المملكة السعودية... انتقال سلس أن انهيار وشيك؟

مخاطر الانقسام تهيمن على النظام مع اقتراب موت عبد الله

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يجمع المراقبون على ان العائلة السعودية الحاكمة في المملكة العربية تواجه اسوء فترة في تاريخ الحكم والسلطة، خصوصا بعد ان بدت بوادر الانقسام تتسع بشكل ملحوظ مع اقتراب الملك الحالي من الموت.

ويبدي الكثير من الامراء السعوديين امتعاضهم من ممارسات نظرائهم المهيمنين على مصادر القرار وملف ادارة الدولة سياسيا واقتصاديا، فيما لا يخفي الكثير منهم مطامعهم في الوصول الى دفة السلطة، سيما مع توافر بعض الوجوه التي تجد من حقها انتقال الحكم لها بدعوى الاسبقية عمرا وقرابة.

وخلافته الملك عبد الله خامس ابن للملك عبد العزيز الذي يتولى الحكم ويبلغ عمره 89 عاما ويتعافى حاليا من جراحة كبرى موضوع حساس بين أمراء آل سعود الذين يقدر عددهم بالمئات، لكنها ستحدد مسار أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم والحليف الرئيسي للولايات المتحدة في المنطقة العربية وسط اضطرابات اقليمية.

فيما دفعت وفاة اثنين من أفراد الأسرة الحاكمة بالسعودية وتغييران وزاريان خلال أكثر بقليل من عام أسرة آل سعود باتجاه قرار صعب وهو التحول إلى جيل جديد بعد 60 عاما من حكم أبناء الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود.

ويرجح كبار المحللين في الشؤون السعودية ان خلافة عبد الله لن تمر مرور الكرام كسابقاتها، فهناك تداعيات محتملة لسقوط نهائي للنظام الحاكم وتفتت المملكة التي وحدها آل سعود بالنار والحديد، خصوصا مع اسقاطات ما يعرف بالربيع العربي واتساع دائرة المعارضين للسلطة السعودية.

فقال خالد المعينا رئيس تحرير صحيفة سعودي جازيت السعودية التي تصدر باللغة الانجليزية إن السنوات القادمة ستشهد تغييرات كبيرة بشأن الأسرة الحاكمة مضيفا أن الجيل الأصغر سيلعب دورا.

وأجرى الملك عبد الله الذي لم يظهر علنا منذ اجريت له جراحة في الظهر استمرت 11 ساعة يوم السبت الماضي اصلاحات اقتصادية واجتماعية حذرة استهدفت تحقيق قدر من مطالب الاقتصاد الحديث والسكان الشبان.

وقال الأطباء إن الجراحة التي اجريت له في الرياض كانت ناجحة. والخليفة المباشر هو ولي العهد الأمير سلمان الذي ولد عام 1936 وهو احد ابناء الملك عبد العزيز الذي توفي عام 1953. لكن الرؤية أقل وضوحا بخصوص ما بعد الأمير سلمان. بحسب رويترز.

وفي أكتوبر تشرين الأول من العام الماضي بدا انه ما زال هناك عدد كبير من الخلفاء من الاخوة غير الأشقاء إلى جوار الملك عبد الله كورثة محتملين للحكم بالمملكة التي اسسها والدهم عام 1932 بعد عقود من الصراعات القبلية.

لكن بعد 13 شهرا من ذلك الحين وبعد وفاة الأميرين سلطان ونايف اللذين عينا في ولاية العهد إلى جانب ترك الأميرين أحمد ومقرن لمناصب رفيعة لم يعد هناك خليفة واضح للأمير سلمان الذي عين وليا للعهد بعد وفاة الامير نايف في يونيو حزيران.

وهناك جدل بشأن احتمال بقاء الأمير أحمد كمنافس رئيسي لكن بعض المحللين السعوديين والدبلوماسيين الأجانب يعتقدون الآن أن من الممكن أن يكون ولي العهد القادم من أحفاد الملك عبد الله. وقال خالد الدخيل أستاذ علم الاجتماع السياسي السعودي انه يعتقد أنه ليس هناك بديل عن أن يكون ولي العهد القادم حفيدا للملك عبد العزيز.

وفي نظام بني على فكرة أن التوافق يضمن الاستقرار ويقدر الاقدمية والكفاءة سيكون على أسرة آل سعود الكبيرة أن توازن بين فروع العائلة الكثيرة. لكن الوثبة إلى الجيل التالي قد تكون محفوفة بمصاعب لأن أحفاد الملك عبد العزيز وعددهم بالمئات قد يخشون من أنه إذا تم تخطيهم أو تخطي أشقائهم لصالح أبناء العمومة فقد ينتقل خط الخلافة إلى فرع مختلف من شجرة العائلة المتنامية بما يعني استبعادهم وسلالتهم إلى الأبد.

وقالت مضاوي الرشيد السعودية المقيمة في لندن وهي من منتقدي آل سعود ومؤلفة كتاب تاريخ السعودية إن من الصعب جدا القفز إلى الجيل التالي. لكنها أضافت أنه إذا توفر ما يكفي من المناصب الحكومية فسيكون بوسعهم إرضاء الجميع.

ومن الممكن أن تؤجل الأسرة الانتقال إلى الجيل التالي بتصعيد الخليفة الرسمي الأمير أحمد الذي استقال بشكل مفاجيء في نوفمبر تشرين الثاني من منصبه كوزير للداخلية بعد أقل من خمسة أشهر في المنصب.

