الحرب في غزة... معركة اللا حصانة لأحد

 

شبكة النبأ: إن الصراع بين إسرائيل وحماس ذو طبيعة دينامكية متجددة، غير ان جولات العنف المتبادل في غزة مؤخرا، أخذت طابعا مغايرا اكثر شراسة وبشكل غير مسبوق، فربما يضع الخصمين على شفاه حرب دموية مجددا، ويرى المحللون ان استخدام الفلسطينيين أسلحة متطورة من صنع إيراني أعطى ميزة خاصة ألهبت الصراع خلال التصعيد الاخير بين الجانب الاسرائيلي والفلسطيني، نظرا لقدرة تلك الأسلحة المتطورة باستخدامها تقنية عسكرية عالية المستوى التي وصلت الى عمق تل أبيب بخرقها اقوى الدفاعات الإسرائيلية لأول مرة خلال الفترة السابقة، مما أعطى هذا الهجوم رسائل تحذير لإسرائيل شديدة اللهجة، تضع اسرائيل تحت نذير الخطر المدمر، في حين يرى محللون اخرون ان تصاعد وتيرة العنف في غزة له علاقة مباشرة بالانتخابات الإسرائيلية لتقوية موقف نتنياهو في مواجهة الفصائل المتشددة في غزة، ولمعرقلة مسعى فلسطين في الأمم المتحدة ايضا، بينما يرى بعض المراقبين بأن موجة العنف الأخيرة في غزة قد تطلق الشرارة الأولى في منطقة الشرق الأوسط القابلة للاشتعال لكن من غير المرجح أن تشعل حربا أوسع نطاقا في الوقت الحالي.

فيما تسارعت ردود فعل المجتمع الدولي في فرنسا وروسيا والعرب على التصعيد الذي شهده قطاع غزة، فقد ندد المجتمع الدولي وخاصة بلدان الربيع العربي بهذه الاعتداء السافرة مطالبين بوقف العنف، وعليه فان استمرار الصراع الملتهب في غزة  سيرفع معدلات العنف خلال الاونة المقلبة، مما ينذر بخطر كبير يحدق في أمن الشرق الاوسط، لكن يبقى بحث صناع القرار السياسي في الوقت الحاضر أهم الحلول لمشاكل العنف في المستقبل.

