الحمل والولادة... بين الاهتمام والدراسة والتحذير

 

شبكة النبأ: الاهتمام بصحة المولود و الأم الحامل هي أمور أساسية وضرورية للعديد من الدول والحكومات المتقدمة التي تسعى الى خلق مجتمع سليم و متكامل، لذا فهي تسعى دائما الى توفير بيئة صحية ونموذجية تسهم بالحفاظ على صحة وسلامة الأم والجنين، هذا بالإضافة الى دعمها المتواصل الى الأبحاث والدراسات التي يقوم بها العلماء والأطباء في هذا المجال ورفدهم بكل ما يحتاجوه من أموال وأجهزة متطورة وهو ما تثبته بعض التقارير والدراسات المعلنه، وفي هذا الشأن فقد ولد نحو خمسة ملايين رضيع في العالم بفضل تقنيات الإخصاب الأنبوبي، منذ ولادة لويز براون وهي اول طفل أنبوب ولد في العام 1978، بحسب التقديرات التي عرضت الاثنين في مؤتمر في إسطنبول. وأشارت الجمعية الاوروبية للتناسل البشري وعلم الأجنة إلى أن نحو 350 ألف رضيع يولد اليوم كل سنة بفضل تقنيات الإخصاب الأنبوبي، أي 0,3% من مواليد العالم الذين يبلغ عددهم 130 مليون مولود.

ويستند رقم الخمسة ملايين المذكور إلى أرقام عمليات الإخصاب الأنبوبي المسجلة في العالم حتى العام 2008، فضلا عن تقديرات خاصة بالسنوات الثلاث ونصف السنة التالية والتي لم تتوفر بعد أي إحصاءات بشأنها. يذكر ان عملية الإخصاب الأنبوبي هي عملية إخصاب تجرى خارج جسم المراة في المختبر، ويشار بالتالي إلى مواليد هذه العمليات بأطفال الأنابيب. وقد أثارت عمليات الانجاب بمساعدة طبية جدلا محموما في بداياتها، لكنها تمكنت على مر السنين من فرض نفسها على الساحة كعلاج فعال يقدم إلى الأزواج العواقر.

وأوضح الطبيب دايفيد ادامسون رئيس اللجنة الدولية لمراقبة حالات الانجاب بمساعدة طبية أن "التقنيات قد تحسنت بصورة ملحوظة على مر السنين مع ارتفاع في نسب حالات الحمل". أما الطبيب البريطاني سايمون فيشل المتخصص في الخصوبة، فاعتبر ان تخطي عتبة الخمسة ملايين طفل انبوب "يبرر جميع الجدالات الشرعية والأخلاقية وتقبل المجتمع لهذه الفكرة بعد كفاح طويل". بحسب فرنس برس.

وبحسب الأرقام التي عرضت في مؤتمر إسطنبول، تجرى كل سنة في العالم نحو 1,5 مليون عملية إخصاب انبوبي بمفهومها الواسع، ثلثها في اوروبا. ولفتت الجمعية الاوروبية للتناسل البشري وعلم الأجنة إلى الجهود المبذولة لتفادي حالات الحمل المتعددة، من خلال زرع عدد أقل من الأجنة في اوروبا، أو حتى زرع جنين واحد لا غير. وقد تراجعت بالتالي نسبة التوائم الثلاث الذي يولدون بفضل الإخصاب الأنبوبي إلى أقل من 1%، في حين انخفضت نسبة التوائم إلى ما دون 20%.

الأنفلونزا وخطر التوحد

في السياق ذاته أظهرت دراسة دنماركية نشرت في الولايات المتحدة أن المرأة التي تصاب بالأنفلونزا خلال فترة حملها معرضة لإنجاب طفل متوحد أكثر بمرتين من غيرها. وشملت الدراسة التي استندت الى مقابلات مع أمهات عبر الهاتف نحو 97 ألف طفل دنماركي تراوحت أعمارهم بين 8 و14 سنة وولدوا بين العامين 1997 و2003 و1% (976) منهم فقط مصاب بالتوحد.

لكن عندما سأل الباحثون الأمهات عما إذا أصبن بمرض ما خلال الحمل، لاحظوا أن اللواتي أجبن أنهن أصبن بالانفلونزا كن معرضات لانجاب طفل متوحد أكثر بمرتين من غيرهن. وتبين أن هذا الخطر يزداد ثلاثة أضعاف في حال عانت الأم من فترات مطولة من الحمى أي أسبوع أو أكثر، قبل الأسبوع الثاني والثلاثين من الحمل. بحسب فرنس برس.

