الآن غير مستدام بالنسبة لكثير من الأنواع، ويزداد هذا الأمر تعقيداً بسبب فقدان المساكن في الوقت الحالي، الذي يرجع أساساً إلى الزراعة القائمة على القطع والحرق. وبينما كان استغلال النخيل مستداماً في الماضي، فإن الموازين قد اختلت الآن مع تزايد الضغط على منطقة المساكن المتناقصة وأشجار النخيل المتبقية. لذلك نحن في دائرة مغلقة من ردود الفعل السيئة؛ إذ يهدد الناس وجود النخيل، ويؤدي تناقص النخيل إلى تهديد سبل العيش".

''لذلك نحن في دائرة مغلقة من ردود الفعل السيئة؛ إذ يهدد الناس وجود النخيل، ويؤدي تناقص النخيل إلى تهديد سبل العيش'' والجدير بالذكر أن معدلات الفقر في مدغشقر ترتفع منذ عام 2009، عندما أطاح أندري راجولينا بدعم من الجيش الرئيس مارك رافالومانانا الذي كان قد فاز بالانتخابات مرتين متتاليتين. ويعيش الآن أكثر من ثلاثة أرباع سكان البلاد البالغ عددهم 20 مليون نسمة على أقل من دولار أمريكي واحد يومياً، وفقاً للإحصاءات الحكومية، بعد أن كانت هذه النسبة لا تتعدى 68 بالمائة قبل الانقلاب العسكري. وتقدر معدلات الفقر في المناطق الريفية بأكثر من 80 بالمائة.

ويعتبر الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة أن أحد أنواع النخيل، وهو رافينيا ديليكاتولا، "مهددٌ بالانقراض". إنه "معروف في موقع واحد فقط، ولكن هذا الموقع ليس محمياً ويتعرض للتهديد من قبل السكان المحليين الذين يقومون بتطهير الغابات لزراعة الأرز، وعمال المناجم الذين يبحثون عن المعادن والأحجار الكريمة مثل الياقوت". وقد انضمت مؤخراً شجرة نخيل الطحينة (الطحينة المنظارية)، المعروفة أيضاً باسم نخيل الانتحار، إلى قائمة الأنواع المهددة بالانقراض للمرة الأولى، بسبب وجود 30 شجرة ناضجة فقط من هذا النوع في البرية. وذكر بيكر أن "غالبية أشجار النخيل في مدغشقر تنمو في الغابات المطيرة بالجزء الشرقي من الجزيرة، التي تناقصت إلى أقل من ربع حجمها الأصلي ولا تزال أجزاء منها تختفي". بحسب شبكة إيرين.

ومن جهتها، قالت جين سمارت، مديرة قسم حفظ التنوع البيولوجي العالمي في الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، في بيان لها "إن الإحصاءات الواردة عن النخيل في مدغشقر مرعبة حقاً، خاصةً وأن فقدان النخيل يؤثر على التنوع البيولوجي الفريد للجزيرة وعلى شعبها أيضاً. وهذا وضع لا يمكن تجاهله". وأكد بيكر أن استنزاف النخيل في مدغشقر "من المرجح أن يكون له تأثير كبير على الشبكة الإيكولوجية. كما أن تدهور الغابات بسبب قطع الأخشاب وما إلى ذلك يعتبر مشكلة حقيقية بالنسبة لأشجار النخيل لأنها معرضة للخطر عند زراعتها ومعظمها لن ينبت أو ينضج إلا تحت مظلة الغابات".

تغريم شركة غيبسون

في السياق ذاته وافقت شركة "غيبسون" المعروفة عالميا بغيتاراتها الأسطورية على دفع غرامة بقيمة 300 ألف دولار بسبب استيرادها خشب الأبنوس بطريقة غير شرعية من مدغشقر والهند لتصنيع الات الغيتار، على ما أعلنت الحكومة الأميركية. وجاء في الاتفاق الذي عقدته الشركة مع وزارة العدل أن "غيسبون" تعفى من الملاحقة القضائية لكن عليها أن تدفع 50 ألف دولار لإحدى جمعيات حماية البيئة بغية المساهمة في حماية الأخشاب الثمينة.

وكانت السلطات الأميركية قد فتحت تحقيقا بعد اشتباهها في أن الشركة خرقت قانونا أميركيا يحظر استيراد الأخشاب التي تم تصديرها في إطار عمليات تنتهك قوانين بلد آخر. وفي أواخر آب/أغسطس 2011، فتشت الشرطة مقر الشركة التي تصنع الغيتارات الشهيرة "ليس بول" و"إبيفون" وغيتارات أخرى يستعملها بي بي كينغ وبول مكارتني وإريك كلابتون وبوب مارلي وجون لينون. وأقرت شركة "غيسبون بأنها لم تتحرك بعد إعلامها بأنها قد تكون خرقت القوانين التي تفرض قيودا على الاستثمار المفرط في الأخشاب الثمينة عندما استوردت خشب الأبنوس من مدغشقر". وبعيد تفتيش الشرطة مقر الشركة، دفع مديرها العام ببراءته مؤكدا أنه لم يقم بأي عملية تهريب".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 9/كانون الأول/2012 - 24/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م