الهجرة الى أوروبا... دائماً على حافة الخطر

 

شبكة النبأ: يُقدم كثير من الشباب على الهجرة وذلك للبحث عن فرص أفضل في الكثير من المجالات، لكن طريق الهجرة مليء بالعقبات، وبالتالي سيكتشف المهاجرون بأن الحياة  ليست سهلة في بلاد المهجر وان أحلامهم أصبحت وهم الحياة السعيدة، إذ بلغت نسبة المهاجرين اليوم واحد من كل سبعة أشخاص في العالم. أي أن نحو 215 مليون مهاجر يعبرون الحدود الدولية، حيث أصبحت ظاهرة الهجرة خطر كبير على المهاجرين وبلدان المهجر على المستويات كافة، في حين يعد شباب أفريقيا اكثر من يعتزمون الهجرة وبأي ثمن، ولكنهم لا يملكون إلا القليل من المعلومات حول تفاصيل رحلتهم أو نوع الوظيفة التي سيعملون بها بعد وصولهم إلى وجهتهم. فأن الناس الذين يستوفون تعريف اللاجئ يختبئون في وسط مجموعات كبيرة من المهاجرين على نحو متزايد، وهذه الهجرة المختلطة تزيد من صعوبة تقديم العون للاجئين، مما تضعهم في خطر مستدام ومستقبل مجهول.

هجرة الأفارقة

فقد تم انقاذ اكثر من 40 افريقيا كانوا يحاولون دخول اسبانيا على متن زوارق صغيرة عند مضيق جبل طارق، في وقت تزداد هذه المحاولات التي انتهت بمقتل 16 شخصا في الأيام الأخيرة. وقال متحدث باسم اجهزة الانقاذ البحري في اقصى جنوب اسبانيا لفرانس برس "عثرنا على 37 شخصا على متن ستة زوارق: 32 رجلا واربع نساء وقاصر. وقد انقذت دورية مغربية خمسة اشخاص على متن زورق أخر".

وقضى 14 مهاجرا غير شرعي كانوا ابحروا في زورق صغير من المغرب محاولين عبور مضيق جبل طارق لبلوغ السواحل الاسبانية، في حين تم انقاذ 17 اخرين. وعثر ايضا على جثتي مهاجرين افريقيين خلال عملية في البحر اتاحت انقاذ نحو خمسين شخصا كانوا يحاولون الوصول الى اسبانيا انطلاقا من المغرب. وتتزامن محاولات الوصول الى اوروبا بحرا انطلاقا من افريقيا مع ازدياد محاولات مئات المهاجرين اختراق السياج الحدودي الفاصل بين المغرب ومدينة مليلية الاسبانية التي تشكل بالنسبة الى العديد من المهاجرين من افريقيا جنوب الصحراء مدخلا لاوروبا.

من جهة اخرى انتشل خفر السواحل الايطاليون جثث ثلاث نساء قضين اثر غرق سفينة للمهاجرين كانت في طريقها الى ايطاليا بين السواحل الليبية وجزيرة لامبيدوزا، وفق ما افادت وكالة انسا الايطالية للانباء. كما انقذ خفر السواحل 62 رجلا وثماني نساء احداهن حامل، تم نقلهن على متن سفينة تابعة لوحدة من البحرية الايطالية وهم في طريقهم حاليا الى جزيرة لامبيدوزا الصغيرة، وفق انسا التي لم توضح جنسية الضحايا او الناجين. بحسب فرنس برس.

وتواصل سفينتان تابعتان لخفر السواحل اعمال البحث في موقع غرق السفينة على بعد 35 ميلا بحريا من ليبيا و140 ميلا من لامبيدوزا في اقصى جنوب ايطاليا. وجرى اخطار السلطات بالحادثة بعد اتصال عبر الاقمار الاصطناعية. ثم قام خفر السواحل باعلام السلطات المالطية والليبية، وقامت طائرة مالطية بتحديد موقع السفينة. وشهدت ايطاليا خلال فترة ما يعرف بالربيع العربي ارتفاعا في عدد سفن المهاجرين الى سواحلها الجنوبية خصوصا في لامبيدوزا وكالابريا وبوليا. وقد هاجر ثمانية الاف شخص الى السواحل الايطالية بين كانون الثاني/يناير وايلول/سبتمبر 2012، وفق ما اعلنت الحكومة الايطالية في ايلول/سبتمبر.

على صعيد متصل اعتقلت سلطات الهجرة البريطانية، 3 مهاجرين غير شرعيين، حاولوا التسلل إلى المملكة المتحدة داخل توابيت على متن شاحنة. وقالت صحيفة "ديلي إكسبريس" البريطانية، إن عناصر وكالة الحدود البريطانية، المسؤولة عن الهجرة، أُصيبوا بالدهشة حين اكتشفوا الرجال الثلاثة على متن شاحنة مليئة بالتوابيت آتية من بلغاريا، وكان الاكتشاف بمثابة هدية لهم لمناسبة عيد الأشباح (هالوين).