عنف غير مسبوق

فقد قال المتحدث باسم وزارة الصحة في حكومة حماس المقالة إن حصيلة القصف الاسرائيلي على غزة بلغ 39 قتيلا واكثر من 370 جريحا، وأصيب أربعة جنود إسرائيليين في منطقة إشكول بإصابات طفيفة بعدما قصف المبنى الذي كانوا فيه بصاروخ حسبما أعلن الجيش الإسرائيلي، ويتفق ذلك مع ما أعلنته حماس من قصفها أحد المواقع في منطقة "ريم" داخل مجلس إشكول بمدافع الهاون، وكان الطيران الحربي الإسرائلي قد قصف فجر اليوم مقر حكومة حماس المقالة في القطاع . وقال الجيش الاسرائيلي ان غاراته سببت اضرارا جسيمة للمواقع التابعة لحماس الموجودة تحت الارض، ودان وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام الذي وصل الى غزة "العدوان السافر" الاسرائيلي على قطاع غزة مطالبا المجتمع الدولي بوقف الهجمات الاسرائيلية على القطاع، وجاء تصريح عبد السلام خلال تفقده مع المسؤولين في حكومة حماس مقر رئاسة الوزراء المدمر في مدينة غزة بعد ان قصفته المقاتلات الحربية الاسرائيلية فجرا، وقال الوزير التونسي "لم يعد هذا العدوان مقبولا ولا مشروعا باي مقياس من المقاييس"، واضاف ان "رسالتنا الى المجتمع الدولي هي انه يجب وقف العدوان الاسرائيلي السافر على اهلنا وشعبنا في قطاع غزة". كما دعا الجامعة العربية الى التحرك ايضا "لوقف العدوان" الاسرائيلي، وبينما كان يتفقد دمار المقر سمع دوي انفجار نجم عن غارة جوية جديدة على شرق مدينة غزة، وتوجه عبد السلام بعد ذلك الى مستشفى الشفاء بمدينة غزة لزيارة الجرحى الفلسطينيين في الغارات الاسرائيلية، وفي سياق متصل قالت مصادر سياسية ان إسرائيل قررت تعبئة ما يصل الى 75 ألف جندي احتياط وهو ما يزيد مرتين عن العدد الذي وافقت الحكومة على استدعائه بعد بدء الهجوم. ولا يعني القرار أنه سيتم استدعاء كل هذا العدد للخدمة، وقال ليبرمان في تصريحات للقناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلي" في كل مرة تطلق حماس صاروخا، سيكون هناك رد أقسى"، واضاف" أنصح بجدية كل قادة حماس في غزة بألا يختبروننا مرة أخرى، فلا أحد له حصانة هناك لا هنية ولا غيره"، وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد جدد في اتصال هاتفي برئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو دعم أمريكا "لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وتأتي الهجمات الجوية المكثفة الجديد في اليوم الرابع لعملية "عمود السحاب" الاسرائيلية على قطاع غزة، وتشير آخر الأرقام إلى مقتل 33 فلسطينيا على الأقل وجرح 280 جريحا وفق مصادر طبية فلسطينية، أوباما جدد لنتنياهو دعم أمريكا "لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وبلغ عدد القتلى ثلاثة فلسطينيين، فضلا عن 30 مصابا على الأقل، وكان ثلاثة إسرائيليين قتلوا في هجوم بصاروخ أطلق من قطاع غزة، وأكد مسؤول في حكومة حماس أن "مقر رئاسة الوزراء دمر كليا وأصيبت المنازل المجاورة باضرار بالغة نتيجة القصف الهمجي الاسرائيلي".

وقالت وكالة أسوشيتد برس إن غارة جوية أخرى سوت بالأرض مسجدا في وسط غزة، وأصابات عددا من المنازل باضرار، وفي ذات الوقت قتل ثلاثة من ناشطي كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس، في غارة جوية اسرائيلية استهدفتهم في مخيم المغازي وسط قطاع غزة، كما ذكر مصدر طبي وآخر امني فلسطيني، وقال ادهم ابو سلمية الناطق باسم الاسعاف والطوارئ في غزة ان "ثلاثة مواطنين استشهدوا في غارة جوية جديدة على منطقة شرق مخيم المغازي"، موضحا انهم نقلوا الى مستشفى شهداء الاقصى في دير البلح، وذكر مصدر امني ان القتلى الثلاثة من ناشطي كتائب القسام، موضحا انهم "علي المناعمة واسامة عبد الجواد واشرف درويش"، من جهة ثانية اكد ابو سلمية ان ثلاثة فلسطينيين اصيبوا بجروح اثنان منهم في حالة "خطرة جدا" في غارة استهدفت دراجة نارية في رفح جنوب القطاع. وقد نقلوا الى مستشفى ابو يوسف النجار لتلقي العلاج في رفح، وفي مدينة غزة اطلقت الطائرات الحربية اربعة صواريخ على ستاد فلسطين في منطقة الرمال غرب مدينة غزة ما اسفر عن احداث اربعة حفر كبيرة واضرار في مسجد وعدد من المنازل المجاورة، وفق شهود عيان، وفوجيء اسرائيليون كثيرون بصافرات الانذار تدوي في القدس. وكانت اخر مرة ضربت فيها المدينة بصاروخ فلسطيني في عام 1970 ولم تكن القدس احد المواقع المستهدفة عندما اطلق الرئيس العراقي السابق صدام حسين صواريخ على اسرائيل خلال حرب الخليج عام 1991. بحسب البي بي سي.

