منشآت الثقافة الشكلية

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: نتفق على ان الثقافة تحتاج الى بنية مادية لتحديث بنيتها الفكرية وانشطتها المتنوعة لكي يتحول الفعل الثقافي الى منتج فكري يصب في صالح الوعي العام، أو الوعي المجتمعي، ونعني بالبنية المادية مجموعة المنشآت والبنيات المتنوعة التي تحتضن النشاطات الثقافية الكثيرة والمتعددة، وهي نشاطات لا تقتصر على الندوات او المهرجانات او المحافل الثقافية، بقدر ما تهدف الى استيعاب طاقات الشباب ثم غيرهم من الفئات العمرية الاخرى، لضمان عدم انحراف الطاقة الشبابية نحو مسارات مدمرة للمجتمع.

ولكي ندخل في لب الموضوع نقول أن وزارة الثقافة ووزارة الشباب والرياضة ودوائر وجهات اخرى معنية بالثقافة والشباب، دأبت منذ سنوات على انشاء العديد من البنايات والقصور الكبيرة، الهدف المعلن انها منشآت لا ستيعاب الافعال والانشطة الثقافية والرياضية الشبابية وغيرها، لكن ما أن يتم انجاز البناية حتى يتم ختم بوابتها الرئيسة بالختم الاحمر ويُقرأ عليها السلام، وكأنها بُنيت وصُرفت عليها الملايين والمليارات من أجل إمتاع النظر لا أكثر.

هذه البنايات الكثيرة التي انتشرت في معظم محافظات البلاد، رُكنت جانبا ولم يتم الاستفادة منها، ولا نعرف من يقف وراء هذا التعطيل؟؟ ولماذا، ولعل الاهمال الذي يطأ هذه البنيات يتوضح اكثر عندما نتأكد من افتقادها للخدمات، كالماء والكهرباء وسواهما، ويبدو أن هذا الامر مقصود مسبقا حتى لا يستفيد منها احد او جهة للقيام بالفعل الثقافي او سواه من الانشطة الشبابية.

والمشكلة الاكبر اننا لا نعرف من يقف وراء هذا التعطيل مع سبق الاصرار لبنايات تم تشييدها من اموال الشعب بمليارات الدنانير، ولا نعرف ايضا لماذا التعطيل اساسا؟ ثم ما الضير من فتحها للجهات والمنظمات الاهلية والمهنية والحكومية التي تستفيد منها في نشر الوعي والثقافة، فضلا عن استيعاب طاقات ومواهب واعدة شبابية وسواها، بدلا من الانزلاق المؤكد نحو الانحراف، لذا بعد طرح هذه التساؤلات وربما هناك سواها الكثير، لابد أن يتحرك المسؤولون نحو فتح هذه المنشآت لاستيعاب الانشطة الثقافية والشبابية المختلفة.

وعلى الجهات الحكومية المعنية أن تتحرك بقوة وسرعة ومسؤولية لاستثمار هذه المنشآت التي تم بناءها باموال الشعب، ولا يصح تجميد هذه الاموال الكبيرة بعد ان تم انجاز البنايات، لاسيما ان معظم المنظمات والمؤسسات الثقافية الاهلية والحكومية، تفتقر للمكان الملائم لها لكي تؤدي الانشطة الثقافية وسوها في أمكنة تليق بها، مثل القاعات الكبيرة والمسارح وساحات ممارسة الرياضات المختلفة، بالاضافة الى ايجاد مقرات للمنظمات التي تفتقد لهان وهنا كثير من المنظمات تظهر وتندثر او تبقى تراوح في أماكنها من حيث الفعل الثقافي او سواه، بسبب افتقارها للمكان أو المقر الذي تدير من خلاله أنشطتها المختلفة.

لذا فإن التنبّه الى هذه النقطة أساسيا ومهما وهو يدخل في باب الشعور بالمسؤولية ازاء المجتمع، فمن غير المعقول ان تصرف الاموال الطائلة ويتم انشاء البنايات الكبيرة، وبعد ان يتم انجازها يتم اغلاقها وتعطيلها عن الغرض من بنائها تماما، واذا كانت هناك اجراءات قانونية تتعلق بطبيعة العلاقة بين الحكومات المركزية والمحلية، وحدود الصلاحيات للوزرات وسواها، فإن من حق الحكومات المحلية ان تتصرف بهذه البنايات كونها تقع ضمن حدودها وسلطتها، وهذه البنايات لا تعود لوزارة سيادية كالكهرباء والنفط والدفاع وما شابه، لذا ندعو الحكومات المحلية الى التحرك الفوري لتوصيل الخدمات لهذه المنشآت والاستفادة منها في تفعيل الثقافة والرياضة، وكل ما يتعلق باستثمار طاقات الشباب.

وفي حالة اعتراض وزارة ما، أو جهة حكومية معينة، على استثمار هذه البنيات، فإن المحافظة المعنية عليها ان تبادر الى استثمارها، من خلال اتباع طرق قانونية مثل مفاتحة الحكومة الاتحادية او الجهات التشريعية المختصة في البرلمان لغرض اصدار التوصيات والقرارات التي تطلق سراح هذه البنايات وتنقلها من حالة الجمود الى حالى الفعل والعمل المنتج.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 2/كانون الأول/2012 - 17/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م