وأضافت أن المهاجرين غير الشرعيين الثلاثة، مواطنين أرتيريين، واكتشفهم كلب بوليسي يدعى (ميتزي) يستخدمه عناصر وكالة الحدود البريطانية داخل التوابيت على متن حافلة تحمل شحنة منها إلى شركة لدفن الموتى في لندن. وأشارت الصحيفة إلى أن عناصر وكالة الحدود البريطانية اكتشفت الأرتيريين الثلاثة في ميناء دنكرت بشمال فرنسا قبل دخول شاحنة التوابيت الأراضي البريطانية، وقامت بتسليمهم لشرطة الحدود الفرنسية. ونسبت الصحيفة إلى المدير بوكالة الحدود البريطانية، بول مورغان، قوله، "هذا الاكتشاف غير عادي، وكانت عناصرنا في الماضي تعثر على الناس مختبئين داخل مجموعة مختلفة من البضائع، من بسكويت الكلاب وحتى أحواض الاستحمام، والآن في التوابيت".

الخطوط الحصينة

في السياق ذاته تقوم السلطات اليونانية حالياً بإنشاء سور يمتد لمسافة 12 كيلومتراً على طول إحدى نقاط العبور حتى أشهر قليلة مضت كانت منطقة الحدود اليونانية مع تركيا التي تمتد لمسافة 200 كيلومتر تمثل الصدع الأكبر في جدران "أوروبا الحصينة" إذ كانت تلك الحدود هي النقطة التي دخل منها غالبية المهاجرين غير الشرعيين إلى الاتحاد الأوروبي. يتجمع المئات من المهاجرين كل ليلة على ضفاف نهر إيفروس الذي يفصل بين الدولتين حيث يقوم المهربون بحشرهم داخل قوارب صغيرة ثم يدفعون بهم في النهر.

ويعني الوصول إلى الجانب الآخر من النهر الوصول إلى أوروبا. وخلال الفترة من بداية عام 2010 وأغسطس 2012 تمكن ما لا يقل عن 87,000 شخص من القيام بتلك الرحلة بنجاح، وفقاً لما ذكره العميد جورجيوس سلاماجاس، رئيس مديرية أمن أوريستيادا في منطقة إيفروس باليونان. وقال سلاماجاس: "تواجه منطقتنا منذ عام 2010 مشكلة مع الهجرة السرية. لقد كانت الأعداد هائلة.... وقد عشنا هنا مع أزمة إنسانية ممتدة".

وبعد التمكن من عبور النهر، يقوم المهاجرون عادة بتسليم أنفسهم إلى أقرب مركز للشرطة. وبعد إجراء عملية تسجيل سريعة، يتم إعطاء معظمهم وثيقة تمنحهم 30 يوماً لمغادرة البلاد ثم يتركون في حال سبيلهم. وينتهي المطاف بالعديد من المهاجرين بالاختباء على ظهر القوارب المتجهة إلى إيطاليا أو يدفعون للمهربين من أجل أخذهم إلى جهات أخرى في أوروبا. أما الأقل حظاً أو الأقل مالاً منهم فينتهي بهم الأمر في شوارع أثينا أو المدن اليونانية الأخرى، ليجعل منهم حزب الفجر الذهبي اليميني المتطرف ذو الشعبية المتزايدة كبش فداء للعديد من العلل بدءاً من الأزمة المالية في اليونان وحتى ارتفاع معدلات الجريمة في البلاد.

وفي بداية أغسطس وتحت ضغط متصاعد من الشعب اليوناني والاتحاد الأوروبي، أطلقت الحكومة عملية لسد الثقوب في حدود البلاد مع تركيا حيث تم إرسال 2,000 عنصر إضافي من رجال الشرطة للقيام بدوريات في المنطقة. ويقترب حالياً الانتهاء من إنشاء سور يمتد لمسافة 12 كيلومتراً على طول إحدى نقاط العبور الأكثر استخداماً. كما يواجه حالياً كل مهاجر غير شرعي يتم العثور عليه بالقرب من الحدود الاعتقال والاحتجاز.

وقال سلاماجاس أنه "يتم القبض على كل شخص يدخل إلى الأراضي اليونانية. وإذا طلب حق اللجوء يظل رهن الاحتجاز حتى نتمكن من دراسة طلبه. أما بالنسبة للذين سيتم ترحيلهم فإنهم يظلون في الاحتجاز لمدة تصل إلى ستة أشهر وهي فترة يمكن تمديدها لستة أشهر أخرى بموافقة النائب العام". وكان لتلك التدابير تأثيرات كبيرة، فبينما تم رصد 6,000 مهاجر يعبرون الحدود في يوليو، حاول 70 مهاجراً فقط العبور في شهر سبتمبر.

وقد أعلنت السلطات اليونانية عن نجاح العملية لكن تساؤلات تدور حول ما إذا كانت تلك التدابير إنسانية أو فعالة في ردع المهاجرين العازمين على الوصول إلى أوروبا. وقالت كيتي كاهايولو، المتحدثة الرسمية باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليونان أن "جهود إغلاق الحدود في إيفروس تثير القلق لأنها تعني أن اللاجئين الحقيقيين أيضاً لا يمكنهم العبور. الجدران ووسائل الردع الأخرى لن توقف الناس عن القدوم لأنهم سيبحثون عن طرق أخرى أكثر خطورة".