إلى ذلك، لاحظ الباحثون أن استهلاك الحامل المضادات الحيوية يزيد بنسبة قليلة احتمال انجابها طفلا يعاني التوحد. إلا أنهم شددوا على أنهم "لا يعرفون ما إذا كان العلاج بالمضادات الحيوية هو المسؤول عن خطر التوحد". ونظرا إلى العلاقة التي بينتها الدراسة بين التوحد والانفلونزا خلال الحمل، نصح الباحثون الحوامل بالخضوع للتلقيح من باب الوقاية. وقد أجرى الباحثون الدراسة بالاستناد إلى نتائج بحث على الفئران تشير إلى أن عمل جهاز المناعة لدى الأم خلال الحمل قد يؤدي إلى خلل في النمو العصبي لدى الجنين.

الخوف والرياضة

على صعيد متصل وجدت دراسة جديدة أجريت في النرويج أن خوف النساء من عملية الولادة قد يطيل أمد المخاض ما بين ساعة ونصف الساعة في المتوسط. وقال باحثون من مستشفى "أكرشوس" الجامعي، إن النساء ممن يتخوفن من عملية الولادة، وما يرافقها من ألم ومضاعفات طبية محتملة، يطول بينهن أمد المخاض لمدة 72 دقيقة في المتوسط.

وعبرت د. سامانثا سالفيسن آدامز، التي قادت البحث، أن الدراسة قد تفسر عوامل أخرى، منها أن النساء ممن يتهيبن الولادة، هن الأمهات لأول مرة، واللائي من المعروف بأن فترة المخاض لديهن تستغرق وقتاً أطول، لكن باعتبار هذا العامل بجانب عوامل أخرى، فان فارق المخاض الزمني، بين القلقات من الولادة والأخريات، ظل نحو 47 دقيقة. وأوضحت بالقول: "الإجهاد الذهني يرتبط بالإثارة الفسيولوجية وإفراز هرمونات التوتر التي قد يسفر ارتفاع مستوياتها لمعدلات عالية أثناء الولادة لضعف "انقباضات" الرحم." بحسب CNN.

وشرحت آدامز قائلة إن النساء القلقات من الولادة، تفرز أجسامهن هرمون الأدرينالين، فتتوقف عضلات الرحم عن التقلص بالشكل المطلوب، للدفع بالمولود خارجاً. وقال د. ستيوارت فيشباين، مؤلف كتابة "ولادة بدون خوف" إن نساء اليوم يخشين الولادة لما يحيط بها من "قصص رعب.. نحن في مجتمع تسوده الإثاره، وتحيط به المعلومات من كافة الجوانب عن أخطاء قد تحدث أثناء الولادة، وهو ما بالطبع ما يعزز مشاعر الخوف."

في السياق ذاته ينصح طبيب النساء الألماني بيتر بونغ الحوامل بممارسة الرياضة أثناء الحمل لفوائدها الجمة. وأوضح بونغ، الخبير لدى «شبكة الصحة سبيلك للحياة» في مدينة بون، «تعمل الرياضة على تقوية جسم الأم والجنين على حد سواء». وأضاف طبيب النساء الألماني «كما أن الرياضة تُسهل عملية الولادة؛ حيث غالباً ما تشعر المرأة الحريصة على ممارسة الرياضة بآلام أقل من غيرها أثناء الوضع». ويستند بونغ في ذلك إلى دراسات حديثة أثبتت أن الحامل التي تمارس الرياضة يمكنها تحمّل آلام المخاض بصورة أفضل من التي لا تمارس الرياضة.

وينصح طبيب النساء الألماني بالإكثار من ممارسة الرياضة قبل الحمل، فبذلك يسهل على المرأة الاستمرار في ممارستها أثناء الحمل، مشيراً إلى أن رياضات قوة التحمل من قبيل المشي والسباحة وركوب الدراجات على نحو خفيف تُعد مناسبة جداً للحوامل. أما الحوامل اللائي يكون حملهن محفوفاً بالمخاطر، فينصحهن بونغ باتباع تعليمات وتوصيات الطبيب المتابع للحمل.

نساء فرنسا

الى جانب ذلك يبلغ متوسط العمر الذي تنجب فيه نساء فرنسا طفلهن الاول 28 عاما، اي اكبر بأربع سنوات من المتوسط الذي كان سائدا في الستينات من القرن العشرين، والسبب في ذلك يعود بشكل اساسي الى مستوى التعليم الذي تتلقاه المراة، بحسب ما اظهرت الدراسة.

