أوباما والشرق الأوسط... حسابات ما بعد الفوز

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: انتظر العالم إعلان الفائز في الانتخابات الأمريكية لهذا العام، بفارغ الصبر لما لها من انعكاسات على كثير من الملفات العالمية، ونظرا لدور واشنطن الكبير في عدد من القضايا الإقليمية والعالمية وخاصة ملف الشرق الأوسط، وبعد ان اختار الشعب الأمريكي باراك أوباما لولاية ثانية ليعمل في المكتب البيضاوي لمدة أربع سنوات أخرى، سيواجه الرئيس الأمريكي -الجديد القديم- تحديات داخلية وخارجية جمة أهمها الاقتصاد وملف الشرق الأوسط الذي يفرض نفسه على سياسته الخارجية نظرا لسخونة الأحداث التي تشهدها هذه المنطقة، فقد توقع محللون سياسيون بان السياسية الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط في العهد الجديد للرئيس باراك أوباما لن تتغير وإنما ستستمر في السياق نفسه باكثر واقعية وابعد عن الشعارات خلال المرحلة القادمة، لكنهم أجمعوا على جدية المبادرات التي قد يتخذها أوباما تجاه المنطقة، حيث أعربت دول الشرق الأوسط عن ارتياحها بفوز اوباما باستثناء اسرائيل، التي دعمت المرشح الجمهوري ميت رومي الخاسر في انتخابات الرئاسة الأمريكية، مما خلف تداعيات واضحة على السياسة الإسرائيلية، وبالتالي ستواجه اسرائيل وقتا صعبا في المرحلة المقبلة مع واشنطن، خصوصا بعد أربع سنوات من العلاقات الفاترة والخلاف بشأن كيفية كبح جماح البرنامج النووي الايراني، في حين أعطى فوز أوباما آمالا جديدة للفلسطينيين نظرا لجهوده في محادثات السلام خلال فترته السابقة، ومن المرجح ان يستمر على هذا النهج مستقبلا، كما تشكل سياسته تجاه إيران الأقل حزما من الجمهوريين كونه يبحث عن كل الطرق الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية قبل توجيه ضربة لإيران، واستمراره في السياسة السابقة تجاه سوريا، خشية التورط في مستنقع الحروب على شاكلة ما جرى في العراق وأفغانستان. وعدم رغبته في تازيم العلاقات مع موسكو وبكين أيضا، مما يعطي دفعة جديدة للسلام في الشرق الأوسط، ولعل تغيرات الربيع العربي وصعود الإسلام السياسي وانتقال صناعة القرار إلى داخل المنطقة، بعدما كانت الادراة الامريكية لسنوات طويلة تملي ما تريده عليها، ستقف ادراة أوباما أمام تحدي المواصلة لاحتواء آثار الربيع العربي، من جهة أخرى يجمع العديد من المحللين على ان اهتمامات اوباما وتوجهاته في السياسة الخارجية ستتجه الى القارة الآسيوية بدلا من منطقة الشرق الاوسط التي يخسر فيها اوباما استثمارات سياسية كبيرة، وعليه تظهر المؤشرات آنفة الذكر بأن سياسة اوباما الخارجية خلال ولايته الثانية ستكون بعيدة عن روح المغامرة واكثر توازنا.

علامة فارقة

فقد توقع محللون سياسيون في الشرق الأوسط، بأن فوز الرئيس الأمريكي بارك أوباما بولاية ثانية، لن يغير في مجرى الأحداث في المنطقة بشكل كبير، لكنهم أجمعوا على جدية المبادرات التي قد يوجهها أوباما تجاه المنطقة، وأشار رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير محمد شاكر، إلى أن أوباما سيعمل على تكثيف جهوده لمعالجة القضية الفلسطينية، "واستئناف المحادثات لتنشيط عملية السلام"، واستبعد شاكر أن يدفع أوباما باتجاه تدخل عسكري لإيجاد حل للوضع السوري في ظل موقف روسيا، وأكد أنه سيستمر بالبحث عن "حل  دبلوماسي لوقف سفك الدماء في سوريا"، أما في الملف الإيراني، فأشار شاكر إلى أن أوباما سيحاول العثور على "حلول دبلوماسية معمقة أكثر لمنع التسلح النووي في الشرق الأوسط."

