المخدرات... أرباح تديم انتشارها

 

شبكة النبأ: تواصل العديد من الدول والحكومات حربها المعلنة ضد المخدرات التي أصبحت اليوم إحدى أهم واخطر المشاكل التي تهدد الأمن والاستقرار العالمي باعتبارها مصدر اقتصادي يسهم بدعم الجماعات المسلحة وعصابات التهريب والقتلة، هذا بالإضافة الى تأثيرها السلبي والمباشر على صحة الإنسان، ويرى بعض المتخصصين ان ظاهرة تعاطي المخدرات بدأت تنتشر بشكل مخيف في العديد من المجتمعات خصوصا في بعض البلدان التي تعاني مشاكل أمنية ونزاعات داخلية أسهمت بانتشار عصابات التهريب التي أصبحت تتمتع بحرية اكبر في تسويق منتجاتها، وفي هذا الشأن دعا "المؤتمر العربي السادس والعشرون لرؤساء أجهزة مكافحة المخدرات" في ختام أعماله بتونس إلى "تفعيل التعاون العربي والدولي في مجال مكافحة الإرهاب ومكافحة الإتجار غير المشروع بالمخدرات" بعد أن "باتت تجارة المخدرات ممولا رئيسيا للإرهاب" في المنطقة العربية.

وأوصى المؤتمر في بيانه الختامي الدول العربية ب" توخي الحذر من وجود عمليات تهريب عبر الحدود المشتركة تستخدم فيها طائرات شراعية في نقل المخدرات" و"تعزيز تبادل المعلومات ومراقبة عمليات تهريب الكوكايين عبر دول غرب افريقيا وعمليات تهريب السلائف الكيميائية عبر دول الخليج العربي". كما أوصى ب" إيلاء الشرطة المجتمعية الدور المناسب في خططها الوطنية لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية والتوسع في إصدار التشريعات التي تنظم صرف الأدوية خاصة التي لها تأثير سلبي على حياة الفرد".

وكان السعودي محمد بن علي كومان امين عام مجلس وزراء الداخلية العرب حذر في افتتاح المؤتمر من ان "تجارة المخدرات باتت ممولة للارهاب" في المنطقة العربية وأن "المنظمات الارهابية باتت راعية لتجارة المخدرات حارسة لمسالكها المتعددة" في المنطقة. وشارك في المؤتمر الذي تواصل يومين ممثلون للدول العربية وجامعة الدول العربية ومنظمة الشرطة الجنائية الدولية (انتربول) ومكتب الامم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وجامعة نايف العربية للعلوم الامنية، ومركز المعلومات الجنائية لمكافحة المخدرات لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. بحسب فرنس برس.

وبحث المؤتمر خصوصا "العلاقة بين عصابات الاتجار غير المشروع بالمخدرات والتنظيمات الارهابية في المنطقة العربية" و"المستجدات الدولية في مجال المخدرات ومدى تأثيرها على المنطقة العربية" ووضع "خطة وطنية نموذجية استرشادية لخفض العرض والطلب غير المشروعين على المخدرات والمؤثرات العقلية". كما بحث "اساءة استخدام المواد الصيدلانية ذات التأثير النفسي والعقلي" و"الاستخدام غير المشروع لعقاري الترامادول (مسكن ألم) والدينازيبام (مضاد للقلق والارق وآلام العضلات)".

آفة المخدرات

من جانب اخر وفي اقليم بنجاب الغني شمال الهند، تضم أكثر من نصف الأسر التي تعيش في الريف فردا واحدا أقله يدمن المخدرات وهذه المشكلة مستشرية عند الحدود مع باكستان التي تعتبر نقطة دخول الهيرويين إلى البلاد. في مبنى متداع في مدينة أمريستار عاصمة بنجاب، يحضر سونيل شرما (23 عاما) جرعة جديدة من الهيرويين. وقبل ان يبدأ باستنشاق البخار الرمادي المتصاعد من الهيرويين المسخن على ورقة ألمينيوم، يخبر الشاب أنه بدأ بتعاطي المخدرات قبل ستة أشهر عندما تركته حبيبته لتتزوج من رجل آخر. ويقول الشاب "أشعر بالسوء ولا أعرف كيف وصل بي الحال إلى هنا وكيف لففت حبل مشنقتي".

