السعودية... مملكة على حافة بركان

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: لا تبدو المملكة السعودية على مسافة بعيدة مما يجري في سوريا، على الرغم من محاولة النظام السعودي استباق الاحداث ودفع المخاطر التي تحدق به من خلال تصدير الاحتقان عبر زج الكثير من الشباب السعودي في اتون الازمة السورية الدموية.

اذ تشير التطورات الميدانية التي تشهدها بعض مناطق المملكة الى تزايد فرص قيام انتفاضة شعبية عارمة قادرة على الاطاحة بالعائلة المالكة، سيما ان دوائر المخابرات الغربية ستدعم اي حراك مدني يوافق الاجندات السياسية لدولها.

ويرى معظم المحللين السياسيين لشؤون الشرق الاوسط ان السعودية ستواجه سيناريو تسعينيات القرن الماضي، اثر عودة التنظيمات الجهادية من افغانستان، حيث من المتوقع ان تسترجع المملكة شباب سعودي متمرس في العنف حال اسدال الستار على المشهد السوري بغض النتائج الذي سيفضي اليه القتال الدائر هناك.

فيما بات الحراك المدني الحقوقي في السعودية يمثل ناقوس اعلان الانتفاض، يرافق ذلك غياب الاصلاحات السياسية او الاقتصادية، واستمرار حالة الاستبداد السلطوي الذي لن يكون بمقدار الرياض التراجع عنه بعد فوات الاوان.

اعتقالات

فقد دعت منظمة العفو الدولية السلطات السعودية الى الافراج عن 15 رجلا اوقفوا خلال تظاهرة نظمها الثلاثاء في الرياض اهالي معتقلين اسلاميين للمطالبة بالافراج عنهم. وقالت المنظمة في بيان انه "على السلطات السعودية ان تفرج فورا عن جميع الاشخاص الذين اوقفوا خلال التظاهرة الثلاثاء او توجيه اتهمامات اليهم" لمحاكتهم. وذكرت المنظمة ان الشرطة تعتقل 15 رجلا اوقفوا بالقرب من مقر هيئة حقوق الانسان في الرياض.

وتم الافراج عن حوالى 22 امراة وثمانية اطفال بعيد توقيفهم في الظروف نفسها. وكانت الشرطة فرقت الثلاثاء عشرات المتظاهرين الذين تجمعوا في الرياض للمطالبين بالافراج عن اقرباء لهم ينتمون الى التيار الاسلامي المتطرف، وبعضهم معتقل من دون محاكمة.

وقال المدير الاقليمي للمنظمة فيليب لوثر في البيان ان "المشاركة في تظاهرة سلمية او انتقاد السلطات بسبب معاملة اقرباء معتقلين لا يمكن ان يشكل سببا مشروعا للتوقيف والاعتقال".

وتمنع السعودية التظاهر. وفي 16 تشرين الاول/اكتوبر، دعت منظمة العفو الدولية الرياض الى احترام حق السعوديين بالتظاهر بحرية و"الكف عن الاعتقالات واللجوء الى القوة المفرطة مع الذين يمارسون هذا الحق".

وذكر ناشطون ان قوات الأمن السعودية ألقت القبض على عشرات الرجال والنساء والأطفال يوم الثلاثاء بعد ان شاركوا في احتجاج نادر أمام مكتب منظمة لحقوق الانسان في الرياض مطالبين بالافراج عن أقارب معتقلين.

والاحتجاجات محظورة في المملكة لكن اقارب معتقلين يتجمعون من حين لاخر امام مكاتب حكومية للمطالبة بالافراج عنهم قائلين إنهم محتجزون منذ فترات طويلة دون محاكمة.

وقال ناشط يدعى علي الحطاب لرويترز من العاصمة السعودية انهم احتجزوا ستة أطفال و23 امرأة ونحو 30 رجلا.

ونشر ناشطون صورا على موقع اجتماعي تظهر قوات الامن وهي تحيط بحشد من الأشخاص. وتقول السعودية التي كانت هدفا لهجمات شنتها القاعدة ان جميع السجناء محتجزون لأسباب أمنية. ويقول ناشطون ان البعض محتجز أيضا بسبب ممارسة انشطة سياسية محضة ولم توجه لهم أية اتهامات.

وقالت الحكومة في السابق ان السجناء بسبب اتهامات تتعلق بالارهاب يخضعون لاجراءات قضائية نزيهة وأن اي اقارب يحتجون يتم منعهم والتعامل معهم طبقا للاجراءات القانونية.

وأدانت المملكة الشهر الماضي 15 رجلا وحكمت عليهم بالسجن لمدد تتراوح بين ثلاثة ايام و15 يوما بتهمة المشاركة في مظاهرة امام أحد السجون في سبتمبر ايلول. وقضت المحكمة ايضا بمعاقبة هؤلاء الرجال بالجلد ما بين 50 و90 جلدة مع وقف التنفيذ والسجن ما بين شهرين وخمسة اشهر مع وقف التنفيذ.

وأعرب الناشط علي الحطاب عن اعتقاده بأن مثل هذه الاعمال تزيد الوضع سوءا وان ترهيب العائلات والتصدي لهم لن يجعلهم يتراجعون عن مطالبهم باقامة محاكمات عادلة لذويهم.