وفي ذات الإطار يقول المحلل السياسي ومدير مركز القدس للدراسات السياسية في الأردن، عريب الرنتاوي، إن هناك "تقديرات بأن أوباما لديه أفكار ما لها علاقة بحل القضية الفلسطينية سياسيا وتفاوضيا"، وأكد الرنتاوي أن الأردن "طالما رحب بالتعامل السياسي مع الرؤساء الديمقراطيين والجمهوريين لإيجاد حلٍّ للأزمة الفلسطينية"، أما بشأن الربيع العربي، فأكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات الدكتور عبد الخالق عبد الله أن أوباما سيستمر بنفس النهج في "دعم عملية التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط ومساندته خلال فترة رئاسته للسنوات الأربعة المقبلة"، وخص عبد الله الموضوع السوري مشيراً إلى أنه "أصبح في الدقائق العشر الأخيرة،" وأن "المعركة الحاسمة في دمشق اقتربت"، وأضاف: "الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل الإدارة الثانية لأوباما، سيكون لها دورٌ حاسمٌ في مرحلة ما بعد الأسد،" متوقعا البدء بالتمهيد لهذه المرحلة في اجتماعات تنعقد حاليا، في العاصمة القطرية، الدوحة، وتوقع عبد الله ثلاثة سيناريوهات لتولي أوباما الموضوع الإيراني، منها استمرار العقوبات الاقتصادية وتشديد العقوبات المفروضة على طهران، أو أن يكون هنالك "اتفاق ما بين واشنطن وطهران للتوصل إلى حل للأزمة الإيرانية،" منبهاً إلى أن أوباما "لديه الاستعداد السياسي والنفسي لتهدئة الأوضاع، مما قد يشكل تتويجاً لرئاسته. بحسب السي ان ان.

من جهته، قال رئيس مركز الجمهورية للدراسات السياسية والإستراتيجية في مصر سامح سيف اليزل إن "المنطقة العربية والشرق الأوسط، كانت تريد أوباما رئيسا حتى تستمر سياسته، إذ يرى الكثيرون منهم أن منافسه ميت رومنى أكثر تشددا وتحيزا لإسرائيل"، وأشار اليزل إلى أن "الولايات المتحدة أيضا تريد تبني سياسة متوازنة مع كافة التيارات الإسلامية وهى الغالبة وذلك حتى لا تفقد علاقاتها كونه تيار متنامي في المنطقة"، ورجح، اليزل، وهو خبير عسكري "أن تأخذ الولايات المتحدة موقف أكثر تشددا من إيران تحديدا عندما تبدأ في إنتاج أول رأس نووية عسكرية من برنامجاها النووي، إذ لن تقبل بهذا الوضع."

كما رجح المحلل السياسي بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية محمد عز العرب، أن لا تختلف أولويات وسياسات الولايات المتحدة تجاه منطقة الشرق الأوسط، عما كانت عليه في الولاية السابقة، ولكنه توقع أن تحدث تغيرات فيما يتعلق بإيران، كما توقع عز العرب أن لا يكون هناك تقدم في فكرة مسار دولة فلسطينية، حتى تحدث أوضاع غير تقليدية، مشيرا إلى انه أيضا وفيما يتعلق بالربيع العربي فإن الولايات المتحدة ستستكمل حوارها مع النخبة الإسلامية الجديدة في الإقليم.