وسونيل شرما ليس وحيدا، فقد وقع آلاف السكان مثله بين براثن المخدرات في بنجاب حيث نسبة الجرائم المرتبطة بالمخدرات هي أعلى بعشر مرات من النسبة السائدة على الصعيد الوطني. وفي مذكرة رسمية قدمت في العام 2009 إلى المحكمة العليا في بنجاب، اعتبرت الحكومة المحلية أن 67 % من العائلات في الأرياف تضم فردا يدمن المخدرات. ويعتبر اقليم بنجاب الواقع على طريق الاتجار بالهيرويين الذي يبدأ بأفغانستان ويمر بباكستان المجاورة، أول إقليم في الهند تعبر فيه المخدرات قبل نقلها إلى مناطق اخرى. وهو بات بصورة متزايدة الوجهة النهائية للمخدرات.

فعندما أدرك المهربون المحليون أنه "يمكنهم جني الأرباح من بضاعتهم، بدأوا يبيعونها اينما كان في المنطقة"، على ما يشرح س. بوباثي وهو شرطي محلي تابع لوحدة مكافحة الاتجار بالمخدرات. ويتعذر تحديد كمية المخدرات التي تنقل عبر الحدود، لكنها "تجارة هائلة"، على حد قول الشرطي.

ويواجه اقليم بنجاب "مشكلة خطيرة لأن جميع الطرقات التي يسلكها تجار المخدرات تمر به"، على ما يؤكد راجيف واليا المنسق الاقليمي لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجرائم. ويعتبر نافنيت سينغ وهو مدمن مخدرات سابق من عائلة ميسورة ان مشكلة المخدرات هي بمثابة ضريبة ثراء الاقليم الذي يعد من أغنى اقاليم البلاد. فقد كان هذا الاقليم يعتبر في السبعينيات "اهراء" الهند، نظرا لأراضيه الخصبة وانتاجه الزراعي المزدهر وكفاءة مزارعيه. وفي نظر نافنيت سينغ، يعزى تزايد نسبة المدمنين إلى الرخاء المادي والثقافة المحلية المتسامحة والنفاذ السهل إلى المخدرات.

ويؤكد الشاب الذي لم يتعاط المخدرات منذ 11 عاما أن سكان الاقليم يحبون التباهي، وهذه السوق مثالية بالنسبة إلى التجار. وعندما اطلق الدكتور باتيا عيادته في العام 1991، كان هذا الطبيب النفساني يستقبل فيه مدمنا او مدمنين اثنين كل اسبوع. اما اليوم، فمن اصل المرضى المئة وثلاثين الذين يزورنه يوميا، 70 إلى 80 مريضا منهم يعانون من إدمان المخدرات. وهو قد أنشأ مركزا يقدم علاجات للإقلاع عن الادمان في العام 2003، في مسعى منه إلى مواجهة هذه الآفة. ويقول "اتعامل مع عائلات يكون فيها الابن، كما الاب، مدمنا واحيانا العائلة برمتها"، لافتا إلى ان ادمان المخدرات بمثابة "قنبلة موقوتة" في اقليم بنجاب. بحسب فرنس برس.

وفي حال تعذر على السكان شراء الهيرويين او الكوكايين، يلجأون إلى أدوية ميسورة الكلفة أو يستهلكون الأفيون المحلي الذي يطلق عليه اسم "بوكي" على شكل نقيع مستخلص من الخشخاش. وقد خسر حي ماكبولبورا في أمريستار الكثير من شبابه إثر جرعات زائدة أو تداعيات المخدرات بحيث لقب ب "بلدة الأرامل". ويشرح أجيت سينغ وهو أستاذ محاضر في العلوم السياسية ترعرع في هذا الحي أن الطبقة العاملة بدأت تمارس الاتجار في الأفيون في الستينيات بعدما اكتشفت الارباح الطائلة التي قد تحققها تجارة من هذا القبيل. ويتابع انها "كانت بداية وسيلة سهلة لجني الأموال، لكنهم ادمنوا المخدرات في نهاية المطاف". وهو يختم قائلا إن جميع المنازل الواقعة في الحي تضم مدمنا واحدا، على أقل تقدير.

اجازة استخدام المخدرات

على صعيد تصل اصبحت كولورادو وواشنطن أول ولايتين امريكيتين تجيزان حيازة وبيع الماريوانا للاستخدام الشخصي في تحد للقانون الاتحادي ينذر بمواجهة محتملة مع الحكومة الاتحادية. وأعلن مؤيدو تعديل دستوري في ولاية كولورادو يجيز حيازة الماريوانا الانتصار واعترف المعارضون بالهزيمة بعد ان اظهرت النتائج حصول مشروع القانون على موافقة حوالي 53 بالمئة من الاصوات بينما عارضه 47 بالمئة.