فمنذ السبعينات، بدأ متوسط سن الانجاب بين الفرنسيات بالارتفاع، وفي العام 2010 بلغ هذا المعدل 28,1 عاما، اي بارتفاع اربع سنوات عن المعدل في العام 1967 الذي كان يساوي 24,2 عاما. وبحسب الدراسة التي أعدها المعهد الوطني للإحصاءات، فان هذا الارتفاع عائد بشكل اساسي الى انتشار التعليم، ولا سيما التعليم العالي، وبسعي المرأة الى الحصول على عمل مستقر قبل الشروع بتأسيس الاسرة. بحسب فرنس برس.

وفي العام 2010، اصبح متوسط السن الذي تضع فيه المراة الفرنسية طفلها الثاني 30,5 عاما، والطفل الثالث 32,4 عاما. وبهذا تكون فرنسا ضمن المعدلات الوسطية في الاتحاد الاوروبي عموما. ففي ايطاليا واسبانيا يرتفع معدل سن انجاب الطفل الاول الى ما فوق ثلاثين عاما، اما في رومانيا وبلغاريا فينخفض الى 26 عاما.

مليون دولار

من جهة أخرى تعهدت الولايات المتحدة والنرويج بأن تدفع كل منهما نحو 75 مليون دولار للمساعدة في حماية الامهات الحوامل اثناء المخاض وعملية الولادة والساعات الاربع والعشرين الأولى بعد الوضع. وتذهب الاموال الى مبادرة "إنقاذ الامهات ومنح الحياة" وهي شراكة تمولها صناديق عامة وخاصة تستهدف تقليل معدل وفيات الامهات قبيل واثناء وعقب الولادة.

وقال مسؤول امريكي ان الكونجرس وافق بالفعل على تقديم 60 مليون دولار وان الخمسة عشر مليونا الاخرى هي ضمن الميزانية التي ستقدمها ادارة الرئيس باراك اوباما للسنة المالية التي تبدأ في الاول من اكتوبر تشرين الاول. وأبلغ وزير الخارجية النرويجي يوناس جار المؤتمر ان بلاده ستقدم نحو 80 مليون دولار لهذا الغرض. ويشارك في المبادرة شركة ميرك اند كو للادوية ومنظمة غير هادفة للربح معنية بصحة الام. ويخضع التعهد النرويجي ايضا لموافقة البرلمان. بحسب رويترز.

وبدلا من التركيز على خطوة واحدة لتقليل الوفيات بين الامهات قالت كلينتون ان الهدف هو تعزيز الانظمة الصحية على وجه العموم وان وجود عيادات طبية تعمل على مدار الساعة وتوفر اطباء وممرضات وقابلات مدربين وايضا شبكات مواصلات جيدة كلها عوامل تساعد في تحقيق الهدف المنشود.

اجهزة لمنع الحمل

من جانب اخر أشارت نتائج دراسة الى انه يبدو ان المزيد من الامريكيات يحبذن اللجوء الى اساليب الاجهزة التي توضع داخل الرحم من اجل تنظيم النسل وقد تجاوز عدد هؤلاء السيدات الضعف خلال عامين في إحدى الدراسات. وقال الباحثون الذين نشروا نتائج دراستهم في دورية (الخصوبة والعقم) the journal Fertility & Sterility إنها انباء سارة لان اساليب الاجهزة التي توضع داخل الرحم والغرسات الجلدية الهرمونية من انجع وسائل منع الحمل. الا ان هذه الوسائل لا تشيع على نطاق واسع في الولايات المتحدة اذ ان استخدامها ضئيل اذا ما قورن بأقراص منع الحمل او العازل الطبي.

وتوصلت نتائج الدراسة الى انه في عام 2009 فضلت 8.5 في المئة من الامريكيات الراغبات في منع الحمل اساليب الاجهزة التي توضع داخل الرحم أو الغرسات الجلدية الهرمونية واستخدمت غالبيتهن الاجهزة التي توضع داخل الرحم. وتزيد هذه النسبة بواقع اربعة في المئة تقريبا عن عدد هؤلاء الامريكيات في عام 2007 .

وقال كبير الباحثين في الدراسة لورانس ب. فاينر من معهد جوتماتشر في نيويورك المتخصص في الصحة الانجابية "لاحظنا قدرا ملحوظا من الزيادة." وقال فريق فاينر إنه في فرنسا والنرويج تستخدم ربع الراغبات في منع الحمل اسلوب الاجهزة التي توضع داخل الرحم او الغرسات الجلدية الهرمونية اما في الصين فتستخدم نسبة 41 في المئة هاتين الطريقتين.