دفعة جديدة للسلام

على الصعيد نفسه قال المبعوث الدولي للشرق الاوسط توني بلير ان إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما يفتح الطريق أمام استئناف الجهود لاحياء مفاوضات السلام المتوقفة بين اسرائيل والفلسطينيين، وقال رئيس الوزراء البريطاني الأسبق انه لا يعتقد ان الولايات المتحدة فقدت الاهتمام بالصراع المستمر منذ عدة عقود مضيفا انه يأمل ان يرى مبادرة جديدة قريبا، وقال بلير في مقابلة بمكتبه في القدس "أعتقد أن إعادة انتخاب الرئيس أوباما يمنحنا فرصة للعودة اليها (مفاوضات السلام) باحساس متجدد بقوة دفع وخطة للمضي قدما، ويمثل بلير اللجنة الرباعية للوساطة في الشرق الاوسط التي تضم الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة وروسيا وزار اسرائيل والاراضي الفلسطينية نحو 90 مرة منذ توليه مهمته في عام 2007، وانهارت المفاوضات التي كانت تجري بوساطة أمريكية في عام 2010 بسبب قضية استمرار بناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة وتتزايد الشكوك لدى الفلسطينيين في إمكانية اقامة دولة لها مقومات البقاء، وغطى موضوع البرنامج النووي الايراني منذ ذلك الحين على الصراع الاسرائيلي الفلسطيني ولم تكن هناك جهود تذكر من جانب واشنطن للعودة الى بحث هذا الصراع، وقال بلير انه يتفهم احباط الفلسطينيين لكنه نفى ما يتردد بشأن انتهاء حل الدولتين مع وجود أكثر من 500 ألف اسرائيلي الان يعيشون في اراض استولت عليها اسرائيل في حرب عام 1967، وقال بلير "أصبح من المألوف الآن القول بأن حل الدولتين لن ينجح فقط ابحث عن البديل للحظة. ما الذي يعنيه حل دولة واحدة؟ انه يعني أنك ترسخ الصراع في هذه الدولة أيا كان شكلها"، ويقول الفلسطينيون انهم سيطلبون من الجمعية العامة للامم المتحدة في وقت لاحق هذا الشهر رفع الوضع الدبلوماسي لهم والاعتراف بهم "كدولة لها وضع مراقب" بدلا من "كيان مراقب".

وتقول اسرائيل ان اعلان الدولة يجب ان يأتي فقط من خلال المحادثات المباشرة وهددت بالانتقام اذا مضى الفلسطينيون قدما في هذا المسعي مضيفة ان مثل هذا الاجراء من جانب واحد يتناقض مع اتفاقات سابقة، كما نددت واشنطن بهذه الجهود في الامم المتحدة ويخشى بعض الدبلوماسيين الغربيين من ان التصويت في الجمعية العامة يمكن ان يقضي على أي فرصة لإجراء مفاوضات جديدة في وقت جلب فيه فوز اوباما بصيصا من الأمل بشأن استئناف الحوار، وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس انه سيكون جاهزا للمحادثات بمجرد الانتهاء من تصويت الامم المتحدة مشيرا الى انه سيتخلى في نهاية الامر عن شرط مسبق بأن توقف اسرائيل كافة أعمال البناء في المستوطنات قبل العودة الى مائدة التفاوض.

وامتنع بلير عن تأييد أو ادانة التحرك الفلسطيني لكنه حذر من أي ردود فعل متسرعة، وقال "يجب ان نتفهم الوضع الذي وجد الفلسطينيون أنفسهم فيه. المسألة كلها تتعلق بمصداقية الخطوات نحو الدولة. من مصلحتنا ان نقدم لهم طريقا يقود الى الامام يسمح لنا على نحو أو آخر بالعودة الى مائدة التفاوض"، وبينما يواجه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو معركة اعادة انتخابه يوم 22 يناير كانون الثاني فان القضية الفلسطينية غابت عن البرنامج السياسي المحلي، ونظرا للعقبات العديدة في الطريق الى السلام شكك كثير من المحللين في إمكانية قيام اوباما بأي جهد سياسي آخر في صراع الشرق الاوسط بعد ان انتهت جهوده في ولايته الاولى بالفشل والإحساس بالمرارة. بحسب رويترز.