وأعلن انصار الحملة المؤيدة لإنهاء تجريم الماريوانا في ولاية واشنطن الانتصار بعدما اشارت نتائج اولية نشرتها صحيفة سياتل تايمز ووسائل اعلام اخرى الي تقدم الاصوات المؤيدة بنسبة 55 بالمئة مقابل 44 بالمئة مع فرز حوالي 60 بالمئة من الاصوات من خلال نظام التصويت الذي اجري عبر البريد. بحسب رويترز.

ووضعت النتائج ولايتي واشنطن وكولورادو -وبهما بالفعل قوانين تجيز استخدام الماريوانا للإغراض الطبية - في نزاع جديد مع الحكومة الاتحادية الذي تصنف الماريوانا كمخدر غير قانوني. وردت وزارة العدل على اقرار مشروع القانون في كولورادو بالقول إن سياساتها لانفاذ القوانين تبقى بلا تغيير. وقالت الوزارة "نقوم بمراجعة مبادرة التصويت وليس لدينا تعليق اضافي في الوقت الحالي."

في السياق ذاته قال عمدة أمستردام انه لن يحظر تدخين السياح الأجانب للحشيش في المقاهي المخصصة لذلك في المدينة. ويأتي ذلك بعد أن قالت الحكومة إن هذا الموضوع هو من اختصاص السلطات المحلية. وقال العمدة ابيرهارد ران دير لان ان حظر تدخين الحشيش على الأجانب كفيل بتشجيع انتشار الجريمة. يذكر ان ما يربو على 1.5 مليون سائح يزور أمستردام سنويا بغرض تدخين الحشيش.

وقال عمدة المدينة ان هذا العدد من السياح لن يتوقف عن تدخين الحشيش اذا تم حظره بل سيجوب المدينة بحثا عنه بشكل غير شرعي، وهذا سيؤدي الى ازدياد حالات السرقة والمشاجرات حول الحشيش المغشوش ولن تكون هناك إمكانية لفحص نوعية المتوفر منه في السوق. يذكر أن أمستردام تعتمد على السياحة بشكل اساسي، وأن ثلث عدد السياح الذين يزورونها هم من مدخني الحشيش. بحسب بي بي سي.

وكانت حكومة المحافظين السابقة قد اقرت تشريعا بحظر تدخين الأجانب للحشيش في البلاد، على ان يدخل حيز التنفيذ في أمستردام بنهاية هذا العام. وكان القانون يهدف الى منع تجار المخدرات من شرائها في هولندا بهدف ترويجها في الخارج. وقد عارض أصحاب المقاهي التشريع الجديد بشدة وقالوا ان في القانون تمييزا ضد مواطنين من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، وحذروا ان 90 في المئة من دخلهم مصدره الحشيش. يذكر أن هناك ما يربو على 700 مقهى يبيع الحشيش في هولندا. والمعروف أن تعاطي الحشيش ليس قانونيا تماما في هولندا، لكن تشريعا سن في سبعينيات القرن الماضي اباح امتلاك كميات صغيرة بغرض الاستهلاك الشحصي.

طرق للتهريب

 من جانب اخر اوقفت شرطة زيمبابوي مؤخرا رجلين كانا يحاولان استعادة جثة محشوة بالهيرويين من مشرحة هراري على ما ذكرت الصحف المحلية. وحاول الرجلان اللذان يشتبه في انهما يتاجران بالمخدرات اخذ الجثة التي كانت تحوي 1,4 كيلوغرام من الهيرويين على ما اوضحت صحيفة "ذي هيرالد" الحكومية. وتوفي الي اوماري مبيلي مع هذه الكمية الكبيرة "من المخدرات في بطنه عندما كان متوجها الى جنوب افريقيا" وفق الصحيفة التي قدرت قيمة الهيرويين بحوالى 112 الف دولار. بحسب فرنس برس.

وقد اوقفت عناصر من الشرطة باللباس المدني المشتبه فيهما في المشرحة ووجهت اليهما المحكمة تهمة الاتجار بالمخدرات. وقرر القاضي وضعهما في الحبس على ذمة التحقيق حتى 12 تشرين الثاني/نوفمبر رافضا الإفراج عنهما بكفالة. واوضح المدعي العام تونغاميراي شكوريرا امام المحكمة ان تشريحا للجثة في 25 تشرين الاول/اكتوبر اظهر وجود انابيب صغيرة سكرية اللون في امعاء الميت.