ولم تشهد المملكة العربية السعودية احتجاجات على غرار احتجاجات الربيع العربي التي اطاحت بأربعة زعماء عرب منذ بداية العام الماضي لكن مظاهرات صغيرة تخرج من حين لاخر في المنطقة الشرقية حيث تعيش الاقلية الشيعية بالمملكة. ويشكو الشيعة من التمييز وهو ما تنفيه السلطات السعودية.

هيومن رايتس

كما دعت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان السعودية إلى الكف عن ملاحقة المواطنين قضائيا ومعاقبتهم بسبب مشاركتهم في احتجاجات سلمية.

وألقت قوات الأمن القبض على عشرات الرجال بعد ذلك الاحتجاج الذي نظم يوم 23 سبتمبر أيلول قرب سجن الطرفية في وسط البلاد للمطالبة بإطلاق سراح أقاربهم المحتجزين. وقال متظاهرون ونشط حقوقي إن الشرطة منعت وصول أي طعام أو شراب إلى المتظاهرين وبينهم نساء وأطفال لما يقرب من يوم كامل.

وقال جو ستورك نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش "بدلا من التصدي للمشاكل التي أعرب عنها المتظاهرون استخدمت الحكومة السعودية نظامها القضائي في عقابهم." وأضاف "تعتبر هذه العقوبات المنزلة بهم جزءا من جهد أوسع لاستهداف ومضايقة النشطاء في كافة أنحاء المملكة."

وقالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات السعودية لم تتهم المحتجين بالقيام بأعمال عنف أثناء الاعتصام. وتقول السعودية إن أقارب المتظاهرين محتجزون جميعا لأسباب أمنية. غير ان نشطاء يقولون إن بعضهم محتجزون لقيامهم بنشاط سياسي خالص ولم توجه إليهم أي تهمة.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات السعودية تتخذ إجراءات صارمة ضد النشطاء الذين ينظمون مظاهرات سلمية في مختلف أنحاء المملكة بما في ذلك العاصمة الرياض.

وقال نشطاء إن محكمة في الرياض قضت في أبريل نيسان بسجن النشط محمد البجادي أربعة أعوام بعد اتهامه بتشكيل جمعية لحقوق الإنسان والإضرار بسمعة المملكة والتشكيك في استقلال القضاء وحيازة كتب غير قانونية. وكان البجادي احتجز عاما دون أن يتهم بشيء بعد أن عبر عن تضامنه مع أسر المسجونين.

قتلى الاحتجاجات

الى ذلك احيا مواطنو المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية ذكرى 14 شخصاً لقوا مصرعهم اثناء احتجاجات العام الماضي، فيما أصدرت منظمة العفو الدولية دعوة إلى سلطات البلاد كي تباشر التحقيق في أعمال القتل هذه.

وفي هذا السياق، قال فيليب لوثر، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إنه "وعلى الرغم من الوعود بالتحقيق في مقتل المحتجين على يد قوات الأمن، ليس ثمة ما يشير إلى أن أمراً مثل هذا قد حدث.

وقد أشارت مصادر رسمية عموماً إلى أن الوفيات وقعت عقب استخدام المحتجين العنف ضد قوات الأمن، بما في ذلك إطلاق النار عليها، وقالت إن هذا أدى، في إحدى المرات، إلى مقتل رجلي أمن.

وشهدت البلاد مظاهرات خرجت، منذ فبراير/شباط 2011، وبصورة رئيسية في المنطقة الشرقية، ذات الأغلبية الشيعية، للاحتجاج على اعتقال أفراد من المجتمع المحلي الشيعي وسجنهم ومضايقتهم بسبب عقدهم صلوات جماعية واحتفالهم بمناسبات دينية خاصة بالطائفة الشيعية، وحديثهم عن القيود المفروضة على بناء مساجد الشيعة ومدارسهم الدينية. وقد استلهم أهالي المنطقة الشرقية مظاهراتهم، بصورة جزئية، من الاحتجاجات التي اجتاحت بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2011. وردت السلطات السعودية عليها باتخاذ تدابير قمعية ضد من اشتبهت بأنهم شاركوا في الاحتجاجات أو دعموها، وضد من أعربوا عن آراء تنتقد الدولة.

كما لجأت إلى احتجاز المحتجين دون تهمة بمعزل عن العالم الخارجي لأيام أو أسابيع في كل مرة، و أخضعتهم، في بعض الحالات حسبما ورد، للتعذيب أو لغيره من ضروب سوء المعاملة.

وقتل رجلان واصيب اثنان اخران بجروح اثناء محاولة قوات أمن سعودية اقتحام منزل للقبض على رجل في قرية العوامية بمنطقة القطيف المضطربة التي تشهد احتجاجات للاقلية الشيعية.

وكانت قوات الامن تحاول القبض على أحد 23 رجلا قالت الحكومة انهم مطلوبين لاتهامهم باثارة الاضطرابات في القطيف.

وقالت وكالة الانباء السعودية نقلا عن متحدث باسم وزارة الداخلية "عند مباشرة قوات الامن اجراءات القبض علي المطلوب .. بادر هو ومن معه من المسلحين باطلاق النار على رجال الامن فتم التعامل مع الموقف بما يقتضيه ونتج عن ذلك مقتل المطلوب.. وأحد مرافقيه واصابة اثنين من المسلحين الموجودين معه."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 3/كانون الأول/2012 - 18/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م