وقال بلير "لا أعتقد انه حدث أي تغير في رأي الرئيس أوباما وهو انه من المصلحة الاستراتيجية للولايات المتحدة والعالم ايجاد حل للقضية الفلسطينية الاسرائيلية"، وفي وقت سابق قال سفير الولايات المتحدة لدى اسرائيل دان شابيرو انه من غير الواقعي الاعتقاد بأن اوباما سيتجاهل القضية الفلسطينية في ولايته الثانية، وقال دون ان يقدم أي توقع لما قد يفعله أوباما "دائما تجد طريقها (القضية الفلسطينية) للعودة الى جدول الاعمال. ولا يمكن توقع ان تختفي أو أن تبقى في ذيل الاهتمامات"، وامتنع بلير عن التعليق على الخطوات المستقبلية مكتفيا بقوله انه من المهم ايجاد الاطار الصحيح للمحادثات، وقال "أرى ان هذه القضية ما زالت مهمة للغاية ويمكن حلها. ليس لدي شكك في ذلك لكن هل يحدث هذا .. تلك مسألة أخرى."

فوز أوباما أحرج نتنياهو

فيما توقع محللون أن يكون لنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي أبقت الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض، تداعيات واضحة على السياسة الإسرائيلية، فبعد أشهر من استخدام الحزب الجمهوري لورقة التوتر بين البلدين بمواجهة أوباما، بدأت المعارضة الإسرائيلية بسلوك الطريق عينه بمواجهة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو.

فقد سبق للحزب الجمهوري أن هاجم أوباما بسبب التوتر بينه وبين نتنياهو، واعتبر أن عودته إلى البيت الأبيض ستضر بالعلاقات بين واشنطن وحليفتها الرئيسية في المنطقة، غير أن فوز أوباما بولاية جديدة بينما تتحضر إسرائيل لانتخابات عامة بعد أشهر، وضع عبء القضية على عاتق رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه، وكانت العلاقات بين البيت الأبيض والحكومة الإسرائيلية قد تردت بسبب الخلافات في وجهات النظر حول مجموعة من قضايا المنطقة، وعلى رأسها الملف النووي الإيراني، وقد تنفس أوباما الصعداء بعد فوزه بولاية جديدة، بينما سيكون نتنياهو عرضة لانتقادات المعارضة طوال الأشهر الثلاثة التي تفصله عن الانتخابات الإسرائيلية، وقد بدأ حزب كاديما، صاحب أكبر كتلة في الكنيست الإسرائيلي، بفتح معركة العلاقات مع أمريكا بمواجهة نتنياهو، وقال الحزب في بيان له إن نتنياهو "لم يعد يحظى بثقة أوباما بسبب انحيازه لصالح المرشح الجمهوري ميت رومني، ولم يعد الإسرائيليون يثقون بقدرته على لعب دور الشريك الفاعل لواشنطن."

من جانبه، شن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، هجوماً قاسياً على نتنياهو، قائلاً إنه "أقحم نفسه في الانتخابات الأمريكية" واتهمه بالسعي لتقويض فرص أوباما بالفوز، واتهمه بالتدخل في السياسة الأمريكية إرضاء لرجل الأعمال شيلدون أدلسون، الذي تبرع بأكثر من مائة مليون دولار خلال 2012 لصالح حملات الحزب الجمهوري، ونقلت صحيفة جيروزالم بوست عن أولمرت قوله: "سلوك نتنياهو في الأشهر الأخيرة يثير التساؤل حول ما إذا كان لديه أصدقاء في البيت الأبيض.. وهو أمر لست واثقا منه".

ويبدو أن معسكر رئيس الوزراء الإسرائيلي أدرك بسرعة مدى خطورة الحملة التي تشنها المعارضة، فسارع في أكثر من مناسبة إلى التأكيد على "متانة العلاقة" مع الولايات المتحدة، مفندين ما يقال حول توتر بين أوباما ونتنياهو، وقد أقر نائب وزير الخارجية الإسرائيلية، داني أيالون، بوجود "علاقة خاصة" بين رومني ونتنياهو، معيداً ذلك إلى فترة عملهما المشترك بأحد المراكز الاستشارية، ولكنه نفى بشكل قاطع أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي قد قرر تفضيل مرشح على آخر بالانتخابات الرئاسية. بحسب السي ان ان.