في السياق ذاته اوقف كولومبي يعشق كرة القدم في شمال البلاد بعدما حاول اخفاء القنب في صورة لنجم كرة القدم الارجنتيني ليونيل ميسي على ما أفادت الشرطة. وكان الرجل (30 عاما) يحمل صورة للنجم الرياضي لها اطار ضخم في حافلة وقد لفت الانتباه عند حاجز تفتيش روتيني قرب بلدة بارانكويلا الساحلية في شمال كولومبيا. واوضحت الشرطة ان "الاطار وصورة لاعب كرة القدم الشهير لفتت انتباه العناصر" الذين تنبهوا الى ان اللوحة "لا تتمتع بشكل طبيعي" على ما اوضحت الشرطة المحلية في بيان. وضبط عناصر الشرطة داخل الاطار المزدوج، 12 حزمة كبيرة من الكوكايين يزيد وزنها عن عشرة كيلوغرامات.

من جانب اخر عثرت الشرطة البريطانية على ما وصفته "أكبر شجرة قنب تم العثور عليها"، وذلك في حديقة أحد المنازل الذي يعود لشخصين طاعنين بالسن، جنوبي العاصمة لندن. وعلقت الشرطة البريطانية على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بقولها: "ابتاع هذين الشخصين نبتة القنب عن طريق الخطأ، من أحد معارض النباتات الجوالة، حيث تم زراعتها دون العلم أنها أحد الأنواع المحظورة." وأشارت الشرطة إلى أن الشجرة "تعتبر هذه أكبر نبتة قنب رأيناها في تاريخنا."

 وقالت المتحدثة باسم الشرطة البريطانية "سكوتلانديارد" "تم شراء هذه النبتة عن طريق الخطأ من قبل زوجين كبيرين بالسن، حيث تم اقتلاعها ومصادرتها من قبل أفراد الشرطة." وبينت: "لم تكن هناك عملية مداهمة من قبل الشرطة البريطانية على المنزل بداعي البحث عن هذه النبتة، بل كانت زيارة عادية." وأضافت المتحدثة: "لن يتم رفع أي بلاغات أو شكاوى بحق هذين الزوجين." بحسب CNN.

يُذكر أن نبتة القنب "الماريغوانا" تصنف في المملكة المتحدة على أنها من المخدرات تحت المستوى "ب"، حيث يعاقب القانون البريطاني على إنتاج هذه النبتة وتوزيعها بالسجن لمدة تصل إلى 14 عاماً، بالإضافة إلى غرامة مالية لا سقف لها يتم تحديدها من قبل المحكمة.

احكام قضائية

الى جانب ذلك اعدمت السلطات الايرانية في احد سجون طهران عشرة اشخاص دينوا بتهريب المخدرات، كما اعلن مكتب المدعي العام، وذلك على الرغم من دعوات أطلقتها منظمة العفو الدولية. وقال مكتب مدعي عام طهران ان الرجال العشرة الذين ينتمون الى شبكتين مختلفتين في العاصمة وحكم عليهم بالإعدام لتهريب كميات من المخدرات تزن اكثر من طن من الافيون وطن من "الكريستال" (الميتامفيتامين).

وكانت منظمة العفو الدولية دعت مرات عدة ايران الى الامتناع عن اعدام هؤلاء المحكومين، معتبرة ان عقوبة الاعدام لمهربي المخدرات مبالغ فيها. وثلاثة ارباع الذين يتم اعدامهم في ايران ويعدون بالمئات كل سنة، يدانون بقضايا تهريب مخدرات.

وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير في التاسع من تشرين الاول/اكتوبر ان 344 شخصا اعدموا منذ مطلع السنة في ايران معظمهم من مهربي المخدرات. واوضحت المنظمة ان 360 شخصا على الاقل 75 في المئة منهم دينوا في قضايا مخدرات اعدموا العام الماضي في ايران. بحسب فرنس برس.

وتؤكد الامم المتحدة ان ايران تشكل واحدة من نقاط العبور الاساسية للمخدرات القادمة من افغانستان المجاورة التي تنتج حوالى تسعين بالمئة من الافيون في العالم، والمتوجهة الى اوروبا والشرق الاوسط. وقد اتبعت السلطات الايرانية سياسة صارمة جدا في مكافحة تهريب المخدرات منذ الثورة الاسلامية في 1979.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 13/تشرين الثاني/2012 - 28/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م