وتعرضت ايضا تل ابيب المركز التجاري لاسرائيل لهجوم صاروخي لليوم الثاني على التوالي في تحد لهجوم جوي اسرائيلي بدأ بهدف معلن وهو منع حركة المقاومة الاسلامية(حماس) من شن هجمات عبر الحدود، واعلنت حماس التي تدير قطاع غزة مسؤوليتها عن اطلاق صواريخ على القدس وتل ابيب. وقالت اسرائيل ان الصاروخ الذي اطلق تجاه القدس سقط في الضفة الغربية المحتلة ولم يصب الصاروخ الذي اطلق على تل ابيب المدينة. ولم ترد انباء عن وقوع اصابات.

ضرب تل أبيب

فيما ذكرت مصادر إسرائيلية أن صاروخين أطلقا من غزة، سقطا على مدينة تل أبيب، المركز التجاري الأبرز في إسرائيل، بينما قالت كتائب عز الدين القسام إنها أصابت طائرة إستطلاع عسكرية، ونقل راديو إسرائيل عن شرطة تل أبيب قولها إن "صاروخا أطلق من قطاع غزة سقط في منطقة مفتوحة بمدينة بات يام دون أن يسفر عن وقوع إصابات أو أضرار"، وأشارت الإذاعة إلى أن "صاروخا آخر قد سقط في منطقة مفتوحة قرب مدينة ريشون لتسيون دون إصابات"، وتبنت حركة الجهاد الإسلامي عملية إطلاق الصواريخ باتجاه تل أبيب، وقالت الحركة في بيان إنها "أطلقت صاروخا من طراز فجر 5.. ووسعت نطاق المعركة لتصل إلى تل أبيب.. وإن القادم أعظم"، وكان مراسل شبكة CNN قال إن دوي صفارات الإنذار سمع في محيط مبنى وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب. بحسب السي ان ان.

إل ذلك، زعمت كتائب عز الدين القسام أنها تمكنت من ضرب طائرة استطلاع إسرائيلية

دون طيار شرق غزة، وقصفت القواعد العسكرية في بئر السبع "بعشرات من قذائف"، غير أن الجيش الإسرائيلي قال إن أيا من تلك الحوادث لم تسجل، نافيا أن تكون أيا من طائراته تعرضت للقصف، وفي سياق متصل، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن جيش الدفاع مستعد لتوسيع رقعة عملية "عمود السحاب " بشكل ملحوظ، وأكد نتنياهو أن "إسرائيل لن تتسامح مع استمرار الاعتداءات الصاروخية الفلسطينية وستفعل كل ما هو ضروري للدفاع عن مواطنيها،" بحسب راديو إسرائيل، وأشار إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي "ألحق أضرارا جسيمة بصواريخ فجر التي كانت مصوبة نحو منطقة تل أبيب الكبرى."

ردود فعل المجتمع الدولي

وفي أول ردة فعل دولي، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون كلاً من إسرائيل وحركة حماس لتجنب التصعيد وحثّ الجانبين على ضمان حماية المدنيين، وكان الموقف المصري واضحاً حين دعا الرئيس محمد مرسي لاجتماعين طارئين لكل من مجلس الأمن والجامعة العربية، وقرر سحب السفير المصري من إسرائيل، وتقديم احتجاج قوي للسفير الإسرائيلي في القاهرة، كما دعا محمود عباس رئيس الحكومة الفلسطينية الجامعة العربية لعقد اجتماع طارئ لبحث التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة، وقررت الجامعة العربية عقد اجتماع طارئ لوزراء خارجية الدول العربية لاتخاذ موقف جامع تجاه العملية العسكرية التي تؤكد إسرائيل أنها ستستمر عدة أيام، وفرض التصعيد على غزة نفسه بقوة على اجتماعات وزراء الخارجية الخليجيين بنظيرهم الروسي سيرجي لافروف في الرياض، ودان الوزير الروسي العنف الأخير وطالب بوقف العمليات العسكرية، فيما طالب وزير خارجية البحرين مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته في حفظ السلم والأمن، كما طالبت فرنسا الطرفين بتجنب التصعيد ووقف العنف، فيما أعربت ألمانيا على لسان وزير خارجيتها عن القلق جراء تفجر العنف في المنطقة.