وهناك بالفعل أدلة على أن المهاجرين ومهربيهم قد قاموا ببساطة بالتكيف مع الوضع عن طريق العودة إلى الطريق البحري بين الساحل التركي وجزر بحر ايجة شرق اليونان، وهو الطريق الذي كانوا يفضلونه قبل عام 2010. وقد اعترف سلاماجاس باحتمالية أن يقوم اللاجئون بالعودة مرة أخرى إلى الحدود البرية بمجرد أن تنتهي العملية في نهر إيفروس كما فعلوا عندما انتهت في فبراير 2011 عملية سابقة مشتركة امتدت ثلاثة أشهر بين الشرطة اليونانية ووكالة الحدود الأوروبية فرانتاكس. وقد تم تمديد العملية الحالية لشهرين إضافيين، لكن من غير المرجح لها أن تستمر لأجل غير مسمى.

وتثير احتمالية إخضاع المهاجرين لإقامة أطول في مرافق الاحتجاز التي تم انتقاد ظروف الاحتجاز فيها بصورة متكررة قلق منظمات حقوق الإنسان. وقد توصل تقرير صدر في يونيو 2011 من قبل منظمة أطباء بلا حدود، وهي منظمة دولية إنسانية وطبية، إلى أن الظروف غير الإنسانية في مرافق الاحتجاز في منطقة إيفروس كانت تسبب "مشكلات صحية كبيرة". إضافة إلى ذلك، أفادت محكمة العدل الأوروبية في حكم صدر العام الماضي بأنه لا ينبغي على دول الاتحاد الأوروبي الأخرى أن تعيد طالبي اللجوء إلى اليونان- كما هو مطلوب بموجب لائحة دبلن- بسبب ظروف الاحتجاز السيئة هناك.

وقد ذكر سلاماجاس قائمة الإصلاحات التي تم القيام بها في العديد من مرافق الاحتجاز في المنطقة العام الماضي بما في ذلك تركيب مراحيض ونظم تدفئة جديدة. وأضاف قائلاً: "لا نحصل على تعاون من جانب المهاجرين المحتجزين. ففي خلال محاولاتهم للحصول على الحرية يتسببون في العديد من الأضرار". وقد اعترف مارجاريتيس بيتريتزيكاس، المحامي في المجلس اليوناني للاجئين الذي يقوم بزيارة مراكز الاحتجاز في إيفروس بصورة منتظمة، بأن هناك بعض التحسن لكنه قال أن المشكلات مازالت قائمة. وقال بيتريتزيكاس أن "جودة الطعام والكميات التي تقدم للمحتجزين غير كافية"، مضيفاً أن بعض المرافق تفتقر إلى الضوء الطبيعي أو المناطق الخارجية التي يمكن للمعتقلين ممارسة الرياضة فيها.

وقد انتقد الاتحاد الأوروبي مرافق احتجاز المهاجرين في اليونان وسهولة اختراق حدودها وسوء معالجة قضية طالبي اللجوء. لكن العديد من اليونانيين يتساءلون لماذا ينبغي توجيه اللوم لبلادهم- المثقلة بالفعل بأزمة ديون فظيعة- لفشلها في إدارة حصة غير متناسبة من عبء الهجرة غير الشرعية. وقال نيكيتاس كاناكيس، مدير منظمة أطباء العالم غير الحكومية في اليونان أن "ذلك نفاق كبير من قبل أوروبا. فهم يواصلون اتهامنا بسبب ما نقوم به هنا وفي الوقت نفسه لا يريدون قبول المهاجرين في بلادهم". وقد وافقت أيونا كوتسيوني، خبيرة الهجرة في منظمة أطباء بلا حدود في أثينا، على عدم التكافؤ في تقاسم هذا العبء.

ويقوم الاتحاد الأوروبي بدفع 75 بالمائة من تكاليف التدابير المشددة الحالية ضد المهاجرين غير الشرعيين في منطقة إيفروس والمناطق الأخرى. ومن خلال وكالة الحدود الأوروبية فرانتاكس، قامت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بإعارة اليونان 200 ضابط هجرة ومعدات مراقبة للمساعدة في السيطرة على الحدود. إضافة إلى ذلك، يقوم الاتحاد الأوروبي بتحمل بعض تكاليف ترحيل المهاجرين من خلال صندوق العودة الأوروبي. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية إيرين.

وقد وصفت كوتسيوني كل تلك التدابير بأنها جزء من التوجه لاعتبار الهجرة مشكلة أمنية والذي زاد بشدة في العقد الأخير وأثار تسمية "أوروبا الحصينة". وتفضل منظمات مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وأطباء بلا حدود وأطباء العالم أن ترى الاتحاد الأوروبي وهو يساعد اليونان على إنشاء مراكز استقبال إنسانية للمهاجرين وإنشاء نظام لجوء أكثر كفاءة وإصدار تشريع لإصلاح لائحة دبلن ووضع أحكام خاصة لدول مثل اليونان تتعامل مع تدفقات كبيرة للاجئين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 5/كانون الأول/2012 - 20/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م