وأضاف أيالون: "ليس لدينا صديق أفضل من الرئيس أوباما" مشيداً بالعقوبات التي فرضها البيت الأبيض على إيران، معتبرا أنها جعلت تلك الدولة "هشة على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية"، وتعهد أيالون خلال المقابلة بتجاوز التباينات السابقة في وجهات النظر، مؤكداً أن إسرائيل ستواصل السير خلف الولايات المتحدة على هذا الصعيد، وكان الجمهوريون قد استغلوا الخلافات بين نتنياهو وأوباما للتشكيك في الأخير، فبعد المعلومات من مصادر إسرائيلية حول رفض أوباما الاجتماع برئيس الوزراء الإسرائيلي خلال وجودهما على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أسابيع علق رومني بالقول إنه "لا يمكن أن يتخيل رفض" فرصة لقاء نتنياهو، وبعد تعليق رومني، أصدر البيت الأبيض بيانا نفى فيه تلقي طلب لإجراء الاجتماع، ليتصل أوباما بنتنياهو لاحقاً مؤكداً "التعاون المشترك حيال ملفات إيران وقضايا أمنية أخرى"، يشار إلى أن الانتخابات الإسرائيلية العامة ستجري في 22 يناير/كانون الثاني المقبل، ويخوضها نتنياهو بالتحالف مع حزب وزير خارجيته، أفيغدور ليبرمان، الذي لديه بدوره موقف متشدد من إيران.

ارتياح لكن دون حماسة

في سياق متصل أجمل تعليق قصير كتبه واحد من ابرز الدعاة الاسلاميين في السعودية على موقع تويتر رد فعل الشرق الاوسط على اعادة انتخاب باراك اوباما رئيسا للولايات المتحدة، وقال سلمان العودة "أوباما ليس جيدا لكنه الاقل سوءا"، وبعد اربع سنوات ابقى فيها اوباما الولايات المتحدة على هامش الأحداث في حين كان الربيع العربي يغير منطقة الشرق الاوسط قوبل فوز اوباما بارتياح لكن دون مشاعر السعادة التي قوبل بها انتخابه في المرة الأولى عام 2008 حيث كانت المنطقة تشعر آنذاك بمرارة تجاه سلفه الجمهوري جورج بوش.

وهناك آمال حذرة في امكانية أن يتوصل إلى اتفاق مع ايران يخفف حدة التوتر بشأن برنامجها النووي وأن يدفع الفلسطينيين والاسرائيليين الى استئناف محادثات السلام المجمدة بينهما. وفوق كل ذلك يقول مواطنو الشرق الاوسط ان احتمال إقدام اوباما على شن حرب جديدة اقل من امكانية قيام منافسه الجمهوري ميت رومني بذلك، وفي القاهرة قال محمد جمال وهو طالب في المدرسة "اوباما هو الافضل. على الاقل لم تحدث حرب خلال الاربع سنوات التي حكم فيها"، وقال امين - الايراني الذي يعمل في صناعة الافلام - "نكره سياسة امريكا واسرائيل لكن سياسات اوباما اكثر حكمة. الفرصة الوحيدة لدينا حتى لا يتدهور الموقف هي فوز اوباما"، اما ميرا وهي صحفية ايرانية معارضة (32 عاما) قالت "بدا ان رومني يسعى إلى اعادة السياسة الخارجية الامريكية إلى ما كانت عليه في عهد بوش من ولع بالحرب وكراهية للعالم الخارجي"، ولا يعتبر الشرق الاوسط مكانا يتوقع أي رئيس امريكي أن يحصل منه على اشادة واضحة لكن استطلاعات الرأي أظهرت ان اغلبية سكان المنطقة كانت تريد فوز اوباما ويكفيهم في ذلك الذكريات السيئة التي يحفظونها لبوش ولحرب العراق.

وقال محمد السنوسي الطبيب في القاهرة "فوز اوباما كان متوقعا وهو الافضل في هذه المرحلة ودعونا لا ننسى ان رومني هو بوش صغير"، وبعد وصوله إلى الحكم عام 2008 ووعده بسحب القوات الامريكية من العراق زار اوباما الشرق الاوسط وقال انه يريد اعادة التواصل مع المنطقة وتخفيف الغضب الذي تراكم ضد الولايات المتحدة خلال سنوات حكم بوش، وفي عام 2009 -بعد اربعة اشهر من توليه المنصب- قال اوباما امام جمهور متحمس في القاهرة انه يريد "بداية جديدة" للعلاقات بين الولايات المتحدة والمنطقة.