وقال محلل سعودي طلب عدم الكشف عن اسمه "هذا لا يستبعد الأمير أحمد من المعادلة فهو ما زال موجودا. ما زال خيارا مطروحا ليصبح وليا للعهد عندما يصبح الأمير سلمان ملكا."

كما فقد ابن آخر من أبناء الملك عبد العزيز هو الأمير مقرن منصبه كرئيس للمخابرات في يوليو تموز ويبدو أقل حظا كغيره من بقية إخوته. وتملي التقاليد القبلية أن يختار الملك الجديد وكبار أعضاء العائلة الوريث الذي يرون أنه الأصلح للحكم. ورغم كل الصعوبات من غير المرجح أن يخرج شيء منها إلى العلن. وقال المعلق السعودي جمال خاشقجي إن أي معارضة بين الأمراء بشأن الخلافة ستكون سرية. وقال إنه ربما تجرى مناقشات خلف الأبواب المغلقة لكن النتيجة النهائية ستكون إعلان التأييد للملك ولولي العهد.

وأسس الملك عبد الله "هيئة البيعة" من الأسرة في 2006 وهي الهيئة التي تضمن تمثيل الأفرع المختلفة لسلالة آل سعود ويجب أن توافق على ولي العهد الذي يختاره الملك كما تختار مرشحا عند الضرورة.

ولا تعمل الهيئة إلا بعد وفاة الملك لكن محللين قالوا إن تشكيلها لم يكن سوى إضفاء شكل رسمي على عملية قائمة بالفعل تسعى إلى التوافق على اختيار ولي العهد. وحتى إذا اختارت أسرة آل سعود الانتقال إلى الجيل الثاني في الفرصة القادمة لا يوجد ما يضمن أن يكون ولي العهد بعد الامير سلمان الذي سيكون واحدا من أبناء اخوته أصغر منه سنا بكثير. فالأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة وأحد أبرز المرشحين في الجيل التالي من الأمراء ولد عام 1941 مما يجعله أكبر في العمر من عميه الأمير أحمد والأمير مقرن.

لكن الحفيد صاحب المنصب الأرفع في البلاد هو الأمير محمد بن نايف الذي حل محل الأمير أحمد كوزير للداخلية هذا الشهر. ولا يحقق هذا المنصب السيطرة على الجهاز الأمني الهائل بالمملكة فحسب لكنه يمثل سلطة رسمية على حكام المناطق وهم جميعا من أمراء الأسرة الحاكمة.

وكان الأمير محمد بن نايف قائدا أمنيا قبل أن يصبح وزيرا للداخلية ونال إشادة من الملك عبد الله ومن دبلوماسيين غربيين لدوره في سحق جناح القاعدة في السعودية خلال السنوات الماضية. ويعتبره محللون سعوديون سياسيا محنكا.

ويبلغ الأمير محمد من العمر 59 عاما وهو ما يجعله تقريبا في نفس سن ابني عمه الأمير محمد بن فهد أمير المنطقة الشرقية والأمير متعب بن عبد الله قائد الحرس الوطني السعودي وينظر إلى كل منهما باعتباره مرشحا محتملا لتولي السلطة مستقبلا.

ومن بين الأحفاد البارزين أيضا الأمير خالد بن سلطان نائب وزير الدفاع والأمير سلطان بن سلمان وزير السياحة وهو نجل ولي العهد وأول عربي يصعد في رحلة إلى الفضاء.

وخلال اجتماع بالرياض لوزراء دفاع دول مجلس التعاون الخليجي طمأن الأمير سلمان على صحة الملك السعودي وأكد انه بخير وي صحة جيدة. وبث التلفزيون السعودي الرسمي تصريحات الامير سلمان. وأرجع مستثمرون عمليات البيع في البورصة مؤخرا الى مخاوف بشأن صحة الملك.

كاتم الأسرار

ويُعد الأمير سلمان، الابن الخامس والعشرين من الأبناء الذكور للملك عبد العزيز، وهو أحد أركان أسرة "آل سعود"، حتى أنه يوصف بأنه "أمين سر" العائلة، حيث عمل كـ"مستشار شخصي" لعدد من إخوته الملوك، الذين جلسوا على عرش المملكة، وواحداً ممن يُطلق عليهم "السديريون السبعة"، وهم أبناء الملك عبد العزيز من زوجته حصة بنت أحمد السديري.

وخاض ولي العهد السعودي الجديد العمل السياسي عام 1954، عندما تم تعيينه أميراً لمنطقة الرياض بـ"النيابة"، عن أخيه الأمير نايف. وفي العام التالي 1955، تم تعيينه رسمياً أميراً لمنطقة الرياض، واستمر في هذا المنصب خمس سنوات، حتى تقدم باستقالته في عام 1960، ولكن بعد ثلاث سنوات، أُعيد تعيينه بذات المنصب مجدداً، إلى أن تم تعيينه وزيراً للدفاع في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، خلفاً لولي العهد "الأسبق"، الأمير سلطان.

تولى ولي العهد الجديد للمملكة السعودية، خلال السنوات الماضية، رئاسة عدد كبير من الهيئات والجمعيات، بينها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، واللجنة التنفيذية العليا لتطوير الدرعية، ومكتبة الملك فهد الوطنية، ومؤسسة الرياض الخيرية للعلوم.

وبحسب ما جاء على موقع "ويكيبيديا"، فإن لأمير سلمان يمتلك ما نسبته 10 في المائة من "المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق"، المالكة لجريدة "الشرق الأوسط"، وبالرغم من نسبته البسيطة، فإنه يتحكم في اتجاهاتها الفكرية عبر ابنه الأمير فيصل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 29/تشرين الثاني/2012 - 14/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م