وعندما ظهر اسلوب الاجهزة التي توضع داخل الرحم لأول مرة ثارت مخاوف - تبددت فيما بعد - من انها قد تتسبب في حدوث التهابات في منطقة الحوض او انها قد تهدد بالخطر خصوبة المرأة مستقبلا. ولايزال لدى بعض الاطباء في الولايات المتحدة افكار خاطئة بشأن سلامة المرأة التي تستعين بهذه الاساليب. وقال فاينر إنه لم يتضح بعد السبب وراء هذا التحول الا ان ثمة طائفة من العوامل ربما تقف وراء تغير المواقف. بحسب رويترز.

وأحد هذه العوامل هو ان الجمعيات الطبية مثل الكلية الامريكية لاطباء النساء والتوليد اقرت استخدام اساليب الاجهزة التي توضع داخل الرحم والغرسات الجلدية الهرمونية. وهناك عامل آخر وهو ان الاعلانات ربما تكون قد لعبت دورا في زيادة الوعي لدى النسوة بشأن سلامة استخدام اسلوب الاجهزة التي توضع داخل الرحم. وقال فاينر إن اساليب الاجهزة التي توضع داخل الرحم والغرسات الجلدية الهرمونية أكثر فعالية بدرجة كبيرة من الاقراص والعازل الطبي لانها لا تعتمد على مدى كفاءة الاستعمال.

القهوة والدسم

الى جانب ذلك فان ثمة تقارير وأبحاث تفيد بأن ما تشربه وتأكله المرأة، خاصة من الدسم والقهوة، قد يؤثر على فرصها في نجاح علاج الإخصاب. الباحث اوريك كيسموديل، أستاذ الأمراض النسائية في عيادة العقم بجامعة أرهوس بالدنمارك، قال في هذا السياق: " إن شرب أكثر من خمس فناجين قهوة يوميا، يقلل من فرص حدوث الحمل خلال مرحلة التلقيح الصناعي IVF ، وذلك بنسبة 50 بالمائة."

هذا وقد أجريت دراسة على حوالي 4000 امرأة خضعن للتلقيح الصناعي في الدنمارك، وتم تسجيل عدد فناجين القهوة التي تتناولها كل منهن يوميا، مع الأخذ بعين الاعتبار عوامل أخرى مثل: السن، التدخين، الكحول، الوزن، وغيرها من الأمور التي قد تؤثر على الإنجاب. ورغم توصل القائمين على الدراسة إلى أن 5 فناجين من القهوة قد تؤثر على فرص نجاح التلقيح، إلى أن البروفسور كيسموديل لم يجد بعد صلة الوصل بين الأمرين.

بينما يؤكد الباحث جورج شافارو، أستاذ التغذية والوبائيات في جامعة هارفارد، على أن تناول كميات كبيرة من الدسم المشبعة (الحيوانية) وغير المشبعة المتعددة( الزيوت والنباتات) يمكن له أن يقلل من فرص نجاح التلقيح أيضا. ولفت إلى أن الإكثار من تناول الدسم الأحادية غير المشبعة(موجودة في الزيوت ومعظم أنواع الأغذية، ومعروف أنها تحسن الكولسترول) يزيد بالمقابل من تلك الفرص بنسبة 3.5 بالمائة. وتأثير القهوة على سرعة الإنجاب ليس جديدا، حسب مايذكره الدكتور هاري ليمان، من جامعة البرت اينشتاين بنيويورك. بحسب CNN.

فقد ثبت أن على النساء الراغبات في الإنجاب الحد من شرب القهوة، لما لها من تأثير على إطالة مدة فرص الإنجاب، مما يجعل الدكتور ليمان، ينصح مرضاه من الراغبين بإجراء تلقيح صناعي بالتوقف عن شرب القهوة أو ألا تزيد الكمية عن فنجانين في اليوم. وطرحت هاتين الدراستين في المؤتمر الثامن والعشرين للجمعية الأوروبية للإنجاب وعلم الأجنة، الذي عقد مؤخرا في اسطنبول، حيث تمت الإشارة إلى أن الدراسة ما زالت في بداياتها، لذا لن تطرح أي حمية خاصة قبل الوصول إلى نتائج أكثر شمولية. ويذكر أن الإحصائيات العالمية تشير إلى أن 1 من بين 6 أشخاص لديه نوع من أنواع العقم خلال سنوات الإخصاب، وقد بلغ عدد الأطفال المولودين نتيجة عمليات التلقيح منذ عام 1978 حوالي 5 مليون طفلا.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 1/كانون الأول/2012 - 16/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م