ووصف رومني هذه الزيارة حينها بأنها جزء من "رحلة اعتذار" وهو وصف رفضه البيت الابيض، لكن اذا كانت زيارة اوباما الاولى قد لاقت ترحيبا حارا في الشرق الاوسط فقد قوبلت اعادة انتخابه لأربع سنوات قادمة بمزيد من التحفظ في المنطقة التي كشفت انتفاضات الربيع العربي حدود قدرة الولايات المتحدة على تشكيل أحداثها، وقال المحلل السياسي السعودي خالد الدخيل انه يشعر ان شعوب المنطقة ليست متحمسة كما كانت في 2008 بشأن الحملة الانتخابية الامريكية كلها، واضاف ان هناك شعورا بأن الفارق غير مؤثر بين المرشحين فيما يتعلق بالسياسة الامريكية تجاه الشرق الاوسط خاصة بعد المناظرة الثالثة التي تركزت المناقشة فيها على السياسة الخارجية، وهناك رجل في المنطقة ربما لا يكون سعيدا باعادة انتخاب اوباما وهو رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي لم يخف تأييده لرومني بعد خلافه مع اوباما بخصوص المستوطنات في الضفة الغربية والسياسة تجاه ايران وهو الان يواجه فترة جديدة من توتر العلاقات مع البيت الابيض. بحسب رويترز.

وقال سالاي ميردور السفير الاسرائيلي الاسبق في واشنطن "لا اعتقد أن بوسعنا افتراض ان ما حدث بينهما خلال السنوات الاربع الماضية قد يتبخر"، وبالنسبة لايران عرض اوباما في البداية محادثات غير مشروطة مع طهران لكنه على مدى العام المنصرم فرض عقوبات صارمة بالتعاون مع الاتحاد الاوروبي في محاولة لاجبار ايران على التخلي عن برنامجها النووي، وقال كريم ساجدبور الباحث في معهد كارنيجي لدراسات السلام الدولي في واشنطن "اوباما كان رئيسا صارما بالنسبة للمتشددين الايرانيين لأنه كشف انهم هم المشكلة. وعززت محاولاته للتواصل مع ايران الانقسامات الداخلية فيها وخلقت وحدة دولية اكبر"، واطاحت انتفاضات الربيع العربي العام الماضي بحكام مستبدين مع بقاء واشنطن إلى حد كبير على هامش الأحداث او قيامها بدور مؤيد، وسمح اوباما لفرنسا وبريطانيا بتولي زمام القيادة في حملة حلف شمال الاطلسي التي ساهمت في الاطاحة بمعمر القذافي في ليبيا ولم يتحرك حتى أطيح بحلفاء الولايات المتحدة القدامى في انتفاضات شعبية في تونس ومصر كما انه استبعد اي تدخل عسكري امريكي في سوريا، ويقول كثيرون في المنطقة ان اوباما حقق كثيرا من وعده بالحد من التدخل في شؤون المنطقة مقارنة بسلفه، وقال مصطفى الخباز المدرس الكويتي المتقاعد (65 عاما) "ما اعرفه عن اوباما هو انه منذ اربع سنوات اراد ان يحقق توازنا. لقد تعرض لضغوط لكنه في العموم حقق التوازن"، لكن الرئيس الامريكي الذي حصل على جائزة نوبل للسلام بعد اقل من عام من توليه منصبه لم يعتبر في الشرق الاوسط داعية سلام. وفي اليمن حيث ساهمت ادارته في تنحية الرئيس علي عبد الله صالح من السلطة يذكر الناس له حملته الضارية التي تشنها الطائرات بدون طيار ضد متشددي القاعدة، وقالت الصحفية والمدونة اليمنية عفرة ناصر "نيابة عن اليمنيين ادعو اوباما إلى ترك سمائنا في حالها خلال السنوات الاربع القادمة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 14/تشرين الثاني/2012 - 29/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م