الخبرة الإدارية والقانونية... إلزامية أم اختيارية

علي إسماعيل الجاف

يعرف الإنسان الكثير عن معنى الروتين والبيروقراطية الإدارية والقانونية كونه يمر بها عندما يحتاج أكمال معاملة ما او يقدم طلبا" ما او يسعى لإكمال اجراء اداري او قانوني مطلوب منه، لكنه لا يعرف شيئا" عن الروتين الذي يحدث داخل المؤسسة، الهيئة، الدائرة، الوزارة وسببه الموارد البشرية التي تدير تلك الإجراءات وتحولها وفق مزاجات وأهواء ذاتية وشخصية لا تؤخذ بنظر الاعتبار حاجة المواطن او المراجع بعين الاعتبار. واذا لاحظنا ان الإعمال: المذكرات، الكتب، الأوامر، التعميم، البيان، المنشور،... الخ تمثل مراسلات ومحررات او ما تعرف "بالمخاطبات الإدارية" التي يستغرق أكمال الواحد منها ثلاثة أيام كتحرير، وليس انجاز (نقصد تحرير، تهميش، تذيل، طباعة، موافقة، توقيع، تصدير، توزيع، واستلام وتسليم).

ما ذكر اعلاه شيئا" بسيطا" ككلمات وتعابير لكنها صعبة كممارسة وتطبيق، فيمر صاحب الطلب او الحاجة لعشرون شخصا" لتوقيع معاملة صرف، بغض النظر عن الموافقات الأولية، وتأخذ فترة زمنية طويلة لحين الصرف... والسبب وجود ضوابط واستمارات او اجتهادات او تعليمات داخلية تقوم بها مؤسسة او دائرة او وزارة وتتجاهلها أخرى، ولا نعرف ما هو السبب هل السبب في وجود قائد في جهة ومدير في أخرى؟! الفرق بين القائد والمدير واضحا"، اي ان القائد: "هو الشخص الذي يولد ويملك مؤهلات وخبرات وكفاءة لا يمتلكها الآخرون داخل الهرم المؤسساتي؛ بينما المدير: "هو الشخص الذي يتسلم منصبا" ما من خلال الترشيح او الانتخاب او الاختيار." فبلدنا اليوم بحاجة الى القائد وليس المدير لأنه رجل ميداني، ويتطلب العمل الميداني تفعيل دور المتابعة، المراقبة، التقييم والتقويم. كذلك العمل بمفهوم أدارة الوقت التي تعتمد على الزمن في الأداء والانجاز.

فالعالم المتطور ألغى العلاقة بين طالب الخدمة ومقدم الخدمة، واستحدث ما يعرف "العلاقات العامة" و"ادارة الوقت" في مؤسساته الخدمية والإنتاجية كون العلاقات العامة تم مزاولتها أيام والي مصر عندما كان مسئولا" عن توزيع الحنطة والقمع على الناس بصورة عادلة. اذن العلاقات العامة هي علم من العلوم الإنسانية انبثق لتلبية حاجة الإنسان وإرضائه. لكن تلك الحاجة اذا تركت دون ان يكون هناك وقتا" محددا" لانجازها فلا قيمة لها، أي الإسراع في تلبية الحاجة دون إزعاج الإنسان بما يعرف حديثا" "الروتين الإداري". ونحن اليوم بحاجة الى استحداث العلاقات العامة وإدارة الوقت في مؤسساتنا ودوائرنا ووزاراتنا، وكذلك يقوم الغرب باعتماد السيرة الذاتية في تقيم خبرة الإنسان او ما يعرف ب"CV" الى المتقدم لأشغال منصبا" او مركزا" او موقعا" ما.

وعلى أساسه يتم اختيار المتقدم من حيث: القدرة الخطابية، فن الإلقاء، فن الاتصال والتعامل، فن المهارة في القيادة والإدارة، العلاقات العامة، أدارة الوقت، القوانين الإدارية والقانونية، قانون الخدمة المدنية او موظفي الدولة، المراسلات والمحررات واللغة، تكنولوجيا المعلومات وفن المراسلات الحديثة، والقابليات والقدرات الفردية، وكل هذا يركز على الممارسة والجانب العملي كون القضايا النظرية محدودة ولا يمكن الاعتماد عليها في الإدارة الحديثة حتى لو كان صاحبنا برفيسورا" في اختصاصه لأنه لن يكون مؤهلا" وكفوء"، وإنما سيكون ضحية ماسحي الأكتاف!

ونقصد بالخبرة: "القدرة، المهارة، الكفاءة، المؤهل العلمي، البحوث والدراسات، القابلية، الاستعداد، الممارسة الفعلية والعملية والميدانية والتدرج الوظيفي والهرمي في سلسلة العمل الوظيفي والإداري." فلكل واحدة من الكلمات أعلاه تفسيرا" ومفهوما" وتعريفا" يختلف عن الأخر، ولكن كلها تعطي فكرة واضحة عن ذلك الشخص ففي حالة امتلاكه للكفاءة والشهادة العلمية وافتقاره للخبرة والعمل الميداني والوظيفي سيكون ضحية "ماسحي الأكتاف" في التعلم واكتساب المهارة والخبرة.

 وهنا نقول يجب ان يكون للتدريب والتطوير دورا" مهما" في الاكتساب المعرفي وفق الرؤيا المعيارية والنموذجية. فالتدريب يعني: "تغير سلوك الفرد مما هو عليه الى ما هو أفضل وفق سقف زمني وهدف محدد." اما التطوير يعني: "تغير وتمكين وتأهيل الفرد وفق استراتيجيات وبرامج وخطط دون ان يكون هناك سقف زمني وإنما وجود غاية. وبالحقيقة، الفرق بين الهدف والغاية يجب ان يكون مفهوما" لان الهدف يعني: "تحقيق شيئا" ما وفق سقف زمني محدد."

بينما الغاية تعني: "تحقيق شيئا" ما دون ان يكون هناك سقفا" زمنيا" محددا"." ويقول جون سمث حول القائد والمدير الأتي: "ان المدير الذي يجلس على كرسيه أكثر من ثلاثة ساعات فهو رجل" مكتبي" وليس رجل" ميداني"."

"Field Experience enables workers to integrate their academic studies with periods of employment related to their career goals." (Marist College)

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6/كانون الأول/2012 - 21/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م