مجلس الأمن

الى ذلك اختتم مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة عقدها في ظل تدهور الأوضاع في غزة وجنوب إسرائيل، وأوضح رئيس المجلس السفير الهندي هارديب بوري ان الرسالة التي يتم توجيهها من هذا الاجتماع واحدة وهي "وقف العنف"، وتحدث بوري، بصفته سفير الهند الدائم لدى مجلس الأمن، عقب الجلسة المسائية الخاصة التي تحمل عنوان "الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية"، فقال للصحافيين في المقر الدائم "إننا نتوقع أن يساعد اجتماع المجلس الذي اختتم للتو.. في التخفيف من حدة الموقف وإقناع الطرفين (الفلسطيني والإسرائيلي) بضرورة ممارسة أقصى درجات ضبط النفس بحيث لا يتدهور الوضع أكثر من ذلك"، وأوضح انه "باختصار، فإن الرسالة التي يتردد صداها عبر هذا الاجتماع هي انه يجب أن يتوقف العنف"، وأضاف بوري ان المسؤول عن الشؤون السياسية في الأمم المتحدة جيفري فيلتمان تحدث أمام المجلس، مشيراً إلى ان جميع المداخلات تمحورت حول رسالة واحدة هي وقف العنف، وأوضح السفير الهندي سبب تحدثه أمام الصحافيين بوصفه مندوباً دائماً للهند وليس كرئيس للمجلس بالقول ان "هذا يعود إلى الشكل الذي انعقد فيه اجتماع مجلس الأمن، حيث كانت الجلسة جلسة خاصة دُعي إليها الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني للتحدث أمام الدول الأعضاء التي تحدثت بدورها وذلك بحضور دول أخرى لم تتحدث"، وأضاف انه من المعتاد عند انعقاد المجلس تحت هذا الإطار أن يتم إصدار بيان اتفق عليه، ومن ثم توزيعه بعد أن تتم ترجمته إلى اللغات المختلفة. بحسب يونايتد برس.

أما عن سبب عدم اعتماد المجلس بياناً رئاسي، فأشار السفير الهندي إلى انه لم تكن هناك أية محاولة لاعتماد بيان، وكان مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة معتز أحمدين خليل قال انه تلقى تعليمات من القاهرة بطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث العدوان الإسرائيلي على غزة، وأوضح السفير المصري انه قام بالفعل بتوجيه خطابين عاجلين إلى أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، ورئيس مجلس الأمن يطلب فيهما تحمل مجلس الأمن مسؤولياته في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، واتخاذ اللازم لإدانة ووقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة فوراً، وعرض خليل مضمون الخطاب الذي وجهه اليوم إلى رئيس مجلس الأمن على جميع الدول الـ120 الأعضاء في حركة عدم الانحياز، وطالبهم بدعم الشعب الفلسطيني في محنته الحالية، ودعم طلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لتناول الموضوع، وتم الاتفاق على عقد اجتماع طارئ للدول الأعضاء في مجلس الأمن من حركة عدم الانحياز بالتوقيت المحلي لدعم هذا الطلب، ومطالبة مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته إزاء التصعيد الإسرائيلي الخطير الذي يُمثل تهديداً مباشراً للسلم والأمن الدوليين، وكانت إسرائيل قد استهدفت في غارة جوية على غزة، أحمد الجعبري، قائد كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الاسلامية (حماس)، في إطار عملية أدت إلى مقتل وإصابة العشرات من الفلسطينيين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 18/تشرين الثاني/2012 - 3/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م