الأعاصير نعمة الرب

هادي جلو مرعي

ما زلت برغم مرور سنوات طويلة مغرماً بالبنت المظلومة (ساندي بل) بطلة المسلسل الكارتوني الشهير الذي تعلقنا به صغاراً ولم ننسه كباراً، نحفظ الأغنية تلك، التي تقول، ساندي بل. أنا إسمي ساندي بل، أنا صوت محبة ينادي، ويدعو لخير الكل.

عندما كنا صغاراً كنا نسمع لأغنية (وطنية) عن العراق والعراقيين وكانت تقول في مقطع منها: أعاصير، وغضبنا يطيح الما يطيح. ولم نكن نعرف شيئا عن الإعصار وآثاره المدمرة.

أبهرتني صورة الإعصار (ساندي) وهو يقترب من الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية وكنت أتمنى لو كنت مختبئاً في مبنى عظيم وتلوح لي فرصة النظر إليه بروعته تلك.

السماء ملبدة بغيوم ركامية تشبه في لونها حصان جدي الكبير (الأدهم) الذي سبق حصان أحد الأمراء في العهد الملكي وكان حصان الأمير أبيضا.

الرياح العاصفة تتقدم بسرعة هائلة، وأمواج المحيط تصعد الى مسافة في السماء ثم ترمي بثقلها على ما يتقدمها من مياه تتلاطم حتى تصل الى الشاطئ، وكاميرات التصوير تلتقط المشاهد المثيرة بينما كاميرات التلفزيون تحتل الصدارة في مواجهة ذلك الإعصار الهائل الجميل والمخيف في آن.

تتحول الكوارث في الغرب الى أسباب للخير والرفاهية كما تتحول الخيرات والثروات عندنا الى كوارث. فنحن نتقاتل على النفط وعلى الأرض وعلى المذهب وحتى على تسميات الأشياء. يفرح بعض المسلمين الناقمين على أمريكا بالكارثة ويشيرون الى غضب الرب بقدوم الأعاصير المحملة بالغيوم وبكميات هائلة من المياه العذبة لكنهم يتناسون أن يصفوا العواصف الترابية بالكارثة وبإنحباس المطر عنهم، ويتجاهلون مخاطر التصحر، ولا يلتفتون الى حروب المسلمين مع بعضهم البعض وقتالهم لإخوتهم وذبحهم للأطفال والنساء طمعاً في مكاسب دنيوية حقيرة، وينشغلون بوصف واحدة من أساليب حركة الطبيعة فوق المحيطات بأنها من غضب الرب بالرغم من أنها تحدث منذ ملايين السنين فهل كان الله غاضباً قبل مليون سنة عندما كانت أمريكا خالية من البشر وكانت الأعاصير تضرب السواحل الشرقية للعالم الجديد، وهل كان غاضباً قبل مائتي سنة عندما لم تكن أمريكا قد نشأت بعد، وحين كان الهنود الحمر هم السكان الاصليون وكانوا يتلقون الأعاصير برحابة صدر ويعيشون متحدين الطبيعة التي هكذا هي في طبعها في مثل هذه الانحاء من العالم؟

وهل كان غاضباً على بلد لم يعرف له دور في الصراع العالمي على وجه الحقيقة إلا بعد أن أرغم اليابانيون الحكومة الأمريكية على استخدام القنبلة الذرية ثم التدخل في صراعات العالم والتمدد والتوسع والإحتلال؟

لو لم تكن الأعاصير قد نشأت منذ ملايين السنين لقلنا إنه الغضب، عفواً ينسى هؤلاء إعصاراً ربما كان أخطر وأكثر ضرراً ضرب سواحل القارة الهندية في التاريخ ذاته الذي ضرب إعصار ساندي سواحل أمريكا فهل كان الله غاضباً على جياع الهند وبنغلادش وضربهم بهذا الإعصار؟

أنا متيقن من أن الله غاضب على المسلمين لذلك حوّل أراضيهم الى صحارى ومنع عنهم المطر وهو راض عن الغرب عموماً لأنهم يعملون (صح) ويخدمون أنفسهم، ونحن لم نعد إلا مجموعات من المتباغضين المتحاقدين الرافضين لبعضهم...  اللهم سترك منا نحن المسلمين.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 15/تشرين الثاني/2012 - 30/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م